المغاربة الذين صوتوا لفائدة حزب عبد الإله بنكيران يعرفون أن الرجل صاحب مواقف قوية لا يتراجع عنها حتى ولو اضطر إلى الدخول في صدامات مع الآخرين، وربما أن جزءا كبيرا منهم منح صوته إلى حزبه انطلاقا من إعجابه بقوة شخصية الرجل، وحاجتهم إلى رئيس حكومة قوي، بعد أن أصيبوا بخيبات أمل وهم يرون سابقيه يجيدون النفاق السياسي.
استبشر المغاربة، المتعطشون إلى لرئيس حكومة قوي، خيرا وهم يتابعون الخرجات الإعلامية القوية والمتتالية للأمين العام لحزب المصباح، وانتابهم إحساس أن زمن التعليمات الفوقية وتداخل السلط و"انبطاح" رئيس الحكومة، حفاظا على منصبه أو على أغلبيته الهشة، قد انتهى، خاصة أن الرجل مس بكلامه مستشاري الملك "مصرحا بأن "زمن الإملاءات والتدخل في شؤون رئيس الحكومة قد ولى"، وأنه سيعيد الاعتبار إلى هذه المؤسسة وباقي الوزارات.
واصل بنكيران، بعد أيام من تعيينه، لعبة إطلاق التصريحات القوية في إطار إستراتيجية توجيه ضربات استباقية ورسائل إلى كل الجهات التي اعتادت التدخل في شؤون رئيس الحكومة، وحدد شروطا قال إنه لن يتنازل عنها، حتى يشكل عمله إضافة نوعية، مستبعدا منذ البداية الوزراء الأكبر منه سنا، واعدا عموم الشعب بحكومة من الشباب قادرة على تنفيذ برنامجه الحكومي.
ولم تسلم وزارات السيادة من انتقادات عبد الإله بنكيران وبعض القياديين في حزبه المنتشين بالنصر الكبير، بعد أن اعتبر أن لا مكان بعد اليوم (أي بعد تعيينه رئيس حكومة) لشيء اسمه وزارات السيادة، فهذا الزمن قد ولى وكل الوزارات والوزراء سواسية في عهده، كما تدخل الرجل وبعض قياديي الحزب في المسائل الخاصة بالمغاربة وأذواقهم، حينما أكدوا أن زمن "الميوعة" قد انتهى، وأن الحانات لن يرخص لها من جديد، والمسرحيات التي تزكي "العري" والمهرجانات "المائعة" لن تقوم لها قائمة.
مارس بنكيران وبعض قياديي الحزب في بضعة أيام، الإقصاء والحظر في حق حزب الأصالة والمعاصرة، حينما أعلنوا منع بعض المهرجانات المخلة بالحياء، وأظهروا عدم احترام حرية الآخر وحقه في فعل ما يراه صوابا، وهي ثلاث خصائص تمتاز بها جميع الحركات الإسلامية، قبل أن يعود الرجل لتصحيح ما ارتكبه من أخطاء، إذ أعلن رفع عدد وزرائه إلى ما يفوق 25، وقبل ببعض وزارات السيادة، وأخرى بدون حقيبة، ولم يعد يرى مانعا من وجود وزراء أكبر منه سنا، كما صرح جهارا بأن لا دخل له في الحياة الخاصة.
لم يؤمن بنكيران بعد بأن السياسة لا وجود فيها لصديق دائم أو عدو دائم، وأن شعار "المعقول" الذي يرفعه حزبه عن صدق وإيمان عميق، قد يصطدم بواقع قائم تتحكم فيه لوبيات وتتضارب فيه مصالح، وربما أن 15 يوما التي قضاها في مشاورات تشكيل الحكومة غيرت نظرته إلى تدبير الشأن العام، ففي ظرف وجيز، قدم الرجل مجموعة من التنازلات، والأكيد أنه سيقدم تنازلات أخرى، وستكون حكومته مشكلة من بعض وزراء السيادة ووزراء أكبر منه سنا، وربما بعضهم غير مرغوب فيه من قبل الشعب.
مشكلة بنكيران أنه لم يخرج من ثوب زعيم سياسي معارض ليلعب دور رجل دولة قادر على احتواء التناقضات، وهذا ما أوقعه في الإدلاء بتصريحات وتصريحات متناقضة، لتبقى ورقة "الرحيل" آخر ورقة يشهرها بنكيران اليوم، وهي ورقة لن يستطيع لعبها حتى لا يفقد ثقة الناخبين، وحتى لا يظهر حزبه بمظهر العاجز عن تدبير الشأن العام.
الصديق بوكزول
adil
فعلا بنكيران تغير كنا نتمنى ان يفعل مايقول لكن شيئا ما وقع ،كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ نحن في حاجةالى قوم فعالين لا قوالين ـ ،وان كان مثل الدين سبقوه ــ فخلينا ليه الله هو اللي يقدر يعاقبو لانه ضحك على شعب بكامله. ولا حول ولا قوة الا بالاله العلي العظيم