ومنذ أن تقلد المنصب، في 13 شتنبر 2007، عمل الضريس على التخلص من التركة العسكرية الثقيلة لحميدو لعنيكري، بإعادة الأمور إلى نصابها، على اعتبار أن المدير الجديد إطار قانوني مدني بامتياز.
فمنذ المدير الأول محمد الغزاوي لم تكن تحترم مسألة أن الإدارة العامة للأمن تابعة لوزارة الداخلية، إذ أن أغلب المديرين الذين تعاقبوا على هذا المنصب حاولوا دائما جعلها مستقلة، أو بمعنى أصح خارج القانون.
وأول ما بدأ به خادم الدولة والعرش ابن الفقيه بنصالح هو العودة إلى منهجية التخصص في مجال ممارسة العمل الأمني بعد أن كان سلفه قد حذفها. حيث عمل الضريس على خلق فرق متخصصة بالإرهاب، أو الجريمة المنظمة، أو الفساد المالي أو المخدرات أو غيرها، مما يسهل تتبع تطور الجريمة وتشعباتها.
كما عمل على نسج جو من التفاهم، والتنسيق، والتكافل بين جميع مكونات الإدارة، خاصة الأطر، الذين كان كل واحد فيهم كيجر لجهة، فأصبح احترام "الزملاء" والرتبيين وكذا المرؤوسين واجبا لصيقا بالشرطي في عهد الضريس، ويؤدي عدم احترامه للعتاب وفي بعض الحالات إلى التأديب الإداري. كما يحسب للرجل كذلك انفتاحه على محيط المؤسسة الأمنية خاصة منها الجامعة التي عقد معها العديد من اتفاقيات الشراكة لتمكين رجال الأمن من تكوين عال.
وأكثر ما يحسب للضريس داخل أسرة الأمن، هو التعجيل بإخراج رجال الأمن من سلبيات قانون الوظيفة العمومية، الذي لم تعد أحكامه تتماشى مع الطبيعة الاستثنائية للمهام الشرطية، ومع المستلزمات المادية للعيش الكريم لرجل الأمن. حيث جاء هذا الإجراء على خلفية تعديل الظهير الشريف المؤسس للإدارة العامة للأمن الوطني بشكل يستجيب للنهوض بالأوضاع المهنية والاجتماعية لنساء ورجال الأمن، ويدعم رسالتهم النبيلة في حماية أمن المجتمع واستقراره، وتعزيز سلطة القانون، على غرار القوانين المتعلقة برجال السلطة والعدل. ظهير مصحوب بإنشاء "مِؤسسة محمد السادس للأعمال الغجتماعية لموظفي الأمن".
ورغم دبلوماسيته وتسامحه في معالجة عدد من الملفات الداخلية، إلا أن ابن الفقيه بن صالح لا يتردد في إخراج الورقة الحمراء في وجه كل رجل أمن تهاون في آداء مهمته، أو استغل نفوذه بشكل غير قانوني. ففي ظرف ثلاث سنوات زج بعدد من رجال الأمن في السجن بعد أن أظهرت التحريات تورطهم في عمليات تهريب مخدرات أو تلقي رشاوي، في حين أعفي آخرين من مهامهم، على خلفية تحقيقات في ملف شبكات الهجرة السرية، في مقدمهم عبد الحق باسو، مدير الاستعلامات العامة، الذي عين مكانه نور الدين السنوني.
وبما أن طي صفحة شرطة "كرواتيا" جاء نتيجة الانتقادات الشديدة التي وجهت لها، عمد الشرقي الضريس إلى خلق فرق أمنية جديدة للحد من انتشار الجريمة، منها "فرقة الصقور"، وفرقة "التحريات والتدخل" لمكافحة الإجرام والتدخل في الحالات المستعصية، وإحداث مجموعات للتدخل السريع، وفرقتين اثنتين لمعالجة ونزع الألغام، وفرق لمكافحة مخالفات السير.
رجل بمناصب متعددة
قادنا النبش في المسار الدراسي لابن الفقيه بنصالح إلى كلية الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط بعد حصوله على شهادة الباكالوريا بامتياز، حيث سيدرس القانون العام والعلوم السياسية ليتخرج منها ويقصد على التو العمل بدهاليز أم الوزارات كمجند في إطار الخدمة المدنية سنة 1977 ، تسلم بعدها منصب متصرف مساعد في وزارة الداخلية، قبل أن تجري ترقيته ليصبح متصرفا.
وفي أقل من عشر سنوات، وقع الاختيار على الشرقي الضريس لتعيينه في منصب قائد ملحق بالإدارة المركزية بالوزارة نفسها، وهي الوظيفة التي لم يعمر فيها سوى سبع سنوات، ليظفر بمنصب كاتب عام ملحق بالإدارة المركزية.
في 27 شتنبر 1998، سيحظى باستقبال الملك الراحل الحسن الثاني، الذي عينه عاملا على إقليم الحوز.
المسار الحافل للضريس في دواليب السلطة، قاد، في دجنبر 1999، إلى تسليمه مفاتيح مديرية للشؤون العامة بوزارة الداخلية، التي عين عملا عليها، قبل أن يستدعى الرجل مجددا لمهمة جديدة، في 25 يوليوز 2003، ألا وهي عامل مدير للولاة، ثم في 29 أبريل 2005 واليا بالنيابة لتطوان.
حسن تدبير ابن الفقيه بنصالح لملفات حساسة، زادت من حجم الثقة الموضوعة فيه من قبل الملك محمد السادس، الذي اختاره، سنة 2005، ليشغل منصب واليا على جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء. وهو الشيء الذي لم يمنعه قط من السهر على تأمين جميع الزيارات الملكية والتنسيق بين جميع الفعاليات الأمنية التي ترافق عادة رحلات الملك.
أهلية الرجل جعلت المناصب المهمة لا تفارقه، إذ ما إن أكمل السنة في تدبير الملفات الشائكة في جهة العيون، وضعت فيه الثقة مجددا ليشرف على انتقال أسرة الأمن إلى مرحلة جديدة، تقطع بشكل تام مع العهود السابقة.
وجاء اختيار الضريس في أحد أعلى أهرام للمؤسسة الأمنية، بعد أن اغتنت تجربته في هذا المجال، خلال فترة العمل التي جمعته جنبا إلى جنب بكل من المنتدب في الداخلية الأسبق، فؤاد عالي الهمة، وياسين المنصوري، مدير مديرية الدراسات وحفظ المستندات، المعروفة اختصارا باسم "لادجيد"، عندما كان واليا للشؤون الداخلية في وزارة الداخلية.
الثقة الموضوع في الرجل، في الإشراف على تحريك عجلة أكثر املفات تعقيدا، تجسدت في كلمة وزير الداخلية الأسبق، شكيب بنموسى، الذي أكد، خلال حفل تنصيب الضريس ، إن تعيين الشرقي مديرا عاما لإدارة الأمن الوطني، يجسد العناية التي يوليها جلالة الملك لأسرة الأمن".
أكبر مشجع كروي وعروبي حتى النخاع
رغم عشقه للتواصل، الذي يتجسد من خلال خلق لأول مرة مكتب للاتصال في الإدارة العامة للأمن الوطني، إلا أن الشرقي اضريس، يجنح إلى الصمت. فابن الفقيه بن صالح يفضل العمل بهدوء وروية، حتى لو تطلب منه تحقيق هدفه الكثير من الوقت. ويعرف عن الشرقي اضريس أنه من مشجعي كرة القدم، خاصة المنتخب الوطني، وفريق الفقيه بنصالح، الذي يكن له عشق خاص. من جهة أخرى، فرغم ثقافته المفرنسة، فهو يرفض التخلي عن "عروبيته" ويعدها مفخرة له. ولعل هذه الخاصية هي التي تجعلك تنجذب إلى الرجل بسرعة، وما أن تكلمه حتى تخال أنك تعرفه منذ سنين.
كود
حميد محمد
بتعيين السيد الشرقي اضريس على رأس كتابة الدولة في الداخلية , يمكن القول وبكل موضوعية وتجرد أن الرجل المناسب وضع في المكان المناسب لما عرف عن الرجل من استقامة ونزاهة وتواضع وبعد نظر , وهي كلها قيم ومناقب وشيم لايمكن إلا أن ترفع من مكانة وقدر صاحبها , دعواتنا للسيد الشرقي بالتوفيق