بعدما احترقت أوراقهم وبدؤوا في التساقط كأوراق الخريف في المطارات المغربية تراجع الماليون والغينيون والبوركينابيون إلى الوراء فاسحين المجال لوجوه جديدة. مافيا الكوكايين البرازيلية وهي تدخل السوق المغربية أدخلت الطرق المافيوزية الاحترافية في تهريب «الذهب» الأبيض، تسيير عملائها المحليين عن بعد، تجنيد فتيات مغربيات لن يثرن شكوكا لدى أمن المطارات الوطنية واعتماد خط سير في الرحلات الجوية من وإلى البرازيل عنوانه الأبرز التمويه. بايوسف عبد الغني
كيف تستقطب مافيا الكوكايين البرازيلي فتيات مغربيات؟
العديد من التقارير التي يتم تداولها في الشهور الأخيرة بين المغرب وجهاز الشرطة الجنائية الدولية الأنتربول والأجهزة الاستخباراتية لبعض دول شمال المتوسط أكدت بأن المغرب مازال يثير شهية مافيات الكوكايين، ومنها من لم تكن تضع المغرب ضمن أجندتها دخلت هي الأخرى في سباق للسيطرة على موقع قدم في السوق المغربية وفي المقدمة شبكات تهريب الكوكايين أمريكا اللاتينية. هذه التقارير سرعان ما أتبثها وقائع جرت بالمغرب بعد أن فتحت فيه هذه العصابات بوابة جوية لعبور الكوكايين البرازيلي الذي تمكن من الانتصار على منافسيه المكسيكيين والكولومبيين وتأكد ذلك بعد تواتر حجز كميات كبيرة من المخدر الصلب في مطار محمد الخامس الدولي بالدارالبيضاء تجاوزت17 كيلو غرام في ظرف16 يوما وبالضبط بين 9 دجنبر و26 من نفس الشهر وهي كميات كانت قادمة من مدينة برازيلية وحيدة ساو باولو.
نفس التقارير التي ظلت تتبادل بين الأجهزة الأمنية أبانت أن كارتيلات الكوكايين البرازيلية والكولومبية والمكسيكية وبعدما استحودت على السوق الأمريكية الشمالية دخلت في سباق جديد آخر مع الزمن للبحث عن أسواق واعدة في جنوب وشرق القارة الإفريقية والخليج العربي والمغرب ومرة أخرى يدخل ضمن هذه الاستراتيجية اعتبارا إلى موقعه الاستراتجي في منطقة تلاقي ثلاث قارات
المغرب من معبر إلى سوق
في مدينة الدار البيضاء القلب النابض للمملكة وفي بعض المدن حتى الصغيرة منها لن يعدم الراغب في «شمة» كوكايين من يمدونه بالبضاعة ويوفرون له الكمية الراغب فيها في ثواني معدودة. هذا الانتشار نبه السلطات الأمنية إلى التحول الجديد في عادات استهلاك المخدرات وفتح أعينها في ذات الوقت على شبكات التهريب والترويج.
لقد عرفت سوق ترويج الكوكايين نشاطا غير مسبوق في السنوات الأربع الأخيرة ومما ساهم في انتعاش السوق توفر كمية من المخدر المهرب من اسبانيا في اتجاه المغرب والآخر المجلوب من بلدان افريقية جنوب الصحراء وفي نفس الوقت ارتفاع في عدد المستهلكين بعدما تحول الكوكايين من مخدر للنخبة والطبقات الميسورة إلى مخدر شعبي تستطيع كل الطبقات الحصول عليه. هذا الجانب الخاص بتزايد عدد المستهلكين إضافة إلى الموقع الاستراتجي للمغرب الذي جعل العديد من المافيات العالمية تتسابق للاستحواذ على موقع قدم فيه.
قبل تسجيل هذا التسابق كان المغرب مسيطرا عليه من قبل من مافيات محلية صغيرة تتكون من جنسيات افريقية في مقدمتها النيجريين وبعض الاسبان ومغاربة، لكن دخول مافيات أكثر قوة وتجربة جعل هذه المافيات المحلية تتراجع فاسحة المجال لأخرى أكثر احترافية وقوة، لكن المافيات المحلية لم تغادر الساحة كلية بعد أن وضعت خبراتها المكتسبة منذ سنوات في خدمة المافية البرازيلية الوافدة التي دخلت وبقوة مؤخرا للسوق المغربية من خلال عملائها المحليين خاصة بعدما أكدت تقارير استخباراتية أنها بدأت تتواجد بقوة في المنطقة المتمركزة في شمال مالي وشمال موريتانيا والحدود المغربية الجزائرية وذلك كبداية للاستحواذ على المنطقة الممتدة من تشاد إلى موريتانيا وهي المنطقة التي ترزح تحت سيطرة جماعات مسلحة كثير منها أعلنت الولاء لتنظيم القاعدة.
وإذا كان تهريب الكوكايين في اتجاه المغرب لفائدة المافيا البرازيلية قد بدأ من مدة قصيرة إلا أن بصماتها بدت أكثر وضوحا من خلال الاعتماد على الطرق الأكثر احترافية وذلك باللجوء إلى خدمات «حمالة» جدد من قبل فتيات مغربيات لا يترن أي شبهات لدى الأمن المغربي بعدما أصبحت بعض المغربيات يقصدن البرازيل للسياحة بالاضافة إلى اعتماد مسارات مختلفة في الذهاب والاياب بهدف التمويه على الأجهزة الأمنية وخاصة من قبل مكتب مكافحة المخدرات التابع للشرطة الجنائية الدولية الأنتربول.
التعاون مع المافيا المحلية
كانت عصابات أمريكا اللاتينية تعتمد في البدء شبكات محلية «حرفية» في ترويج الحشيش لإيصال الكوكايين إلى المغرب ومنه إلى بلدان أخرى وخاصة إلى اسبانيا، إلا أن هذه الشبكات المحلية ولتقديم خدماتها للعصابات أمريكا اللاتينية كانت تطالب نظير ذلك كميات كبيرة من الكوكايين، الأمر الذي كانت ترفضه العصابات، فقررت العودة إلى الطرق التقليدية في نقل الكوكايين إلى المغرب.
بعدما أصبحت سفن مشاة البحرية الأمريكية المارينز المنتشرة في باناما وكوستاريكا المعتمدة على أحدث تقنيات الرصد العاملة بالأقمار الاصطناعية تشدد الخناق على البواخر التجارية المنطلقة من سواحل البرازيل وكولومبيا والبيرو وبوليفيا والمحملة بكميات كبيرة من الكوكايين في اتجاه نقط مختلفة من العالم بما فيها السواحل الافريقية الغربية والمغربية، وجهت هذه المافيات أنظارها إلى الاعتماد على النقل الجوي ليحل محل البواخر في نقل الكوكايين. هكذا اختارت المغرب كمحطة رئيسية في هذه الاستراتيجية الجديدة. في البدء تم الاعتماد على مواطنين من أمريكا اللاتينية وخاصة من دول فقيرة من بوليفيا والهندوراس وغواتيمالا لنقل الكوكايين الأمريكي اللاتيني، لكن الشكوك التي راودت الأمن المغربي عن السبب في اختيار مواطني هذه الجنسيات المغرب للقيام برحلات سياحية بدل التوجه إلى بلدان أخرى كشف أن هولاء يفدون إلى المغرب ليس من أجل السياحة ولكن كمهربين للكوكايين.
منذ ذلك الوقت أصبحت العيون الأمنية متفحصة ومراقبة لهذه الوجوه، ما حول استراتيجية العصابات إلى خدمات مواطنين من دول جنوب افريقية مقيمين بالمغرب للقيام بالدور وخاصة من مواطني غينيا كوناكري وغينيا الاستوائية ومالي وبوركينا فاسو وبعدما اشتد الخناق على هؤلاء وأصبحوا أوراقا «محروقة» هم الآخرون في المطارات المغربية وخاصة في مطار محمد الخامس بالدارالبيضاء كان لزاما على مافيات التهريب البحث عن حمالة جدد، لحظتها كان وقع الاختيار على شابات افريقيات مقيمات في دول أوروبية كبلجيكا واسبانيا والبرتغال لكن بعد توقيف العديد منهن فى المطارات المغربية كان اللجوء هذه المرة إلى مغربيات شابات تم تجنيدهن ليقمن بدور ناقلات للكوكاكيين.
مغربيات في شراك المافيات
الساعة كانت تزحف نحو الساعة الواحدة والنصف من بعد زوال الأربعاء 25 دجنبر الماضي عندما حطت طائرة تابعة للخطوط الملكية المغربية عبر الرحلة550QR في المدرج الثاني بمطار محمد الخامس الدولي قادمة من مدينة ساوباولو في البرازيل عبر العاصمة القطرية الدوحة. إحدى المسافرات على نفس الرحلة كانت «بهية». الشابة المنحدرة من حي يعقوب المنصورر بالرباط التي ما إن وطأت قدماها أرضية المطار حتى ظهر عليها ارتباك وقلق كانا باديا على ملامحها لم تتمكن كل المحاولات من قبلها لإخفائه.. قلق الشابة التي لم تتجاوز 22 ربيعا سرعان ما التقطه أكثر من عنصر أمن كانوا ضمن القائمين على مراقبة كل المسافرين على نفس الرحلة القادمة من البرازيل بعد تشديد التوجيهات من المديرية العامة للأمن الوطني بفتح العيون على كل المسافرين القادمين من البرازيل اثر تعدد محاولات تهريب كوكايين من هذا البلد الأمريكي اللاتيني في اتجاه المملكة في الأسابيع القليلة القادمة.
لحظة حلول دور التفتيش في أمتعة الشابة «بهية» أخضعت الأخيرة لتفتيش دقيق نتج عنه اكتشاف عناصر «الديوانة» وأمن المطار ثماني قارورات محشوة بمادة بيضاء مخبأة بعناية في أمتعتها. بالسرعة الازمة اتخذ القرار بالتحفظ على الشابة وإرسال عينة من المادة المحجوزة إلى المختبر العلمي للأمن الوطني للتأكد من ماهية المادة البيضاء. نتائج الخبرة العلمية لم تستغرق وقتا طويلا وكانت إيجابية أكدت شكوك الأمن والجمارك أن المادة البيضاء ماهي إلا كوكايين من جودة عالية تبلغ كيلوغرامان.
ببضعة أسئلة لعناصر من مكافحة تهريب المخدرات التابعة للفرقة الجنائية بولاية أمن البيضاء التي أنيط بها التحقيق في القضية انهارت الشابة وبدأت في سرد حكايتها والتي كشفت أنها تنتمي إلى شبكة تهرب الكوكايين من البرازيل في اتجاه المغرب وتتخذ من الرباط مقرا لها. عناصر من الأمن رافقت الشابة إلى الرباط وبنصب كمين تم توقيف زعيم الشبكة وهو نيجيري يقيم في دوار الكورة بالاضافة إلى سينغالي يقيم في المغرب بطريقة غير شرعية ويتحرك بجواز سفر مزور صادر عن المفوضية العليا لشؤون الاجئين التابعة للأمم المتحدة، كما تم إعتقال نيجيريين آخرين وشابتين مغربيتين تنحدران من حي الرشاد بالتقدم الحي الرباطي الشعبي كانتا تتأهبان للسفر بدورهما إلى البرازيل لجلب كوكايين مقابل مليوني سنتيم عن كل حمولة.
توقيف المغربيات الثلاث المنحدرات من العاصمة الرباط سبقه وقوع فتاة اسمها «سناء» بين يدي الشرطة بالدارالبيضاء. الفتاة تم تجنيدها هي الأخرى من قبل شبكة محلية تعمل في خدمة المافيا البرازيلية أوقفت في مطار البيضاء في 9 دجنبر المنصرم قادمة هي الأخرى من ساوباولو في البرازيل وهي محملة بكيلوغرامين من الكوكايين مخبأ بشكل دقيق في مجموعة من البوستيرات للاعبين برازيليين كبار.
التحقيق مع الشابة المغربية أبان أنها استقطبت من قبل زعيمة شبكة للدعارة تقيم في مكناس عرفتها على شاب بيضاوي وبعد مدة ربط الاتصال بها وبدأ في إغداق المال عليها، انتقل بعدها إلى المرحلة الثانية من مخططه فاقترح عليها السفر إلى البرازيل لقضاء بضعة أيام على حسابه الخاص ومدها ببطاقة سفر ذهابا وإيابا ومبلغ مالي من أجل مصاريفها في هذا البلد الأمريكي اللاتيني بمجرد وصول سناء إلى ساوباولو اقتنت شريحة هاتف محلي واستمرت في الإتصال بصديقها الذي أخبرها بعد بضعة أيام أن صديقا له سيزورها بفندق «نيوبوانت» الذي تقيم فيه وأنه سيعطيها حقيبة فيها مجموعة هدايا عبارة عن بوستيرات للاتيان بها إلى المغرب.
قبل حوالي نصف ساعة من رحلة العودة من البرازيل حل الصديق بالمطار ومدها بالبوستيرات وغادر إلى حال سبيله في حين طارت هي عائدة إلى الدار البيضاء عبر مدينة الدوحة القطرية.
توقيف المغربيات الأربع بين أن مافيات تهريب الكوكايين البرازيلي أصبحت تعتمد في عملياتها على مغربيات يتم استقطابهن من أحياء فقيرة مهمشة أويعانين ظروف صعبة كالمطلقات كما هو حال «سناء» أصبحن يحللن محل أفارقة من جنسيات مالية وغينية تخصصن في هذا النوع من التهريب التخوف الذي أبداه أكثر من جهاز أمني في المملكة وأجهزة أخرى في أوروبا وجهاز الأنتربول والمرصد الجيوستراتيجي للمخدرات في المدة الأخيرة من أن يصبح المغرب وبالضبط بوابته الجوية مطار محمد الخامس منفذا رئيسيا لإدخال الكوكايين البرازيلي إلى المغرب ومنه إلى باقي البلدان بدا أنه لم يكن مجرد تخوف بل أصبح حقيقة بعد المحاولات الأخيرة لإدخال كميات من الكوكايين إلى المغرب كلها قادمة من هذا البلد الأمريكي الاتيني.
ليلة في «دكار» للتمويه
المافيا البرايزيلية وهي تدخل السوق المغربية قطعت مع الطرق القديمة في التهريب واعتمدت طرقا جديدة تتسم بالاحترافية وهي الطرق التي اعتمدتها سابقا في نقل المخدرات إلى الشمال الأمريكي وحققت في مناسبات عديدة بعض النجاح ونقلت لتطبيقها في عملياتها في المغرب.
بعد تجنيد الشابة المغربية المرشحة للقيام بمهمة تحميل الكوكايين من البرازيل إلى المغرب يتم تدريبها على طرق التمويه في المطارات ثم تمنح مبلغا ماليا وتذكرة سفر وأرقام هاتفية تحفظها عن ظهر قلب تخص أفرادا فى المافيا في كل البلدان التي ستعبرها في حالة مواجهة طارئ.
في خطة الذهاب إلى البرازيل رحلة الذهاب لاتكون هي رحلة العودة وذلك باتباع خط سير مختلف والهدف تمويه الأجهزة الأمنية. الرحلة تبتدأ من مطار محمد الخامس بالدارالبيضاء وقبل الوصول إلى نقطة النهاية مدينة ساو باولو تتوقف الرحلة في مدينة دكار العاصمة السينغالية في هذه الأخيرة وعندما تصل الشابة المغربية تجد في استقبالها «فالانتينو أمايتشي» منسق المافية البرازيلية في السينغال هذا الأخير وعندما يتأكد من أن كل الأمور عادية يسلمها إلى أحد معاونيه الذي يستضيفها في فيلا منزوية على بعد بضعة كيلومترات خارج العاصمة السينغالية تقضي فيه ليلة كاملة. في اليوم الموالي تتابع الشابة المغربية سفرها إلى البرازيل عبر العاصمة الاسبانية مدريد وعندما تصل إلى مدينة «ريو دي جانيرو» تأخذ طائرة أخرى تقلها إلى مدينة ساوباولو لحظة الوصول تجد الحمالة المغربية في استقبالها مواطن نيجيري مقيم هناك رفقته «زيرا» شابة برازيلية عضو في المافيا وهي التي تتكلف بالمغربية تقيم معها في فندق «نيو بوانت» وتبقى ظلها الذي لايفارقها حتى تأخذ طائرة العودة إلى المغرب. بعد 6 أيام من الاقامة في ساوباولو يتصل بها عضو أخر في المافية ويسلمها البضاعة إما على شكل كابسولات لبلعها أو قارورات يتم إخفائها بعناية في أمتعها ثم يتم تسليمها تذكرة سفر للعودة إلى المغرب وهذه المرة تكون العودة مخالفة لرحلة الذهاب بحيث تأتي من ساوباولو إلى الدار البيضاء عبر العاصمة القطرية الدوحة.
«بهية» الشابة المغربية وبعد مرورها من كل هذا المسار وهي تصل ليلة25 دجنبر المنصرم إلى مطار محمد الخامس الدولي بالبيضاء أوقفت وفي حوزتها8 قارروات الكوكايين تزن كيلوغرامين.
المعلومات التي قدمتها بهية لعناصر الأمن مكنت من توجيه ضربة لجزء من الشبكة المحلية العميلة للمافية البرازيلية بعد توقيق العديد من العناصر النشيطة في الرباط والمقيمة في حي «القواس» في «يعقوب المنصور» حيث ألقي القبض على «دجونكا» وبالانتقال إلى حي الأمل تم ايقاف «البرانس» بعدها تم الانتقال إلى دوار «الكورة» وهناك تم القبض على العنصر الرئيسي في الشبكة وهو الملقب ب«كورومو» ومن هناك إلى حي «الرشاد» بالتقدم حيث تم توقيف «كوثر» الشابة الرباطية التي كانت تتأهب للسفر بدورها إلى البرازيل في نفس المهمة جلب كوكايين
ساوباولو عبر الدوحة في اتجاه الدارالبيضاء
الطريق السالك الذي اعتمدته مافيات الكوكايين البرازيلية لنقل المخدر إلى المغرب هو عن طريق الرحلات الجوية المتجهة من مدينة ساوباولو البرازيلية إلى الدارالبيضاء عبر العاصمة القطرية الدوحة، هذه الأخيرة تكون مجرد «ترانزيت» في إنتظار مواصلة الرحلة في اتجاه المغرب. في البدء كانت هذه المافيات تعتمد في عملياتها على الرحلات القادمة من ريو دي جانيرو في اتجاه البيضاء عبر العاصمة الاسبانية مدريد أو العاصمة البرتغالية لشبونة إلا أن المهنية الكبيرة لقوات الأمن الإسبانية العاملة في مطار «باراخاس» بمدريد ونظيرتها البرتغالية العاملة في مطار «لشبونة« وتشديد المراقبة في المطارين تنفيذا لبروتوكول التعاون «الأورو مغربي» الخاص بمكافحة المخدرات أدى إلى إفشال العديد من عمليات التهريب التي تكون وجهتها الأخيرة المغرب، الأمر الذي انتهى بتوقيف العديد من الحمالة الأفارقة فتم استبدالهم بمغربيات للقيام بالدور واتخاذ مسار أخر للمرور عبر إمارة قطر، بالنظر إلى أن أمن مطار مدينة الدوحة وبخصوص الرحلات التي تكون عبارة عن ترانزيت لاتخضع الحقائب التي تخص المسافرين على متنها إلى تفتيش دقيق بالاضافة إلى قلة خبرة الأمن القطري العامل في المطار.
إضافة إلى هذه الحيثيات أكد مصدر أمني رفيع المستوى أن المافيات البرازيلية للكوكايين تضع نصب أعينها بالإضافة إلى المغرب الاستحواد على السوق الخليجي الواعد وخاصة السوق الإمارتية والكويتية التي ماتزال تحت سيطرة المافيا الصينية العاملة في مثلث فيتنام الاووس التايلاند وتسوق الكوكايين الأفغاني والبورمي إلى الخليج وفي حالة ما إذا وجدت المافيا البرازيلية موقع قدم لها في هذه المنطقة يضيف المصدر سيتم الاعتماد على هؤلاء المغربيات اللواتي اكتسبن التجربة في الذهاب والاياب بين البرازيل وقطر لنقل الكوكايين إلى المنطقة
مشعود سينغالي و«قوادة» مغربية للاستقطاب
بعدما تقطعت به السبل في المغرب اثر فشله في العبور إلى الفردوس الأوروبي ولم يعد يجد مايقتات به اصطادته مافيات التهريب البرازيلية وجندته للعمل في صفوفها وكلف باستقطاب فتيات مغربيات للعمل كحمالات للكوكايين البرازيلي في اتجاه المغرب. قبل الانطلاق في خطته منح «عصمان» السينغالي أوراق هوية مزورة للتحرك ومنها جواز سفر مزور صادر عن المفوضية العليا لشؤون الاجئين التابعة للأمم المتحدة. شرع بعدها «عصمان» في تنفيذ المخططا المرسوم له من خلال كراء غرفة في الحي الشعبي يعقوب المنصور بالرباط ونظرا لإجادته للغة العربية وحفظه لبعض الأيات القرأنية والادعاء أنه ينتمي لإحدى الطرق الصوفية أصبح يمارس الشعودة وقراءة الكف للنساء.
بعدما انتشر صيته بين السكان والاستحواد على ثقتهم شرع في الخطوة الثانية لمخططه حيث أصبح يقترح على الفتيات اللواتي يعانين البطالة والتهميش مساعدتهن في كسب ملايين من السنتيمات زيادة على قضاء رحلة سياحية في البرازيل مدة عشرة أيام والمقابل حمل كميات من الكوكايين. بخبرته الكبيرة في الاقناع وبالتركيز على شابات يعانين البطالة والتهميش تمكن من استقطاب ثلاثة مغربيات توجهت الأولى إلى البرازيل أواسط شهر دجنبر ولدى العودة أوقفت في مطار محمد الخامس الدولي الأربعاء 25 دجنبر وفي حوزتها كيلو غرامان من الكوكايين. في التحقيق اعترفت على السينغالي المشعود على ثلاثة نيجريين وعلى ثلاثة من الفتيات الأخريات اللواتي كن يتأهبن للسفر إلى البرازيل في نفس المهمة.
في ذات الوقت الذي كان المشعود منهمكا في لف حباله على فتيات مغربيات لتجنيدهن في المافيا البرازيلية كانت «منى» زعيمة شبكة للدعارة في مكناس تنهي مهمتها هي الأخرى بعدما تمكنت من تجنيد مغربية أخرى للعمل في شبكة التهريب البرازيلية مستغلة ظروفها الأسرية الهاشة فجندتها أولا في شبكتها للدعارة وعرفتها على شاب مغربي مقيم في الدرالبيضاء عضو في المافيا. هذا الأخير أغدق عليها الكثير من المال وبعدها اقترح عليها بدوره الذهاب في رحلة إلى البرازيل في رحلة سياحية تعود بعدها محملة ببضاعة تسلم إليها من برازيلي مقيم في مدينة ساوباولو. لدى عودتها إلى المغرب عبر الدوحة تم توقيفها واعترفت على الشاب الذي أرسلها إلى البرازيل الذي حررت مذكرة وطنية للبحث عنه في حين تم توقيف زعيمة شبكة الدعارة.
«اتحاد» مافيات الكوكايين والارهابيين يخيف الأمن
تعد مسألة المخدرات قضية جوهرية في الشراكة الأورومغربية في بعدها المتوسطي باعتبارها تشكل تهديدا حقيقيا للأمن والاستقرار بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط خاصة مع تحول المشكل من مجرد أفراد يتاجرون في المخدرات إلى عصابات منظمة تنقل المخدرات عبر مختلف الوسائل الممكنة فضلا عن ممارستها لأشكال أخرى من التجارة المحرمة دوليا كالإتجار في البشر والأسلحة وتزوير العملة.
لكل هذه الاعتبارات ونظرا للتطورات الأخيرة والتي أبانت على ارتفاع وتيرة تهريب الكوكايين من أمريكا اللاتينية في اتجاه المغرب ورصد بداية تواجد لهذه الشبكات في مناطق تمتد من تشاد إلى موريتانيا وهي المناطق المسيطر على بعضها من قبل تنظيمات لاتخفي ولاءها لتنظيم القاعدة، دخلت العديد من الأجهزة الأمنية الأوروبية والمكتب التابع للشرطة الجنائية الدولية الأنتربول المكلف برصد وتتبع عمليات التهريب الدولي للمخدرات على الخط من خلال تبادل المعطيات والمعلومات المتوصل إليها في المغرب وإخضاعها للتحليل والاستنتاج وذلك تنفيذا للاستراتيجية الأوروبية الخارجية المتعلقة بالتعاون والشراكة والتي هدفت لحظة توقيعها إلى تحقيق العديد من الأهداف الإستراتيجية ومن بينها إقرار الأمن والاستقرار في حوض البحر الأبيض المتوسط على أساس أن الدافع الرئيسي وراء انطلاق الشراكة الأورومتوسطية هو الدافع الأمني. وإعتبارا إلى أن المغرب يمثل في الرؤية الأوروبية للمتوسط أحد أهم المعابر للتراب الأوروبي، وعلى العموم يبقى المغرب عمليا حاضرا في تقاطع الحسابات الأمنية باعتباره قاعدة متقدمة لحلف شمال الأطلسي وجبهة دفاعية في ترتيبات الأمن المتوسطي.
الجانب المغربي من جهته لم يعد خافيا مدى تخوفه من التنسيق الذي يمكن أن يقوم بين هذه الشبكات وإرهابين داخل المملكة خاصة بعد المذكرات التي توصلت بها الأجهزة الأمنية المغربية عن التعاون بين المافيات الأمريكية الاتينية وعناصرها العاملة فوق التراب الوطني والتخوف من تجاوز التعاون مجال الكوكايين إلى تهريب السلاح خاصة أن المافيات الأمريكية اللاتينية تنشط في كل مجالات الجريمة من المخدرات إلي تهريب السلاح وتبييض الأموال والاتجار في البشر وشبكات تزوير الوثائق وخاصة جوازوات السفر وتأشيرات شينغن.
mzabi
لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. لقد أصبحت سمعتنا في الحصيص بسبب التسيب و الجهل والفقر ووو الخزي و العار لكل من تسبب في هذا الوضع من الساسة وغيرهم.. أين النخوة و العزة؟؟ أين الأمن وأين حماة الوطن؟؟؟