حفـظوا بعض الآيات القرآنية، وتصدروا مهمة العلاج بعيدا عن أسوار المستشفيات، والعيادات الخاصة. لا يؤمنون بالتخصص، فهم يتمتمون بكلمات “تعالج كل الأمراض، والآفات”. إنهم ممتهنو الرقية الشرعية الذين تمكنوا من إيجاد مقاولات رأسمالها كلام يبيعون من خلاله وهم الشفاء عبر تحويل مياه معدنية صرفة إلى« مياه قرآنية» ذات خواص استشفائية لعلاج مختلف أنواع الأمراض عضوية كانت أو نفسية، داخل «عيادات» غزت الأحياء الشعبية، والهامشية من الدار البيضاء.
من ماء معدني إلى ماء «استشفائي»!
طابور نسائي وآخر رجالي، يبلغ عددهم حوالي 150شخصا، دون احتساب المرافقين، كلهم حجوا منذ الساعة الخامسة والنصف من يوم السبت، واصطفوا في بيت يوجد بجانب مسجد بدوار «عبد الله بلحاج» الموجود بالطريق الساحلية بعين السبع، الكل يحمل معه قنينات من الماء المعدني المختلفة الأحجام، هناك من جلب معه قنينة كبيرة من فئة 5لترات، ضاق بها ذرعا ووضعها بين رجليه حتى لا تختلط بقنينات أخرى لأحد المرضى، الكل ينتظر أن يصله الدور للمثول بين يدي الفقيه المشهور، كل حسب مايعانيه: ما بين مس وسحر وعين، وبعض الأمراض العضوية، بينما تكلف رجل وامرأة بتنظيم عملية الدخول للاستفادة من الرقية التي يقدمها «الشيخ»، وهو رجل طويل القامة، ضخم الجثة، لحيته كثة، يلبس لباسا تقليديا مغربيا، ويضع على رأسه طاقية، هذا الـ«لوك»يضفي عليه هالة من الهيبة والوقار، يزين خطابه ببعض الكلمات التي تمتح من المعجم الديني بلغة عربية فصيحة، تختلط بالدارجة، كما أن صيته وشهرته صنعت له مجدا واحتراما وتقديرا بين أهل ساكنة الحي، سيما بعد أن عاينوا «إنجازاته»، وقدرته على شفاء أمراض عضوية ونفسية قد يعجز الطب الحديث عن شفائها0
يكفي الولوج للحي المحاط بالسور والدخول من القوس الأول، وسؤال أي شخص، ودون إكمال السؤال إلا ويجيب أحدهم:« آه … را محالو لاصق في الجامع!»0
خارج الغرفة التي يقوم فيها بتلاوة ما تيسر من الرقية على زواره، علقت سبورتان لونهما أبيض، كتب فيهما بلون أسود، بخط يدوي يدل أن صاحبه ليس إلا فقيها، لتشابه نوع الخط مع الذي يوجد بالألواح التي يحفظ فيها الفقهاء القرآن في الكتاتيب والمدارس العتيقة0
السبورة الأولى كبيرة الحجم معونة بعبارة:« بسم الله ربى الشافي» وتلخص أوقات الرقية، المحددة يومي السبت والأحد، والتي تبتدأ من الساعة السابعة صباحا وتنتهي في حدود الحادية عشرة، ويؤكد «الشيخ» أنه:« لا رقية لأحد خارج هذه الأوقات، لأن المسلمين سواسية في شأن الرقية»، كما يحدد «المعالج» أوقات محددة وخاصة لرقية الأطفال والنساء ممن يعانين بعض الأمراض العضوية كالرعاف والنزيف! واضطراب موعد الدورة الشهرية! كما يؤكد «السي عبد الواحد» على ضرورة استكمال 7 جلسات من الرقية على الأقل من أجل الحصول على فرص الشفاء من العين والحسد و المس ، وضرورة الابتعاد عن زيارة المشعوذين والكهان0
السبورة الصغيرة، كتب فيها بنفس الخط اليدوي الحديث النبوي الشريف:« سم الله وكل بيمينك»، حيث «يستفيض» الفقيه في شرح أهمية الأكل والشرب باليد اليمنى، ويختم «محاضرته» بعبارة «اللهم وفقنا لقبول الحق والانتفاع به، آمين»0
«وعلى الله يجيب على إيدو الشفا»، دعاء يتكرر كثيرا بين مريدي «المعالج» رجالا ونساء، الذين جلبهم طلب الاستشفاء عنده من عين حاسد، أو من سحر ساحر، والاستفادة من جلسات للرقية، «متأبطين» قنينات المياه المعدنية، والغاية؟ أن تتحول من مياههم المعدنية إلى «ماء قرآن»، بعد أن يضعوا قنيناتهم في غرفة الفقيه، ويتلو عليها الرقية، قنينات يتم شراؤها مرتين، المرة الأولى عند البقال، حينما تكون مياها صرفة، لكن بعد أن تخضع للرقية، تتغير قيمتها، بعد أن يدفع الزبون/ المريض مبلغا ماليا من قبيل الفتوح، حسب أريحيته، فهناك من يدفع 10دراهم، وهناك من يدفع أكثر، كما هو الحال بالنسبة لحسن (اسم مستعار) أحد الزوار، الذي جاء يشكو كسادا غير مسبوق في تجارته، جعله على شفير الافلاس علي حد قوله، ولفرط تدينه استقر رأيه على اللجوء إلى خدمات «الشيخ» مبررا ذلك بقوله «على الأقل، هو ليس مشعوذا، ولا يتلو عليك أية عزائم أو جمل غير مفهومة، كل ما يتلوه ليس سوى آيات قرآنية، وهذا ما شجعني على القدوم إليه، سيما بعد أن لاحظت تحسنا في تجارتي، بعد طول كساد، بفضل الرقية وماء القرآن »0
بين الفينة والأخرى يفاجأ الرجال أو النساء المصطفين أمام البيت، بأحد المرضى يبدأ جسمه بالتشنج أو الصراخ بصوت غريب، يخرج من الأعماق، ويسقط أرضا، حتى يسارع بعض العارفين من المنتظرين الذين خبروا «المس» أو «الحال» ويخرج بعض المفاتيح ويحاول جعل المريض يمسكها بيده، عله يفلح في توقيف التشنجات الذي ألمت به، أو رشه بما تيسر من «ماء القرآن» أما عندما تستعصي حالته، فلا مفر من إدخاله غرفة الفقيه و بدأ الرقية في الحال واعتبارها حالة مستعجلة0
كل من دخل غرفة الرقية من «المرضى»، يحمل معه الماء الذي اقتناه، ويشرع في تلقي «العلاج»، حيث يضع «الشيخ» يده اليمنى على رأسه ويشرع في تلاوة تحصينات مكونة من بعض العبارات التالية:«اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين» 7 مرات و «لا إلهَ إلاَّ اللهُ العَظيمُ الحليمُ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ ربُّالعرْشِ العظيمُ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ ربُّ السمواتِ وربُّ الأرْضِ ،وربُّ العرْشِ الكريم» 3 مرات … ثم تلاوة آيات من القرآن، تبتدئ بفاتحة الكتاب سبع مرات، ومطلع سورة البقرة من الآية الأولى إلى الآية الرابعة، ثم الآيات 20و6، و 109 و آية الكرسي سبع مرات، وغيرها من الآيات القرآنية التي تتراوح تكرارها ما بين 3مرات و7 مرات، لتختتم هذه الرقية -التي تدوم في الغالب حوالي 12 دقيقة – بتلاوة المعوذتين، الخاصة بالعين والحسد، والدعاء للمريض بالشفاء، وضرب موعد/ جلسة جديدة في السبت و الأحد المقبلين، إذ يشترط «المعالج» من الزائر الخضوع لسبع جلسات لضمان الشفاء التام0 إضافة للرقية الخاصة بالعين والحسد توجد نسخ أخرى من الرقية خاصة بالسحر والمس، وأخرى خاصة بمن يتعرض للدغ من الأفاعي أو العقارب و تدعى رقية اللديغ0
قنينات من «ماء القرآن» بـ 300 درهم و«زيت الزيتون» بـ 700درهم!0
غير بعيد من عين السبع، والضبط في الحي المحمدي ، يوجد تجمع سكاني صفيحي قرب «البطوار القديم»، معروف لدى الساكنة بـ«لكوارا»، نسبة لاسطبلات الماشية الموجودة بالحي، ولكون أغلب سكانه يمتهنون بيع الماشية والجزارة، داخل الحي يسكن أشقاء متخصصون في الرقية الأخ الأكبر يدعى «عبد الرحيم» والثاني يدعى عبد العزيز، بينما الأخ الأصغر «عبد اللطيف» يزاول نفس النشاط بتمارة، إثر خلاف مع أخيه الأكبر حول تقسيم حصة الزبائن/ المرضى، لكنه مازال يحتفظ بزبناء أوفياء ينتقل من أجلهم إلى البيضاء.
يفاجئ الزائر وهو يلج بيت «عبد الرحيم» بفخامة غير منتظرة في بيت صفيحي، ما يدل أن صاحبه يكسب أموالا طائلة من الرقية، فرضية تتأكد أكثر حينما تفاجئ الزائرات باستقبال نساء «المعالج» الثلاث، بحللهم وحليهم الأنيقة، إذ يساعدن الزوج في عملية استقبال النسوة بغرفة خاصة في البيت، خالية من أي أثاث إلا من حصير وبعض الزرابي البالية، لكنها مبلطة بزليج من النوع الفاخر، غرفة الاستقبال هاته مقابلة لغرفة أخرى يتواجد فيها أحد الأخوين، الذي يشرع في تلاوة الرقية، دون أن يجتاز الستارة الشفافة الفاصلة بين الغرفتين0
أثناء عملية القراءة، يبدأ أحد المعالجين بتشخيص الأعراض، فمن النساء والرجال، من يبدأ بالبكاء أو يدخل في نوبة من التثاؤب الشديد، حينئذ يخلص المعالج إلا أن المريض أو المريضة يعاني من العين أو السحر، أما حينما يدخل المريض في غيبوبة أو يتشنج وقد يصرخ صرخات رهيبة أو يتفوه بكلام غريب، عندئذ يقوم أحد مساعدي المعالج بحمل المريض للغرفة الثانية و بدأ عملية الرقية، حيث غالبا ما تنتهي العملية، باستفاقة المريض واستعادته لوعيه، ليبدأ في سلسلة أخرى من «العلاج»، عبر شراء قنينات من «ماء القرآن»، وهي عبارة عن قنينات السواغ (السيرو)البنية اللون من فئة 125 سنتلتر، يتم إفراغها، وملؤها بـ«ماء القرآن»، وبيعها للزبائن بمبالغ مالية تتراوح ما بين 100 و 300 درهم!، حسب قدرته المادية، حيث يحاول الشقيقان تكييف الثمن حسب الفئة الاجتماعية للزبون/ المريض، الذي قد يدفع بأريحية تامة، إذا كان ميسورا، بينما قد يدخل في مفاوضات مع «المعالج»، إن كان معسرا، لكنها لا تسفر عن أي تخفيض أو خصم، حيث يشرع أحد الإخوة «المعالجين» ، في تعداد «المعاناة» و«الصعاب» والمصاريف التي يكابدها من أجل تأمين العلاج، ولا يمكن للمريض أن ينصرف خالي الوفاض،إذ المريض/ الزبون مجبر على ابتياع منتوج واحد على الأقل، سواء أكان «ماء قرآن» أو «زيت الزيتون» ما يفصح عن النية التجارية المبيتة لهؤلاء الرقاة، الذين لا يهمهم سوى ابتزاز المرضى ، بل منهم من يشترط عددا مخصوصا من الزيارات لضمان العلاج التام كما هو الحال بالنسبة لـ «السي عبد الواحد»، الذي يشترط من زواره الخضوع لسبع جلسات من الرقية إن هم أرادوا الشفاء0
نفس قنينات «السيرو» الفارغة، يتم ملؤها بزيت الزيتون الذي تلوي عليه نص الرقية، ويستعمله المرضى كمراهم للجسم، كما يتم استهلاكه، قنينات يمكن أن يصل ثمنها إلى 700درهم! ويؤكد مريض سابق(رفض الكشف عن هويته) أنه خضع لجلسات علاج، بعد أن منحه صديقه رقم هاتفه، حصل عليه من إحدى قريباته التي سبق لها زيارة «عبد الواحد» حيث وصف له إضافة إلى «ماء القرآن» زيت الزيتون، الذي كان يستهلكه تارة، و يدهن جسمه به تارة أخرى، وتماثل للشفاء من نوبات المس، الذي كان يعاني منها!، عندما كان يتلبس بجسده جني يهودي0!
هذا الإيمان بنجاعة الماء وقدراته الاستشفائية وإضفاء طابع «القداسة» عليه لم يكن وليد اليوم، إذ يؤكد الأستاذ علي الشعباني مختص في علم الاجتماع، أن معتقد الرقي بالماء كان موجودا منذ القدم، إذ في بعض المناطق في البوادي المغربية يتم الاستشفاء من عض الكلاب المسعورة عبر رش الضحية بالماء، لكن التدليل على مدى نجاعة الرقي بالماء وقدرته على الاستشفاء تظل موضوع نقاش، خاصة بعد أن ظهر من اتخذ الرقية كوسيلة للنصب والتغرير بالمرضى واستغلال عدم وعيهم،سيما أن المجتمع المغربي غير منسجم، تسود في صفوفه الأمية بصنفيها التعليمية والثقافية »0
استحمام بماء القرآن بـ 50 درهم!
نفس غرفة الرقية تحولها زوجات المعالج «عبد الرحيم»، كل يوم جمعة، إلى غرفة استحمام جماعي، حيث يؤمن جفنات بلاستيكية بالغرفة، ويممدن الزائرات بقنينات من «ماء القرآن» قصد الاستحمام بها، موازاة مع الرقية كـنوع من «العلاج التكميلي»، مع الحرص والتشديد على المريضات بأن تغمر «مياه القرآن» الجسم كله، وأن لا تصب في الأرض، أو أن تصل إلا المجاري كي لا يذهب مفعولها، ويذهب كل ذلك المجهود العلاجي سدى هاته «العومة» «بماء القرآن» تكلف المريض 50 درهما في الأسبوع، ويمكن أن تصل الكلفة شهريا إلى200درهم!0
تعطش المريضات للعلاج قد ينسيهم التكاليف المالية لهذا «الحمام العلاجي» الباهض، لكن أحد المريضات لم تخف قلقها، حيال هذا الاستحمام الجماعي :« تستحم النساء بدون عقد، لكنهم يغفلن أنهن يمكن أن يتعرضن للاستغلال، فمن يدري لعل هنالك من يتلصص على أجساد النساء المريضات!؟»0
رُقْية عن بعد
بمنطقة سيدي مومن بالدار البيضاء وبالضبط بـ«كاريان الرحامنة»، يوجد «معالج» آخر، اتخذ من مسكنه الصفيحي المكون من طابقين مكانا لرقية المرضى، الطابق الأرضي خصص لاستقبال الزوار من الرجال، بينما الطابق العلوي أو «السدة» تستقبل زوجة «المعالج» الزائرات من النساء0
كل زائر مطالب بدفع مبلغ 20درهم كنوع من «الفيزيتة»، ولو كان زبونا مستمرا يتردد على البيت كل يوم!، بينما عملية الرقية تتم في «سبيل الله» لأن كتاب الله لا يباع ولا يشترى!0
تحكي «سميرة»إحدى الزائرات التي ساقها القدر لزيارة بيت هذا المعالج، بإيعاز من صديقتها«فاطمة الزهراء» التي ألحت من أجل أن ترافقها، بغاية فك النحس الذي يطاردها، إذ تمت خطبتها ثلاث مرات، وكل مرة يتم فسخ الخطوبة، ويُؤجل حلمها بالزواج، فنصحتها بعض «العارفات» بشأن «العكس» أن تستعين بطرده عبر الخضوع لجلسات الرقية وأن تكتحل بمكحلة تُلي عليها ما تيسر من رقية شرعية، كي تلاقي «قبولا» واستحسانا من أعين الرجال العزاب التي ترمقها!0
دخلت الصديقتان بعد أن نقدتا زوجة «المعالج» 40درهما، وجلسن قبالة السيدة، رفقة نساء أخريات، الكل ينصت بامعان للرقية0بعض النسوة شرع في وضع مكحلات و قنينات الماء أمام «المعالجة»، بينما شرعت بعض النساء في وضع صور لرجال مختلفي الأعمار بجانب قنينات الماء والمكحلات0 هذه الصور ترجع في الأغلب إما لزوج «أعلن عصيانه» أو لخطيب أو لحبيب يرجى أن يلين ويصبح خاضعا طائعا، بغرض أن تصلها الصور بركة الآيات القرآنية، كنوع من الرقية عن بعد!0
كم كانت دهشة الصديقتين حينما أحضرت بنت «المعالجة» أخاها الرضيع الذي ملأ البيت صراخا بسبب رغبته في الرضاع، فما كان من الأم «المعالجة» إلا أن أخذت ابنها، وتوقفت عن القراءة، وأخرجت ثديها وشرعت في إرضاع صغيرها، ثم استأنفت الرقية! هذا الفاصل المستقطع جعل الصديقتين تدخلان في نوبة ضحك هيستيري، انتهى بطردهما من غرفة الرقية والدعاء عليهما بالويل والثبور وسوء العاقبة!، لأنهما أبطلتا مفعول وبركة «الرقية» باستهزائهما من «الفقيهة»، أمام صيحات استهجان وعلامات الامتعاض البادية على الحاضرات، اللواتي عقدن كل آمالهن على الله و»الفقيهة» من أجل أن تفك عقدتهن0
شهرة وصيت بتكلفة أقل!
إذا كان بعض المشارقة ممن يتقاطعون مع المعالجين المغاربة في علاج المس والعين والحسد بالرقية الشرعية، قد اكتسبوا شهرة وشغلوا الدنيا والناس بـ«ملكاتهم العلاجية»، عبر خلق «بروباغوندا» إعلامية ضخمة، إذ منهم من أنشأ قناة خاصة كما هو الحال للهاشمي عبر قناة «الحقيقة» التي تبث الرقية، وتستفيض في شرح «مناقبه» و«انجازاته»، وتضمن له انتشارا وضحايا في الوطن العربي، فإن ممتهني الرقية بالأحياء الشعبية، يعتمدون في تنمية نشاطهم، على أساليب تقليدية تقوم على استغلال الاستعداد النفسي للضحايا لتقبل «العلاج» نظرا لحالة اليأس التي يصلون إليها، بعد فقدان الأمل في الاستشفاء عبر الطب الحديث، استعداد نفسي تسهله الحكايات التي تنسج حول هؤلاء «المعالجين» والمرضى الذين يكسبون هالة من «القداسة»على شخص المعالج كما يؤكد الأستاذ علي الشعباني0
هاته الحكايات التي تمجد انجازات «المعالجين» في الأغلب يتم نقلها بالتواتر عبر النساء الزائرات، اللواتي بدورهن تناهـى إلى أسماعهن حكايات مرضى عرفوا طريق الشفاء عبر الرقية، وهكذا دواليك، كما أن بعض الرقاة قام بتأمين بطاقات تعريف (كارت فيزيت) من أجل ضمان الانتشار والشهرة، و ازدياد عدد الزوار/الضحايا، وبالتالي ازدياد المداخيل!0
هؤلاء «المعالجون» انتشروا في السنين الأخيرة بوتيرة غير مسبوقة، سيما في الأحياء الشعبية، إذ لا يكاد يخلو حي من أحدهم، حيث تبلغ شهرتهم الآفاق ويأتيهم القاصي والداني، حيث تغض السلطات الطرف عن نشاطهم، لكن الأدهي هو التعاطي السلبي مع هذه الظاهرة من مدبري الشأن الديني من وزارة الأوقاف والمجالس العلمية، تجاهل يهدد الأمن الصحي والديني للمغاربة، إذ في كثير من الأحيان يلقى بعض ممن يترددون على هؤلاء المعالجين حتفهم ضربا بحجة إخراج الجني الذي يتلبس بجسده0
الأحداث المغربية