أذ عبد الهادي وهبي
انطلقت بيداغوجية الإدماج في الاجراة الفعلية بالثانوي الإعدادي ، مع الموسم الدراسي الحالي 2011/2012 ، بين مؤيد مبالغ رأى فيها العصا السحرية لكل معضلات المنظومة التعليمية المغربي ، وراح يهلل و يكتب و يبالغ في القيمة المضافة للبيداغوجية و التي يمكن ان تساعد على نهوض و إصلاح المنظومة التعليمة ، وبين طرف أخر نظر إلى الصندوق دون نظرة تشاؤمية وغم انه مقفل و لم يفتح بعد، فراح يصفها بالبيداغوجية المستوردة ، و البيداغوجية المفروضة ، وكلا الطرفين معها هامش من الصحة و الخطا. فكيف ذلك ؟
فخمسة أشهر من الاجراة الميدانية للبيداغوجية وفق مراحلها الأساسية من جهة ، و المرحلتين الأولى و الثانية التي تتناسب مع نهاية الاسدس الأول من الموسم الدراسي الحالي ، كافيتان على الأقل باخد صورة عامة عن بيداغوجية الإدماج و اكراهات الواقع التعليمي المغربي ، بعيدا عن التنظير و التصريف الفوقي من جهة ثانية ، ومن هذه المنطلقات الأخيرة استطعنا على الأقل في مادة الاجتماعيات بالسلك الثانوي الإعدادي ان ندلي بالملاحظات عبارة رصد للمعيقات و المشاكل الحقيقية - لان المدرس هو المعيار و الميزان الحقيقي لمدى فاعلية مشروع إصلاحي او فشله - التي اعترضننا أثناء الاجراة مسحوبة بمجموعة من الاقتراحات التي يمكن ان تستفيد منها المنظومة التعليمة بهدف تحقيق غايات البيداغوجية الجديدة
الباب الاول : على مستوى الموارد الأساسية
1 – مدخل هام
جاءت بيداغوجية الإدماج بمجموعة من المفاهيم الجديدة من حيث المظهر فقط ، اما الجوهر فهو استمرار نفس المفاهيم التربوية و البيداغوجية للمقاربات التعليمية القديمة ، من خلال ما يلي :
فإذا أردنا تلخيص المكتسبات أي ما يسمى في البيداغوجية الإدماجية بالموارد الداخلية و الخارجية لدى المتعلم ، واستغلالها و استثمارها أثناء أسابيع الإدماج ، فان التجربة أكدت أن تلاميذ اليوم لا يستطيعون على الإطلاق - إلا قلة منهم - دمج فقرات و عناصر درس واحد ، فما مالك في الدمج بين ستة أو سبعة دروس في مادتين او ثلاثة في وضعية تعليمية واحدة ، وهناك حسب البيداغوجية الموارد الخارجية فالمتعلم كان يعتمدها سابقا حتى وان اعتبرنا ان وسائل الإعلام الخارجية موردا أساسيا للتعلم في بيداغوجية الإدماج ، فأي مورد تقدمه لنا هذه الوسائل سوى إعلام المسلسلات المد بلجة و سهرات الأسبوع ، أما مورد الشارع ، فباستثناء المناطق القروية ، فان الشارع في المجال الحضري و شبه الحضري لا يقدم الا موارد الهدم لا البناء و موارد التفكك و الانفصال لا الإدماج ن حتى وان كان هناك إدماج فهو سلبي إلى أقصي الحدود ،و يتناقض تماما مع الإدماج الايجابي الذي تهدف البيداغوجية
- وإذا أردنا من البيداغوجية ربط المؤسسة التعليمية بالمحيط الخارجي الاقتصادي و الاجتماعي ، وجلب هذا المحيط إلى المؤسسة التعليمية ،فان الأمر يشترط إلغاء بعض العقليات التي لا تزال تتعامل مع التعليم على انه غير منتج ،وهنا تحديدا الشركات الاقتصادية الخاصة التي تتعامل مع الشريك المدرسي بأنه لا يقدم لها أية خدمة إضافية بل مجرد مستغل ، هو ما يفسر غياب الشركات الاقتصادية بين المؤسسات التعليمية و المؤسسات الصناعية و التجارية بالمغرب
- الموارد البشرية و المادية : إذا كانت البيداغوجية تركز على أهمية توفر العدد الكافي من الموارد البشرية و الدامية المتجلية في هيئة التدريس و هيئة التسيير الإداري و التربوي تحديدا ، فالمدرسة المغربية تعاني من خصاص في هذا المجال ، أما الوسائل الديداكتيكية فهي شبه غائبة في المؤسسات التعليمية .
2 – فترة إرساء الموارد الداخلية على الأقل :
تبين من خلال الممارسة الصفية ان الغلاف الزمني المخصص لإرساء الموارد الأساسية لكل مرحلة إدماجية و المحدد في ستة أسابيع لا يتناسب إطلاقا مع طبيعة الدروس و المواد ،و خاصة ان الأستاذ مطالب بضرورة إتمام جميع الموارد الداخلية للمرحلة لأنها مدمجة في الوضعيات الإدماجية ، ناهيك عن عدم اخذ بعين الاعتبار اكراهات المحيط ثم العطل و المناسبة الوطنية و الدولية و التظاهرات التي تعطل الدراسة ليوم او أكثر ، اي جدولة توزيع العطل المدرسية و الأخطر ان تتعامل مع الأستاذ مضمون الحضور .
البـــاب الثانــي : تدبير فترة أسبوعي الإدماج
1 – على المستوى التنظيمي
ففي المرحلة الأولى التي امتدت 21 نونبر الى 03 دجنبر 2011 ، هناك تعثر في الانجاز ، لأننا لم ونتوصل بعد – اي خلال هذه المرحلة – بكراسات الإدماج ، و الإدارة التربوية وجدت صعوبة في نسخ ازيد من 140 نسخة يوميا بعدد الأساتذة و التلاميذ داخل الفصل الدراسي ، و عدد المواد الدراسية أيضا ، خلال الفترة الصباحية و نفس العمل خلال الفترة المسائية ، فادى ذلك الى كثرة الوثائق و المطبوعات اثر سلبا على العمل التربوي بالفصول الدراسية و العمل الإداري بمرافق المؤسسة ،و زاد الطين بلة هو غياب نظرة عامة عن البيداغوجية وعدتها و المراحل الممهدة لها لدى الإطار الإداري بدعوى عدم تلقي اي تكوين في البيداغوجية يرافق تكوين السادة الأساتذة ، ومع ذلك يمكن ان نسمي هذه المرحلة استئناسية من طرف العناصر الثلاث : الأستاذ – التلميذ – الإدارة التربوي
أما المرحلة الثانية التي امتدت مابين 09 يناير الى 21 يناير 2012 ، فالنسبة للسنتين الأولى و الثانية ثانوي إعدادي ، يمكن القول إنهما استفادتا من الأسبوعين بشكل عادي، ولكن تلاميذ السنة الثالثة ثانوي إعدادي، تعثر عليهم من جديد الاستفادة الكاملة من الأسبوعين حيث تصادف الأسبوع الثاني للإدماج مع التهيؤ للامتحانات المحلية لدورة يناير 2012 لنيل شهادة التعليم الثانوي الإعدادي ، بل ا ناخر يوم في الإدماج تصادف مع أول يوم رسمي لانطلاق الامتحانات الكتابية – مادتي الانكليزية و التكنولوجية -
2 – التصريف و الاجراة الفعلية :
ان التصريف الميداني و الاشتغال الصفي على بيداغوجية الإدماج من خلال الوضعيات الإدماجية و تدبيرها وفق المراحل المحدد لكل وضعية إدماجية من حيث الشكل اي : القن و و العنوان و السياق و الأسناد ثم التعليمات ، و الجوهر آي الملاءمة و الاستعمال السليم للموارد و الانسجام بالإضافة إلى الإتقان ، هذه العناصر مجتمعة بشروطها الكاملة تبين شدة الهوة الفاصلة بين التنظير و التطبيق الفعلي ،على اعتبار أساسي وهو ان قدرة وكفاءة الأستاذ على مهارة التصريف والتعديل وفق اكراهات المحيط المحلي القريب جدا اي الفصل الدراسي الى المحيط الأبعد فالأبعد كفيلة بتقليص هذه الهوة الفاصلة ، بين الإطار المنهجي للبيداغوجية و التطبيق و التصريف الميداني ، ، ويمكن ابداء بعض الملاحظات السريعة حول بعض عناصر الوضعيات الإدماجية ،و خاصة :
أ - السياق :
ان السياق في كثير من الوضعيات لا ينطلق من المحيط المباشر للمتعلم ،وهذا عكس موارد في الإطار المنهجي للبيداغوجية أثناء التعريف بالسياق و شروطه ،
ب - التعليمات :
تبين ان التعليمات الثلاث صيغت في أسئلة مباشرة و متسلسلة اي مترابطة بمعنى غياب الشرط الشمولي و الإدماجي للتعليمة الواحدة ، ثم غاب شرط الاستقلالية التامة بين التعليمات ، ثم ان التعليمات اتجهت نحو إنماء الجانب المعرفي ، لتسقط في البيداغوجية التقليدية – بيداغوجية الأهداف – ثم أن هناك اتصال مباشر بين التعليمة و مكتسبات المتعلم جعل منه لا يجد صعوبة و ان يكتب مباشرة ،و إما ان يقدم التعليمة فارغة ، فكلتا الحالتين تخالفان روح الإدماج
الأسناد : في غير محلها ، هناك أسناد استعملت كاملة في التعليمة التي تحولت إلى سؤال إيحائي لم يجد المتعلم صعوبة في الإهداء إليه ، كذلك هناك اسناد ترتبط بالمرحلة الثالثة ومواردها التي لم يتم بعد إرساءها ( سند 3 يتحدث هن تطلعات هتلر الاستعمارية من خلال المجال الحيوي - كراسة السنة 3 ثانوي إعدادي – كفاية 1 التاريخ و التربية و على المواطنة – المرحلة 2 )
و بالمجمل فان كل هذه الملاحظات موجودة في جميع الوضعيات الإدماجية ، وقد تجتمع كاملة في وضعية واحدة ،و في جميع كراسات الإدماج و وضعياتها و مراحلها و المستويات الدراسية الثلاث ، و الكثير من الوضعيات الإدماجية لا تتناسب مع المحيط السوسيو- ثقافي و السوسيو- اقتصادي للمتعلم مما اثر سلبا على أداء المتعلم في الإدماج ، نحن نريد إدماجه في محيطه ، ونقدم له محيطا بعيدا عنه ى يمكن ان تحقق شيئا بهذه الوضعية الادماجية المتناقضة
البـــاب الثالـــث : الاقتراحات
اذا أردنا من بيداغوجية الإدماج تحقيق برنامجها المنهجي ،وان تقدم القيمة المضافة المنشودة منها للمنظومة التعليمية المغربية ، حاولنا ان نقدم بعض الاقتراحات الشخصية للاستئناس على الأقل وهي
v إي مشروع تربوي يهدف إلى خدمة المنظومة التعليمية المغربية يجب أن ينطلق من مكونات العمود الفقري لهذه المنظومة وهو يتكون من ثلاثة أطرف مباشرة : المتعلم – المدرس – الإدارة ثم ننتقل إلى الأطراف الغير المباشرة ولها دور أيضا لا يستهان به بل لابد منه وهم هيئة المراقبة و التاطير التربوي ثم – ترتيب بالتراخي- الطرف الثالث وهو الجهاز الإقليمي أي النيابة مصلحة الشؤون التربوية تحديدا الى الأكاديمية الجهوية ثم الوزارة الوصية ، هذا هو المنطق العلمي لان أبراج دبي و واشنطن و لندن انطلقت من الأسفل في اتجاه الأعلى ، استمرار الحالة الراهنة المعاكسة لبرج دبي يجعلنا نعيد نفس الاسطوانة ، و السياسات التعليمية تتراكم بدون أن يتحرك قطار إصلاح التعليم المغربي
v بالنسبة لإرساء الموارد ن يجب أن تحدد الأسابيع بناءا على أسلوب مرن و متزن يتخذ الإبعاد الأساسية وهي : طبيعة المادة – عدد الدروس الممكن انجازها – البرنامج السنوي للوزارة فيما يتعلق بجدولة العطل و المناسبات و التظاهرات المحلية و الجهوية و الدولية ، أما أسبوعي الإدماج ، فيجب انجازهما قبل أسبوع على الأقل من انطلاق الامتحانات المحلية او الجهوية او العطل المدرسية
v إعداد دورات تكوينية في الإدماج للسادة الإداريين ، حيث غياب نظرة عامة عن البيداغوجية شكلت إحدى التحديات التي وقفت في وجه تدبير أسبوعي الإدماج لان الإدماج في مفهومه البيداغوجي العام لا يستهدف المتعلم أولا و الأستاذ ثانيا ، بل كل الأطراف المباشرة للعملية التعليمية التعلمية
v يجب إعادة النظر في الكتب المدرسية الحالية ، لأنها لا تتوافق مع بيداغوجية الإدماج ، وما نقوم به الآن هو فقط محاولة للبحث عن نقط التلاقي ،وقد تكون صدفة بين موارد الكتب المدرسية و مكونات الوضعية الإدماجية ، حيث يمكن تقليص عدد الدروس مثلا
v إعادة تأليف الكراسات الإدماجية من الناحية الشكلية أي صياغتها وفق شروط الكراسة الإدماجية انطلاقا من عناصر الوضعية الإدماجية ، ثم يجب على عناصر الوضعية الإدماجية الثلاث أن تأخذ بعين الاعتبار محيط المتعلم بكل حيثياته لكي يتحقق الهدف و الغاية من الإدماج، وهو ربط المتعلم بمحيطه بطريقة تدريجية و سليمة و صحيحة، وموجهة عكس إدماج الشارع أو الإعلام و هنا يأتي ما اشرنا إليه في المقترح السابق ، أي ان توضع الكراسات الإدماجية من طرف : الأستاذ + المؤطر التربوي + الإدارة = كراسة إدماجية حقيقية تقترب أكثر من المتعلم ،وتخلق لديه الحافزية الكاملة نحو الإدماج الفعلي داخل المحيط .