أكد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، أن دعم الصحافة المكتوبة سيكون مشروطا بأداء جميع التحملات الضريبية والاجتماعية للعاملين في القطاع، على أساس التحقق من الملفات التي تقدمها الجرائد. كما تحدث وزير الاتصال، في مقابلة أجرتها معه يومية "المساء " عن القطب العمومي، الذي سينتهي العمل بدفتر تحملاته الشهر المقبل، وعن الإصلاحات المرتقبة، فضلا عن تطرقه إلى العديد من المحاور التي تهم القطاع.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة :
-ما هي الأولويات التي سطرتها وزارة الاتصال؟
هناك عدة أولويات تم تسطيرها انطلاقا من الوثيقة الدستورية والبرنامج الحكومي مع الاستفادة من مرجعية الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، وعلى رأس هذه الأولويات هناك الورش التشريعي المتمثل في تنزيل الدستور فيما يهم تحديث المنظومة التشريعية والمؤسساتية لقطاع الصحافة، وخاصة ما يهم القانون الخاص بالحق في المعلومة أوقانون حرية الصحافة أوتطوير قانون الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وكذا إصدار قانون خاص بالمجلس الوطني للصحافة وأيضا الإشهار. وثانيا هناك الورش المؤسساتي الذي يتمثل في اعتماد عقد برنامج جديد ومتقدم للصحافة المكتوبة يشمل الصحافة الإلكترونية، والذي سيصبح دعما قائما على الاستثمار، عبر ربط الدعم الذي تقدمه الدولة بالنتائج المحققة في مجال الصحافة، والتي ترتكز على المقروئية والانتشار وتحديث الممارسة الصحافية باستعمال التكنولوجيا الحديثة. كما أن الدعم سيرتبط أيضا بالنهوض بالأوضاع الاجتماعية للعاملين في قطاع الصحافة المكتوبة، إضافة إلى رفع المجهود المخصص للتكوين. كما نتوخى أن يكون الدعم المقدم أداة من أدوات حماية الخط التحريري من كل تحكم أو تأثير مصالح تجارية ضيقة، مع الإشارة إلى أن برنامج الدعم المقبل سينطلق من تقييم تجربة الدعم التي انطلقت منذ سنة 2005. وإلى جانب هذا الورش هناك ورش تشجيع جهود التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة المكتوبة وفق قاعدتي الحرية والمسؤولية، وجعل مسؤولية احترام أخلاقيات المهنة مسؤولية المهنيين والناشرين بشكل أساسي، وقد تم إعداد مشروع أولي للمجلس الوطني للصحافة هو الآن بين يدي المهنيين من أجل أن يكون جاهزا في الشهر القادم بإذن الله تعالى.
في هذا الإطار هناك ورش الصحافة الإلكترونية، التي تعاني من فراغ قانوني وغياب سياسات للتأهيل والإدماج ضمن استراتيجية المغرب الرقمي وضمان الاعتراف ومعه حقوق الملكية الفكرية وصيانة التعددية وتعميق اندراجها كرافعة للجهوية المتقدمة.
- ملف الإشهار من الملفات التي تتطلب نقاشا. ما هي الإجراءات المتخذة في هذا المجال؟
الإشهار يعرف فراغا قانونيا ومؤسساتيا، وهو ما يستدعي تنظيمه وفق سن نظام يحقق تكافؤ الفرص والشفافية والنجاعة وتوضيح العلاقة بين جميع المتدخلين فيه مع الانخراط في إرساء معهد للتكوين في المجال، علما أن الإشهار يمثل رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية، إذ أن رقم معاملاته يبلغ حوالي خمسة مليارات درهم سنويا، وقد تمت مباشرة لقاءات مع الجمعيات المعنية من أجل أجرأة ذلك.
- الموارد البشرية والتكوين المستمر لها تعدان أيضا من القضايا التي لا يتم الاهتمام بها في بعض القطاعات. هل من خطة في هذا الباب؟
يمثل التكوين أولوية كبرى باعتباره أداة حل معضلة محدودية الموارد البشرية، حيث سيتم انطلاقا من هذه السنة إرساء نظام الدراسات العليا على مستوى المعهد العالي للإعلام والاتصال، حتى يصبح قطبا للبحث العلمي، إلى جانب فتح أبوابه كمركز للتكوين المستمر عبر اتفاقات يرعاها عقد البرنامج الخاص بالمقاولات الصحافية، فضلا عن توفير الدعم للاتفاق المبرم مؤخرا بين كل من المعهد العالي للإعلام والاتصال والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، علما أن كل هذا يندرج في إطار مشروع أكبر يهم إحداث أكاديمية تضم كلا من المعهد العالي للإعلام والاتصال ومعهد المهن السينمائية ومعهد خاص بالإشهار، وهذا سيجعل المغرب قطبا للتكوين على المستوى الإفريقي وصاحب إشعاع في المنطقة.
- من المؤسسات التابعة لوزارة الاتصال القطب العمومي. أية استـراتيجية وضعتها لهذا القطب؟
يحتاج القطب العمومي إلى إصلاح عميق يتجلى في توضيح الاختصاصات، وضبطها في إطار الحكامة الجيدة عبر تدعيم الإطار القانوني، الذي سيتم عبر منهجية تشاركية مع مختلف الفاعلين، علما بأننا بصدد إعداد دفاتر تحملات جديدة انطلقت بسلسلة لقاءات موسعة مع المسؤولين تهم هذا القطاع بعدما ستنتهي صلاحية الدفاتر الحالية نهاية الشهر المقبل. وأعتقد أن النهج التشاركي سيساعدنا على جعل القطب العمومي يتوفر على استراتيجية للإصلاح عبر إرساء الحكامة الجيدة والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، إضافة إلى إصلاح علاقة القطب العمومي بشركات الإنتاج عبر تطبيق قواعد الشفافية والمنافسة بخصوص المشاريع التي تقدم لها وكذا ما يهم لجنة القراءة، وكل هذا سيمكننا من تقديم خدمة عمومية ذات قيمة تنافسية تؤسس لثقافة القرب وتجسد ما جاء به الدستور على مستوى الهوية المغربية والحقوق والحريات، وهو ما سيجعل هذه الخدمة تبرر الإنفاق العمومي المخصص لها.
كما أن هناك ورشا آخر للإصلاح مرتبطا بالنهوض بالسينما. فعلى هامش انطلاق المهرجان الوطني للفيلم في طنجة يوم 13 يناير الماضي، تم عقد لقاء مع مخرجين ومنتجين وتقنيين وموزعين تحت إشراف المركز السينمائي المغربي، أعلن فيه عن انطلاق مناظرة وطنية حول السينما ستشكل قاعدة الانطلاق نحو مرحلة جديدة من تاريخ السينما المغربية، يتم فيها صيانة المكتسبات التي تحققت، وتوضيح الإطار القانوني الخاص بالدعم السينمائي على أساس قواعد الشفافية والفعالية، التي يمكن أن نستلهمها من المعايير الدولية كما هو الشأن بالنسبة إلى النماذج الفرنسية والبريطانية والألمانية، التي تجعل من الدعم آلية لتشجيع الإبداع والارتقاء به وضمان تكافؤ الفرص بين المنتجين والمبدعين.
إن السينما مدعوة إلى مواكبة التحولات التي يعرفها المغرب وتكون رافعة لتشجيع الإبداع وتجسد قوة النموذج المغربي وترفع من تنافسيته، علما أن وجود 50 مهرجانا على المستوى الوطني و80 مهرجانا على المستوى الدولي يعتبر عنصر قوة بالنسبة إلى السينما المغربية. وهذا يطرح علينا تحديا أكبر يهم إصلاح نظام الدعم الذي يجب أن يكون شفافا ومقرونا بدفتر تحملات يخضع للتتبع، وفاعلا في النهوض بحرية الإبداع والجودة، وأن يتم الانكباب على معالجة ملف القاعات السينمائية التي عرف عددها تراجعا مهولا. لذلك ستنطلق فرص استثمارية تهم بناء مركبات سينمائية بمعايير جيدة وبتحديث النظام الرقمي للقاعات الموجودة.
ومن الأوراش أيضا حقوق المؤلفين والإصلاحات المرتبطة بالملكية الفكرية.
- على ذكر مهرجان طنجة تم خلال هذا المهرجان عرض فيلم "كما يقولون: لهشام عيوش يحتوي على مشاهد شاذة أثارت استياء الجمهور.
ما رأيك في الفيلم؟
ينبغي ألا ننسى أن المجتمع المغربي له قيم وأعراف ولديه أيضا ثوابت تم حسمها على مستوى الدستور، الذي يمثل تعاقدا بين المغاربة يضمن حرية الإبداع، كما يحدد هوية المجتمع وقيمه. وأعتبر أن الحكم على الأفلام هو مسؤولية النقاد والمجتمع، ولهذا أفضل ترك الحكم المباشر لأهل الاختصاص. أما على المستوى الشخصي فقد صدمت بوجود مشهد شذوذ جنسي مباشر بين أب وابنه، وهو لا يقدم بأي حال من الأحوال نموذج الإبداع الذي نتطلع إليه، والذي أقدر بأن المخرج كان في غنى عنه. - تحدثت عن دعم الصحافة المكتوبة، لكن نجد أن بعض المقاولات، رغم استفادتها من دعم الدولة، لاتطبق الاتفاقية الجماعية وأجور بعض الصحافيين في بعض المؤسسات لا تتجاوز 4000 درهم، رغم أن الاتفاقية الجماعية وضعت مبلغ 5800 درهم كأدنى أجر، وأحيانا يقدم الدعم لجرائد ليس لها مقر.
كيف ستتعامل مع هذه الظواهر؟
بخصوص الاتفاقية الجماعية ينبغي تسجيل أن الدعم ساهم في النهوض بالأوضاع المهنية والاجتماعية للعاملين في المقاولات الصحافية، وهناك حاليا دراسة تفصيلية للعقد السابق على هذا المستوى، وإذا وجدنا حاجة للمراجعة والاستدراك لحماية حقوق الصحفيين سنتدخل. كما أن عقد البرنامج الجديد سيضع آليات أكثر دقة وشمولية، إذ أن الدعم سيكون مشروطا بأداء جميع التحملات الاجتماعية والضريبية. كما سيهم المقروئية والانتشار، وسيتم دعم الجرائد ذات المداخيل الإشهارية الضعيفة بفعل خطها التحريري أو بفعل مواقفها كما هو الشأن بالنسبة إلى النموذج الفرنسي. كل هذه الإجراءات ستمكننا من التوفر على صحافة قوية مستقلة في تعاطيها مع الأحداث ومن صيانة التعددية. ولابد من الإشارة إلى أن عملية صرف الدعم ستتم عن طريق اللجنة الثنائية، التي ستدرس الملفات وفق معايير موضوعية صارمة بغض النظر عن هوية المنبر الإعلامي، وإذا تم الإخلال بأحد شروط الدعم سيتم توقيفه أو تعليقه. - وكيف سيتم التحقق من صحة الملفات المعروضة وما إذا كانت تضم معطيات حقيقية، خاصة أن هناك من يقدم شهادة للأجرة ليست حقيقية.
هل سيكون هناك افتحاص أومراقبة من قبل إحدى الهيئات؟
هناك معايير تحددها وثائق تكون ضرورية للاستفادة من الدعم مرتبطة بالتحملات الاجتماعية، فمثلا يتضمن الملف شهادة أصلية من صندوق الضمان الاجتماعي وشهادة أصلية من وزارة المالية الخاصة بالضرائب، وشهادة من الشركات المعتمدة للتوزيع، وشهادة موثقة تهم الانتشار، علما بأنه سيتم إصلاح النظام المعتمد للتحقق من الرواج، إضافة إلى التقرير المحاسباتي الذي تقدمه كل مؤسسة سنويا إلى إدارة الضرائب. أما بالنسبة إلى التحقق من مدى احترام الاتفاقية الجماعية فسنعتمد على الملفات التي تقدم إلى الوزارة من أجل الحصول على بطاقة الصحافة وتكون متضمنة لمعطيات حول أجور الصحافيين، إضافة إلى المعطيات التي تكون لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حول العاملين بالمقاولات. - يشتكي المراسلون المعتمدون من إجراءات تجديد رخص التصوير كل شهر عكس ما كان معمولا به في بعض الفترات، إذ كانت المدة محددة في ثلاثة أشهر.
هل هناك إجراءات مرتقبة في هذا الإطار؟
إن العلاقة مع الصحافة المعتمدة بالمغرب هي من الملفات التي ستعرف إصلاحا، وسيتم وضع معايير موضوعية دائمة لحل هذه الإشكالية، سواء مع الصحافة المعتمدة أومع شركة الإنتاج. كما أن الإطار القانوني فيه بعض التعقيدات، التي لا تتيح لشركات الإنتاج الحصول على بطاقة الصحافة، ونحن في حوار مع الفيدرالية المغربية للإعلام بخصوص هذا الملف وأيضا ملف الإذاعات الخاصة، حيث ستوضع معايير موضوعية لتجاوز المشكلات التي كانت تقع إما لوجود فراغ قانوني أو لوجود مستجدات في طرق العمل. كما أن الوكالات والصحافة الالكترونية ستكون أيضا موضوع نقاش. - عرف البرلمان خلال الولاية السابقة انتقادات حادة من لدن مختلف الفرق البرلمانية للقطب العمومي، خاصة في الشق المتعلق بالأفلام المدبلجة.
كيف ستعالج هذا الملف؟
عمل القطب العمومي مؤطر بدفاتر تحملات، ونحن بصدد إعداد دفاتر تحملات جديدة، أحد أهدافها هو تشجيع الإنتاج الوطني الدرامي المغربي مع الانفتاح على الحضارات الأخرى، وسنضع آلية لإرساء ما سيتم النص عليه في الدفاتر الجديدة، مع تقييم الأعمال الأجنبية، وهذا عمل يتطلب جهدا كبيرا حتى يتمكن المخرجون من إنتاج أعمال مغربية متقدمة من أجل ملء الفراغ وتقديم إنتاج درامي مغربي ذي قيمة عالية يتجاوز هذا النوع من المسلسلات التي تقدم، لأنها فعلا تحقق نسب مشاهدة عالية، ولكنها من الناحية الفنية تثير ملاحظات حولها من ذوي الاختصاص، ومهمتي، بصفتي وزيرا للاتصال، هي أن أشجع هذا الحوار بين المنتجين والفاعلين على مستوى القطب العمومي من أجل الارتقاء بالخدمة المقدمة.
- لا نتحدث عن المستوى الفني، بل عن المضمون، فانتقادات البرلمانيين كانت تنصب على الانعكاسات السلبية لهذه المسلسلات على أخلاق الشباب؟
هذه من القضايا المطروحة التي تنظمها دفاتر التحملات، والتي تنص على وجود لجنة استشارية للأخلاقيات والبرامج، سيتم تفعيلها وتمكينها من الإمكانيات اللازمة، وخاصة ما يهم حماية الجمهور الناشئ، ودعم جهود الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في هذا الصدد. إذا نظرنا إلى تجربة الأنظمة الديمقراطية، لا يوجد وزير متحكم في القطاع الذي يشرف عليه، بل إن مهمته تتمثل في وضع القواعد العامة التي تؤطر عمل المؤسسات التابعة له، وعندما يقع اختلال في المعايير الموضوعة فإن للوزير حق التدخل. وبتفصيل أكثر، عندما توضع دفاتر تحملات ويتم تحديد الكم ونوعية البرامج، تحال على الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري من أجل المصادقة عليها ويتم إصدار ما تم إعداده في الجريدة الرسمية، وبعد ذلك تسهر الوزارة على التتبع والتنفيذ.
- لكنك مسؤول عن القطاع وأي انزلاق تتحمل مسؤوليته.
هناك تحمل للمسؤولية عن القطاع، لكن ليس من منظور التحكم، بل عبر تتبع مدى احترام عقود البرامج والحكامة الجيدة، سواء على المستوى التدبيري أو المالي أو البشري.
- صرحت بأن الحكومة سترفع ملتمسا للعفو عن رشيد نيني. هل قامت بذلك؟
الحكومة قامت بذلك من خلال السيد وزير العدل مصطفى الرميد، الذي قدم ملتمس العفو عن رشيد نيني وسجناء آخرين، لكن مع الأسف لم يتحقق المراد من ذلك، ولكن نحن حريصون على تتبع هذا الملف حتى نجد له مخرجا إن شاء الله. - هناك ملفات مطروحة تهم الصحافيين من قبيل ملف الصحافي علي المرابط الممنوع من الكتابة.
هل ستقوم بأي مبادرة في هذا الاتجاه من أجل رفع هذا المنع؟
هذا الأمر مرتبط بحكم قضائي. فلا يمكن للسلطة التنفيذية أن تتدخل لتبطل حكما قضائيا.
- وما جديد ملف مكتب «الجزيرة» بالرباط. هل هناك مبادرة لإعادة فتحه من جديد؟
هناك حوار أولي سنسعى إلى تطويره، حيث تم استقبال مدير قناة «الجزيرة»، وكان اللقاء إيجابيا ومثمرا وصريحا، وقدم طلبا لاستئناف النشاط الإعلامي، وهو موضوع دراسة. المغرب محتاج إلى بناء علاقة قوية وواضحة ومسؤولة مع وسائل الإعلام الأجنبية، بما يضمن احترام القواعد الجاري بها العمل في بلادنا، وبما يضمن للمغرب استثمار الفرص التي تتيحها العلاقات مع وسائل الإعلام الأجنبية من أجل رفع إشعاعه وتنافسيته وتعزيز مصداقية التحولات السياسية والديمقراطية التي يعرفها المغرب.
- هناك تعامل بعنف مع الحركات الاحتجاجية كما حدث في تازة، وصدر بلاغ تم انتقاده، خاصة أنه أشار إلى وسائل الإعلام. ما رأيك في هذا الموضوع؟
أحداث تازة أحداث مؤسفة، وحصل انزلاق نحو العنف، حيث تضررت ممتلكات عمومية وممتلكات خاصة لمواطنين، وقد أصدرت الحكومة بلاغا يهم مقاربتها للموضوع، ويركز على أن الأمن مسؤولية جماعية لا يمكن تحت أي ظرف إرباكه، وأن التدخلات الأمنية محكومة بالقانون، وهذا واضح بالنسبة إلينا، وأي تجاوز يمس بالممتلكات أو حرمات المواطنين يخضع صاحبها للمساءلة والمتابعة. هذا هو منطق التوازن والإنصاف. القضية الأخرى أن الذين تورطوا في المس بالأمن العام وارتكبوا أعمالا مخالفة للقانون تمت إحالة ملفاتهم على القضاء كي يقول كلمته، علما بأن حق التظاهر السلمي مكفول. ومن القضايا التي أثيرت في البلاغ تصحيح معطيات مغلوطة من قبيل الحديث عن استعمال الرصاص أو حظر التجول أو تدخل الجيش... هذه المعطيات مخالفة للحقيقة، فالمفروض في وسائل الإعلام الالكترونية التي نشرت هذه الأخبار أن تتحرى الحقيقة والدقة في المعطيات التي تنقلها، في إطار وظيفة وسائل الإعلام الموكول إليها مواكبة الأحداث ونقل انشغالات المواطنين، وهي إحدى الضمانات الأساسية لقوة النظام الديمقراطي مع ضرورة احترام القواعد. وهناك وسائل إعلام، وهي الغالبية، قدمت معطيات تساعد على فهم ما وقع واستمعت إلى مختلف وجهات النظر، وبعد دراسة ما حدث، الأهم هو الاستجابة للمطالب الاجتماعية وحلها، والحيلولة دون تكرار ما حصل.
- هل معنى هذا أنه ستتم متابعة بعض عناصر القوات العمومية التي اعتدت على المواطنين؟
إن أي شيء عليه إثبات سيتم البحث فيه والتعامل فيه وفق القانون وما يقتضيه ربط المسؤولية بالمحاسبة، وسيتم إطلاع الرأي العام على كل شيء وسنتحمل المسؤولية في ذلك.
- كيف ستتعاملون مع جماعة العدل والإحسان؟
نحن نتطلع إلى أن يكون لأي قوة سياسية في المغرب دورها في التحول الديمقراطي، والمدخل لذلك هو الحوار على أساس احترام الثوابت والإطار القانوني، وعلى هذا الأساس يمكن لأي هيئة أن تطالب بالتغيير والمراجعة، والعلاقة التي تحكمنا مع جماعة العدل والإحسان هي الحوار والقانون الذي يعتبر فوق الجميع. وعبر وسيلة الحوار يمكن إزالة كل التوترات التي يمكن أن تقع.
- وماذا عن حركة 20 فبراير؟
حركة 20 فبراير تعبر عن مطالب ومواقف، ونحن نتعامل مع كل القوى الموجودة، سواء كانت سياسية أو حقوقية أو اجتماعية، لأن الحكومة أرست مبدأ المقاربة التشاركية من أجل إيجاد أرضية مشتركة للتعاطي مع كل الملفات.
- كنتم في السابق تنتقدون سياسة المهرجانات المتبعة، هل ستحدثون تغييرا خاصا بها؟
المهرجانات ستصبح مؤطرة بدفتر تحملات، وسيقع تعاون ما بين وزارة الاتصال ووزارة الثقافة في هذا الإطار، لما لها من دور في تشجيع الإبداع والتنمية الثقافية والسينمائية والفنية، وهي الآن مدعوة إلى أن تخضع لقواعد الحكامة الجيدة كما نص عليها الدستور، سواء من الناحية المالية أو التدبيرية.
- هل هناك تعيينات مرتقبة في المؤسسات التابعة لوزارة الاتصال؟
نحن بصدد إعداد المخطط التفصيلي واستراتيجية الوزارة ما بين 2012 و2016. ليست هناك نية لتغيير المسؤولين حاليا، والجميع منشغل بإعداد المخطط الذي سينبني على الشفافية وتكافؤ الفرص وتثمين الموارد البشرية، وأنا الآن معني بصياغة سياسات جديدة على أساس البرنامج الحكومي والدستور، والأولوية لهذه القضية، وعندما يتحقق الانخراط الكامل للمسؤولين فيما نسطره لن تصبح قضية تغيير الأشخاص مطروحة.
- وهل ستتم مواصلة ملف حل السلفية الجهادية؟
هذا الملف مؤطر بمقاربة ثنائية ذات بعدين، الأول هو مواصلة سياسة الحزم الأمني بما يحفظ استقراره، وفي الوقت نفسه إعمال المقاربة التصالحية القائمة على الحوار، التي تنطلق من رصيد هيئة الإنصاف والمصالحة مع استثناء المتورطين في جرائم دم، عبر فتح المجال لمن حصلت في حقهم تجاوزات من أجل الإنصاف، وهذا المنهج يندرج ضمن مسلسل التحول الديمقراطي، الذي عرفه المغرب، ومن بين مرتكزاته إعمال مبدأ المصالحة والإنصاف.
لدينا برنامج لإصلاح وكالة المغرب العربي للأنباء- وما هو برنامجك بالنسبة إلى وكالة المغرب العربي للأنباء؟
لقد تم عقد مجلس إداري للوكالة، وهي مقبلة على إصلاحات تم إعدادها قبل تحملي المسؤولية، وهناك برنامج بين الوكالة والحكومة سنعمل على تدقيقه من أجل أن تطلع الوكالة بعملها من خلال تقديم خبر القرب، وأن تكون فاعلا في الإشعاع وإبراز التعددية وتعيد المصداقية إلى الخبر العمومي، وقد تم الاتفاق على مشروع نظام شفاف يحقق تكافؤ الفرص بخصوص التعيينات في المكاتب الجهوية والدولية، وأيضا تنويع الخدمات لتشمل خدمات الأخبار المصورة والسمعية، وأيضا مشروع نظام جديد للتعويضات.
- لوحظ أن الوكالة ركزت في إحدى قصاصاتها الخاصة بافتتاحيات الصحف اليومية والأسبوعية على الافتتاحيات التي انتقدت الحكومة الجديدة.
هل هذا توجه جديد للخط التحريري للوكالة؟
نقد العمل الحكومي بموضوعية عمل مطلوب ومرغوب، وهذه هي الوظيفة الأساسية للإعلام، ولا يمكن للمغرب أن يتقدم بدون صحافة قوية ومستقلة تشكل أداة رقابة حقيقية، ولا يمكن لهذه الرقابة أن تكون دون تحري المعطيات وتدقيقها وتقديم الرأي والرأي الآخر، والوكالة بدورها مدعوة إلى عكس مختلف التوجهات الموجودة داخل المغرب من أجل تعزيز مصداقية الخبر العمومي.
- سبق لوزير اتصال سابق أن قال إنه ليس وحده من يسير القطاع، بل هناك جهات تتحكم فيه عن بعد، فهل سيأتي يوم تقول فيه نفس الكلام؟
لن أقول هذا الكلام لاحقا، فأنا اعتمدت على مقاربة تشاركية مع كافة المعنيين، وأنا أتحمل مسؤوليتي كاملة، بصفتي وزيرا، بما يخوله لي القانون، وهدفي هو إحداث نهضة شاملة في القطاع بمختلف مكوناته. وأنا واع بأهمية هذا المنصب الذي أنعته بـ«محرقة الوزراء»، لأنني مسؤول عن قطاع الاتصال، وفي الوقت نفسه ناطق رسمي باسم الحكومة، وهذا يجعلني في احتكاك مستمر مع فاعل أساسي هو الإعلام، وهذا ينتج أحيانا توترات أونقاط تماس، وهو ما يحتاج إلى تدبير وحكمة، والنجاح فيه مرتبط بإعمال الحوار والحفاظ على التمثل السليم لما جاء به الدستور فيما يتعلق بالحريات والحقوق والواجبات.
المساء