أجواء انطلاق أشغال المجلس الوطني لحزب الاستقلال

دورة ساخنة لجماعة طنجة وانتقادات حادة من المعارضة للرئيس الليموري

تفاصيل جديدة مثيرة في ملف "إسكوبار" الصحراء

قانون المسطرة المدنية يدفع المحامين للاعتصام باستئنافية البيضاء

الفيزازي: الهدنة في غزة مستبعدة لأسباب كثيرة

أخنوش يؤكد: سنقدم مساعدة مالية من 8 و14 مليون للمتضررين من الفيضانات

نحو إلغاء وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية

نحو إلغاء وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية


ياسين كني

يحظى العلماء في المجتمع و المنهج الإسلامي بحظوة خاصة جدا فهم ورثة الأنبياء و(إنما يخشى الله من عباده العلماء) وهم أمناء الأمة على دينها و هم من يبعثون على رأس كل قرن ليجددوا للناس أمر دينهم, ولا يوجد مذهب من المذاهب الإسلامية إلا أعطى للعلماء القدر الكبير و المنزلة الرفيعة حتى تشدد البعض إليهم و أوصلوهم غلوا الى ما لم يعطه الله لهم فسمي غوث الغائثين أو العارف بالله عند الصوفية او سمي الولي الفقيه و آية الله عند الشيعة ...ولا شك ان هذه الحظوة لم تأت للعلماء من فراغ فأمر الدين صعب لا يؤتى لأي كان فاجتهد العلماء و تفرغوا حتى حصلوا العلم الذي أهلهم لهذه الحظوة و المرتبة بين الناس.لكن هذه الحظوة للعلماء لم تكن يوما حظوة مادية فهم عرفوا بالزهد و التفرغ للعلم و القوة في الحق. من جهة أخرى أدرك الخلفاء و الأمراء ممن عشقوا السلطة( وما أكثرهم) قيمة العلماء التي تجاوزت قيمتهم و اصطدمت مصالحهم بفتاوى العلماء وساهم هذا الأمر في تهميش العلماء و التضييق عليهم حتى يضطروا لموافقة النظام السياسي و إعطائه مشروعية دينية قوية لكن مجموعة كبيرة من العلماء لم يرضخوا للسلطة السياسية مما جعلهم يلقون التضييق تلو الآخر فيزج بهم في السجون أو يقتلون و يذبحون, في هذه الظروف ظهر من جهة علماء السلاطين ومن جهة أخرى تقوى و ازدهر نظام الأوقاف.

لما أحس العلماء بالتضييق شجعوا الناس على الوقف لصالح طلبة العلم و لصالح المؤسسات الدينية القائمة و المتمثلة أساسا في المؤسسات التعليمية و الحلق العلمية المختلفة و التي لم تكن يوما منظمة من الطرف الدولة اذ كان العلم تطوعيا, وقد وجد الناس أحاديث نبوية و استنبطوا من آيات قرآنية ما يرغبهم على البدل لطلبة العلم حتى لا يضطروا للتنازل عن علمهم لصالح السياسة العامة للدولة ومع توالي السنوات و تعدد الوقف لصالح المساجد و دور العلم المختلفة أصبحت المؤسسة العلمية مؤسسة قوية ذات قوة مالية و معنوية أغنتهم عن الحاجة لسلطان أو أمير فخرجت المدارس علماء أقوياء على الحق لم يتنازلوا على الحق و لم يخافوا في الله لومة لائم وان لم ينالوا حظوة علمية الا أن تكوينهم جعلهم يتبثون على الحق رغم التضييق كما ان مستواهم العلمي جعل كلمتهم مسموعة عند الجميع بينما لم يحظ علماء السلاطين الا بالمال الوفير ولم يكن لفتاواهم و كلماتهم تأثيرا الا عند قلة قليلة من الناس, وكما ان أغلب علماء السلطان كانوا من مناهج ضعيفة ومدارسهم منهوكة بالقول بالرأي مع ضعف الدليل. هكذا إذا كان دور العلماء في المجتمع الإسلامي قويا جدا لكن ومع دخول حمى الأنظمة الغربية الى البلدان الإسلامية أممت الدول الأوقاف و جعلتها أملاكا للدولة وكان هذا هو الباب الذي جعل الحكام يحظون بمشروعية دينية لقلة العلماء الحق اذ أصبحت المدارس تابعة للنظام الذي يزرع في العالم منهجا ضعيفا منذ البداية كما يزرع فيه جبنا مع قلة العلم. فقل العلماء وكثرة الرويبضة ولبس على الناس, وقوي النظام بمساندة السلطة الدينية بل اصبح هو نفسه السلطة الدينية, وهمش القلة القليلة من العلماء وغربوا او سجنوا ولم يجدوا حضنا يعيد لهم قيمتهم المعنوية فلبس على العامة وخاصة بعد انتشار وسائل الاعلام المملوكة من طرف النظام و التي رفعت علماء وحطت آخرين حسب درجة ولائهم للنظام بدل أن يكون المعيار الولاء للحق.

في المغرب و ارتباطا بما هو قائم فانه لا مشروعية لامتلاك الحكومة او الدولة للأوقاف اذ الاوقاف ملكا شخصيا لأشخاص وهبوه لخدمة العلم و العلماء وبهذا فالمساجد و المباني التابعة لها و المدارس القديمة و أملاك الاوقاف التي أوقفها أصحابها لخدمة العلم وجب ان ترد الى أغراضها بدل ان أصبحت تباع بأثمنة زهيدة أو تدار لأمور بعيدة عن الحقل الذي جعلت وقفا من اجله وهي لم توقف لذلك كما انها اصبحت في يد حكومة تديرها وهي ليست ملكها فما أوقفها أصحابها لهذا, أضف ان وزارة الأوقاف و التي تتبع للحكومات المختلفة وجب بالضرورة ان تلغى لان الحسابات السياسية لكل حكومة تجعل سياسة الدولة الدينية تختلف حسب مصلحة كل حكومة كما ان المجالس العلمية الهزيلة و المجلس العلمي الاعلى الذي لا يفتي إلا في النوازل النازلة و الافرشة و الحيض.. عليه ان يلغى تماما فالعلماء هم من يجب ان يعينوا العلماء وليس رجال السياسة, وفي هذا الإطار وجب التفكير مليا في طريقة لتحرير الحقل الديني من قبضة الحكومات المتعاقبة اذ الدين امر يحتاج استقلالية ليكتسب شرعية و حتى لا يلام المغاربة على الذهاب باسئلة فتواهم لعلماء من الشرق بدل علماء المغرب, أضف الى ذلك ان العلماء المرفهين عندنا لم يقوموا بواجبهم البثة في انكار منكر او احقاق حق وتصرف الملايين عليهم دون ان تكون لهم المردودية الحقيقة المرتجاة منهم,ان خلق مجلس أو هيئة مستقلة لعلماء المغرب تسير الحقل الديني مع ضمان استقلاليتها من جهة و عدم التدخل او التضييق على أعمالها أصبح أمرا حثميا كما يجب أن تمنح الاوقاف و حرية التصرف بها في اطار ما جعلت الاوقاف لأجله وذلك للرقي بالحقل الديني و العلمي ولا يصبح الدين مطية لمن هب و دب للترقي في السلم الاجتماعي. هذا ويبقى العلماء في كل زمان و مكان أكثر الناس ابتلاء وما خاض رجل في علم الا ضيق عليه فهم لم يرثوا الأنبياء في العلم و السمعة فقط بل ورثوه في البلاء و المحن.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات