اختارت بعض النساء الخروج من دائرة انتظار القدر المحتوم الذي ينتظرهن على غير موعد داخل الأزقة، بعد ارتفاع جرعة الجرأة التي أصبح يتمتع بها الكثير من اللصوص. سرقات تنتهي بالاعتداء الجسدي دفعت النساء لطرق أبواب الأندية الرياضية قصد تعلم بعض أبجديات فنون القتال علها تعينهن على الحفاظ على حقائبهن وسلامتهن. اختلفت قصصهن لكن تخوفهن واحد، ماذا لو نجحن في الدفاع عن أنفسهن وأصبحن بعدها عرضة للانتقام؟ تخوف تبدده أمنيتهن في أن تقوم الشرطة بإعادة الأمور إلى نصابها خاصة في الحالات التي يكون فيها نشاط المعتدي مقتصرا على أحياء معينة.«الوقت تبدلات بزاف» يقول رشيد الذي يشرف على تدريب ابنته بطريقة شخصية على اعتباره مدربا لرياضة الكراطي. «بغيت نولي بحال بابا وماما» تقول آية التي اختارت رياضة والدها ليس من منطلق كل فتاة بأبيها معجبة، لكن من باب تقليد والدتها التي اختارت بدورها مزاولة هذه الرياضة بعد أن ارتفعت وتيرة تعرض المواطنين لمجموعة من الاعتداءات من طرف اللصوص بغض النظر عن جنسهم وأعمارهم. « المواجهة ترعبني» تستعين باللكم والركل والعض «لا أبحث عن المشاكل لكن لا مهرب من الدفاع لآخر رمق في حال التعرض للخطر» تقول سلوى التي لم تختر طريق زوجة رشيد في التدرب منذ سنوات، لتكتفي بتعلم بعض الحركات بطريقة متقطعة بسبب ضيق الوقت مستغلة امتلاك شقيقها لنادي تعليم فنون الحرب. العنف المباغت الذي تحفل به الشوارع والحافلات جعل الذكريات القاسية تتزاحم في ذاكرة سلوى بعد تعرضها لخمس حوادث سرقة. ترى سلوى أن الدفاع لا يعني دائما المواجهة، « لقد تمكنت من الهرب مرتين وكنت محظوظة لأنني كنت بالقرب من البيت وقد تمكنت من غلق باب العمارة، بينما اضطررت في المرة الثانية إلى الارتماء فوق سيارة طالبة العون من سائقها. لكن في المرات التي اضطررت فيها للمواجهة كنت أجد صعوبة في استحضار ما تعلمت ومع ذلك قاومت ما استطعت و استعنت بكل شيء من لكم وركل وعض …» تقول سلوى وهي تضحك مؤكدة أن المشهد كان مرعبا، كما أنها ترجع نجاتها للقدر ولقامتها الطويلة. نجاة يتبعها الكثير من القلق خوفا من الثأر، حيث تشير أنها تشعر بالارتباك وعدم الأمان الشيء الذي يدفعها لسلوك طريق غير الطريق الذي تعرضت فيه للحادث لحين تأكدها من أن ملامحها لم تعد مألوفة، خاصة أن صدى الوعيد الذي أطلقته بعض الأصوات المرعبة لا زال يتردد في آذانها، «عمري ماغادي ننساه وهو كيقولي والله حتى ندبحك طوال الزمان ولا قصار راك معروفة» تقول سلوى التي لا تخفي قلقها من الأمر بالرغم من مرور سنتين على الوعيد، معللة تخوفها بأن الانتقام اليوم يطال أفرادا من قوات الأمن، فما بالك بالمواطنين…. «أخاف أن أتعرض للإنتقام» بملامح جد هادئة وخجل ملفت تتحدث خديجة ابنة العشرينات عن حبها لرياضة الكيك بوكسينغ التي اختارتها بعد سنتين من ممارسة رياضة الكراطي التي كانت من اختيار والدها، «عندما كنت صغيرة ألحيت على والدي في أن أتعلم رياضة تمكنني من الدفاع عن النفس عندما انتقلنا من الناضور باتجاه الدار البيضاء، حيث كنت أشعر أن الجو مشحونا جدا وقد شاهدت كيف أن إحدى صديقاتي أفلتت من قبضة أحد المشردين بالحي المحمدي، بينما لم أبدي أنا أي مقاومة في التخلي عن ما كنت أملك من أغراض» تصف خديجة الحادثة الأولى التي جعلتها تصاب بنوع من الذعر جعل الكوابيس تلاحقها لأيام قبل أن يقرر والدها إلحاقها بأحد الأندية الخاصة برياضة الكراطي حتى تتمكن من إعادة الثقة بنفسها. مرت سنتان لتجد خديجة أنها معجبة برياضة الكيك بوكسينغ التي تتطلب الكثير من الجهد ومهارات عالية في استعمال الأرجل لتعكف على ممارستها رغم قلة الوقت. « حتى لو دافعت عن نفسي أخاف أن أتعرض للانتقام خاصة أن بعض اللصوص يتجولون في نفس المنطقة دون خوف، شخصيا حين تمكنت من الهرب لم تعد لي القدرة على المرور من نفس المكان منذ ما يزيد عن السنة، أخاف أن أتلقى اعتداء بالسلاح الأبيض، خصوصا أن احدى صديقاتي أخبرتني أن قريبتها تمكنت من مقاومة لصين كانا يمتطيان دراجة نارية، لتجد أنهما يعترضان طريقها بعد شهر حيث اعتديا عليها بالضرب بطريقة وحشية أفقدتها ثلاثة أسنان وإصابات بالسكين على مستوى الذراعين» تقول خديجة التي ترى أن الإنسان في نهاية المطاف لو خير بين بقاء أغراضة وسلامته سيختار سلامته، حتى لو اضطرت لتمثيل دور المغلوبة على أمرها التي يمكنها تسليم حقيبتها بدون مقاومة، « باستثناء حالة واحدة هي خطر التعرض للاغتصاب لأنني في هذه الحالة سأكون مجبرة للدفاع حتى لو أيقنت أنني سأنتهي جثة» سكينة بنزين
يقوم رشيد بتدريب زوجته التي لا تنكر أنها نادمة على ترددها في ممارسة رياضات فنون الحرب منذ سنوات حين طلب منها زوجها ذلك في بداية تعارفهما، « كان يطلب مني أن أمارس الرياضة منذ الأيام الأولى لخطوبتنا لكنني لم أكن أتعامل مع الأمر بطريقة جدية إلى أن تعرضت للسرقة أثناء زيارة والدة زوجي « كانت الحادثة مؤلمة بالنسبة لزوجة رشيد وهي تتذكر فرحتها العارمة حين كانت تقوم بزيارتها لبيت الأسرة وهي تحمل مولودها الأول الذي لم يكن يتعدى شهره الثالث. وضعت الأم الشابة قدمها اليمنى على عتبة الباب لكن الأقدار لم تمهلها وضع القدم الأخري حين شعرت أن أحدهم يجذب حقيبتها. لم يسعفها الوقت لتتبين الفاعل لتجد نفسها تهوي نحو الأرض بلمح البصر رفقة رضيعها. لم تترك الأم الشابة حقيبتها ولم يكن تمسكها بسبب التشبت بمحتوياتها لكن صدمتها دفعتها لإحكام قبضتها على الحقيبة، « لم أعرف كم من الوقت مر وأنا أسحب في الأرض من طرف شخصين، ولا أعرف تفاصيل ما تعرضت له لأن بالي كان مشغولا بحماية ابني».
هرب اللصان بعد الحصول على الحقيبة. بالصدفة فتح شقيق رشيد الباب ليجد زوجة أخيه جالسة في الأرض، «كنت أحدق في ابني الذي ازرق لونه بعد دخوله في نوبة بكاء. كنت أتصفحه مخافة أن يكون أصيب أثناء جرنا في الأرض دون أن أنتبه لنفسي» تعرض كتف الأم الشابة للتشقق كما انتشرت الكدمات في سائر جسمها. شعرت زوجة رشيد بالضعف وقررت أن تتدرب رفقة زوجها على طريقة للدفاع عن النفس. مرت ثمان سنوات على الحادثة. تدربت الزوجة بما فيه الكفاية لكنها تتمنى أن لا تعيش التجربة مرة أخرى، فهي لا تعتقد أن اتقانها لبعض الحركات كفيل أن يحميها من خطر الاعتداءات التي تناسلت بشكل ملفت في الفترة الأخيرة. «رغم شعوري بنوع من الراحة لأنني أعلم أنني لم أعد ضعيفة كما الأول خاصة أن زوجي يخضعني لتداريب قاسية، إلا أنني لست مستعدة بالمرة لخوض التجربة مرة ثانية، فأنا اليوم أكثر حذرا، أفضل التجول في الأماكن المكتظة، كما أفضل أن يقلني زوجي في المواعيد التي تتطلب خروجي باكرا أوالعودة في وقت متأخر، كما أن فكرة المواجهة ترعبني. أستمتع كثيرا بممارسة الرياضة و أفضل أن تكون الشرطة هي المسؤولة عن توفير الحماية لي»
لا تخفي خديجة أن الهدف من الرياضة يبقى هو الإحساس بقيمة الجسد في الدرجة الأولى، لكنها في نفس الوقت لا تنكر الاحساس النسبي بالأمان حين تشعر المرأة أنها قادرة على الدفاع في ظروف معينة فقط، «لا أنكر أن إتقان بعض فنون الحرب يمكن أن يفيد في بعض الحالات إلا أن المخاطرة تبقى قائمة، كما أن الدخول مع المعتدي في حالة دفاع عن النفس من الممكن أن يستفزه». استفزاز كلف خديجة أن تعيش في جو من التوتر بعد أن اعترض أحدهم طريقها أثناء عودتها للبيت وقت الظهيرة، «استوقفني خلف أحد الجدران مستغلا خلو المكان. طلب مني أن أسلمه حقيبتي عندما رفضت، مد يده لأخذها بالقوة، وقتها وجدت نفسي مجبرة على الدفاع ، وجهت له بعض الضربات وركضت نحو البيت، بعدها علمت أنه يعترض طريق النساء في نفس المكان، استغربت كيف يعلم الجميع بأمره باستثناء الشرطة»
استغراب تتشاركه الكثير من النساء حيث تتعرضن للسرقة والتحرش من طرف أشخاص معينين يملكون الجرأة في التجول بنفس المنطقة وكأنهم فتوات داخل حدود آمنة لا تستطيع الشرطة اختراقها. لتجد النساء أنفسهن مجبرات على مواجهة السرقة والتحرش في استسلام تام، أو يحاولن حماية أنفسهن وهي محاولة لا تخلو من مغامرة.
fawda
khesna police yekono mo7taramin,,,khesna amn dial besah ! ! ida bgaw had bnat yet3almo karate mezian rah mafiha bass,,,laken khesna amn yekon f bladna machi fawda ! !