عبد الجبار الرشيدي: التعديل الحكومي جاء في مسار طبيعي من أجل إعطاء نفس سياسي

مؤسسة تعليمية بطنجة تحيي ذكرى المسيرة الخضراء تحت شعار "رسالة جيل لجيل"

البرلماني شهيد يقصف الحكومة: سرقتم البلاد وتريدون سرقة حتى التاريخ

نبيلة منيب تشيد بمغاربة هولندا وتوجه انتقادات نارية للحكومة

احجيرة: التعديل الحكومي ماشي للترضيات وإنما لتسريع وتيرة البرامج

السعدي: لن ننخرط في الحملات التي تسيئ لوطننا بسبب حسابات سياسية ضيقة

هل بات إحراق النفس موضة نضالية بالمغرب ؟

هل بات إحراق النفس موضة نضالية بالمغرب ؟

أخبارنا المغربية

 

بقلم : عبد الكبير حميدي

منذ أن أقدم الشاب التونسي محمد البوعزيزي – غفر الله له ورحمه – على إحراق نفسه عام 2011، احتجاجا على نزع عربة خضاره التي كانت مورد رزقه وأسرته، وعلى تعرضه للإهانة من قبل شرطية تونسية، منذ ذلك الحين تحولت هذه البدعة المنكرة، إلى طريقة احتجاجية، وإلى أسلوب نضالي، يستهوي الكبار قبل الصغار، والعقلاء قبل السفهاء، والنساء قبل الرجال.

فلا يكاد يمضي أسبوع، إلا وتطالعنا وسائل الإعلام بخبر، عن شاب أحرق نفسه هنا، أو امرأة أحرقت نفسها هناك، وكان من آخر تلك الحوادث ومن أكثرها مأساوية، فاجعة مي فتيحة بائعة البغرير بالقنيطرة غفر الله لها ورحمها، وغفر لنا جميعا، آمين.

في كل هذه المآسي، ثمة كلمة مفتاحية تتكرر، هي ما يسميه المغاربة ب (الحكرة)، بمعنى الشعور بغصة المهانة، وبمرارة الظلم، وبغياب النصير، وبفقد الحول والقوة، فيحترق قلب المظلوم كمدا، ويفقد توازنه ألما، ويندفع في لحظة ضعف وهزيمة، إلى ارتكاب حماقة الانتحار، بإحراق النفس، التي تقشعر لها الأبدان، وترتعد الفرائص، وتحتبس الأنفاس.

الوجه الأول لهذه المأساة إذن، هو انتشار الظلم وشيوع المظالم، وعجز المجتمع عن إنصاف المظلومين، والأخذ على يد الظالمين، ومحاسبة المفسدين، واستمرار الممارسات السلطوية الجائرة المتخلفة، من بعض رجال السلطة، ومن بعض الكائنات المخزنية القديمة، التي لا زالت تحمل مفاهيم زمن (الحكرة)، وثقافة عهد السيبة، والتي ترى في السلطة مغنما، وفي البلاد غنيمة، وفي العباد عبيدا، ولا تعرف من ممارسة السلطة، سوى استعراض العضلات، وتصريف الشهوات، والتنفيس عن العقد والأمراض ومركبات النقص، وقد وصف رسول الرحمة والإنسانية، هذه الوضعية المختلة، بقوله: (إنما ضل من قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد).

وأما الوجه الثاني المسكوت عنه، فهو ضيق الصدور، وتراجع ثقافة الصبر على البلاء، وضعف الثقة بالله، وبالقضاء والقدر، التي تصنع في الإنسان رباطة الجأش، والثبات عند المحن، وتشحنه بالطاقة النفسية والروحية، التي تعينه على الصمود في وجه العواصف، وتحمل الشدائد، وتجاوز المصاعب والمظالم، التي لا تخلو منها حياة إنسان، بأقل الخسائر والمتاعب النفسية والصحية.

في زمن الحجاج بن يوسف الثقفي، كان الظلم والقتل على أشدهما، فمر أحد الصالحين بأحد العلماء وقد صلبه الحجاج (الصلب هو أن يربط المصلوب من يديه ورجليه ويترك في العراء حتى يموت من الجوع والعطش)، فرق قلبه لحال المصلوب، لكنه لم يستطع أن يفعل شيئا، خوفا من بطش الحجاج، فرفع يديه إلى السماء، وقال في تضرع وخشوع: (يارب: حلمك على الظالمين، أضر بالمظلومين)، وفي المنام رأى رؤيا، رأى نفسه وقد دخل الجنة، فإذا به يرى الرجل المصلوب في أعلى عليين، وإذا بمناد يناديه: (حلمي على الظالمين، رفع المظلومين إلى أعلى عليين).

فيا أيها المظلومون، ويا أيها المستضعفون في الأرض، اعلموا أنه مهما تحقق من عدل ورخاء، ومن محبة وإخاء، اعلموا أنه يستحيل أن تأخذوا حقوقكم كاملة، وأن تقتصوا من ظالميكم وجلاديكم جميعا، في هذه الدنيا، واعلموا أن الظلم والجور باقيان في الأرض مادام البشر على ظهرها.

ولذلك أمر الله رسوله بالصبر على أذى المشركين، فقال: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ) (سورة النحل).

وبشر سبحانه الصابرين من عباده على الظلم والبلاء، فقال: ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) (سورة البقرة).

ووعد تعالى الصابرين بالأجر العظيم والثواب الجزيل، فقال: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (الزمر 10). 

وقبل ذلك وبعده، حرم الإسلام على المسلم الإقدام على الانتحار أو إحراق النفس، مهما اشتدت الظروف، ومهما كانت الأسباب، ففي الحديث الصحيح، قال عليه الصلاة والسلام: (مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا) (أخرجه البخاري ومسلم).

بكلمة، فإنه إذا كان الواجب الأول، لإيقاف نزيف الأرواح، ومآسي الانتحار وإحراق النفس، ضمان حد أدنى من العدالة القانونية والاجتماعية، التي تمنع الظلم، وتحفظ الحقوق، وتصون الكرامة الإنسانية، بتفعيل دور المؤسسات الرسمية والأهلية المعنية، فإن الواجب الثاني، هو إعادة بعث الثقافة الإسلامية الصحيحة في النفوس، وإعادة ربط الناس بالله، وتذكيرهم بالموت والآخرة، وبالمصير والمعاد، وبالجنة والنار، وبأن هذه الدنيا ليست سوى معبر وممر، ودار ابتلاء وامتحان، وأن الآخرة هي دار المقر والجزاء، وهذا دور المؤسسات التربوية: الأسرة، والمدرسة، والمسجد، والمجتمع، والإعلام

 


عدد التعليقات (7 تعليق)

1

مواطن

النفس امانة

شكرا جزيلا لصاحب المقال كلام جميل و منطقي وموزون

2016/04/23 - 06:43
2

المغربي النديم

تصحيح

هذا ليس تحليلا علميا موضوعيا لظاهرة الانتحار عبر حرق الذات .. إنها مجرد كلام عاطفي أخلاقي فضفاض بدأه الكاتب بجمل رنانة حول الظلم ليجر القارئ بعد ذلك إلى مستنقع الحلال والحرام والصبر ..الخ مع احترامي لمجهودك. لكن لم تكن لك الجرأة لتناول الظاهرة بما يتطلبه التحليل السياسي والاجتماعي والنفسي، والنقد الموضوعي الذي يضع الأصبع على الأسباب الواقعية المستقلة عن الذات.. انت لم تخرج من قوعقة الذات: الذات عليها أن تصبر، الذات ضعيفة، الذات مريضة، الذات لا تومن بالقضاء والقدر، الذات حرقت نفسها .. وكأنك بذلك تعمل على تبرئة الموضوع، الدولة والمجتمع أعني ..

2016/04/23 - 06:59
3

المعلم

إحراق النفس سببه ضعف الوازع الديني

في دراستنا للتاريخ قرأنا أن الكثير من الأمم مرت بكوارث ومصائب وأمراض فتاكة ومجاعات ومع ذلك لم يلتجئ الناس إلى الانتحار بإحراق النفس لقد كان فكير الإنسان آنذاك سليما وكان كل واحد يصبر على الشدائد والأزمات مرجعا أسبابها إلى الأقدار منتظرا الفرج الذي يأتي بعد يأس.في زماننا اليوم تغيرت الأحوال وصار كل من يجد نفسه في مأزق وضائقة إلا ويرجع ذلك للدولة وللمسؤولين ويرى أن السلاح الذي سيستعمله لإحراج الحكومة هو الانتحار بإحراق النفس ، للأسف هؤلاء المتشائمون لن يحققوا أي نتيجة لصلحتهم إنهم يخسرون دنياهم وآخرتهم ولاحجة لهم عند لله يحتجون بها .إن صمت العلماء ورجال الدين عن إحراق النفس خطأ فادح فهم يتحملون مسؤولية كبرى لكونهم قصروا في الوعظ والإرشاد، وتحذير الناس من قتل النفس بغير حق.

2016/04/23 - 07:07
4

محمد

شكرا

جزاك الله عنا الف خير. أه لو اتبع الناس ما انزل على سيدنا محمد لفازوا .

2016/04/23 - 08:09
5

محامدي المراكشي

حرق الذات انتحار مع سبق الإصرار

موضوع مجانب للحقيقة، اذ ان رجال السلطة الذي يعرف اختصاصتهم معظمها شاقة وتعرضهم للخطر، فاخلاء الملك العمومي من الاستغلال الفاحش وغير القانوني من طرف الباعة المتجولين مهمة صعبة جدا ولا يمكن للمنظرين فهم المجهودات التي تبذلها السلطة في هذا المجال مضحية بالغالي والنفيس ، اما الركوب على موجة احراق الذات فهذا عبث اريد منه باطل لأسباب الكل يعرفها، فكفانا فوضى والعبث بأمن البلاد والازدراء على رجال السلطة واعوانها وتحية إجلال واحترام لهم لما يبذلونه من مجهودات لخدمة وطننا العزيز تحت الشعار الخالد الله الوطن الملك.

2016/04/23 - 09:24
6

متتبعة

موضة فوضوية

أنا كنشوف هاذ الانتحار والإحراق اللي اصبح عندنا فوضى أُخوفي ليكون بتحفيز وتحريض من بعض الجهات لشل الأمن والامان اللي عيشنوا اخلق الفوضى وشل السلطة حتى يتسنى لهم فعل مايريدون فعندما يصبح رجل السلطة يحاسب على عمله غد يبدأ يتخوف ويتركهم يعملوا مابغاو، فخليوا رجال السلطة اقوموا بعملهم لسير النظام غير كنطلب منهم احترام الانسان وهذا الأخير عليه تطبيق التعليمات والصبر والقناعة بما رزقه الله حيت كاينين اللي فكل مكان عندهم تفريشة

2016/04/23 - 10:54
7

محمد

مشكل

لا تقتلو النفس التي الحرم الله الا بالحق

2016/04/23 - 12:04
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات