أحالت الحكومة المغربية مشروع قانون المالية على المؤسسة التشريعية من أجل البدء في مناقشته والمصادقة عليه في الأيام المقبلة، وهو مشروع انمحت عنه تباشير تحقيق نسبة نمو حددها رئيس الحكومة في تصريح سابق أمام البرلمان في 5 بالمائة، ليتراجع إلى 4 بالمائة في مشروع قانون المالية الجديد، تحكمت السنة الفلاحية الجافة والأزمة المالية الأوروبية في صياغة أرقامه.
وأوضح عزالدين أقصبي، الخبير الاقتصادي المغربي، في تصريح لـ"العربية.نت"، في هذا السياق، أن ميزانية 2012 تأتي في ظل ظروف جد استثنائية بكل المقاييس حسب وصفه، وأن المشروع لا يمكنه الخروج إلى حيز الوجود إلا بعد شهر أو شهرين، مؤكداً أن بعض معطياتها بُنيت على وضعية الست الأشهر السابقة التي كانت مقرونة بالاستفتاء على الدستور وما واكبه من انتخابات تشريعية وانتهاء بتشكيل الحكومة الجديدة، وفي خضمها وتبعاً لها، طرأ العديد من المتغيرات.
وأشار أقصبي إلى أن الأوضاع الداخلية للبلد غير مريحة؛ لأن الموسم الزراعي سيكون جد ضعيف، ما سيؤثر على مساهمة الفلاحة في الناتج الداخلي الخام لخزينة الدولة، وقال إنها تتراوح بين 16 و20 بالمائة سنوياً، إضافة إلى الوقع الذي سيخلفه على الاقتصاد المغربي في الجانب المتعلق بالشغل، فتبعاً له فإن نسبة اليد العاملة المشتغلة بالقطاع تتراوح بين 45 و49 بالمائة.
وعلى المستوى الخارجي، أبرز الباحث أن الأزمة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي بدأت ترخي سدولها على الاقتصاد الوطني الذي يرتبط وإياه بعلاقات تجارية قوية، خاصة فرنسا وإسبانيا اللتين يعرف نموهما الاقتصادي وتيرة ضعيفة، ما سيكون له انعكاسات سلبية على الميزان التجاري وعلى النسيج الاقتصادي في مجال التجارة والخدمات والسياحة، إضافة إلى التراجع الحاد على مستوى عائدات المهاجرين المغاربة من العملة الصعبة، بحسب ما قوله.
ويرى أقصبي أن الوضعية المالية للمغرب تظل جد مقلقة على مدار السنوات الأخيرة، وبالأخص السنة الماضية التي عرفت ارتفاعاً للمديونية بما يقارب نسبة 50 في المائة من الدخل القومي، وهي مرشحة للازدياد، ومؤشرات ذلك تبعاً له، تفاقم عجز الميزانية بـ6 في المائة تقريباً، والذي يمكن أن يكون أكثر من ذلك مادام مجرد تخمين مصرح به رسمياً، حسب الباحث، الذي يقول إن هذا الوضع في مجمله ستكون له مخلفات سلبية على مطالب الشارع المغربي وقد تدفعه نحو اليأس والإحباط بعد أن قدمت له وعود كبيرة.
ويؤكد الخبير الاقتصادي أن الاستجابة لانتظارات المواطنين الذي يعيشون على إيقاع الربيع العربي، لا يجب أن تبقى محدودة في الإعلان عن لائحة المستفيدين من مأذونيات النقل لأنها لا تشكل إلا جزءاً صغيراً من جليد اقتصاد الريع الذي يَسِمُ هيكلة الاقتصاد الوطني، ومع ذلك فإن هذه الخطوة تظل بنظره إيجابية، وأن على الحكومة أن تذهب في معالجة الموضوع أبعد من ذلك إن استطاعت، خاصة في القطاعات الحيوية كالصيد البحري ومجال بيع الخضر بالجملة ومقالع الرمال والأحجار، وهي مجالات تضر بمصالح فئات تحتل مستويات عليا في الهرم الاجتماعي.
وبناء عليه، اعتبر أن العزيمة لا تكفي في موضوع محاربة اقتصاد الريع والفساد لأجل تحسين الموارد الاقتصادية للدولة، لأن البنيات السياسية والقانونية لا تسعف في ذلك، فالإرادة السياسية في التغيير كان يجب أن يعبر عنها منذ البداية، وذلك بسنّ إصلاح دستوري حقيقي وتكريس انتخابات مشروعة، فعدد الذين توجهوا نحو صناديق الاقتراع لم يكن يتجاوز عددهم خمسة ملايين ناخب من أصل كتلة انتخابية تتشكل من 22 ناخباً مفترضاً، مضيفا بان 9 مليون لم يسجلوا أنفسهم في اللوائح الانتخابية، و6,5 لم يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع.
ومن جهته يقول ادريس بن علي، الباحث والخبير في الشؤون الاقتصادية، إن حكومة عبدالإله بنكيران أمام انتظارات اجتماعية كبيرة التزمت أمام المواطنين بتنفيذها، وهو ما يتطلب منها البحث عن موارد مالية، معتبراً أن الإجراء الجديد الذي حمله مشروع قانون مالية 2012 يصبّ في هذا الإطار، وهو إجراء يُلزم المقاولات التي لا تحقق أرباحاً أو تلك التي تعلن الخسارة أو نتائج مالية سلبية، بضرورة تبرير ذلك في التصريحات الضريبية التي تتقدم بها سنوياً لدى الجهات الضريبية.
وأكد بن علي أن إجراءات من هذا النوع تعد حاسمة لمحاربة التهرب والغش الضريبي الذي يضيع في نظره على خزينة الدولة أموالاً جد هامة يمكن أن تساهم في تحسين وضع السكان.
وشدد على ضرورة الإصلاح الضريبي من أجل رصد الاختلالات المحاسباتية التي من الممكن أن تنطوي عليها التصريحات المغلوطة المدلى بها من قبل بعض المقاولات التي تتهرب من أداء الضرائب، خاصة لدى القطاع غير المهيكل الذي لا يتوافر على محاسبة، وهنا يكمن العائق الذي قد يعترض التوجه الحكومي الهادف الى تفعيل هذا الإجراء، كما يقول الباحث.
الدار البيضاء - خديجة الفتحي
mido
bdat lazma felmaghrib .had seif raikoun skhoun ktar men lqyass 3nd hkomat alhaya ranchoufo kifach si benkiran raykhroj men had azma ola raytar yzid fel mahrouqat li walaboda nataijha rathreg lih lahyto