أخبارنا المغربية
ذ:الطيب مؤنس
تعتبر حادثة الاسراء والمعراج من الكرامات الجليلة و المعجزات العظيمة التي خص الله بها سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم لما شهدت من الآيات الكبرى والمشاهد العظمى من ركوب للبراق واختراق للسماء والوصول إلى قاب قوسين أو أدنى وحظوته بما لم يحض به نبي مرسل أو ملك مقرب وصلاته إماما بالأنبياء الاخيار والملائكة الاطهار واطلاعه على الجنة والنار.
ورحلة الاسراء والمعراج ليست حدثا تاريخيا انقضى بعودة الحبيب إلى مكة من سدرة المنتهى وإنما هي حدث عظيم ممتدة معانيه العميقة والسامية التي وجب الوقوف معها استخلاصا للدروس العبر.
منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعظم قدره عند الله عز وجل.
بقدر ما كانت معجزة الاسراء والمعراج مواساة وتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما لاقه من أذى وتضييق وابتلاءات بلغت ذروتها بموت عمه أبي طالب الذي كان ذرع وقايته ومصدر حمايته وكذا موت أمنا خديجة رضي الله عنها وتكالب الأعداء عليه وخاصة بعد تنكيل واستهزاء أهل الطائف به صلوات ربي وسلامه عليه , فقد كانت هذه الرحلة العظيمة تبيانا لعظيم قدره ومكانته عند رب العزة ودليلا قاطعا على صدق رسالته ونبوته.وهكذا أسرى به المولى عز وجل ليحي له الانبياء فيصلي بهم إماما ثم يعرج إلى السموات العلا حتى يبلغ إلى سدرة المنتهى ليره من آياته الكبرى.
مكانة بيت المقدس
آثرت أن أثني بهذا الامر لما تشهده هذه البقعة الطاهرة في هذه الأيام من تدنيس وتهويد من طرف قطعان المستوطنين الغاصبين.
فرحلة الاسراء والمعراج كانت تأكيدا على المكانة العظيمة لتلك الأرض المباركة مهبط الوحي وقبلة الأنبياء وثالث الحرمينفالأقصى يستغيث, مقدساته تدنس ومعالمه تطمس وتغير وأطفاله ونساءه ينكل بهم في غفلة من أمة المليار والنصف أما ما "حوله" من الارض المباركة فحالها لم يعد يخفى على أحد فحلب الشام تحترق ويقتل أطفالها نساءها وشيوخها .
لذا ينبغي أن تكون هذه الذكرى مناسبة للتعلق بالأقصى والاستعداد للذود على حماه وتجديد العهد للعمل على تحريره فالأمة مطالبة بتحمل مسؤوليتها الدينية والتاريخية في هذا التحرير فمتى كانت القدس حرة كان ذلك مقياسا وعنوانا على يقظة الامة ورقيها .
التصديق واليقين
"إن كان قد قالها فقد صدق " هكذا أجاب الصديق رضي الله عنه المغرضين والمستهزئين من صناديد قريش حينما أرادوا أن يسخروا منه ومن صاحبه صلى الله عليه وسلم بعد أن سمعوا قصة الاسراء والمعراج فما كان منه رضي الله عنه وبدون أدنى شك أو ريب إلا ان صدق بيقين تام وكيف لا "وقد صدقته فيما هو أكبر في الخبر ينزل عليه من السماء ",درس ما أحوج الامة إلى استيعابه وهي تستشرف موعود رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط أمواج متلاطمة من الفتن والضعف والهوان .
إن معاني وبركات الاسراء والمعراج ينبغي أن تبقى حاضرة في الامة لتكون مدعاة لا نبعاتها ومنارا هاديا لإحيائها.