بقلم: الحسين ساشا
كلما ازداد هامش الحرية ببلدنا إلا وتزداد معه الحرية في الفساد بدل الإصلاح كما هو ملاحظ. لذلك ولسبب ما تعانيه اليوم منابرنا الوطنية من تدني الخلقي والمهني، لا شك أن الجميع اليوم مجمع على أن أسوأ الفساد وأخطره هو الفساد الإعلامي الذي يأتينا عبر القنوات الوطنية، ليغزو بيوتنا ويدمر عقائدنا بكل الوسائل المتاحة، من أجل خدمة أهداف الدول الأوروبية، لنيل رضاهم عنا وتزكيتنا للوضع المتقـدم،، حتى ولو كان ذلك على حساب أخلاقنا وعقائدنا وديننا كما يرغب البعض.. ورضاهم عنا هذا طبعا مقابل ذوباننا في عقائدهم وثقافاتهم كما جاء في قوله تعالى (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ.)
نعم هذه القنوات التي عرفت مؤخراً أشد الانفلات والانحلال الأخلاقي بكل المقاييس، كانت من أحد أسباب هذا الرضا الأوروبي عنا، نتيجة نجاحها في إفساد شبابنا وأسرنا المقصودة بمحاربتها في عقر بيوتها، بواسطة هذه المنابر الفاسدة التي تجنّدت اليوم أكثر من الأمس، لاغتيال ما تبقى مما بقي في وطننا من أخلاق وقيم، وذلك عبر برامج وأفلام ومسلسلات فاسـدة.. وما هذا إلا استكمالاً لمخطط يتضمن عدة مراحل، بدءاً بمرحلة التفقير والأمية التي هي أساس نجاح باقي المراحل المخطط لها، لأن الفقر والأمية يساعدان على ترويض الإنسان وتشكيله على النحو المطلوب، وهذا ما حصل اليوم حيث أصبحنا نرى العديد من الأسر والعائلات الفقيرة مادياً وفكرياً، شبه منومة مغنطيسياً تساق بسهولة لمن يشاء وحيث يشـاء.
وبما أن الشعب المغربي اليوم واع بهذا الأمر فإن على الجميع أن يتحمل المسؤولية لمحاربة الفساد الإعلامي ببلدنا أولاً وذلك لكونه منبع الفاسد الأكبر ويغذي باقي أنواع الفساد الأخرى، اقتداء بقول الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.) إضافة لقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ.) فقد آن الأوان لتغيير من أنفسنا وسلكنا قبل أن يصيبنا ما أصاب جزيرة "هايتي" بغضب من الله. كما جاء في قوله تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيـراً.)
وأرى أن أقل ما يمكن فعله، هو مقاطعتنا لهذه القنوات الفاسقة، والحد من تشجيعنا لها على المزيد من الفسق والفساد، لكي تعيد حساباتها فيما تبثه لأسرنا. هذا بالإضافة إلى مهرجانات الرقص التي تقام في هواء الطلق هنا وهناك، إلى أن أصبح المغرب عبارة عن مرقص لكل المذاهب والأجنـاس يؤمه كل فاسد وفاسق من كل حدب وصوب.
وأملي في أن يُثرَى هذا الموضوع بأكبر عدد من تعاليقكم الصميمية لكي نبلغ استنكارنا لوزير الاتصال لإعادة النظر فيما يبثه الإعلام السمعي البصري ببلدنا على العمـوم. لأن الإعلام مدرسة إذا أعددته أعددت شعباً طيب الأخـلاق..
وبهذا سأكون أول المعلقين بهذه القصيـدة:
متـى ترحليـن!؟
متى ترحلين يا وصمة عار
فوق مراجع التاريخ
ودواويـن الأشعـار
متى ترحليـن ؟..
أما زلت قابعة مكانك
لا تنهضيـن ؟!..
ارحلـي..
ارحلي فزمنك قد ولَّى
وعهدك راح وانجـلى
شاخـت أفكارك
هرم جسـدك
خـذي حقائبك عـنا وارحلي..
ارحلي يا وصمة عار
على منابر الأعـلام
وفوق دفاتر الأيام
فرحيلك عـنا..
راحة لكل الضجرين
من سماع مواويـلك
وزيـف أقاويـلك
تعلنين الأكـاذيـب
وتكتمين المصائب
فأقمار الغـرب قد كشفت
عن كـل الأسرار والأدوار
مـن كـل الأقـطـار
متى ترحليـن.؟
متى ترحلين يا وصمة عـار
على جبين التاريخ
وكوالـيس الأخبـار.؟
شفاهك الحمـقاء..
مـأوى لكـل حقيـر مـدان
وسلاح الأشرار وملجأ الأمان
يا ذات اللقب الأثيم
يا ، ألف ، تاء ، ميـم
كم أخفيت عنا الحقائـق
وحرفت كـل الوثـائق
يا فاقدة الأخـلاق والإيمـان
ومناقضة للشريعة والفرقان
شفاهك البلهـاء..
أظلتنا عن الطريـق
بالهتافات والتصفيق
شفاهك الحمراء..
لم تعـد تغريـنا
لم تعد تثير غرائزنا
سئمنا حروفك الجوفاء
ووعـودك الصفـراء
متى ترحليـن.؟
متى ترحلين يـا وصمة عار
في كل بيـت و دار
فرحيلك عنا راحة وشفاء
لكـل داء..
خـذي حقائـبك
خذي كل أمتعتك
احرقيـها..
كسريـها..
ولمِّي حطـامك واذهبي
اذهبي فـلا أحد منـا
يرغب فـي بقـاك
لا أحـد..! لا أحــد..!
* * *
شعر: الحسين ساشا