في المغرب توجد 29 ألف حالة مصابة بداء فقدان المناعة المكتسبة ، والمعروف اختصارا (السيدا). هذا الرقم الخطير الذي أكدته وزارة الصحة، يعد خطرا قائما وقابلا للإرتفاع، بل يعد ناقوس خطر بل إن نسبة الإصابة بهذا الفيروس تشير إلى أن النسبة الكبيرة من المصابين والحاملين للفيروس توجد بالحواضر حسب المعطيات المتوفرة لحد الآن، لكن الحقيقة تظل نسبية جدا، حسب مجموعة من الاختصاصيين وذلك اعتبارا للصعوبات التي مازالت تقف حجر عثرة في طريق رصد واقع انتشار هذا المرض بالقرى، الشيء الذي أضحى يمثل خطرا قائما في ظل عدم توفر معطيات دقيقة بفعل غياب التأطير الطبي القروي، لذلك وضعت الوزارة الوصية خطة وطنية واستراتيجية لمكافحة هذا الداء للفترة 2012-2016 ، حيث تروم إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية تتمثل في تسجيل انخفاض في نسبة الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشري بنحو 50 في المائة سنة 2016 وانخفاض وفيات الأشخاص المتعايشين مع الفيروس بنسبة 60 في المائة سنة 2016. وكذا تحقيق حكامة مثلى وتدبير فعال للاستجابة الوطنية وتوسيعها على المستويين المركزي واللامركزي. معاناة صامتة لمرضى السيدا في المغرب حالات اكتشف أصحابها حديثا إصابتهم بداء فقدان المناعة المكتسب «السيدا».. خصصت لهم أسرة بقسم الأمراض التعفنية المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء لأخذ علاجهم عن طريق الأدوية الثلاثة، أو ما يسمى بالعلاج الثلاثي.. فعلى بعد أمتار قليلة من غرف مرضى السل، يظهر باب زجاجي ينفتح بين الحين والآخر.. تفتحه ممرضة أو زائر.. لاشيء يشير إلى وجود قسم خاص بأمراض السيدا. الحراسة تكاد تكون مشددة بهذا الجناح، فالممرضون يمنعون الغرباء من دخول هذا الجناح، كأن هناك شيئا ما يحدث بهذا الجناح. يأس وأمل غرف فقيرة تتوقر على أسرة مهترئة وأغطية بالية، والزيارات تكاد تكون منعدمة نظرا لكون المرضى يحبون السرية حتي أن عائلات بعضهم يجهلون أنهم مصابون بهذا المرض الذي مازال يعتبر وصمة عار في مجتمعنا. أجساد هزيلة وأخرى يبدو أنها أنها غير مصابة بتاتا بهذا المرض.. نظراتها تائهة ويائسة، فمرة تشعر أنها تبحث عن الأمل بين أعين الممرضين ومرة أخرى تحس بأن نظراتهم تشير إلى أنهم يائسون من هذه الحياة التي لا تحمل لهم معها إلا الألم. كانوا ينظرون إلى العاملين بالمستشفى وإلى بعض الزوار الذين كانوا يبحثون عن ذويهم من مرضى السل معتقدين أن هذا الجناج هو مخصص لهذه الفئة من المرضى، نظرة كلها استعطاف وكأن لسان حالهم يقول «يا ليتنا كنا بصحتنا وعافيتها لخرجنا من هذه الغرف التي عزلنا فيها أنفسنا بكل طواعية». علاج ثلاثي قبل أن تدخل «مليكة» إلى جناح مرضى داء السيدا، اختفت ابتسامتها المشهورة بها بين زميلاتها الممرضات، ليس لأنها ستباشر عملها اليومي بهذا الجناح الحساس كما تصفه وإنما لأنها اضطرت لوضع الكمامة التي تغطي نصف وجهها حتى لا تنقل إلى المرضى الميكروبات. فالمرض يضعف مناعة المرضى وهذه هي طبيعة العمل داخل الجناح. كان دور «مليكة» في ذلك اليوم هو تقديم العقاقير (العلاج الثلاثي) المخصصة لمرضى السيدا يدفعونها إلى أجوافهم بجرعات من الماء، أما زميلتها «حنان» التي استعملت جميع الوسائل الوقائية رغم ضعفها، فقد كان دورها مساعدة بعض المرضى على تغيير ملابسهم، خصوصا أولائك الذين هم في وضعية صحية متردية. العلاج الثلاثي بالنسبة للمرضى في هذا الجناج يعتبر ضروريا ،حاسما لكي لا تتوطر حالتهم الصحية ويحافظون على استقرار وتوازن إصابتهم. تقول «مليكة» عندما خرجت من الغرفة ونزعت عنها الكمامة وهي ترسم من جديد ابتسامة عريضة على ثغرها «أنا فخورة بالعمل الذي أقوم به منذ أزيد من اثني عشر سنة أي منذ أن تخرجت من معهد الممرضات، فأنا أعرف أني أشتغل بقسم حساس جدا، بمعنى أني أعمل بجناح يضم العديد من المرضى الذين يعانون من أمراض تكاد تكون جلها معدية، لذلك لا فرق عندي بين مريض بالتهاب الكبد الفيروسي وبين آخر مصاب بالسيدا، كلها أمراض معدية والوقاية منها ضروري، وإن كانت سبل الوقاية هزيلة، مما يجعلنا كممرضين وأطباء معرضين للعدوى إذا ما ارتكبنا أدنى خطإ». الوقاية ضرورية هي فتاة تبلغ من العمر سبع وعشرين سنة، إلى وقت قريب كانت واحدة من الأشخاص الذين يقبعون بمستشفى تتلقى علاجها بعد اكتشافها لإصابتها بالسيدا.. الآن وبعدما استقرت حالتها الصحية فقد خرجت إلى معترك الحياة.. تعرف جيدا أنه من الضروري أن تأخد علاجها الثلاثي بشكل منتظم حتى لا تتطور حالتها.. كانت تعيش مع أسرتها كأي فتاة أخرى كان عندها طموح للانحراف كان يشدها إلى الهاوية .. مثلا كانت تتمنى أن تعيش لوحدها تخرج متى تشاء.. تسهر مع من تشاء.. تدخن وتقيم علاقة جنسية مع من يعجبها، فهذه هي طموحاتها.. أول خطوة نحو هذا الطموح انقطاعها عن الدراسة في المرحلة الثانوية بعد فصلها.. لم تكتف بالانقطاع عن الدراسة، بل هربت من منزل الأسرة ورمت نفسها بين أحضان شاب كانت تربطها به علاقة .. كانت إقامتها في شقة يملكها صديق هذا الشاب مدمن على المخدرات (هيروين).. علمها صديقها كل شيء تناول الكحول والمخدرات.. فجأة وجدت نفسها وحيدة بعد أن تم القبض عليه بمعية صديقه، وتم إجراء تحليل لهما اتضح أنهما مصابان بالسيدا.. كان من الضروري أن تستفيد من تحاليل مختبرية بعد أن علمت أن صديقها الذي كانت تعاشره معاشرة الأزواج مصاب بالسيدا.. توجهت إلى مركز جمعية محاربة السيدا بالدارالبيضاء وهناك استفادت من تحاليل أكدت لها أنها مصابة بهذا الداء.. فانهارت.. وبعد تجاوزها للصدمة الأولى توجهت إلى مستشفى ابن رشد بالدارالبيضاء لمتابعة علاجها بتوجيه من مركز جمعية محاربة السيدا.. هذه الفتاة ما هي إلا واحدة من الآلاف المصابين بالسيدا في المغرب الذي تملكهم هاجس الموت منذ أن علموا بإصابتهم بالسيدا، لكن بعد استفادتهم من العلاج الثلاثي استقرت حالتهم واستطاعوا أن يعيشوا حياة طبيعية عادية لا تختلف عن غير المصابين، رغم أن الشيء المشترك بينهم هو الوقاية، فالوقاية خير من العلاج بالنسبة للعديد من الأمراض وأولها السيدا، كما يقول الاختصاصيون، فالوقاية ضرورية جدا في مرض السيدا، لأنها حتى الآن تعتبر الوسيلة الأنجع في المساعدة على وقف انتشار هذا الداء السريع الانتشار، وهذا ما اهتمت به خطة استراتيجية وزارة الصحة بخصوص السيدا للفترة 2012-2016 استراتيجية وزارة الصحة لمكافحة السيدا للفترة 2012-2016 الوقاية ستشمل 60 %من الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالسيدا تروم استراتيجية وزارة الصحة لمكافحة السيدا للفترة 2012-2016 إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية تتمثل في تسجيل انخفاض في نسبة الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشري بنحو 50 في المائة سنة 2016. وانخفاض وفيات الأشخاص المتعايشين مع الفيروس بنسبة 60 في المائة سنة 2016. وكذا تحقيق حكامة مثلى وتدبير فعال للاستجابة الوطنية وتوسيعها على المستويين المركزي واللامركزي. ويتضمن المخطط الاستراتيجي الوطني لمكافحة السيدا سلسلة من التدخلات الرامية إلى توسيع نطاق برامج الوقاية من هذا الداء لتبلغ 60 في المائة على الأقل من الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة به . ويتضمن المخطط تنفيذ العديد من التدخلات، من بينها على الخصوص إعداد برامج للوقاية لفائدة الشباب والنساء في وضعية هشاشة. وسيتم كذلك إطلاق برنامج التسويق الاجتماعي للعازل الطبي. وإحداث 30 مركزا جديدا للفحص الطوعي السري والمجاني تابعة لمنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى إدراج الكشف داخل 358 مركزا صحيا و55 مركزا للفحص وعلاج السل والأمراض التنفسية. وفحص مليوني شخص قبل متم 2016. ويتعلق الأمر أيضا بتوسيع الفحص الطوعي السري والمجاني ضد فيروس نقص المناعة البشري لفائدة النساء الحوامل للوصول إلى تغطية نسبتها 80 في المائة من النساء الحوامل المتعايشات مع الفيروس عن طريق الوقاية من انتقال الإصابة من الأم إلى الطفل مع توسيع التغطية في مجال العلاج بمضادات الفيروس “القهقري”. والدعم النفسي والاجتماعي للوصول إلى 80 في المائة من الأشخاص مستحقي العلاج في نهاية 2016. كما يروم هذا المخطط الاستراتيجي تعزيز الشراكة مع القطاع الديني والقطاع الخاص وأوساط الشغل. وإنجاز استراتيجية في موضوع حقوق الإنسان ومكافحة الوصم والتمييز عبر إشراك المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وتبلغ الميزانية المرصودة لتنفيذ هذه التدخلات 810 ملايين درهم لمدة 5 سنوات. تسهم فيها الدولة بنسبة 46 في المائة . والصندوق العالمي (41 في المائة) ومصادر أخرى وطنية ودعم الأمم المتحدة ووكالات التعاون الثنائي بنسبة 13 في المائة. ويرتكز المخطط الاستراتيجي الوطني لمكافحة السيدا على ثلاثة أهداف رئيسية تتمثل في تقليص الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشري بنسبة 50 في المائة في أفق سنة 2016 وخفض وفيات الأشخاص المتعايشين مع الفيروس بنسبة 60 في المائة. وتحسين مستوى الحكامة والتدبير والاستجابة على المستويين المركزي والإقليمي. تنظيم حملات تحسيسية حول السيدا بالمؤسسات التعليمية. أشاد وزير التربية الوطنية محمد الوفا خلال اللقاء الذي انعقد مؤخرا بالرباط بمناسبة تقديم خطة استراتيجية وزارة الصحة لمكافحة السيدا للفترة 2012-2016م بهذه المبادرة الهامة التي رأت النور على الساحة الصحية المغربية بعد عمل جاد وملتزم قامت به القطاعات والشركاء المعنيين. وأكد الوزير أن محاربة هذه الآفة تتطلب التغلب على الطابوهات وتنظيم حملات تحسيسية عبر مختلف القنوات المتاحة وضمنها المؤسسات التعليمية. وشدد على ضرورة دعم العمل التي تقوم به وزارة الصحة والمنظمات غير الحكومية والفاعلين في المجتمع المدني. وكذا العمل مع الوزارات الأخرى. إحصاءات السيدا حتى متم 2011 6194 حالة مصرح بها والتحذيرات تشير إلى إصابة 29 ألف حالة. من بينهم 10 آلاف يحتاجون إلى علاج بمضادات الفيروس. 48 % حالة مصرح بها هي بين النساء. 494 حالة مصرح بها فقط خلال هذه السنة. 78 % حالة صمرح بها في الحواضر. هدف جمعية محاربة السيدا هذه السنة : الوصول إلى تحقيق صفر إصابة بداء فقدان المناعة المكتسب، وصفر بالنسبة للتمييز أي لا تمييز بين مصاب وغير مصاب، وصفر وفاة مرتبطة بالإصابة بهذا المرض. 0,06 % من الحوامل حاملات لفيروس السيدا. 0,58 % من السجناء مصابون بالفيروس. 13,95 % من المدمنين على تناول المخدرات مصابون بالسيدا. 0,83 % من مرضى السل يحملون الفيروس. 2,68 % من عاملات الجنس مصابات بالسيدا. أول حالة إصابة بداء فقدان المناعة المكتسبة سجلت سنة 1986، وقد سجلت لدى مغربي قدم حينها من الولايات المتحدة الأمريكية.
الأحداث المغربية