علي مسعاد
في أوروبا ، في أمريكا كما في العديد من البلاد العربية ، أصبحت تتصدر " البطالة " ، أولويات البرامج الانتخابية ، التشريعية كما الرئاسية ، لما أصبحت تشكله من هاجس ، لدى فئة من المواطنين و في مختلف العمرية و الشرائح الاجتماعية .
فآفة " البطالة " الظاهرة الاجتماعية التي تفشت بشكل كبير ، في ظل الأزمة الاقتصادية ، لم تعد تقتصر تداعياتها ، النفسية و الاجتماعية ، لدى شباب الدار البيضاء وحدهم ، بل الصورة تتكرر ، بشكل أكثر مأساوية في مصر ، في اسبانيا ، في البرتغال ، في أمريكا و في العديد من البلاد العربية ، وما الحراك الشبابي ، إلا نتيجة تراكم الأزمات النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية ، نتيجة " قلة الشغل " ، التي أشعلت فتيل الثورات العربية كما الأجنبية .
" قلة الشغل " ، التي لم تعد حكرا على أحاديث رجالات السياسية ، هنا و هناك ، في برامجهم الانتخابية ، بل حتى الخطب المنبرية في المساجد ، اكتوت بنار " البطالة " ، التي كانت السبب في عزوف الكثير من الشباب عن الزواج و في كثير من الأحيان في تأخره و في العديد من الظواهر الاجتماعية ، التي يصعب حصرها في كلمات ، أصبحت تتكرر لدرجة الملل في أحاديث الشارع ك" السرقة و النشل و القتل و الاغتصاب و الاعتداء على المارة ، بسبب تعاطي الشباب العاطل للمخدرات و القرقوبي و الشيشة " أو ارتفاع معدلات " الطلاق ، الأمهات العازبات ، الدعارة ، أطفال الشوارع " وغيرها من القضايا ، التي عرفت طريقها إلى البرامج التلفزية ك" الخيط الأبيض " ، " مختفون " ، " تحقيق " ، " عن قرب " و "بدون حرج " ، بسبب " الفقر و الحاجة و البطالة " .
لكن ، ما يلاحظ على نقاشات الشارع و الخطب المنبرية و البرامج الحوارية ، ربط الشباب العاطل ، بضعف الهمة لديهم ، و أنهم كسالى و غير جادين في حياتهم و لا رغبة لديهم لبدل مجهود من أجل الحصول على المال ، بل هم في غالب الأعم ، ينامون حتى منتصف النهار ، و يقضون الساعات الطوال في المقاهي ، عوض العمل و الجد و التعب ، هم عالة على أسرهم و بلا طموح .
وفي أحسن الحالات ، فهم يخفون فشلهم في الحياة و تدبر أمور يومهم ، خلف الوقفات الاحتجاجية و الإضرابات و المسيرات النضالية .
و هي الصورة السلبية ، المتداولة اليوم ، عن الشباب المغربي العاطل أو المعطل عن العمل ، وهي وإن قاربت في بعض جوانبها الحقيقة ، التي لا يمكن الهروب منها ، فهي ليست صحيحة مائة في المائة .
ماذا أعددنا لهم من برامج حكومية و برلمانية لانتشالهم من ظروف البطالة ؟ا
ماذا أعددنا لهم من برامج تكوينية و مناهج دراسية لولوج سوق الشغل ؟ا
ماذا أعددنا لهذا الشباب من ظروف للإبداع ، من فضاءات شبابية و ثقافية و ترفيهية ؟ا
ماذا أعددنا لهذا الجيل غير المقاهي و الشوارع و البرامج التافهة و البليدة ؟ا
هذا الجيل " ضحية " سياسات برامج حكومية و تعليمية و تربوية و إعلامية و لديه من الإمكانيات و الطاقات ، ما لو وجدت التربة خصبة ، ما هاجرت إلى بلاد الغربة ، للاستفادة منها ، في المجتمعات التي تقدر رغبة الشباب في التغيير و التجديد و إسقاط مظاهر الفساد و الرشوة و المحسوبية و الوساطة ، و ثقافة " باك صاحبي باك ما شي صاحبي " التي لم تساهم إلا في مزيد من العاطلين في صفوف الشباب الحاصلين على الشهادات العليا أو بدونها .
الحل هو إعطاء الكلمة للشباب و الاستماع إليهم قبل فوات الأوان .