وقفة احتجاجية ضد مدون دعا إلى بيع وجدة للجزائر

قبور تحت الماء.. الأمطار تغرق مقبرة الطويجين بسطات وتسبب في انهيار قبورها

احتجاحات بالحراريين بطنجة بسبب مسجد

شوارع باريس تكتسي اللون الأبيض استعدادا لاستقبال الشهر الأخير من السنة الميلادية

ضربة سـكين تنهي حـياة تلميذ بطنجة ومطالب بضرورة التدخل ومراقبة أبواب المدراس

استيراد اللحوم المجمدة يخلق جدلا واسعا.. مواطنون ومهنيون يرفضونها ويتسائلون: هل هي حلال؟

حقيقة ما تنفقه الدولة على الدين والخارجية والجيش

حقيقة ما تنفقه الدولة على الدين والخارجية والجيش

كل الميزانيات المدرجة في إطار قانون المالية قابلة للنقاش تحت قبة البرلمان إلا ميزانيات خاصة
جدا تتعلق بمؤسسات السيادة ومخصصات صناديق بواسطتها يتم ضبط الوضع العام في المغرب: ضبط أمن الأجساد والأرواح وحفظ سلطة الدولة وسيطرتها على النظام العام. يمكن التصويت ضد جميع الميزانيات والطعن فيها إلا ميزانيات هذه القلاع التي ترسو عليها سفينة اسمها المغرب. في هذا التحقيق، المرتكز على وثيقة حصلت عليها «المساء»، وهي تقرير لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج، والذي يقدم مشاريع الميزانيات الفرعية لمؤسسات سيادية، نطلعكم على تفاصيل ميزانيات مؤسسات الأوقاف والخارجية ونعرج على كواليس ما ينفقه المغرب على جيشه.
لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج في مجلس النواب هي أول لجنة تنهي علمها في ظرف قياسي. تمر أغلب التحملات المالية التي تصادق عليها بالإجماع، خاصة ما يتعلق منها بالدفاع الوطني.
صوتت هذه اللجنة ، قبل أيام، على تقرير يخص ميزانيات مؤسسات السيادة في المغرب. من فرط الحرص على تمرير مشاريع قوانين بعض هذه المؤسسات بشكل خاطف ودون سهو أو خطأ، تمت الإشارة في تقرير نتيجة التصويت على مشروع الميزانية الفرعية لإدارة الدفاع الوطني برسم السنة المالية 2012 إلى أن الموافقة والمعارضة والامتناع كانت بالإجماع، «ميزانية التسيير: باب الموظفين: الموافقون: بالإجماع، المعارضون: بالإجماع، الممتنعون: بالإجماع»... هذا ما كُتب في التقرير.
لم يكن أحد يجرؤ على أن يصوت ضده مشاريع ميزانية مؤسسات سيادية أخرى، مثل وزارتي الأوقاف والشؤون الإسلامية والشؤون الخارجية والتعاون، إلا إذا وراء ذلك هدف آخر. الآن، صوّت نواب بمعارضة أو بامتناع عن التصويت لصالح ميزانيات هذه الوزارات، لأنها لبس لباس سياسة.
رغم رفع أيدي المعارضة وبسط راحات الامتناع، مرت الميزانيتان. ينظر في المشروع الآن الآن مجلس المستشارين، وتقرؤون تفاصيله ضمن التحقيق التالي.
ملايير الأوقاف
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أغنى الوزارات، كما يقال، رغم أن أحمد التوفيق، الوزير الذي ظل على رأس أعتق مؤسسات المغرب لولايات عديدة ينفي ذلك. لم تتوقف ميزانية هذه الوزارة عن التضاعف، إلى درجة أنها ارتفعت بنسبة 2000% في ظرف عشر سنوات، بين 2002 إلى 2012، وهي المدة التي غيرت فيها هذه المؤسسة ملابسها وقيادتها التي تولاها المؤرخ والمريد البوتشيشي أحمد التوفيق، الراعي الرسمي لمشروع إعادة هيكلة الحقل الديني.
لا أحد يعرف تماما ما الذي يدور داخل دواليب هذه المؤسسة، المحاذي مقرها للقصر الملكي في الرباط. ظلت عصية على اختراق الحزبيين. أغلب موظفيها وأطرها أشخاص لا لون سياسيَّ لهم ولا طعم ولا رائحة، يُختارون بعناية، وبالعناية ذاتها تراقَب أعمالهم. لا لا أحد يعرف ماذا يفعلون وكيف يدبرون أمور إحدى أكثر وزارات السيادة غموضا.
زاد وضع هذه المؤسسة الداعي إلى الانتباه تسريب وثيقة خاصة بالسفارة الأمريكية في الرباط، في موقع «ويكيليكس»، مطلع السنة الجارية. تحدثت الوثيقة عن وقوع فضائح مالية وإدارية في وزارة الأوقاف. تجلّت هذه الفضائح، حسب وثيقة «ويكيليكس»، في أن ثلثي الموظفين الذين تم إلحاقهم بالوزارة ومرافقها هم أقارب قائمين على أمور الوزارة، المتحدرون أساسا من مناطق مراكش والراشيدية وبني ملال، فضلا على تمديد عقود مسؤولين في الوزارة رغم وصولهم سن التقاعد. وصل الأمر حد حديث الوثيقة عن توظيف مسؤولين لأبنائهم و«توريثهم» لمناصبهم.
استفاد أقارب مسؤولين وأبناؤهم ومعارفهم، حسب الوثيقة، أيضا، من سيارات مصلحة تابعة للوزارة دون أن يكون لهم ارتباط بالوزارة أو يزاولوا مهام فيها، إلى جانب وقوع تلاعبات بشأن صفقات أبرمتها الوزارة، أبرزها صفقة تزويد 29 ألف مسجد في المغرب بشاشات تلفزيون، نوعها قديم ومقتناة من شركة واحدة بمبلغ باهظ، إضافة إلى توظيف أشخاص مسؤولين عن الإشراف على ما يبث في هذه الشاشات داخل المساجد، رغم أن هذه التجربة أبانت عن فشلها. راج حديث أيضا بشأن تأشير أحمد التوفيق لنفسه من أجل اقتناء سيارة فاخرة، إلى جانب سيارة أخرى كانت مخصصة له.
في الوقت الذي لم يكشف أي تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات عن أي شيء بخصوص تدبير أموال وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وخاصة كيفية إدارتها ممتلكاتها، التي تضم أملاك الوقف والأحباس، فضلا على الأكرية، يميط تقرير الميزانية الفرعية للوزارة لهذه السنة عن بعض ملامح الخريطة المالية لهذه المؤسسة.
بلغ مجموع الميزانية المرصودة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الخاص بسنة 2012 الجارية 19 مليارا و418 مليونا و709 آلاف درهم، موزعة على 268 مليونا و709 آلاف درهم خاصة بالموظفين والأعوان ومليار و734 مليون درهم للمعدات والنفقات ومليار و810 ملايين درهم خاصة بنفقات الاستثمار، بينها اعتمادات الأداء لسنة 2012 واعتمادات الالتزام في 2013 وما يليها.
تضاف هذه المبالغ الضخمة إلى ميزانية أخرى مضمنة في مشروع قانون المالية في إطار نفقات الاستغلال الخاصة بمرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، ويتعلق الأمر بقسم الحج والشؤون الاجتماعية، الذي خصص له، بشكل مستقل على ميزانية الأوقاف، رغم أنه تابع لها، ما قدره 20 مليون درهم.
الميزانية المرصودة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والتي تقارب ما يخصص من اعتمادات مالية للملك وللبلاط الملكي وللجيش، تفوق ما خصص لمؤسسات أخرى لها دور كبير، مثل رئاسة الحكومة، وأخرى لها وظائف اجتماعية، مثل وزارات التجهيز والصيد البحري والشباب والرياضة والطاقة والمعادن والماء والبيئة والثقافة والسكنى والتعمير والعدل والحريات. لكنْ أين تنفق كل هذه الأموال، وفي مدة عام واحد فقط؟..
يتوزع ما تصرفه وزارة الأوقاف على نفقات التسيير وبناء المساجد واقتناء أنظمة معلوماتية ومعدات وتدبير ممتلكات الوزارة. «يبتلع» موظفو الوزارة لوحدهم 13.42 في المائة من ميزانية التسيير، أي 268 مليونا و709 آلاف درهم، بينما تتوزع نسبة 86.58 في المائة على اعتمادات شراء المعدات والنفقات المختلفة.
ضمن اعتمادات ميزانية التسيير، تخصص ميزانيات كبيرة لمؤسسات مستقلة عن وزارة الأوقاف، مثل رابطة علماء المغرب والسينغال والرابطة المحمدية للعلماء والأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية وفروعها، فضلا على دعم قدره 5 ملايين و81 ألف درهم، مخصص للمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، رغم أن عمل المعهد ليس داخلا في الشأن الديني.
ستوزع باقي الميزانية، خلال 2012، في حال مصادقة مجلس المستشارين على القانون، على تنظيم الاحتفالات الدينية بمبلغ 80 مليون سنتيم، والجوائز والمكافآت بقيمة 227 مليون سنتيم. والمثير للانتباه تخصيص مبلغ كبير لما سمي «برامج التوعية السمعية -البصرية»، والتي رصدت لها ميزانية قدرها مليار و700 مليون سنتيم.
أما قرابة 10 ملايير سنتيم فستعتمد ك«إعانة لفائدة الحسابات الخصوصية للأوقاف»، وهي عبارة عن صندوق أسود خاص بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لا تشمله مراقبة المحاكم المالية وأجهزة الرقابة، على غرار الحسابات الخصوصية الأخرى المدرجة ضمن مشروع قانون المالية، والبالغ عددها 79 حسابا، كما لا يمكن إرجاع الأموال الموجودة فيه إلى خزينة الدولة في حال عدم صرفها، كما هو حال باقي الحسابات الخصوصية.
ضمن ميزانية الاستثمار، والمخصصة لنفقات بناء المساجد وترميمها وتجهيزها وإقامة المباني الإدارية وتجهزيها أيضا، تمت إضافة مخصصات مالية متعلقة بتطوير النظم المعلوماتية، أي شراء أنظمة معلوماتية للتواصل الداخلي وحفظ المعطيات، بقيمة مليار و135 مليون سنتيم، رغم أن ما تكلفه هذه النظم لا يرقى إلى هذه الميزانية، إلى جانب رصد 865 مليون سنتيم لشراء «سيارات نفعية وسيارات المصلحة والدراجات النارية».
يشير التقرير الذي عرضه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، والذي عرضه على لجنة مجلس النواب، إلى العمليات المالية التي قامت بها الوزارة خلال سنة 2011. يزيح هذا التقرير الستار عن بعض ملامح صرف أموال الأوقاف. يُصرَف جزء كبير من المخصصات المالية في أعمال نظرية، ضمنها تنظيم دروس دينية وليالٍ وتأليف كتب والمساهمة في إعداد برامج تلفزيونية وإذاعية.
ضمن المخصصات المالية الكبيرة التي ترصد لدعم الإنتاج السمعي -البصري المساهمة، إلى جانب الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، في إنتاج 30 حلقة من برنامج «حديث الصائم» و52 حلقة من برنامج «في ظلال الإسلام».. خصصت بقية الميزانية، التي تجاوزت المليار سنتيم، لإنتاج حلقات برامج إذاعة بثت في الإذاعة الوطنية. تشمل الميزانية، أيضا، تسجيل الدروس الحسنية وإعادة بثها. تعرَف هذه البرامج المنتجة بجودتها التقنية المتدنية، ووفق مصادر «المساء» فإن بعض صفقات إنتاجها تُمنح لشركات إنتاج بمبالغ كبيرة.
تذهب ميزانية الأوقاف، أيضا، في صفقات مثيرة للانتباه، آخرها تمت في السنة الماضية، وتتعلق باقتناء أجهزة «mp3» وتوزيعها على الحجاج، على اعتبار أنها تضم تسجيلات صوتية تشرح مناسك الحج..
خصصت نصف ميزانية التسيير خلال السنة الماضية لبناء المساجد و«رعاية شؤون القائمين عليها». كانت الحصيلة بناء عشرة مساجد و10 أخرى شيدها محسنون. في الوقت الذي ما زالت مناطق عدة بدون مساجد ويلجأ مصلون إلى افتراش حصير في أماكن عمومية لإقامة صلاة الجماعة.
أبرمت بمقتضى عمليات تجهيز المساجد، والتي يشرف عليها عادة «محسنون»، عدة صفقات، بينها صفقة لاقتناء 1300 مكنسة كهربائية، بقيمة 2700 درهم للمكنسة الواحدة. أما الأئمة فلم يتجاوز راتبهم الشهري 1100 درهم، تضاف إليه 400 درهم إذا كانوا يؤدون مهمة الآذان، أما الخطباء فراتبهم هو 1600 درهم شهريا.
إلى جانب هذه الميزانيات، تشير وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى أنها تخصص منحا للزوايا والطرق الصوفية. في مقابل ذلك، تنفي زوايا وطرق تلقيها أي دعم من الوزارة. بين هذه الزوايا الطريقة القادرية البوتشيشية، التي ينتمي إليها وزير الأوقاف، والتي أكد الناطق الرسمي باسمها، لحسن السباعي الإدريسي، ل«المساء» أنها لا تتوصل بأي تمويل من وزارة الأوقاف وتعتمد على ما يتبرع به مريدوها. فأين تذهب أموال الأوقاف الموجهة للزوايا إذن؟ وهل يتم فعلا استثناء ميزانية وزارة الأوقاف ورصيدها العقاري من المراقبة؟
هذا السؤال حملته «المساء» لمسؤول مركزي بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والذي أكد أن ميزانية الأوقاف يسري عليها ما يسير على الميزانية العامة للدولة، كما أن الصفقات العمومية تخضع لضوابط تحكم باقي المؤسسات العمومية، «تخضع ميزانية الأوقاف لمراقبة قبلية وبعدية، وهناك أنظمة محاسبة مثل التي تخضع لها مؤسسات أخرى. في سنة 2010 حلت لجنة افتحاص بالوزارة ودققت في الحسابات لمدة 45 يوما، ولم يتبين وقوف اختلالات».
دبلوماسية وحسابات خصوصية
ضمن المؤسسات السيادية التي تخصص لها ميزانية كبيرة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون. تقدر الميزانية المخصصة لهذه الوزارة برسم سنة 2012، ضمن التقرير الذي توصلت به «المساء»، بمليار و966 مليونا و391 ألف درهم. خصص مليار و320 مليون و717 ألف درهم منها فقط لنفقات الموظفين، والتي ارتفعت بنسبة 55 في المائة مقارنة بالسنة الماضية. ورُصدت لنفقات المعدات وللنفقات المختلفة ميزانية قدرها 535 مليونا و774 ألف درهم، أما نفقات الاستثمار فبلغت 110 ملايين درهم.
رصدت ميزانية السنة الماضية، والتي تقل بنحو 60 مليون درهم عن السنة الحالية، لأشغال دبلوماسية كلفت الدولة كثيرا. بين هذه الأمور تسديد مساهمات في ميزانيات المنظمات الدولية والإقليمية التي يشغل المغرب عضويتها، بما مجموعه 91 مليون درهم، فضلا على مساهمات «تطوعية» لغرض «تعزيز موقع المغرب في بعض المنظمات الدولية».
خصصت 4 ملايين درهم (400 مليون سنتيم) لما سمي «مواكبة عملية ترشيح المملكة المغربية كعضو دائم في مجلس الأمن» خلال سنتي 2012 و2013. رُصِد هذا الاعتماد ك«دعم استثنائي لبعثتنا الدائمة في نيويورك»، كما ضمّن في تقرير وزارة الخارجية المحال على مجلس النواب.
بقية ميزانية الأشغال الدبلوماسية ابتلعتها البعثات الدبلوماسية والقنصلية وتنظيم اجتماعات اللجن المشتركة مع دول مختلفة، أبرزها المنتدى العربي التركي، الذي نعقد قبل أشهر في الرباط.
رصدت 110 ملايين درهم (11 مليار سنتيم) خاصة بالاستثمار لشراء أنظمة معلوماتية وإكمال أشغال في مقر وزارة الخارجية وإعادة هيكلة الشبكة الكهربائية وشراء سيارات جديدة للدبلوماسيين والعاملين في القنصليات.
سترتفع هذه المصاريف في سنة 2012، كما هو مبين في وثيقة مشروع مالية وزارة الخارجية، والتي تؤكد رفع مخصصات الموظفين بسبب إحالة 89 موظفا على التقاعد والتعاقد مع 100 آخرين، فيما ما يزال البحث عن مناصب دبلوماسيين وقناصل في لاس بالماس وغيرها جاريا.
تمتص البعثات الدبلوماسية المغربية في الخارج قدْرا كبيرا من ميزانية التسيير وحتى الاستثمار، إذ سيُرصَد خلال هذه السنة اعتماد مالي قدره مليارا سنتيم ل«دعم العمل الدبلوماسي»، فضلا على ترميم مصالح دبلوماسية خارجية بمبلغ يقارب نصف مليار سنتيم. أما شراء بعض الأثاث لهذه البعثات والعتاد الأمني فسيكلف لوحده 12 مليونا و150 ألف درهم، في حين ستخصص 6 ملايين ونصف مليون درهم لشراء «العتاد المعلوماتي». أما شراء سيارات جديدة لموظفي القنصليات والبعثات الدبلوماسية فسترصد له ميزانية قدرها 600 مليون سنتيم.
تضاف هذه المبالغ إلى مخصصات أخرى ضمن حسابات خاصة بأقسام تابعة لوزارة الخارجية وتعمل بشكل مستقل عنها، مثل قسم الشؤون القنصلية والاجتماعية، دون ذكر الوكالة المغربية للتعاون الدولي، التي تعد بمثابة الصندوق الأسود لوزارة الخارجية وذراعها التنفيذي، الذي تدعم به لوبيات خارجية.
المثير، أيضا، ورود حسابات خاصة بالقروض الممنوحة لدول أجنبية، في إطار العلاقات الخارجية. ما يقرضه المغرب لهذه الدول، رغم أنه هو نفسه يقترض، خاضع «للتذكرة»، ضمن قانون المالية، ولا تتم الإشارة إلى قدره. وهذا حال حسابات خصوصية أخرى تهم الانخراط في الهيآت الدولية، والذي رصدت له ميزانية قدرها 43 مليارا و559 مليون و584 ألف درهم.
نفقات الأرض والجو والفضاء
إذا كان المغرب يرجّح كفة بعض علاقاته الخارجية بواسطة القروض، فإنه يقيم علاقات أخرى بفضل تدخلات عسكرية خارجية، تخصص لها ميزانيات كبيرة في قوانين المالية، إلى جانب ما يخصص لإدارة الدفاع الوطني، أكثر المؤسسات حساسية في المغرب.
ميزانية إدارة الدفاع الوطني هي ثاني أضخم ميزانية قطاعية/ بعد ميزانية وزارة التربية الوطنية والتعليم، كما أنها الميزانية الثانية، بعد ميزانية الملك والبلاط الملكي، التي يُصادَق عليها بالإجماع.
الميزانية التي رصدت لإدارة الدفاع الوطني برسم سنة 2012 هي 29 مليارا و400 مليون درهم، بزيادة مليار و800 مليون درهم مقارنة بسنة 2011. خصصت 66 في المائة من هذه الميزانية للموظفين، بينما رصدت ميزانية مليارين و900 مليون درهم للتجهيز. 
سبب رفع ميزانية الدفاع الوطني لهذه السنة، كما هو مبيَّن في تقرير اللجنة البرلمانية سالفة الذكر، هو «تغطية الزيادة في الأجور التي وافقت عليها الحكومة لفائدة العسكريين والموظفين المدنيين»، إضافة إلى «تغطية الزيادة في السعر اليومي للمحنة عن التغذية الممنوحة لفائدة أفراد القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي»، إلى جانب «تغطية النفقات المالية المترتبة عن خلق 3280 منصبا ماليا جديدا». تشمل هذه المناصب الجديدة توظيف 1500 شخص ضمن القوات المسلحة الملكية و1000 شخص ضمن الدرك الملكي، فضلا على تسوية وضعية 780 منصبا ماليا لفائدة الحرس الملكي ومخصصات ترقية الموظفين المدنيين والعسكريين.
ستشمل ميزانية التجهيز، التي ضخت فيها هذه السنة 400 مليون درهم إضافية، اقتناء معدات عسكرية جديدة ومواصلة بناء ميناء عسكري في القصر الصغير وتوسعة المستشفى العسكري في الرباط، ومواصلة دعم برنامج بناء 80 ألف وحدة سكنية لأفراد القوات المسلحة وتحسين البنيات التحتية لهذه القوات وللدرك الملكي.
أما الميزانية المخصصة ل«قدماء المحاربين والعسكريين ومكفولي الأمة أو ذوي الحقوق وأرامل الشهداء ومعطوبي الحرب والمنضوين والمرحلين»، فتصل إلى أكثر من 519 مليون درهم.
ويتم تخصيص ميزانية أخرى للأسرى العائدين من معتقلات تندوف، إذ يُمنَح هؤلاء معاشا استثنائيا يبلغ 5300 درهم، بالنسبة إلى جندي من الدرجة الثانية، على سبيل المثال، وهو ما يعادل ما يتقاضاه ضابط برتبة قبطان بعد 40 سنة من الخدمة. أما معتقل سابق في تندوف، من رتبة «قبطان» فيحصل على معاش قدره 14 ألف درهم، أي ما يساوي ما يتقاضاه ضابط برتبة «كولونيل».
تخصص الميزانيات المالية الكبيرة التي ترصدها إدارة الدفاع الوطني لتكوين عسكريين ودركيين، بينهم أجانب، وهو ما يتم حاليا من خلال متابعة 500 عسكري أحنبي، من 24 دولة، تكوينا عسكريا في المغرب. وفي المقابل، تخصص مبالغ كبيرة لإبرام صفقات مع مؤسسات دولية لتكوين عسكريين مغاربة في الخارج.
وتخصص للتدخلات التي تقوم بها قوات الدفاع الوطني أيضا ميزانيات كبيرة، كمثال على ذلك صرف أزيد من 100 مليار سنتيم في 44 عملية إخماد حرائق، خلال مدة إجمالية من الطيران قدرها 187 ساعة.
وتكلف بعض التدخلات العسكرية التي تقوم بها القوات الملكية في الخارج، بدورها، ميزانيات كبيرة، فخلال السنة الماضية لوحدها قدمت القوات المسلحة الملكية عدة مساعدات إنسانية لدول عدة، كما نشرت مستشفيات عسكرية متنقلة في عدة بلدان، وما زالت تجريدات مغربية كثيرة موجودة في دول، بينها الكوت ديفوار، التي يوجد فيها 750 عسكريا مغربيا، وكوسوفو، التي تضم تجريدة مغربية فيها 160 عسكريا، فضلا على انتشار 750 عسكريا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مع ما يتطلبه كل ذلك من تخصيص ميزانيات للإيواء والإطعام والعتاد والذخيرة.
يشير تقرير إدارة الدفاع الوطني، المرفوع إلى مجلس النواب، إلى أن مبالغ مالية كبيرة ترصد في مجال الصحة العسكرية لوحده، إذ وصل ما تم توفيره في هذا المجال، سنة 2011، ما قدره 970 مليون درهم، شملت تجهيز مستشفيات عسكرية.
شملت ميزانية الجيش، أيضا، بناء وحدات عسكرية جديدة ونقل أخرى من المناطق الحضرية، إلى جانب تدبير ممتلكات عقارية للجيش، تدخل في نطاق الأراضي العسكرية، حيث تم رصد ميزانيات لإزالة أحياء صفيحية بها والمساهمة في إعادة إيواء سكانها.
ويحيل التقرير، أيضا، على جانب «خفي» من المؤسسة العسكرية، ويتعلق الأمر بالنساء اللواتي يلتحقن بالجيش وما يخصص لهن من رواتب، إذ يشير التقرير إلى أنه توجد ضمن القوات الملكية المسلحة 381 امرأة عسكرية برتبة «ضابطة سامية» من أصل 5690 جندية. أربعة من هؤلاء العسكريات الساميات برتبة «كولونيل ماجور»، 18 برتبة «كولونيل»، و176 برتبة «ليوتنان كولونيل»، و183 بتربة «كوماندار».. تتحمل بعض النساء العسكريات مسؤوليات إدارية داخل أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية ويعملن ربابنة في طائرات لنقل والطائرات الحربية.
كما يشير التقرير إلى تخصيص دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية هبات مالية لإدارة الدفاع الوطني لتحمل مصاريف مالية. يتضمن مشروع قانون المالية نفقات استغلال خاصة بمرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة والتابعة لإدارة الدفاع الوطني، وبينها المركز الملكي للاستكشاف الفضائي عن بعد، الذي رصدت له، برسم سنة 2012، ميزانية قدرها 24 مليونا و681 ألف درهم، إلى جانب مستشفيات ومراكز طبية عسكرية، فضلا على وحدة الدرك الملكي لتصنيع الأقنعة.
يشير مشروع القانون المالي، أيضا، في ركنه الخاص بالحسابات الخصوصية، وهي ميزانية مستقلة لا يمكن إخضاعها للرقابة المالية ولا يمكن استرجاعها، إلى مصاريف عسكرية ضمنها حساب بقيمة 10 ملايير و200 مليون درهم لاشتراء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية، وميزانية صندوق مشاركة القوات المسلحة الملكية في مأموريات السلام، إلى جانب صندوق الدعم لفائدة الدرك الملكي، بمبلغ 40 مليون درهم.


لم تناقَش مالية وزارة الأوقاف لهذه السنة داخل قبة البرلمان بشكل مستفيض، كالعادة. باستثناء إثارة نائب برلماني لقضية استغلال أراضي الأحباس لزراعة الكيف في منطقة الريف، لم يُفتح أي نقاش في لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج.
عرض تقرير مناقشة ميزانية الأوقاف طرح نواب أسئلة ذات طابع ديني عام ولم تدخل في نطاق التدبير المالي والإداري. نقطة وحيدة متعلقة بممتلكات الوزارة، التي يقال إنها الأغنى في المغرب، تضمنها جواب الوزير، أحمد التوفيق، عندما نفى كل ما نشر عن كون الوزارة «أغنى الوزارات في المغرب».
ذهب التوفيق أبعد من ذلك، موضحا أن الوزارة لا تتوفر سوى على 80 بقعة أرضية، «غير قابلة للمساومة»، على حد قوله، مضيفا: «لن تتنازل الوزارة عن الحق في كرائها، رغم مناورات من البعض قصد الاستيلاء عليها بثمن بخس، ولا تخفيض في الأثمنة الكرائية».
طالت السمة السطحية الغالبة على مناقشة ميزانيات مؤسسات السيادة هذه جلسات مناقشة ميزانية وزارة الشؤون والخارجية والتعاون. أسئلة عامة جدا طرحت وتوصيات بتكثيف العمل الدبلوماسي، بينما لم يطرح سؤال واحد على وزير الخارجية بشأن كيفية إدارة ما يرصد للوزارة من أموال.
في المقابل، تضمن جواب وزير الخارجية، سعد الدين العثماني، جزءا من بعض ما تنفقه الوزارة، التي يديرها مسؤول حزبي لأول مرة، بعدما ظلت خاضعة لأشخاص غير متحزبين.
أوضح العثماني، كما يبين التقرير الذي تتوفر عليه «المساء»، أن أزمات دبلوماسية وإستراتيجية دولية تشكل أعباء مالية على وزارة الخارجية، بين هذه الأزمات القضية الفلسطينية، التي خصص لها صندوق خاص في إطار «وكالة بيت المال القدس»، للقيام بمشاريع هناك. كلف بناء مدرسة واحدة هناك، حملت اسم «مدرسة الحسن الثاني»، ميزانية قدرها 600 ألف دولار (أزيد من نصف مليار سنتيم)، فضلا على تخصيص نصف مليار سنتيم لتوسعة معهد للأطفال تابع لجامعة القدس.
كشف العثماني، أيضا، أن اكتراء بنايات إدارية إلى جانب نفقات موصولة بهذه العملية يكلف الخارجية كثيرا، ولهذا الغرض تمت برمجة مخطط من 2013 إلى 2017 يتيح تملك الوزارة أبنية جديدة، علما أنها حازت، في ظرف ثلاث سنوات، من 2009 و2012، 16 بناية إدارية.
في المقابل، لم يتم ذكر أي شيء يتعلق بوكالة التعاون الدولي، والتي ترصد لها ميزانية كبيرة وتبرم صفقات لا يتم افتحاصها، على غرار مشاريع بناء مساجد ومقرات دبلوماسية في دول أخرى.


عبد المومني: عدم مناقشة البرلمان ميزانيات وزارات السيادة حالة شاذة عالميا
- هل من العادي، في نظرك، عدم مناقشة البرلمانيين ميزانيات مؤسسات سيادية نظرا إلى الدور الذي تقوم به؟
يشكل المغرب حالة شاذة عالميا في هذا الخصوص، إذ لا يوجد برلمان يحترم نفسه ويقبل أن يمرر الأمور بالطريقة البئيسة التي تتم بها داخل البرلمان المغربي. كل الأمور يجب مناقشتها. في التجارب الدولية الأخرى، يمكن أحيانا أن تكون هناك بعض النقط التفصيلية التي تمر من رقابة خاصة، مثلا الميزانيات الفرعية لبعض المصالح الخاصة بالمخابرات الأمريكية، التي تمر عبر لجينة في الكونغرس، حيث لا تكون معرضة للتتبع الإعلامي وتكون الجلسة سرية، ولكنْ حتى هذه الميزانيات يتم تدقيق جميع النقط الخاصة بها داخل هذه اللجينة ويكون هناك تجاذب بمقتضى الخلفيات السياسية التي تكون وراء الخيارات.
الأمر راجع إلى أن لدينا نظاما يعتبر أن الديمقراطية وتعبير منتخبي الأمة عن آرائهم يمكن أن يؤثر في المسائل التي تعتبر ثانوية، أما ما يعتبر مهما أو إستراتيجيا وفق الصيغة التي استعملت في دستور فاتح يوليوز، فليس هناك من له الحق في التكلم بشأنه.
لقد مر المغرب، في أقل من جيل من الزمن، من 20 سفارة إلى قرابة 100 سفارة الآن، كما يتم صرف ربع الميزانية العامة على المصالح الأمنية ما بين الداخلية والجيش وتجد، أيضا، أن لدينا "دولة بطابقين": فوقي، يتصرف بحجم مالي صغير جدا ولكنه صاحب القرار في جميع الأمور، وطابق تحتي، قوامه عدد كبير من الموظفين يصرفون الجزئيات.
- لكن، في المقابل، هل للبرلمانيين من التكوين ما يخول لهم مناقشة أمور تقنية تخص وزارات سيادية، مثل الأوقاف والدفاع الوطني؟
المشكل مشكل قرار سياسي، إذ يمكن أن يكون الشخص ليس لديه تكوين ولكنه قد يلجأ إلى مستشارين ويطلب خبرات. عندما يكون القرار السياسي في يد الشعب سيصير هناك باحثون وخبراء ومهنيون ومختصون يدلون بدلوهم. المشكل عندنا هو أن "الإرهاب" الذي مارسته الدولة على النخب جعلها تصبح عاجزة عن التفكير، وليس حتى التقرير، في مثل هذا النوع من المواضيع.
لو أن لدينا برلمانا عاديا فسنجري مقارنة بسيطة مع مختلف دول العالم، ولكن البرلمانيين يبتعدون عن القضايا التي يعتبرونها صعبة، في الوقت الذي أصبحت هذه المؤسسات خاضعة لأصحاب المشروعية السياسية. هناك اتهامات لمسؤولين عسكريين بالاختلاس، ولكن برلمانيينا لا يجرؤون حتى على طلب فتح تحقيق بغرض تبرئة ذمة هؤلاء المسؤولين وإخراس صوت من يتكلم بسوء عنهم، إن كانوا كاذبين.
- ألا ترى أن موقفك متشائم نوعا ما، على اعتبار أن المغرب في بداية العمل بدستور جديد وللتو أضحت وزارات سيادة مثل الخارجية والداخلية يشرف عليها سياسيون؟
التدرج عادي جدا، كما أن حكومة عبد الإله بنكيران "ورثت" مشروع ميزانية جاهز، ومفهوم أن يقولوا إنهم لن يقلبوا الأمور رأسا على عقب، ولكنْ ألا يناقشوا، فالأمر يرجع إلى عوامل أعمق. لا تنس أن التدرج الديمقراطي الذي تحدثت عنه أُعلن في صيف 1974، والقول إننا ننتقل بالتدريج نحو الديمقراطية هو كلام مغلوط، لأن السلطة اختارت أنه في نفس الوقت الذي يكون هناك تفتح مؤسساتي نسبي يزداد في المقابل وضع اليد على النخب، بدفعها إلى الارتشاء وتقويض مشروعيتها الانتخابية بالتدريج وتتم الهيمنة على نخبها القيادية، وهو ما عشناه مع الاتحاديين لمدة جيل، وأظن أن هذا هو المخطط الذي يتم إدراج العدالة والتنمية ضمنه.. هل سينجح هذا المخطط أم لا؟ هنا نقول لا، لأن هناك محيطا جديدا، وفي تقديري، هناك معطى أساسي، حيث لم تعد هناك إمكانية للتحكم بالتخويف والتغليط عبر المنع من الولوج إلى المعلومة، ثم إن الأزمة التي نحن مقبلون عليها تبدو عويصة جدا، إذ لم يعد بإمكان الناس السكوت أمامه، يبقى دور النخب في تولي مسؤوليتها سريعا، قبل أن تصبح مسؤولة عن تورط المغرب في أزمة اقتصادية عميقة جدا، وبالتالي يجب مواجهة معضلة التحكم غير الديمقراطي في القرارين السياسي والمالي.
فؤاد عبد المومني خبير اقتصادي وناشط سياسي
 

المساء


عدد التعليقات (1 تعليق)

1

Maha..mohcine

La hawla kouata ila b illah

2012/05/12 - 11:11
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة