ياسين بوكراع
لاشك في أن الكثير من المتتبعين للتحولات التي يشهدها عالمنا اليوم على جميع الأصعدة و المستويات, يتفقون مع مقولة " لكل عصر هناك صناعة تقود ",فصناعة الإعلام أضحت قوة في يد من يمتلكها, فالغرب امتلك هذه القوة بفضل امتلاكه للصناعة الإعلامية , التي أصبح بسببها يخترق مجتمعنا العربي, و يؤثر على ثقافته و طريقة عيشه, هذا في الوقت الذي تعيش فيه الصناعة الإعلامية العربية عموما والمغربية خصوصا وضعا متأزما لا يحسد عليه, بحيث صرنا أشبه بقطيع من الغنم تقودنا أفكار و ثقافة الأخر في شتى مناحي الحياة الاجتماعية. نعم فمن لا يقود يقاد, و عندما يقاد المرء وجب عليه أن يقبل و ألا يفاوض فيما يقدم له. هناك مجموعة من القضايا أثبتت مدى ضعف الإعلام المغربي في كشف حقيقتها, فقضية بحجم معاناة الأطر العليا المعطلة مع السيد رئيس الحكومة المغربية خير دليل على ضعفها .
من كان يتصور أن يبقى الاعلام المغربي بهذه العقلية المستبدة في زمن تولي حزب العدالة و التنمية مقاليد الحكم. خاصة وزارة الاتصال التي يشرف عليها الأستاذ الخلفي الذي يجتهد من فينة لأخرى في هذا المجال وكان أخر اجتهاداته دفتر التحملات التي اثارت زوبعة في المشهد السياسي المغربي بين مؤيد معارض له.وكان موضوع كثير الدسم للمجموعة من الأقلام المغربية الفذة التي تطرقت له من كل الجوانب السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية... .
لكن كل هذا الجدل قد أستسيغه لأنه صحي وسينتج مادة خام لمستقبل هذا القطاع اذا توافق عليه الفرقاء السياسيين و الاجتماعيين .في حين لا أستسيغ بالبت
والمطلق تعامل هذا القطاع مع ملف الأطر العليا المعطلة التي تعاني من قهر نفسي و جسماني كان بطله السيد رئيس الحكومة و جماعته الاسلامية التي تفننت بشكل ينم عن ثقافة انتقامية لم تخطر على بال الأطر العليا المعطلة و عائلاتهم التي تستقبلهم من أسبوع لاخر بكدمات على مستوى الوجه و اليديين ناهيك عن الظهر الذي يتعمد الأطر العليا عدم كشفه لعائلاتهم تفاديا لأي صدمة نفسية لهم أما السب و الشتم و الكلام النابي فحدث ولا حرج.
وما زاد الطين بلة هو تسخير الاعلام السمعي البصري الأكثر تأثيرا على الرأي العام المغربي لخدمة أجندة لا يعلم هدفها سوى المتتبع لأحوال هذه النخبة المثقفة- الأطر العليا- التي تعاني اليوم الامرين القهر و الضرب و سحل البنات و كسر العظام من جهة ,و التضليل الاعلامي المتعمد من جهة أخرى.الذي تسبب في حالة اكتئاب داخل أوساط الأطر العليا المعطلة خاصة العنصر النسوي الذي لا يعلم نتائجه سوى الطب النفسي .
مناسبة هذا الحديث جاء نتيجة تتبعي لمختلف البرامج التلفزية التي تناولت موضوع الأطر العليا المعطلة الذي أصبح موضوع الساعة اليوم و سيبقى كذلك ان لم تعد الحكومة لرشدها و تعيد النظر من جديد في مقاربتها الفاشلة بشهادة الشارع المغربي و ممثليهم في البرلمان و حتى من كان مساء أمس يعارض هذه الحل الوزاري التوظيف المباشر -السيد الوفا وزير التربية الوطنية - على سبيل المثال لا الحصر الذي قال يجب على الحكومة الالتزام بتعهدات الحكومة السابقة ,وكذا السيد ادريس الراضي مستشار البرلماني الذي صرح بأن الحكومة تضحك على ذقون المعطلين و غيرهم لا يتسع المقام لذكرهم .
هذا ان دل على شيئ فانما يدل على تعنت الحكومة في حق هذه الفئة التي لا حول لها و لا قوة من أجل الاجهاز على هذا الحق اعلاميا بعا فشله في الاجهاز عليه ميدانيا بالهروات و الاعتقالات التعسفية في دولة القانون و المؤسسات لدرجة أن أصبحت مراكز شرطة الرباط مكتظة بالأطر العليا المعطلة .
قد لا يختلف معي أحد ان صرحت أن القنوات التلفزية المغربية خاصة القناة الأولى تنهج سياسة الاقصاء و التمويه و تمرير المغالطات لرأي العام بخصوص قضية الأطر العليا المعطلة المطالبة بتفعيل المرسوم لا أقل و لا أكثر المطالبة بتطبيق القانون ما دام هذا الأخير يعلوا و لا يعلا عليه في الوثيقة الدستورية الجديدة التي نالت ثقة الناخبيين المغاربة .
وكان اخر مؤيد لقضية الأطر العليا المعطلة الداعية الاسلامي عبد الله النهاري الذي تطرق من الجانب الديني ليدحض بالحجة و الدليل كل المغالطات التي تتقدم بها الحكومة الاسلامية فماذا بقيا أكثر من هذا. لم يبقى سوى القول سيظهر الحق و سيزهق الباطل في الوقت القريب انشاء الله لأنه عزوجل يمهل و لا يهمل .
ان اعلامنا ما شاء الله يسلح أقلامه و صورته و صوته بشتى الطرق للنقد اللاذع لحق مشروع و يقيم الدنيا و يقعدها .بينما نحن الان في أمس الحاجة للاعلام و لهذه الأقلام ,لكي تكشف لنا بكل شفافية و مصداقية حقيقة تلك التي تنكرت لعهودها و انسلخت من مبادئها التي كان يفتخر بها كل مغربي داخل الوطن و خارجه .
وككلمة أخيرة ,فاذ استطاع الغرب أن يجعل من الاعلام قوة لا تقهر , وجب علينا نحن أيضا كمغاربة على أن نسعى وراء امتلاك هذه القوة ,فهذا حق شرعي لكل دولة تسعى الى الدفاع عن ثقافتها و هويتها و ابرازها للاخر دون مزايدات ولا اقصاء ولا تمرير مغالطات.
فمتى يا ترى سنحظى بهذا الشرف؟