حتى الدجاج البلدي لم يسلم من موجة الغلاء

بداية إصلاح المسالك المتضررة وفك العزلة عن الدواوير ضواحي ميدلت

طريق وحيدة تؤدي إلى جماعة سبت الزينات ضواحي طنجة.. والسكان يناشدون: فكوا عزلتنا!

آيت الخضر وحمدي: التلقيح هو الحل للحد من تفشي "بوحمرون" بسطات

حموني: استمرار تعثر مشروع الرقمنة وتبسيط المصادر الإدارية يشجع على استفحال الفساد والرشوة

السلطات المحلية تواصل حملة تحرير الملك العمومي بسطات

العقل أقدم سجين عبر التاريخ..!

العقل أقدم سجين عبر التاريخ..!

عبد اللطيف مجدوب

 

ميلاد الخير والشر

 

كان الإنسان وما زال سيد الكائنات على وجه البسيطة ؛ لما حباه الله من قدرات عقلية ، مكنته من بناء حضارات تليدة وحديثة ، وأهلته لسبر أغوار المحيطات وأجواز الفضاءات ، واستكشاف الكواكب .. كما كانت له نبراسا للغوص في ماهيته وكيف تشتغل طاقاته وتفنى .. علمته أساليب التحايل على الآخر ، وانتزاع الريادة .. والهيمنة .

 

لكن ، ومع كل طاقاته وإمكانياته ومكتسباته هذه ، ظل العقل البشري في كل الطفرات التاريخية سجينا ؛ تزايد حصاره مع توغله في الزمن الحاضر والمستقبل ، بل حوكم غير ما مرة وتعرض للاضطهاد ، وسخر طاقاته في تدمير البشرية وكل ما حوله ، لحظة أن جردوه من إنسانيته وعواطفه وقيمه ، فأضحى عقلا بضوء وحيد الاتجاه لا يأبه بما حوله ، أو يبرمجه ضمن أعدائه .

 

وهكذا وجد الإنسان أمامه قوتين متناقضتين ؛ قوى خيرة يحتضنها العقل السامي والبريئ من صغائر الوجود ، وقوى شريرة تزحف في كل اتجاه ، ديدنها بسط تحكمها على كل شيء ، وإخضاع حركية الأشياء لتدور في فلكها .

 

فالرقعة الجغرافية البشرية حاليا وما تعرفه من تطاحن وتمزقات وحروب ودمار ، هي نتاج طبيعي لإخراس صوت العقل الحق القابع في غياهب السجون والنسيان ... ومآل البشرية في دروب مظلمة بقيادة القوى الغاشمة والمهيمنة .

 

فلعل لقاء آدم بحواء ـ على وجه الأرض ـ كان بمثابة أول خطيئة ومؤامرة معلنة ، لتتلوها ظهور أقوام ومدن وحضارات ؛ ظلت وفية في حركيتها لمبدأين متناقضين وسرعتين متضادتين : الخير والشر . فلولا الجانب المظلم الذي تتشكل به بهيمية الإنسان لكان قد عرج به إلى السماء وأخذ مقعده وسط الملائكة ، وإن كان إبليس قد أقسم بأن يظل عدوا له في الدنيا والآخرة .

 

هل كان الإنسان سيشهد مذاق الجوع والإقصاء والتهميش والمرض والعبودية ... لو كان صوت العقل صداحا وسائدا ؟ هل كانت لذاكرته أن تختزن صورا مروعة لأنهار وشلالات الدماء عبر الأحقاب والعصور ، لو كان العقل والتعقل في حالة سراح ؟!

 

جماجم وجماجم !

 

إن العقل المتقوقع حول ذاتيته هو أسير نزواته وشهواته ، فبينما العقل الحر يسعى في خير البشرية جمعاء ويزدان قاموسه بمفاهيم حية ونبيلة من قبيل " التكافل والتجاور والتساكن والتسامح والتناغم والتهافت على القيم السمحة ... نجد الأول ؛ على النقيض من ذلك ؛ يدين بالولاء للمال والربح وإقصاء المنافس ، وحب التملك والتوسع .

 

فكم من جماجم آدمية طواها الثرى ؛ داخل أقبية أو أمكنة مهجورة لا لشيء سوى أنها صدحت بالحق في وجه الحاكم وأوقرت سمعه بقول لا وسيفه مسلط على رقابها . وكم من جماجم بشرية ترصعت بها الهياكل والأضرحة والمزارات خنع أصحابها أمام بريق الذهب ودلال السلطة في أزياء الغنج والدلع والشبقية .

 

فالتراب تراب تستوي عنده جميع الجماجم ، إلا أن وجود عقل الإنسان السامي هو الذي يقف فيصلا بين تراب طيب وآخر


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات