أخبارنا المغربية
يشكل موسم الصيف بالمغرب فرصة لكثير من الناس لامتهان حرف موسمية مرتبطة به، واستغلال الأنشطة التي تتخلله لكسب قوت يومهم، فمنهم من يعمل في بيع الفواكه الصيفية والأكلات الجاهزة والملابس، ومنهم من يفضل العمل في سمسرة الشقق المفروشة وحراسة السيارات، ولعل الأكثر معاناة من بين “باعة الصيف” هم من يجوبون الشواطئ لبيع القهوة والشاي والسكاكر والمعلبات والأكلات السريعة وملابس ولوازم السباحة، حيث يتحملون حرارة الطقس وصعوبة التنقل على الشاطئ محملين بالسلع، ويقطعون الشاطئ جيئة وذهابا بحثا عن الزبائن.
ظروف صعبة
رغم الحملات الواسعة التي تنظم ضد الباعة الجائلين على مستوى الشواطئ إلا أنهم لا يستسلمون، ويواصلون عملهم بعد انتهائها، ويستغلون موسم الاصطياف في ظل غياب فرص العمل، وتشتكي شريحة كبيرة من باعة الشاطئ من قساوة العيش، وظلم المراقبين الذين يصادرون تجارتهم في كل حملة، معللين إصرارهم العمل على الشاطئ والاعتماد على هذه المهن الموسمية بكونه الحل الوحيد لمواجهة الفقر الذي يرغمهم على العمل في ظروف قاهرة، ودون أدنى شروط الكرامة الإنسانية، وخارج نظام التغطية الصحية والرعاية الاجتماعية.
وتتنوع بضاعة المراهقين والأطفال الذين يجوبون الشواطئ المغربية في الصيف، حيث تتراوح بين المثلجات والترمس والسكاكر والمشروبات والنظارات الشمسية والألعاب والأطباق الطائرة وغيرها، ومن المفارقات أن هذه الألعاب التي يبيعونها لم يستخدموها قط رغم حاجتهم للعب، وبالمقابل فإن أناملهم الصغيرة التي تبيع التبغ احترقت بسبب كثرة حملها لأعقاب السجائر المشتعلة.
ومن بين الباعة الجائلين على شاطئ مدينة أغادير السياحية مراد مصطفى، الذي يعمل برفقة اثنين من أشقائه لتوفير المستلزمات الأساسية للعائلة، حيث يبيعون الألعاب والسكاكر والمشروبات الباردة والمعلبات، ويتبادلون الأدوار فيما بينهم، ويتقاسمون الأرباح بعد نهاية كل يوم عمل.
ويقول مراد، الذي وضع قبعة على رأسه تقيه من حرارة الشمس، إنه يخرج صباح كل يوم برفقة شقيقيه حاملين تجارتهم إلى شاطئ البحر، ومتخذين من متجر قرب الشاطئ مكانا لتجمعهم بعد كل جولة ومخزنا لتجارتهم، ويوضح مراد، الذي لم يتجاوز عمره 14 عاما، أنه يجوب شاطئ البحر يوميا حاملا بعض المثلجات والمشروبات الباردة، وعندما يتعب من حمل البراد الصغير الذي يحفظ تجارته، يتبادل الأدوار مع شقيقه سعيد الذي يكبره بعام ويتحول من بائع المشروبات الباردة إلى بائع مشروبي الشاي والقهوة، وفي المساء يساعد شقيقه الآخر على بيع لعب الأطفال ومستلزمات السباحة.
سباق مع الزمن
رغم ما يتعرضون له من مضايقات ومصادرة شبه يومية لبضائعهم وأنشطتهم غير الخاضعة للترخيص، فإن إصرار مراد ورفاقه على متابعة أنشطتهم التجارية يتفوق على هذه المضايقات.
ويشير مراد إلى أن ساعات المساء هي الأفضل نشاطاً والأكثر بيعاً على الشاطئ، بسبب توافد أعداد كبيرة من المصطافين الذين تستهويهم الأنشطة الصيفية التي تقام على الشواطئ والتي تخلق جوا من البهجة والمرح، وتحوّل المصطافين إلى متبارين يتسابقون لإظهار مواهبهم وهواياتهم المختلفة، فيشترون حاجاتهم من لعب واكسسوارات ومشروبات من باعة الشاطئ.
ويوفر شاطئ البحر فرص عمل كثيرة ليس فقط بالنسبة للباعة الجائلين، بل أيضا بالنسبة لهواة رسم البورتريهات والوشامين وبائعي التذكارات والشمسيات والكراسي وسماسرة الشقق، فيما يحترف البعض الآخر تعليم الأطفال بناء المجسمات الرملية على الشاطئ والتحليق بالطائرات الورقية وركوب الدراجات المائية، وحتى رعاية الأطفال وتعليمهم السباحة ما يمكن الآباء من الاسترخاء على رمال الشاطئ والاستمتاع بأشعة الشمس وهم مطمئنون على أطفالهم. كما يجد منظمو مباريات كرة القدم والطائرة ومسابقات ركوب الأمواج والتزحلق بالدراجات المائية والرحلات الترفيهية فرص عمل جيدة على الشاطئ.
ويقول علي مبارك، الذي يتنقل تحت الشمس اللافحة، عارضا خدماته على المصطافين “العمل في المصايف ممتع بالنسبة لي، فأنا أستمتع بقضاء إجازتي، وأمارس هواية رسم البورتريهات، وأجني مالا يساعد على سد حاجات عائلتي”.
أما إبراهيم نجيب، الذي يؤجر المظلات الشمسية والكراسي ومستلزمات البحر، فإنه لا يبدو مستمتعا بعمله بسبب ضيق موسم الاصطياف هذه السنة، بسبب حلول رمضان فيه الذي اختزل موسم الاصطياف في وقت وجيز، ما جعله وغالبية الباعة على الشاطئ يخوضون سباقا مع الزمن لتحقيق الربح نفسه الذي حققوه في السنوات السابقة رغم قصر مدة الاصطياف. ووجد إبراهيم أن أفضل وسيلة لتحقيق ربح أكبر في وقت وجيز هي توسيع تجارته حيث أصبحت متنوعة بين بيع المثلجات وملابس وأدوات البحر والأكلات الخفيفة والفطائر.
سكينة اصنيب