بحضور نجوم الفن المغربي.. افتتاح المهرجان الدولي للسينما والهجرة بوجدة

المغربية بومهدي: حققت حلمي مع مازيمبي وماشي ساهل تعيش في الكونغو

الرضواني: خسرنا اللقب ونعتذر للمغاربة..ولاعب مازيمبي تشكر المدربة بومهدي

لمياء بومهدي: لم أتخيل يومًا الفوز بلقب دوري أبطال إفريقيا في المغرب ومع فريق آخر

مدرب الجيش الملكي يبرر الخسارة المفاجئة لنهائي أبطال إفريقيا

شاهد لحظة مغادرة "أزواغ" حارس اتحاد طنجة دربي الشمال باكياً

حيتان عابرة للقارات...

حيتان عابرة للقارات...

مصطفى المسناوي

 

 

بثت القناة الأولى للتلفزة المغربية، قبل بضعة أيام، تقريرا مصورا ضمن إحدى نشراتها عن حوت نافق ضخم رمت به الأمواج إلى شاطئ الوطية في إقليم طانطان. وهو تقرير لم يتم الانتباه إليه، للأسف، من قبل خبراء الإعلام والاتصال في بلادنا وفي الخارج، رغم أنه يقدّم خير مثال على «خصوصية» النموذج التلفزيوني المغربي في مجال الإخبار، الذي يستحق التعميم والاحتذاء في جميع أنحاء المعمور.
أول ملمح من ملامح هذه «الخصوصية» التاريخية هو الطريقة التي تمت بها قراءة التعليق في التقرير، والتي انتبه إليها كل من تابعه على الشبكة العنكبوتية، حيث اعتبرت بعض التعليقات أنها (أي القراءة) ربما كانت صادرة عن رجل آلي (أو «روبو»، بلغة العرب البائدة، من نوع «الأندرويد» الذي ظهر في فيلم «حرب النجوم»)، في حين اعتبرتها تعليقات أخرى شبيهة بقراءة التلاوة في التحضيري؛ كما تساءل البعض عن اسم المجرة أو النظام الكوني الذي لعل صاحب التعليق جاء منه، مع التأكيد على أنه ليس «درب التبانة» الذي ننتمي جميعنا إليه، وعلى أن صوته يثير الانتباه أكثر مما يثيره خبر الحوت النافق؛ بل إن هناك من ذهب في تعليقه إلى حد بعيد، فكتب أن الحوت لم يقتله أحد وإنما انتحر من تلقاء نفسه بعد سماعه لقراءة التعليق.
ثاني ملمح، من ملامح «خصوصيتنا» الإخبارية التلفزيونية يتمثل في الكيفية التي تمت بها تغطية الحدث والملابسات المحيطة به: فإذا كانت تلفزيونات العالم جمعاء تسأل الخبراء وعلماء البحار والمحيطات، في حالات مماثلة، عن معلوماتهم حول نوع الحوت الضخم والأسباب المؤدية إلى نفوقه بتلك الطريقة، فإن قسم الأخبار بـ«الأووووووووولـــى» (التي يقرؤها صوت أنثوي على نحو مقعّر لا يبتعد كثيرا عن صوت «الروبو») لجأ إلى طريقة مبتكرة تتمثل في «القضاء بالموجود» وسؤال الناس الذين وجدهم الكاميرامان محيطين بالحوت عن نوعيته وعن الأسباب التي يحتمل أنها أدت إلى نفوقه؛ انطلاقا، دون شك، من حكمتنا القديمة الخالدة التي تقول: «سال لمجرب لا تسال الطبيب» (أي الخبير، والحالة هذه).
هكذا قال أحد الحاضرين إن سبب نفوق الحوت يعود إلى أنه، وهو وسط المحيط، تتبع رائحة الزيوت التي تفرغها المعامل في البحر إلى أن وجد نفسه فوق الرمال عاجزا عن الحركة والعودة إلى البحر من جديد (وهو اكتشاف مهم، لا بد من تعميقه بالبحث في علاقة الحيتان بالزيوت التي تفرغها معاملنا في مياه المحيط)؛ بينما اختلف متجمهرون آخرون حول نوعية الحوت بين قائل إنه «كاشالو»، وقائل إنه من نوع «أبرار» الذي يختلف عن «ماركة» أخرى تسمى «بوعين» (فيه خط اكحل وخط ابيض)؛ وذهب حاضر آخر إلى أن ما نراه أمامنا هو نوع من السمك (ربما لاعتقاده أن كلمة «حوت» التي نقولها في دارجتنا تتحول إلى «سمك» بمجرد النطق بها بالعربية الفصحى) يدعى «بوعين»، ويتكاثر في المحيط، غير بعيد عن الشواطئ المغربية، بين سيدي إفني والداخلة.
والحقيقة أن كل هذه الآراء لا يمكنها إلا أن تصبّ في اتجاه التأكيد على فضيلة الاختلاف وعلى ضرورة إيلاء أهمية خاصة لتعددية الآراء والأفكار في مجتمعنا الناهض؛ على أساس أن الرأي الواحد الذي يصدره خبير (أو خبراء) في الموضوع يبقى منتميا، في نهاية المطاف، إلى فصيلة «الرأي الواحد» الذي تجاوزه العالم الديمقراطي الحر في عصر التعددية الإعلامية وانتشار الأنترنيت و«الفيسبوك» و«اليوتوب» والزيت في المحيطات والحيتان، عفوا، والشركات العابرة للقارات.
وبه وجب الإعلام.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات