بوبكر غانس - أخبارنا
أولى المؤامرات كانت من جماعة العدل و الإحسان، فيبدو من الغريب جدا و لا يقبل التصديق، أن تخرج الجماعة مطالبة بفصل الدين عن الدولة، وهي التي لم تفصل هذا الدين عن السياسية، مع علمها أن حماية هذا الدين العظيم تقتضي ربطه بالدولة و ثوابتها، و ليس بالسياسة و منزلقاتها، حيث المصالح و الايديولوجيات تفرض نفسها، مما يعني أن في الامر مكر.
ثاني المؤامرات، كانت في قوة حركة 20 مارس حيث الركيزة هي العاطلين، و إنخراط بعض الساسويين في الحراكات الاحتجاجية الخاصة بهذه الفئة، للمطالبة بتعديل الدستور و إفراغه من صلاحيات الملك ليستقبل السفراء و أوراق إعتمادهم فقط، جعل مطالب العاطلين المشروعة في العمل كإبرة في كومة قش، بل و يصعب معها الالتفات الى مطالبهم، و هذا كان جليا في مسيرات الراشدية، ورززات، زاكورة، و طاطا، في سيناريو شبيه الى درجة ما بمخيم أكديم إزيك، حيث المطالب الاجتماعية، تحولت الى سياسية، و بعدما وقع ما وقع عادت و تحولت الى إجتماعية.
ثالث المؤامرات، فرضتها الثورات العربية أو ما يمكن أن نصطلح عليه الانقلابات الشعبية في الدول العربية، ليتأثر المشهد المغربي بيما يدور في فلكه، و ينخرط الجميع في ممارسة السياسة كل على هواه، من تلاميذ الاعداديات و الثانويات مرورا بطلبة الجامعات الى حجاجنا الميامين ـ و أي سياسة تلك ـ مما يجعل الانتخابات المقبلة أوفر حظا للظفر بعدد ليس بالقليل من المشاركين على خلاف الدورات السابقة، لكن ومع التشكلة الحزبية الحالية فللأسف ستنبتق من تلك الملحمة نفس التخرجة مرصعة بنفس الوجوه دونما تغيير، اللهم ضربات للأصالة و المعاصرة من تحث الحزام، لأن ما أظهره الشعب المغربي في الآونة الأخيرة يعكس وعيا في طريقة التظاهر و ليس وعيا في طريقة ممارسة السياسة، و هذا ما يبرر رفض الحركة التحول الى حزب سياسي حتى من بعد الإصلاحات الدستورية، لأن الحزب المغربي فاشل بإمتياز في تسيير شؤون البلاد، كيفما كان تاريخه الحافل بالنضالات و المنجزات ـ الاستقلال كمثل ـ و الحركة ليست مستعدة لفقدان جماهيرها الذين تغريهم كلمات: مطالب، تغيير، و إصلاح!
رابع المؤامرات، كانت المطالبين بالتغيير أنفسهم، فالاكيد أن الديموقراطية لا تتأتى في أمة من الامم، بالحركات الشبابية أو التلاميذية، و لكن بالحركة الشعبية المختزلة لكافة شرائح المجتمع، بدل الاعتماد على المكونين اليساري و الاسلامي المتشدد ذو الطابع الصوفي في منهجية التسيير و التدبير و لما لا في طريقة الحكم.
أما المؤامرة الخامسة فهي ذو طابع تحليلي لمجريات الاحداث في الاقطار العربية، فالشعوب العربية من مشرق الارض الى مغربها تعيش عصر الانوار الخاص بها، وإذا كانت شعوب الغرب قد حددته في قرن الى قرنين من الزمان، فالشعوب العربية لا تستطيع أن تجعله شهر أو شهرين كما في مصر و تونس، لدى فالامر هناك لا يعدو كونه شطحة من شطحات إبليس اللعين، محاولا ترسيخ العلمانية في تونس الخضراء، وبث النزعة الطائفية في مصر العظيمة، مع فصل الدين عن الدولة في المغرب، و تشثيت روح الوحدة في اليمن، كذلك زرع الفتنة في أهل ليبيا المسالمين، و أخيرا وليس آخرا، إعطاء الحكم للشيعة التكفيريين في البحرين.
و يبقى السؤال القائم، سؤال وعي بالمسؤولية، فالحديث عن كون الحكومة الحالية فاقدة للأهلية إستنادا لعدد المصوتين في الانتخابات الذين لم يتجاوز عددهم 23%، كلام غير منطقي، و إلا فسنعتبر أن تسعة ملايين من المصريين الذين صوتوا لصالح تعديل الدستور لا يمثلون الشعب المصري بإعتبار أن الاخير ضعف هذا العدد تسع مرات.
ترى لماذا لم تشارك المتسولات في الطرق و أمام الابناك، و أصحاب العربات الخشبية في مسيرات 20 فبراير و مارس معا ؟ بينما شارك البرلمانيين في المسرحيات، ربما لأن تعديل الدستور في صالح الآخرين و ليس في صالح الاولين، و الفاهم يفهم، صراع نخب ليس الإ.