لندن بعيون مغربية

لندن ليست عاصمة الضباب فقط ،لكنها عاصمة التناقضات أيضا٠فالتنوع العرقي فيها رهيب،حيث تجد أن سائق الطاكسي من اصول هندية،وصاحب محل البقالة تركي،والنادل في المطعم صيني،والعامل بالمكتبة صومالي٠٠٠ وكل يتحدث الإنجليزية بلكنته الخاصة،بعضها يصعب فهمها .

هنا تلتقي الأعين الزرقاء و الخضراء والسوداء وحثى الضيقة، أعين فرقها المبتغى وجمعتها الوجهة٠و شارع أكسفورد مثلا يجسد هذا الغنى الثقافي فهو شارع ينبض بالحياة، يلتقي فيه العالم ، ليحيي التمازج العرقي٠ شارع يغرق صباحا في رائحة القهوة و السجائر،ومساء برائحة الفطائر و العطور٠وفيه تحتفي المرأة برشاقتها و أناقتها،حيث تنتشر على طول الشارع اهم الماركات العالمية، لتشبع نهم سياح هدفهم الأول التسوق٠ورغم كل صخب هذا الشارع ولندن ككل ،إلا أنك لا تسمع أصوات أبواق السيارت أو صراخ السائقين٠فالقانون واضح والتقيد به واجب، كما أن الإشارات الموجهة للمارة تستلزم الإنضباط٠

الانفتاح على الآخر جعل البريطانيين يتقبلونه بكل خلفياته الثقافية و الدينية على اختلافها٠ فغالبية البريطانيين لطفاء،مع محافظتهم على مساحتهم الخاصة٠والبريطاني يتصرف بأدب بالغ،فهو يترك للمرأة أولوية الدخول ،يفتح لها الباب ، يمد يد المساعدة في حمل حقيبة السفر على الدرج ٠٠٠وحتى عندما تكون ممسكا بخريطة ،يأتي بريطاني من حيث لا تدري عارضا إرشاداته٠

كما أن التنوع العرقي له كبير الأثر على العادات الغذائية ، حيث يمكنك الاختيار ما بين الوجبات السريعة المعروفة ، أو التركية، الآسيوية ، الشرقية، وغيرها كثير٠وهي وإن كانت تغري بالتجربة إلا أنها بنظري لا ترقى إلى لذة المطبخ المغربي٠ وعلى ذكر المغرب عندما أسأل بعض البريطانيين وأجانب من جنسيات أخرى ماذا يعرفون عنه ،فإني في أفضل الحالات أحصل على إجابة من كلمتين :مراكش و الكسكس٠والبعض يضيف لوصفه صحراء و جمال وكأنه بذلك يكون أكثر دقة٠

للندن وجه آخر وهو غلاء المعيشة، فسومة الكراء مرتفعة خصوصا في المنطقة رقم ١ وهو واقع يلمسه كل وافد جديد٠بالأخص الطلبة من مختلف الجنسيات الذين يضطرون للعمل لتغطية مصاريفهم٠عمل يكون في الغالب بمطعم أو مقهى،يضطرون معه للسهر لساعات متأخرة ،ويفوتون عليهم حصصهم الدراسية الصباحية٠

حنان فقيري