أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية : منال البشيري
الأضرحة و السادات مكان ليس كالأماكن الأخرى يحج له الآلاف من المغاربة من كل حدب وصوب، رغبة في الانتفاع من بركته وأن ينعم عليهم من رزقه إيمانا منهم به واعتباره واليا من الأولياء الشرفاء الصالحين، دفن في السيد أو الضريح حتى أصبح يزار من طرف الزوار الذين يؤمنون بالسحر و الشعوذة.
تعلو الأضرحة عادة قبة تختلف عن قباب الأبنية الدينية والمدنية الأخرى، لا تأخذ الأضرحة بطبيعة الحال شكلاً واحداً وإن كان دورها الوظيفي واحداً، بل تختلف باختلاف الزمان والمكان، إظافة إلى اختلاف أهمية صاحب الضريح فهناك البسيط المنفرد البناء المتواضع المواد، المكوّن من غرفة واحدة مقببة مربعة تضم التربة وحدها وهناك أشكال أخرى مختلفة البنايات.
عدد هائل من الأضرحة بالمغرب يعبر عن إيمانهم القوي بثقافة الضريح و السيد، تتموقع بكل المدن المغربية، من بينها مدينة الرباط العاصمة الإدارية للمملكة، المدينة الحضارية المعروفة بمعالمها ومآثرها التاريخية، وإلى جانب ذلك تعرف بكثرة الأضرحة و السادات مثل ضريح "سيدي العربي بن سايح" ، يعد هذا الضريح من أقدم الأضرحة المتواجدة بمدينة الرباط، مشيد على مساحة صغيرة إلى جانب المنازل بالمدينة القديمة، عند مدخل الباب تجد نساء جالسات يبعن الشموع والخبز للزوارأمام ذلك الباب المزخرف بزخرفات الفن المعماري الإسلامي البديع ، أما في الداخل زرابي حمراء مفروشة على الأرض أجواء روحانية صمت و هدوء إحتراما للولي الصالح المدفون بالداخل، و المغطى بثوب أخضر الذي تفوح منه رائحة عطرة تسر كل من وقف بجانب قبره. غالبية الزوار المتوافدين على ضريح "سيدي العربي بن سايح" نساء وفتيات رفقة أمهاتهن، كل واحدة وغرضها الذي جاءت من أجله.
أم كلثوم عازبة تبلغ من السن 36 سنة لم ترفض الحديث مع أخبارنا تقول "أزور هذا السيد كثيرا لكي أنتفع منه ومن بركته ويٌيسر لي أمري كأخواتي اللائي تزوجن قبلي لأنهن "دارو النية " وبفضل هذا السيد تزوجن " .
الكل جالس في هدوء وسكينة احتراما للولي الصالح، معظمهم نساء منهن من بلغت في السن عتيا، ومنهن فتياة في مقتبل العمر رفقة أمهاتهن جيلين مختلفين لكن غرضهما واحد ومقصدهما واحد، هو زيارة الوالي الصالح إيمانا منهن ببركته. واحدة واقفة بجانب قبر الوالي رافعة كفيها للسماء تدعي طلبا وترجيا من الولي الصالح أن يحقق لها مرادها ويتقبل دعاءها، والأخرى جالسة بجانب قبر الولي واضعة كفيها على الصندوق الخشبي للولي تدعي وتبكي.
بجانب القبر أثارت انتباهنا "أخبارنا" إمرأة بلغت من السن عتيا جالسة بجانب القبر وعيناها مغمضتين، كأنها نائمة لكن حينما جلسنا بجانبها فتحت عيناها فسأ لناها هل كنت نائمة أجابت وهي تبتسم "هل من أحد يأتي إلى هنا و لا ينام، أنا أزور هذا السيد يوميا ففي كل مرة أزوره فيها أحس بالارتياح وتغمض عيناي دون أن أشعر.
" غير بعيد عن ضريح "سيدي العربي بن سايح" يوجد ضريح آخر "سيدي اليابوري" المشيد بجانب البحر هو الآخر يحج له الزوار خاصة العوانس "البايرات" من كل مكان، يعرف رواجا خاصة يوم الأربعاء يغتسلن العوانس بمياهه سواء كليا أو جزئيا، إيمانا منهن أنه سيجلب لهن الرجل المناسب للزواج منهن ويتخلصن من كلمة "بايرة" التي تلاحقهن. صادفنا إمرأة خمسينية بضريح "سيدي اليابوري" واقفة تبكي رافعة كفيها للسماء، تدعي فسألنها لكنها لم تتردد في التحدث معنا "أخبارنا" "أنا زهور من مدينة القنيطرة، أزور هذا السيد مرة كل أسبوع عسى أن أرزق بطفل أو طفلة تفرح قلبي وتسني زوجي فكرة طلاقي، لأنه يهددني بالطلاق إن لم أنجب له الأطفال خاصة أننا متزوجين 10 سنوات ولم يسبق لي أن أنجبت فأطلب ليل نهار من هذا السيد الشريف أن يرزقني ببركته و "يفك حزامي" .
لا وسيط بين الله عزوجل وعباده و زيارة الأضرحة بضوابط شرعية هو تذكير بالآخرة والإستعداد للقاء الله عز وجل دكتور ،الدراسات الإسلامية عبد الغني قزيبر أوضح ل"أخبارنا" المقصد من زيارة الأضرحة هو التذكير بالآخرة والاستعداد للقاء الله عز وجل، هذا الأمر لا يجب أن يربط بزمن ولا بلحظة معينة لأن الإنسان إذا إخترق الزيارة في أوقات معينة يكون قد إخترق أمرا ليس له سبب شرعي قوي، لذلك فالزيارة تكون بضوابط شرعية،باجتناب كل أشكال الحزن على الميت وتفكره بالبكاء عليه أو العويل، ولكن الزيارة تكون من أجل الدعاء للميت لأنها مشروعة، يضيف الدكتور.
زيارة الناس للأضرحة و السادات في المناسبات منها الرمضانية ليس له سبب شرعي قوي، فإذا ارتكزت الزيارة على حضور الحضرة و طقوس الشعوذة فهذا يتنافى مع مقتضيات الإيمان، لأن الإستسلام لمثل هذه الأفكار يؤدي إلى إبطال الشريعة ، كذلك مثل هذه الأفكار تصحبها مفاسد كثيرة، إذ منها أن الله عز وجل لم يطلب منا التوسط بأحد ليسمع دعائنا وتحقيق مطالبنا، لذلك فمقاربة هذه الظاهرة شرعا تقتضي التعلم وترسيخ مقتضيات العقيدة الشرعية السليمة في نفوس الشباب عبر برامج إعلامية مقنعة، فزيارة الأضرحة تعد فكرة خطرة على الناس فلا وسيط بين الله عز وجل وعباده .
زيارة الضريح ثقافة خرافية نابعة من إنعدام الثقافة النفسية ، تقول الدكتورة النفسية بالمحمدية خلود السباعي ل" أخبارنا" :"المجتمع المغربي يلجأ للأضرحة للعلاج نتيجة عاملين أساسيين، أولهما انعدام الثقافة النفسية عند المواطن المغربي والجهل بالجوانب النفسية والأمراض النفسية، وبالتالي ضلت الممارسات التقليدية راسخة في أذهان المغاربة وظلت هي السائدة ،بالإضافة إلى عامل آخر يكرس تلك الزيارات هو الفقر، وعدم توفر الإمكانيات اللازمة المادية لزيارة الطبيب النفسي بالإظافة إلى عدم وجود الأطبة النفسيين بالكم الكافي في المجتمع المغربي،هذا ما أكدته الدراسة التي قام بها الدكتور النفسي الموساوي ، حيث أظهرت أنه في المغرب هناك نقص كبير في الأطباء النفسيين طبيب واحد لكل أزيد من 10 آلاف مواطن، بالاظافة الى غياب ثقافة الطب النفسي في المجتمع المغربي و من ذهب إلى الطبيب النفسي يعتبر "أحمق" .
" هل لهذه الزيارات نجاعة في العلاج النفسي؟ العلاج يرتبط بالحالة النفسية للشخص وإيمانه خاصة أن الجوانب النفسية للشخص جوانب معقدة ، وكلما آمن بأن العلاج سيتحقق كلما كانت نسبة نجاح هذا العلاج أكبر، لأن هذا يرتبط بقناعة الشخص وتوافقه مع ذاته لتحقيق العلاج الكامل هذا ما يفسره المشعوذين ب" دير النية" أي القبول بالعلاج والتحضير النفسي للعلاج، فهنا يمكن أن يتوافق الطبيب النفسي مع المشعوذ بأنهما يحضران المريض للقبول بالعلاج، فلا يمكن أن يتحقق ذلك العلاج إلا برغبة المريض في العلاج وتقبله فكرة مرضه، هنا يلعب العامل النفسي دورا أساسيا في التخفيف من الأزمة النفسية، لذلك نجد بعض الناس يحققون العلاج بالوسائل التقليدية ليس لنجاعتها في العلاج، ولكن لأن هناك رغبة من طرف المريض في العلاج، لكن لتجاوز هذه الظاهرة وتطوير العلاج بتخطي الوسائل البدائية، وجب توفير معالجين ومحللين نفسيين في المغرب للخروج من الجو الميتافيزيقي الغامض، وتوضيح الأمور والتعامل معها بعقلانية وتحقيق العلاج عبر طرق علمية ، لإخراج هذه الأمراض من مستوى طابوهات والخروج من دائرة الخجل وتوضيح أسبابها وطرق علاجها. الاثار الاجتماعية انحصار زيارة الاضرحة والممارسات الخرافية السحرية في المناطق الشعبية الهامشية و تنحصر خصوصا عند الفئة الأمية ذات المستوى الثقافي الضعيف.
الأستاذ رشيد الجرموني باحث في علم الاجتماع أوضح ل"أخبارنا" الطقوس التي تمارس خلال زيارة الضريح او السيد تعتبر تعويض نفسي روحاني بسبب القلق، كما أن ضغوط الحياة التي تدفع بالمواطن الى الالتجاء الى تلك الاضرحة،لمنها تخلف آثار سلبية على المستوى الاجتماعي وعلى مستوى المعتقد، و تأكد نوعا من النزوح نحو الخرافية ونوع من الاعتقاد الخاطئ في بعض الاولياء والسادات، وهناك نوع من التمويه وإبعاد هذه الأضرحة عن وضيفتها الأساسية، خاصة أن هذه الأضرحة كانت ترتبط بتاريخ معين في حقبة زمنية معينة، وقامت بأدوار مهمة في تاريخ المغرب على اعتبار أن المؤسسة الدينية مؤسسة قوية في المجتمع المغربي التي كانت تقوم بفض النزاعات بين الناس وتدبير مجموعة من الشؤون داخل المجتمع، وكان لها حضور قوي داخل المجتمع ولكن تغيرت وظيفتها، وتصريفها من وظيفة تربوية، اجتماعية وسياسية الى وظيفة خرافية طقوسية، تقتصرعلى تفسير تلك الطقوس بشكل سلبي في المجتمع.
تقصير الدولة في أداء واجبها الاجتماعي المخزن قديما كان في معظم الأوقات يتحالف مع الأضرحة من أجل ضمان وتكريس مشروعيتها داخل الدولة والمجتمع، وبدون شك أن الدولة هي المقصرة في تكريس تلك الطقوس والممارسات في المجتمع ، لكن بالعموم ومن خلال الدراسات المنجزة فالإقبال على تلك الأضرحة بدأ يقل، وأصبحت هذه الممارسات تقتصرعلى الناس الهامشيين الأميين.
ان طلب البركة من الأضرحة يبدو أنه سيتواصل لأمد طويل، الدكتور أخميس مصطفى في كتابه المعنون "طقوس وأسرار أضرحة الدار البيضاء" يشدد على أن الناس مازالوا يتجهون للممارسات غير المفهومة ويدمنون عليها. نُخبة البلد تسخر منهم والدين يحاربهم لكن ليس ثمة من يستطيع التخلص منهم، وأوضح "سوف تتواصل العادة لسنوات مقبلة لأن هذا في واقع الأمر نتاج ما انغرس في نفوس الناس منذ صباهم قدسية الضريح. ، الولي يبقى مكان السلم الآمن لتلك النفس المعذبة والتي لم تعثر عليه بعد".
yanik
[email protected]
au moins ces gens ne s impose pas ,alors ils sont libre de croire comme ils veulent alors laissez ces gens tranquille,vous voulez changer le monde a votre facon ou quoi n , ,