عبد السلام حمود غالب
الحمد لله رب العالمين وصلاة وسلاما على اشرف الانبياء والمرسلين ،،،
فلخطورة هذا الموضوع وما يتسرب الى الاذهان حول هذا المنهج ومساهمة منا لتوضيح بعض ما يمكن وتسليط الضوء باختصار ونشره بين الناس للعلم والفائده اعدت هذا البحث وجمعته من مصادره الذكوره نهاية البحث باختصار واضافة وقد تم ذكر المواضيع التاليه :
*خطورة هذا المسلك .
*مفهوم التكفير وما قيل عنه .
*اسباب ظهور هذه الفتنه قديما وحديثا .
*موانع التكفير التي ذكرها العلماء .
*خطورة هذه الفتنه على الفرد والمجتمع المسلم .
*التوصيات والنتائج .
المراجع .
خطورة هذا المسلك وما ذكره العلماء :
نسمع ونرى اليوم الكثير يتوسع ويطلق عنان التكفير للمخالف سواء في الفكر او المنهج او الجماعة او الحزب لمجرد المخالفه فيصدر عليه الحكم بالكفر والرده ،،،،
او لارتكابه المعاصي الصغائر او الكبائر فيرميه بالكفر وينصرف ، ويجرده من الاسلام ويخرجه من دائرة الاسلام ،،،،،
ولخطورة التكفير والولوج في هذا المسلك وهذا الطريق والتوسع فيها حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك السلف الصالح وعلماء وفقهاء المسلمين فقد ورد في الحديث
فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم (( من قال لاخيه يا كافر فقد باء بها احدهما ))
وتورع فيه الكثير وابتعد عنه الكثير ولم يخض في هذا لخطورته حتى عند الاقتتال بين المسلمين فلم يكفر بعضهم البعض
كما حصل بين الصحابه وخاصه القتال الدائر بين امير المؤمنين علي ومعاوية فلم يكفر احدهما الاخر وسطر التاريخ كلمات امير المؤمنين على بن ابي طالب حيث قال اخواننا بغوا علينا ولم يرميهم بالكفر وينسل ،،،،،،
ولقد أدرك الكثير من علماء الإسلام فداحة القول بكفر المسلم فأطبقوا على منع التكفير إلا بدليل ساطع، لا مدافع له، ولا شبهه ولا تاويل ولا صارف للحكم ،،،، إذ الشهادة بالكفر على الموحد من أعظم الزور والظلم والبهتان .
قال الشوكاني في السيل الجرار[1]:
" اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يُقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار،
ويقول ابن تيمية:[2]"
فليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين، وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة، وتبين له المحجة، ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزُل ذلك عنه بالشك، بل لا يزال إلا بعد إقامة الحجة، وإزالة الشبهة"
ويروي ابن نجيم ([3])عن الطحاوي وغيره من علماء الحنفية:
قولهم بأن المسلم لا يخرج من الإسلام إلا بأمر يتيقن كفر صاحبه: " ما تيقن أنه ردة يحكم بها، وما يشك أنه ردة لا يحكم بها، إذ الإسلام الثابت لا يزول بشك، مع أن الإسلام يعلو، وينبغي للعالم إذا رفع إليه هذا أن لا يبادر بتكفير أهل الإسلام".
ونقل صاحب التكفير وضوابطه نقول عن كثير من العلماء حول خطورة التكفير والابتعاد قدر الامكان عن هذا المسلك والتوسع فيه :([4])
قال الغزالي: "والذي ينبغي أن يميل المحصل إليه الاحتراز من التكفير ما وجد إليه سبيلاً، فإن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلةالمصرحين بقول: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) خطأ، والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأِ في سفك محجمة من دم مسلم
*وينقل المليباري اتفاق العلماء قديماً وحديثاً على الاحتياط والتريث في هذه المسألة: "ينبغي للمفتي أن يحتاط في التكفير ما أمكنه لعظم خطره وغلبة عدم قصده سيما من العوام، وما زال أئمتنا على ذلك قديماً وحديثاً
*وينقل ابن نجيم عن أهل العلم حرصهم على إعذار المسلم، وتوقفهم عن المبادرة إلى تكفيره مهما وهنت شبهته التي دفعت به إلى ارتكاب المكفِّر، فيقول: "وفي الفتاوى الصغرى: الكفر شيء عظيم، فلا أجعل المؤمن كافراً متى وجدت رواية أنه لا يكفر،،،،،
*ويقول ابن نجيم : " وفي الخلاصة وغيرها: إذا كان في المسالة وجوه توجب التكفير، ووجه واحد يمنع التكفير، فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الذي يمنع التكفير، تحسيناً للظن بالمسلم".
ثم يقرر رحمه الله خلاصة رأيه فيقول: "والذي تحرر أنه لا يفتى بتكفير مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن أو كان في كفره اختلاف، ولو رواية ضعيفة، فعلى هذا فأكثر ألفاظ التكفير المذكورة لا يفتى بالتكفير بها، ولقد ألزمت نفسي أن لا أفتي بشيء منها".
فاين نحن اليوم مما سبق وحذر منه العلماء القدماء رحمهم الله اما اليوم فنرى ممن لا يحسن معرفة سنن الوضوء والتيمم ناهيك عن الشروط والواجبات ،،،،
فتراه يتوسع في تكفير الاخرين بحق او بدونه تقليدا او تعصبا او انتقاما ،،،،
ويذكر لالباني حول خطورة التكفير ([5])
فإن مسألة التكفير عموما - لا للحكام فقط بل وللمحكومين أيضا - هي فتنة عظيمة قديمة تبنتها فرقة من الفرق الإسلامية القديمة وهي المعروفة ب ( الخوارج ) ومع الأسف الشديد فإن البعض من الدعاة أو المتحمسين قد يقع في الخروج عن الكتاب والسنة زاعما اتباعه لهما بل وينتصر لهما بكل ما اوتي من قوه
والسبب في هذا يعود إلى أمرين اثنين :
أحدهما هو : ضحالة العلم وقلته وعدم المعرفه بابسط فنون العلم الشرعي ناهيك عن عظائمه وغوائره المتراميه
والأمر الآخر - وهو مهم جدا - : أنهم لم يتفقهوا بالقواعد الشرعية والتي هي أساس الدعوة الإسلامية الصحيحة وكذلك المقاصد الشرعيه وما يتماشي مع روح الشريعه الاسلامية الغراء وما جاء به رسول الهدي فترى الكثير يبتعد عن ذلك وعن سبيل المؤمنين وقد حذر الله من ذلك في قوله عز و جل : } ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } ( 115 - النساء ) . فإن لأمر واضح عند أهل العلم حيث لم يقتصر على قوله } ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى . . . نوله ما تولى . . . { وإنما أضاف إلى مشاقة الرسول اتباع غير سبيل المؤمنين فقال : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } ( 115 - النساء )
فاتباع سبيل المؤمنين أو عدم اتباع سبيلهم أمر هام جدا إيجابا وسلبا فمن اتبع سبيل المؤمنين : فهو الناجي عند رب العالمين ومن خالف سبيل المؤمنين : فحسبه جهنم وبئس المصير
من هنا ضلت طوائف كثيرة جدا - قديما وحديثا - لأنهم لم يكتفوا بعدم التزام سبيل المؤمنين فحسب ولكن ركبوا عقولهم واتبعوا أهواءهم في تفسير الكتاب والسنة ثم بنوا على ذلك نتائج خطيرة جدا خرجوا بها عما كان عليه سلفنا الصالح رضوان الله تعالى عليهم جميعامبتغين بذلك نصرة الدين وخدمته والنيات يعلمها الله ولا نطعن في نية احد ولكن ننوه الى السبيل والمنهج المتبع هل هو وفق ما جاء به الرسول وما سار عليه سلف الامه
وما احوجنا اليوم الى ،،،،،،
اتباع لا ابتداع في المنهج وخاصه وقد ظهر هذه الايام من الفرق والجماعات وكلها تدعي حسب زعمها الدفاع عن الدين واهله والعمل على ذلك بكل السبل والوسائل سواء وافقة الهدي النبوي واتباع سبيل المؤمنين من عدمه تحت مبررات واهية او اراء منفرده وغير مقبوله عند السواد الاعظم من علماء المسلمين وفقهائهم قديما وحديثا .
ويذكر الالباني حول ما سبق من ضرورة اتباع الهدي النبوي وسلف هذه الامه حيث يقول عن بعض الفرق والجماعات انهم[6]:
قد يكونون في دواخل أ نفسهم صالحين ومخلصين ولكن هذا وحده غير كاف ليكون صاحبه عند الله عز و جل من الناجين المفلحين
إذ لابد للمسلم أن يجمع بين أمرين اثنين :
الاول : صدق الإخلاص في النية لله عز و جل وابتغاء مرضاته
الثاني : حسن الاتباع لما كان عليه النبي صلى الله عليه و سلم والعمل بما جاء وشرع دون مخالفه او زياد ه او نقص فالاخلاص والمتابعه هما ركنان اساسيان في قبول الاعمال
فلا يكفي أن يكون المسلم مخلصا وجادا فيما هو في صدده من العمل بالكتاب والسنة والدعوة إليهما بل لا بد - بالإضافة إلى ذلك - من أن يكون منهجه منهجا سويا سليما وصحيحا مستقيما على هدي الرسول الاعظم والسلف الصالح واتباع سبيل المؤمنين
ولخطورة الموضوع والابتعاد عن هدي الرسول واتباع سبيل المؤمنين يقود الانسان الى الغي والظلال ومجانبة الصواب ولذلك كله
فقد حذر الرسول من ذلك وبين المخرج والحل وطريق النجاة عند تعدد الفرق واختلافها واعجاب كل فريق بقوله وفرح كل حزب بما لديه لي لاعناق النصوص متجاهلا روح الشريعه الغراء وما دلت عليه
حيث يقول الرسول عند افترق الامم الى فرق وذكر افتراق امته الى ثلاث وسبعين فرقه كلها في النار الا واحده ثم حدد صفاتها ومنهجها القويم الذي قادها الى النجاة واوصلها الى بر الامان في رواية ((منهم يا رسول الله قال الجماعه ))اشارة الي اتباع سبيل المؤمنين
والرواية الثانية توضح اكثر المنهج وتبينه فقال ((هم ما انا عليه واصحابي )) أي يتبعون منهج الرسول في كل شيء وكذلك صحابته الذين امر الرسول بالاقتداء بهم فقال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ،،،،
مفهوم الكفر وانواعه :
الكَفر: بالفتح: الستر والتغطية، يقال: كَفَر الزارع البذر في الأرض: إذا غطَّاه بالتُّراب. وبالضم: ضِدُّ الإيمان، وكفر نعمة الله وبها كُفُوراً وكفراناً: جحدها، وسترها، وكافره حقه: جحده، والمكفَّرُ كَمُعَظَّم: المجحُودُ النِّعمةِ مع إحسانِهِ، وكافرٌ جاحدٌ لأنْعُمِ الله تعالى[7] .
فالكفر: هو الستر وجحود الحق وإنكاره، والكافر: ضدّ المسلم، والمرتدُّ: هو الذي كفر بعد إسلامه؛ بقولٍ، أو فعلٍ، أو اعتقادٍ، أو شكٍّ،
وحدّ الكفر : هو جحد ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو جحد بعضه، كما أن الإيمان: اعتقاد ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - والتزامه، والعمل به جملة وتفصيلاً .
والكفر هو: أول ما ذُكِرَ من المعاصي في القرآن الكريم، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}سورة البقرة الاية رقم 6، وهو أكبر الكبائر على الإطلاق، فلا كبيرة فوق الكفرويقسم العلماء الكفر الى :
أ- كُفرٌ يُخرِج من الملَّة، وهو (الكفر الأكبر) وهو خمسة انواع نذكرها لاحقا .
ب- كفر لا يُخرج من الملة، وهو (الكفر الأصغر)، أو كفر دون كفر .
ويمكن اضافة التفصيل في الانواع كالتالي :أنواع الكفر الاكبر المخرج من الملة :
النوع الأول: كفر التكذيب، والدليل قول الله تعالى:
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى الله كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكَافِرِينَ} سورة العنكبوت الاية رقم 68
النوع الثاني: كفر الإباء والاستكبار مع التصديق، والدليل قوله تعالى:
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} سورة البقرة اية رقم 34 .
النوع الثالث: كفر الشكّ، وهو كفر الظنّ، والدليل قوله تعالى:
{وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً * لَكِنَّا هُوَ الله رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً} سورة الكهف الاية رقم 35الى 38 .
النوع الرابع: كفر الإعراض، والدليل قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} سورة الاحقاف الاية رقم 3.
لنوع الخامس: كفر النفاق، والدليل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} سورة المنافقين الاية 3
النوع الثاني: كفر أصغر لا يُخرج من الملة
وهو كفر النعمة: والدليل قوله تعالى: {وَضَرَبَ الله مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} سورة النحل اية رقم 112 ، .
ومما يدلّ من السنة على الكفر الذي لا يُخرج من الملة، قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما)) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها .. فقد كفر بما أنزل على محمد)) ، ونظائر ذلك كثيرة
من أسباب ظهور الخوارج وظهور منهج التكفير ابتداء :[8]
هناك أساب كثيرة أدت لظهور الخوارج والنهج منهج التكفير قديما وحديثا سنذكرها للفائده وتداركها والعمل على تلافيها ومعالجتها قدر الاستطاع
ومن اهم اسباب ظهور الخوارج ابتداء من عهد عثمان رضي الله عنه وعلي ابن ابي طالب يمكن ذكر ما يلي :
1- النزاع حول الخلافة:
وربما يكون هذا هو أقوى الأسباب في خروجهم، فالخوارج لهم نظرة خاصة في الإمام معقدة وشديدة، والحكام القائمون في نظرهم لا يستحقون الخلافة، لعدم توفر شروط الخوارج القاسية فيهم، أضف إلى هذا عدم الاستقرار السياسي الذي شجعهم على الخروج، وإلى الحسد الذي كان كامناً في نفوسهم ضد قريش. إضافة إلى أنهم فسروا الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما بأنه نزاع حول الخلافة. ومن هنا استسهلوا الخروج على عليّ ومعاوية من بعده.
2- قضية التحكيم:
فقد أجبروا الإمام عليّ على قبول التحكيم، وحينما تم ذلك طلبوا منه أن يرجع عنه بل ويعلن إسلامه، فرد عليهم رداً عنيفاً.
وهناك من يقلل من شأن هذه القضية كعامل في ظهور الخوارج، ولا شك أن هذا خطأ، فقد كان التحكيم من الأسباب القوية في ظهورهم وورد ايضا نقاش وحوار العباس معهم ورجوع البعض منهم .
3- جور الحكام وظهور المنكرات:
هكذا كان الخوارج يرددون في خطبهم ومقالاتهم، أن الحكام ظلمة والمنكرات فاشية، والواقع أنهم حينما خرجوا فعلوا أضعاف ما كان موجودا من المظالم والمنكرات، حينما رأوا أن قتال المخالفين لهم قربة إلى الله تعالى، وأن الأئمة ابتداءً بالإمام علي -مع عدله وفضله- ثم بحكام الأمويين والعباسيين-كلهم ظلمة في نظرهم دون تحرٍّ أو تحقيق، مع أن إقامة العدل والنهي عن المنكرات يتم بغير تلك الطريقة التي ساروا عليها في استحلال دماء مخالفيهم حكاماً ومحكومين.
4- العصبية القبلية:
التي ماتت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وزمن أبي بكر عمر رضوان الله عليهما. ثم قامت في عهد عثمان وما بعده قوية شرسة، وكانت قبل الإسلام بين ربيعة- وأكثر الخوارج منهم- وبين مضر قوية، وقد قال المأمون في إجابته لرجل من أهل الشام طلب منه الرفق بالخوارج: ((وأما ربيعة فساخطة على الله منذ بعث نبيه من مضر، ولم يخرج اثنان إلا خرج أحدهما شارياً)).
وهناك أسباب أخرى مثل العوامل الاقتصادية؛ كقصة ذي الخويصرة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وثورتهم الممقوتة على عثمان رضي الله عنه؛ حيث نهبوا بيت المال بعد قتله مباشرة، ونقمتهم على عليّ في معركة الجمل، ومنها كذلك الحماس الديني الذي مدحهم به بعض المستشرقون كجولد زيهر حينما ذكر أن تمسك الخوارج الشديد بالقرآن أدى بهم إلى الخروج على المجتمع، والمغالطة في قوله هذا واضحة، فإن التمسك بالقرآن لا يؤدي إلى الخروج على المجتمع و سفك دماء الأبرياء.
وننتقل لذكر بعض اسباب ظهور هذا الفكر والمنهج المتبع لدى البعض في العصر الحديث نذكر منها ،
أسباب ظاهرة التكفير في العصر الحديث[9]:-
إن أسباب ظهور ظاهرة التكفير في العصر الحديث وانتشاره يكمن في الاتي :
1ـ الجهل وقلة العلم بهذه المسألة المهمة، و معرفة الكفر من موارده من الوحيين وعلى فهم السلف الصالح واتباع سبيل المؤمنين في ذلك والفرق بين الكفرين: الأكبر والأصغر، وحال أصحابهما من جهة اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، والفرق بين الكفر المطلق والكفر المعيّن، والكفر الدنيوي والحكم لصاحبه بالخلود الأخروي بالنار.
2ـ اتباع الهوى، والأغراض النفسية والحزبية في التكفير للمخالف وذمه والقدح في عرضه بالكفر دون تبصّر بالعلم، وتورّع كلا حسب مصلحته او ما يراه حسب علمه القاصر وحماسته المفرطه .
3ـ اتباع المذاهب البدعية، والأقوال الشاذة، وتقليد الأصاغر في العلم والدين في إطلاق الكفر على الدول والمجتمعات والأفراد.
4ـ الاستهانة بمحارم الله وأحكام شرعه، وعدم الأخذ على يد المكابر والمعلن بمقالة الكفر، وأطره على الحق أطراً بقوة البرهان والسلطان! إلى غير ذلك من الأسباب، مع الأخذ في الاعتبار أن كل سبب من هذه الأسباب يحتاج إلى بسط في العرض والتحليل وضرب الأمثلة والتدليل..إلخ.
5.إنتشار الكفر والردة الحقيقية جهارا نهارا في مجتمعاتنا الإسلامية، واستطالة أصحابها وتبجحهم بباطلهم، واستخدامهم أجهزة الإعلام وغيرها لنشر كفرياتهم على جماهير المسلمين دون أن يجدوا من يزجرهم أو يردهم عن ضلالهم وغيهم.
6. تساهل بعض العلماء وتقصيرهم في توضيح وتبيين هذا المسلك وتعليم الناس والقيام بالواجب على اكمل وجه وكذلك ايضا الجام بعض العلماء وتكميم الافواه للبعض وظهور انصاف الدعاه والعلماء ليتصدروا الموقف .
7. إضطهاد حملة الفكر الإسلامي السليم، والدعوة الإسلامية الملتزمة بالقرآن والسنة، والتضييق عليهم في أنفسهم ودعوتهم. والاضطهاد والتضييق لأصحاب الفكر الحر، لا يولد إلا اتجاهات منحرفة، تعمل تحت الأرض، في جو مغلق بعيدا عن النور والحوار المفتوح.
8. قلة بضاعة هؤلاء الشبان الغيورين من فقه الإسلام وأصوله، وعدم تعمقهم في العلوم الإسلامية واللغوية ومعرفة الفقه واصوله وقواعده وكذلك المصالح والمفاسد والمضار والمنافع وايهما يقدم حسب ما ضمنته الشريعة الغراء وكما ورد عن الرسول الكريم وكيف تعامل من بعده من الصحابة والتابعين وكذلك من سار على هدي سبيل المؤمنين حذى حذوهم .
الأمر الذي جعلهم يأخذون ببعض النصوص دون بعض، أو يأخذون بالمتشابهات، وينسون المحكمات، أو يأخذون بالجزئيات ويغفلون القواعد الكلية، أو يفهمون بعض النصوص فهما سطحيا سريعا، إلى غير ذلك من الأمور اللازمة لمن يتصدر للفتوى في هذه الأمور الخطيرة، دون أهلية كافية. فالإخلاص وحده لا يكفي، ما لم يسنده فقه عميق لشريعة الله وأحكامه، وإلا وقع صاحبه فيما وقع فيه الخوارج من قبل، الذين صحت الأحاديث في ذمهم من عشرة أوجه، كما قال الإمام أحمد. هذا مع شدة حرصهم على العقيدة والتنسك.
ولهذا كان أئمة السلف يوصون بطلب العلم قبل التعبد والجهاد، حتى لا ينحرف عن طريق الله من حيث لا يدري.
وقد قال الحسن البصري: العامل على غير علم كالسالك على غير طريق، والعامل على غير علم، ما يفسد أكثر مما يصلح، فاطلبوا العلم طلبا لا يضر بالعبادة، واطلبوا العبادة طلبا لا يضر بالعلم، فإن قوما طلبوا العبادة وتركوا العلم، حتى خرجوا بأسيافهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولو طلبوا العلم لم يدلهم على ما فعلوا. كلام في منتهى الروعه وغالية الجمال سطرة ابن القيم لاهمية العلم في العباده والجهاد وكذلك العمل فبغيره يضل الطريق ويضيع في منزلاقات الفرق والضلال .
من اسباب الوقوع في مزالق التكفير ::[10]
إن أسباب نشأة ظاهرة التكفير وفشوها وانتشارها في القديم والحديث يرجع إلى مجموعة من الأسباب المتشابكة، والمتداخله مع بعضها البعض فنذكر ما سطره العلماء والفقهاء استنادا الى الكتاب والسنه وما سار عليه سلف الامه والسواد الاعظم السائر على اتباع سبيل المؤمنين فنذكر منها :
1ـ الجهل وقلة العلم والفهم بهذه المسألة المهمة، التي هي من المسائل الدقيقة التي لا يحسنها إلا العلماء، الذين لهم دراية في فهم أدلة الوحي، والتمييز بين صحيحها وضعيفها، كما يفرقون - بما آتاهم الله من علم - بين المتشابهات لفظاً، والمختلفات حكماً، كالتفريق بين الكفرين: الأكبر والأصغر، وحال أصحابهما حين اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، والفرق بين الكفر المطلق والكفر المعين، وهو ما لا يحسنه الجهلة ولا يطيقونه، فيقعون في تكفير المسلمين "
والتكفير والاتهام بالرده للاخرين دون مبرر واضح ودليل بين ساطع لا لبس فيه ولا شبهة فيه ولا تاؤيل فيصدر ذلك التسرع والتوسع في التكفير ممن قل علمه وفشى جهله في ابسط ما هو معلوم من الدين بالضروره،،،،
ولعل الجهل بأحكام الشريعة من أهم صفات الخوارج الذين كانوا أول من تولى وزر التكفير في هذه الأمة، حين كفروا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم وعلى رائسهم عثمان بن عفان وكذلك علي ابن ابي طالب وكانت تهمتهقولهم بانه حكم الرجال والحكم كما ورد في الاية الكريه لله ((ان الحكم الا لله )) وتهمة عثمان توليته لبني امية بعض الامارات واعطائهم بعض العطايا فكفروه واستباحوا دمه وقتلوه صائما تاليا للقران الكريم وبالمثل تم التعامل مع امير المؤمنين علي ابن ابي طالب فتم قتله وهو مصليا راكعا وساجدا بين يدي الله تعالي بل قبل ذلك اتهم احدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظلم والجور في القسمه وهكذا ،،،،، فالجهل بالشريعه واحكامها ومقاصدها والمصالح والمفاسد والمضار والمنافع تقود الكثير الى المضي في هذا الطريق والتوسع فيه
وهذا الجهل والغلو ينطبق على أضرابهم الذين يأتون في آخر الزمان، يقول عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)) ([11])
2ـ اتباع الهوى، وجعل التكفير وسيلة في الانتقام من المخالفين، والحكم عليهم انتصارا للمذهب والجماعة والحزب وترويج الفكره واظهارها انها ناصعة البياض وما دونها ممتلء دنسا وادران واتباع الهوى من الجهل ودليل على رقَّة الدين وضعفه.وقد استخدم هذا الكثير من الفرق والجماعات
يقول ابن تيمية: "ومن البدع المنكرة تكفير الطائفة غيرها من طوائف المسلمين واستحلال دمائهم وأموالهم... وهذا حال عامة أهل البدع الذين يكفر بعضهم بعضاً...وهؤلاء من الذين قال الله تعالى فيهم: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء} (الأنعام: 159) ".
ويقول رحمه الله: " من ادعى دعوى وأطلق فيها عنان الجهل مخالفاً فيها لجميع أهل العلم، ثم مع مخالفتهم يريد أن يكفر ويضلل من لم يوافقه، فهذا من أعظم ما يفعله كل جهول مغياق
ومما سبق فان اتباع الهوى يقود صاحبه الى الابتعاد عن سبيل المؤمنيين والسواد الاعظم من الامه والمؤمنيين الصادقين الصابرين والمتمسكين بدينهم وقيمهم وهدي نبيهم .
3 - ولعل من أهم أسباب انتشار التكفير وقوع كثير من المسلمين في المكفرات، من سباب لله ورسوله أو لمز أو طعن في الدين في وسائل الإعلام وغيرها.وظهور المخالافات الجسيمة والطعن في الدين وتشريعاته وكذلك التغريب الذي اصيب به ابناء المسلمين ،،،
وأمام هذه الموبقات والمنكرات والكبائر التي يرتكبها البعض بقصد أو بدونه تثور حمية الشباب المسلم الذي يتقد حماساً وغَيْرة على دين الله وسنة رسوله ولكن مع هذا الحماس وهذه الغيره لا يغير المنكر كما ورد عن الرسول وكما بين فقهاء الاسلام ولقلة العلم في ذلك فما يجد وسيلة الا اطلاق العنان لطريق الردة والتكفير والتوسع في ذلك ظانا منه الدفاع عن الدين وتقديم ما استطاع وكل على نيته ولا يعلمها الا الله سبحانه .
4 - قلة العلماء المعتبرين بسبب موتهم أو تقييد حرية البعض مما يؤدي إلى تنامي ظاهرة أنصاف العلماء الذين ليس لهم كبير دراية في فهم النصوص وتنزيل النصوص الشرعية والقواعد العلمية على واقعٍ ما، فتحقيق المناط في الأحكام أمر لا يحسنه كل أحد، وهو الميدان الذي يتمايز فيه العلماء عن الأدعياء، وهؤلاء الأصاغر يفتون في مسائل وقف عندها الأكابر من أهل العلم، ولم يتجرؤا على القول فيها فمنهم من يكثر بالقول الله اعلم تورعا وتنزها من القول بغير علم ولكن نرى من يهرف بما لا يعرف ويتصدر المجلس وينطلق بالفتوى في كل فن وفي كل جانب بعلم وبغير علم ومن علمات الساعه ((إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر)).
يقول ابن قتيبة: "لا يزال الناس بخير ما كان علماؤهم المشايخ، ولم يكن علماؤهم الأحداث، لأن الشيخ قد زالت عنه حِدَّة الشباب ومتعته وعجلته، واستصحب التجربة في أموره، فلا تدخل عليه في علمه الشُّبه، ولا يستميله الهوى، ولا يستزله الشيطان، والحَدَثُ قد تدخل عليه هذه الأمور التي أمنت على الشيخ، فإذا دخلت عليه, وأفتى هلك وأهلك".
وهكذا مع فساد الزمان وتلاحق الأيام يتحقق في المسلمين ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)).
وصدق الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، وهو يحذر من هؤلاء الأغرار: " ما أخاف على هذه الأمة من مؤمن ينهاه إيمانه، ولا من فاسقٍ بين فسقه،ولكني أخاف عليها رجلاً قد قرأ القرآن حتى أذلقه بلسانه، ثم تأوله على غير تأويله
5- والمتأمل لظاهرة الافتراق لا يغيب عن ناظريه أثر الغلو في ظهور الغلو المقابل، فالخوارج كانوا سبباً في ظهور المرجئة، وأخطاء الجبرية أدت إلى تنامي تيار القدرية، وهذا ما ينطبق على عموم الفرق الإسلامية.
إذ جنوح البعض إفراطاً أو تفريطاً يؤدي إلى تيار عكسي قد يجنح إلى الحقيقة فيقف عندها، وقد يفارقها إلى الطرف الآخر.
لذا كان من أهم الأسباب التي غذّت فكر التكفير في واقعنا المعاصر ما نلقاه من توقف الكثيرين عن تكفير من لا يسع مسلماً إلا تكفيره، إذ وصل الأمر ببعضهم إلى التوقف في إطلاق الكفر على اليهود والنصارى الذين تكاثرت الآيات على تكفيرهم وخلودهم بالنار، فمثل هذا التفريط يمهد الطريق لظهور المخالف الذي يكفر النصارى ومن وافقهم في أعيادهم ومناسباتهم، إلى غير ذلك من الصور.
فمثل هذه الصور يوجد النقيض، وهو المبالغة في التكفير، وشهره سيفاً على المخالفين.
6 - انتشار هذه الظاهرة بين من عرف صلاحه واستقامة سلوكه سبب آخر يغرر بالكثيرين من الذين يعرفون الحق بالرجال، لا الدليل، فيغتر الناس بصلاح هؤلاء، على قلة علمهم، فيرددون ما قالوا من تكفير المسلمين واستباحة دمائهم إحساناً للظن بهم وبحسن عبادتهم، وقد حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أمثالهم الذين ((يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)).
و يقول علي رضي الله عنه عن الخوارج: (قوم أصابتهم فتنة، فعموا وصموا).
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: (هم شرار الخلق) , وقال: (انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار، فجعلوها على المؤمنين).
فهذه جملة ما يوقع الناس في التكفير وما يؤدي إلى انتشار وبائه، والعاقل إذا عرف الداء أصاب الدواء، وتوخى موارد الزلل والهلاك بمزيد من الوقاية والحذر، حيطة لدينه وطلباً لسلامة آخرته.
وبعد ذكر المزالق التي تقود الى التكفير وذكرنا جلها وسرنا على ما سار عليه الباحثين والمحققين في ذلك وذكر المصادر والمراجع للتوثيق والتثبت ولمزيدا من التاكد والاطلاع الرجوع الى المنبع الصافي والمنهل الوافي من موروثنا الفقهي الذي نقله لنا العلماء والباحثين .
ونقف ايضا وقفات لنبين موانع التكفير التي تصرف الحكم على المحكوم عليه الكفر لقول او فعل او غيره اذ انه لا بد من العلم بها لمن سلك هذا المسلك وانتهج هذا المنهج والتوسع فيه وتتبع ما ورد فيه من احكام او موانع لذلك
موانع التكفير الحكم بالكفر :[12]
إن التكفير له موانع لا بد من فهمها، ومعرفتها حق المعرفه حتى لا يتم التسرع في الحكم على الناس بالكفر او التوسع في ذلك ومنها الموانع الآتية:
1 – الجهل وعدم العلم ، ولكن العذر بالجهل له حالات؛ لأنه يختلف باختلاف الأزمنة، والأمكنة، والأشخاص : فمنهم من قامت عليه الحجَّة، ومنهم من لم تقم عليه، باعتباره - مثلاً -: حديث عهد بإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة، وكذلك الجهل يختلف إن كان جهلاً بما هو معلوم من الدين بالضرورة أو ما دون ذلك. ولا يعني أن الجهل عذر مقبول لكل من ادّعاه؛ فإن من العلم ما لا يسع المسلم البالغ غير المغلوب على عقله جهله مثل:الصلوات الخمس، وأن لله على الناس صوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً، وزكاةً في أموالهم، وأن الله حرّم عليهم الزنا والقتل، والسرقة والخمر، وما كان في هذا المعنى، والمقصود أن العذر بالجهل يحتاج إلى تفصيل وعناية وفهم دقيق
2 - الخطأ، قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) .
3 - الإكراه، للحديث السابق؛ ولقوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِالله مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَّنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ الله وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} .
والإكراه له أنواع وشروط وضوابط يعرفها العلماء ومنها :
- أنْ يكون المُكْرِهُ قادراً على إيقاع ما يهدد به ، والمُكْرَهُ عاجزٌ عن الدفع ولو بالفرار.
- أنْ يغلب على ظن المُكْرَهِ أنه إذا امتنع أُوقِع به ما يُهدَّدُ به .
- أنْ لا يظهر على المُكْرَهِ ما يدُّل على تماديه, بأن يعمل أو يتكلم زيادة على ما يمكن أنْ يدفع به البلاء .
- أنْ يُظهِّر إسلامه متى ما زال عنه الإكراه .
- أنْ يكون ما يُهدَّدُ به مما لا طاقة لا به، ويعبر عنه عند الأصوليين بـ(الإكراه الملجئ) كأن يُقطع منه عضوٌ . .
- التأويل، المقصود به هنا: التلبس والوقوع في الكفر من غير قصد لذلك، وسببه القصور في فهم الأدلة الشرعية دون تعمّدٍ للمخالفة، بل يعتقد أنه على حق.
قال ابن تيمية في الفتاوى رحمه الله: ((والتكفير من الوعيد؛ فإنه وإن كان القول تكذيباً لَمَا قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة، ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة، وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص، أو سمعها ولم تثبت عنده، أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها، وإن كان مخطئاً)) ، ولكن التأويل الذي يعذر صاحبه له حدود وشروط وضوابط يمكن ذكر بعضها ،،
والتأويل المانع: هو التأويل السائغ, وهو الذي له مُسوِّغٌ في الشرع أو في اللغة ، مثاله: تأويل المتكلمين لليد بالقدرة .
وأما التأويل غير السائغ: فهو التأويل الذي ليس له مُسوِّغٌ في الشرع أو في اللغة ، ويكون صادراً عن محض رأي وهوى . مثاله : تأويل الرافضة لقوله تعالى: ((بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان)) بالحسن والحسين
5 - التقليد، قال ابن تيمية في الفتاوى رحمه الله تعالى: ((والذي عليه جماهير الأمة: أن الاجتهاد جائز في الجملة، والتقليد جائز في الجملة، لا يوجبون الاجتهاد على كل أحد، ويُحرِّمون التقليد، ولا يوجبون التقليد على كل أحد، ويُحرِّمون الاجتهاد، )) .
ويظهر من كلام الإمام ابن تيمية رحمه الله: أنه يُعذر من وقع في الكفر تقليداً إن كان جاهلاً لا بصيرة له ولا فقه، فهو معذور حتى تقوم عليه الحجة ويظهر له الحق وتزال عنه الشبهه
وقال الإمام ابن القيم في الطرق الحكمية رحمه الله: ((وأمَّا أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام، ولكنهم مخالفون في بعض الأصول فهؤلاء أقسام: ((أحدها: الجاهل المقلّد الذي لا بصيرة له، فهذا لا يُكفَّر، ولا يُفَسَّق، ولا تُردُّ شهادته إذا لم يكن قادراً على تعلم الهدى، وحُكْمُهُ حكم المستضعفين من الرجال والنساء والوِلْدَان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوّاً غفوراً)).
اخطار التكفير على الفرد والمجتمع المسلم :[13]
اولا: أخطار التكفير على الأفراد :
1. من أخطار التكفير على الفرد أنه لا يحل لزوجته البقاء معه، ويجب أن يفرق بينها وبينه، لأن المسلمة لا يصح أن تكون زوجة لكافر بالإجماع المتيقن.
2. إن أولاده لا يجوز أن يبقوا تحت سلطانه، لأنه لا يؤتمن عليهم ويخشى أن يؤثر عليهم بكفره، وبخاصة أن عودهم طري. وهم أمانة في عنق المجتمع الإسلامي كله.
3. إنه فقد حق الولاية والنصرة على المجتمع الإسلامي، بعد أن مرق منه وخرج عليه بالكفر الصريح، والردة البواح، ولهذا يجب أن يقاطع، ويفرض عليه حصار أدبي من المجتمع حتى يفيق لنفسه، ويثوب إلى رشده.
4. إنه يجب أن يحاكم أمام القضاء الإسلامي، لينفذ فيه حكم المرتد، بعد أن يستتيبه ويزيل من ذهنه الشبهات، ويقيم عليه الحجة.
5. إنه إذا مات لا تجرى عليه أحكام المسلمين، فلا يغسل ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يورث، كما أنه لا يرث إذا مات مورث له.
6. إنه إذا مات على حاله من الكفر يستوجب لعنة الله وطرده من رحمته، والخلود الأبدي في نار جهنم.
وهذه الأحكام الخطيرة توجب على من يتصدى للحكم بتكفير خلق الله أن يتريث مرات ومرات قبل أن يقول ما يقول وذلك لما يترتب عليه من افعال
ثانيا :أخطار التكفير على المسلمين :-
مما لا شك فيه أن خطر التكفير يتعدى الأفراد إلى أن يصل خطره إلى المسلمين جميعآ فمن هذه الأخطار على المسلمين :
1. أن التكفير يعتبر تقنيط للمسلمين من رحمة الله تعالى بل يعتبر هذا التكفير تشجيع لهم على الوقوع في الكفر الحقيقي بمعنى أن الذي تصدر ضده مثل هذه الفتوى من فتاوى التكفير قد يؤزه الشيطان إلى القول " أنا الغريق فما خوفي من البلل" .
2. يعتبر التكفير بغير وجه حق إهدار للدم المعصوم و من المعلوم أنه من مقاصد الإسلام العليا صيانة النفوس من إهدار دمها .
3. كذلك من أخطار التكفير التي تجري على الفرد و المجتمع إبطال قواعد الزواج و التوارث و الترحم على موتى المسلمين و لا يخفى على كل ذي عقل ما هي النتائج الوخيمة التي سوف تترتب على إبطال و إلغاء مثل هذه القواعد العظيمة في حياة الأمة المسلمة
ثالثا: أخطار التكفير على الإسلام و المسلمين :
*من أخطار ظاهرة التكفير على الإسلام و المسلمين فشو الجهل وخفاء العلم بالدين: عقيدة وشريعة، وتشويه سماحة الإسلام وعالميته،
* وكذلك اختلال الأمن العام للمسلمين وغيرهم: الأمن العقدي والفكري و الأمن الديني، والأمن الاجتماعي، والأمن السياسي، والعسكري، والأمن الأسري، والأمن النفسي، ولا سيما على العقل والدين والعرض والنفس والمال، وهي الضرورات الخمس التي أجمعت على حفظها شرائع الله قاطبة. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه)، وفي حجة الوداع في يوم عرفة قال: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا). متفق عليه.
*ولقد عانى كثير من المسلمين من ويلات هذه النهج الخاطئ فروع الآمنون واستحلت دمائهم واموالهم بحجة الصاق الكفر بهم فلا حرمة له ولا لماله .
*وعم الاضطراب حتى شملت غير المسلمين ، فتشوهت صورة الإسلام الصحيح في نظر غير المسلمين بدعوى اقتتال المسلمين فيما بينهم واستحلال الدماء والاموال ، واستغل هذا الأمر اعداء الإسلام حيث صوروا لغير المسلمين ان دين الإسلام دين ارهاب وقتل وسرق ونهب فيما بينهم مستغلين هذا المسلك والواقع الذي يعيشه المسلمين اليوم وكيف اصبح بائسهم بينهم شديد ،وقد بلغ ببعض أفراد تلك الطائفة ان استحلت الأموال العامة بحجة كفر الحكومات والقائمين عليها وسعت الى اتلاف ما أمكن اتلافه ومصادرة ما امكن ومحاولة زعزعة الامن واخافة الآمنين وإيذائهم وذلك كله بسبب التكفير واستباحة الدماء والاموال وكل ما يتعلق بمن صدر فيه الحكم فما اشد خطر هذا النهج اذا لم يضبط ويبين فيه الحق من الباطل دون افراط او تفريط وتساهل او مجامله ومحابها .
ابرز التوصيات والنتائج الممكن طرحها كخلاصه لما سبق وعلاج :
1- أنه لا يثبت التكفير على قول إلا بدليل شرعي؛ لأن الكافر هو من كفره الله ورسوله وما بينه العلماء والفقهاء وفق ما سار عليه سلف الامه والسواد الاعظم منها المتمسكين بالمنهج الرباني .
2- أنه لا يحكم في التكفير إلا العالم بالأدلة الشرعية ومكنونات الشريعة ومقاصدها المعتبرة
3- أنه لابد من تعلم أحكامه والتفقه فيه؛ لأنه حكم شرعي؛ ولأن له أهمية كبيرة لارتباطه بكثيرٍ من الأحكام الشرعية,وتطبيقها بين الناس وواجب العلماء التوضيح والتبيين لهذا المنهج
4- أنه لا يصح ولا يجوز مجاوزة الحدِّ الشرعي فيه، لا بالإفراط ولا بالتفريط والتوسط في ذلك وابراز الحق وما سار عليه سلف الامه واتباع سبيل المؤمنين في ذلك .
ـ5-السعي من الجميع علماء ودعاه وشباب وحكومات لوضع العلاج الناجع لهذا المنهج المنتشر وذلك من خلال :
*بنشر العلم الصحيح الموروث عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم واتباع السلف الصالح من لدن الصحابة والتابعين، فعلماء الأمة الفحول والسير على خطى سبيل المؤمنين ـ ومحاولة القضاء على الجهل أو محاصرته، وهو بيئة التكفير التي يترعرع فيها.
* وبمعالجة الظواهر الفردية بالحكمة والبصيرة اللائقة بها زماناً وواقعاً وحالاً، ويتأتى هذا بالعلماء الراسخين، والحكماء ذوي العقل والفطنة ومساعدة المجتمع والحكومات والصادقين في ذلك .
* قيام العاِلم الشرعي، والقائد الرباني، والمربي الواعي، كلٌ منهم بواجبه المناط به، ديانة وأداءً للأمانة الواجبة، وإبراءً للذمة ونصحاً للأمة. اعذاراً وانذاراً.
*الرفق واللين والتوجيه والتربية وحسن البيان لمن اشتبه عليه الأمر أو أدلهمت عليه الشبهات.. ولا يتأتى هذا إلا على يد ذوي العلم والغيرة الراسخين.
*أسلوب مقارعة الحجة ودفع الشبهة، والتأديب والتعزير اللائقين في المعاند والمكابر، ومن على شاكلة هؤلاء، وهذا مناط بالقضاة والعلماء.
والنصح لهم ودعوتهم، ثم الإنكار عليهم قولهم بالأسلوب اللائق، وكل مقال يتفوه به كل منهم.
*استخدام التوعية الاعلامية بجميع الوسائل المتاحه للتوجيه والارشاد والبيان للناس والتوضيح دون تحامل على احد او انتصار على فئة وليكن الحق هو الهدف واظهاره امام الناس لتقام الحجة ويظهر الحق جليا واضحا للعيان.
*القضاء على المظاهر المخالفه للشريعه وما يقوم به البعض ممن اصيب بالتغريب من الطعن في الدين والاستهزاء بقيم الدين ومبادئه .
و حسبنا الله ونعم الوكيل وعلية الثكلان فهو نعم المولى ونعم النصير سبحانه ،،،
بقلم الباحث عبد السلام حمود غالب
واسئل المولى التوفيق والسداد وان يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم بعيدا عن الصراعات والجدال العقيم والانتصار للنفس او الانتقاص من الاخرين او اظهار اخطائهم واستغلالها ونشرها والله يعلم النيات وهو مطلع على ما تخفي الصدور وما تحيكه الانفس سبحانه،،،،
من المراجع :
-التكفير وضوابطه لمنقذ السقار
-فتنة التكفير للالباني
- قضية التكفير بين أهل السنة وفرق الضلال في ضوء الكتاب والسُّنَّة المؤلف: د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني الناشر: مطبعة سفير، الرياض
- التكفير - مفهومه و أخطاره و ضوابطه لاحمد محمد بوقرين
-التكفير حكمه وضوابطه والغلو فيه لفهد عبد الله
- ضوابط التكفيرعند أهل السنة والجماعة عبد الله بن محمد القرني
[1])السيل الجرار للشوكاني ج4ص578
[2])مجموع الفتاوى لابن تيمية ج12ص501
[3])البحر الرائق ج5ص130
[4])التكفير وضوابطه للسقار ص25 بتصرف
[5])فتنة التكفير للالباني ص3
[6])فتنة التكفير للالباني ص3 بتصرف
[7]) المعجم الوسيط ص791
[8])التكفير - مفهومه و أخطاره و ضوابطه لاحمد محمد بوقرين ص9 وما بعدها
[9])التكفير مفهومه واخطاره مرجع سابق ص17
[10])التكفير وضوابطه للسقار ص27
[11])متفق عليه عند البخاري برقم 3611 ومسلم برقم 1066
[12])قضية التكفير بين أهل السنة وفرق الضلال في ضوء الكتاب والسُّنَّةالمؤلف لسعيد بن علي بن وهف القحطاني ص34 وما بعدها بتصرفالناشر: مطبعة سفير، الرياضتوزيع: مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان، الرياض
[13])التكفير مفهومه وضوابطه مرجع سابق ص42 وما بعدها بتصرف
lahsen
جواب
اولا نص طويل جدا يا حبدا لو تم الاختصار اما عن التكفير المراد به هنا ليس هو المتداول الان في ساحتنا المراد بالتكفير هنا هو فتوى من عالم يصدرها عن شخص ويرميه بكافر فيكون متابع من قبل الحكم عليه بالكفر اما المتداول اليوم في ساحتنا هو الكفر الغير معلن عنه مثلا شخص يقول في مراجعة النص الوارد في القران الكريم حول الارث او التعدد وكلاهما نقطتان وردتا في القران الكريم ، لكنه لم يقل بصراح العبارة انه لا يؤمن بها ويرفضها فقط يقول يجب مراجعتها فهذا يدخل تحت الاية التي جاء فيها ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ) فساحتنا اليوم لها دليلها على انه اخلف وكان من الذين يريدون امرهم وليس امر الله ورسوله فهذا كيف نسميه والسؤال هنا مطروح على من كتب البحث اما ان وافقنهاهم في هذا الامر فغدا سيكون دور مراجعة الصيام وهكذا حتى يتم مراجعة القران كله وهذا هو هدف الكافر الخفي الذي يخفي كفره ويهاب الناس ولا يخاف خالق الناس فالقران كتاب انزله الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ليبلغه للناس اجمعين ونحن امنا به كل من عند ربنا