أخبارنا المغربية
منذ توليه مقاليد الحكم، عمد الملك محمد السادس إلى جعل العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء "الرقم الأهم" في معادلة تحريك عجلة التحولات العميقة والمنجزات الكبرى التي انطلقت بالمغرب في مختلف الميادين، خاصة الاقتصادية، والاجتماعية منها.
غير أن العجلة التي كانت تدور بها وتيرة الإصلاح لم يرق بطؤها للملك محمد السادس، بعد أن وقف بنفسه على حالة الشلل التي تمر بها المدينة، خلال زياراته المتعددة، وهو ما جعله يوجه خطابًا شديد اللهجة إلى الساهرين على تسيير العاصمة الاقتصادية، بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة.
وقال الملك في خطابه: "تحويل الدار البيضاء إلى قطب مالي دولي يتطلب توفير البنيات التحتية والخدماتية بمواصفات عالمية، وترسيخ قواعد الحكامة الجيدة، وإيجاد إطار قانوني ملائم.. غير أن الدار البيضاء لا تجتمع فيها مع الأسف كل هذه المؤهلات".
رسائل لم تفهم
لم تكن الرسائل الكثيرة التي وجهها العاهل المغربي في مناسبات متعددة لمن يهمهم الأمر مفهومة لبعض الساهرين على تسيير الدار البيضاء.
فالرغبة الملكية في تحويل المدينة إلى قطب مالي عالمي، لم يواكبها عمل جاد من طرف المنتخبين.
ففي الوقت الذي بدأ الملك أولى خطوات وضع اللبنات الأولى لتحويل المدينة إلى قطب عالمي، عبر الإعلان، في سنة 2010، عن إنشاء واحد من المشاريع المالية الكبرى "سي.إف. سي"، وهي مركز مالي إقليمي ونقطة دخول متميزة لشمال وغرب ووسط أفريقيا، كان الساهرون على تسيير العاصمة الاقتصادية غارقين في التطاحنات السياسية، وهو ما أصاب عددًا من المرافق الحيوية في المدينة بالشلل.
مشهد وصفه عبد الرحيم أريري، مدير نشر أسبوعية "الوطن الآن" (البيضاوي سابقًا) والمهتم بشؤون المدينة، بـ"الممزق".
وأشار أريري إلى أن "مجلس المدينة، الساهر على تسيير العاصمة الاقتصادية، مصاب بالتطاحنات التي ما زالت إلى يومنا هذا".
وقال عبد الرحيم أريري، في تصريح لـ"إيلاف"، "نجاح مخططات الإقلاع، و(الأوفشورينغ)، ومهن الطيران، ومهن الخدمات المالية، في المغرب مرتبط بنجاحه في الدار البيضاء".
وأضاف: "مجال تطبيق هذه المخططات موجود في الدار البيضاء وليس في مدن أخرى، وبالتالي لا يمكن أن نرهن مصير المغرب بقبر مصالح ومستقبل مدينة البيضاء. لكن للأسف الشديد، عاين الملك أن النخب التي تسيّر المدينة على كافة الأصعدة ليسوا في مستوى هذه الرهانات، وليسوا في مستوى هذه الانتظارات، ما اقتضى منه التدخل بوصفه رئيس الدولة، وبما يمليه عليه الدستور كضامن لحقوق الأفراد والجماعات، وأن يضرب بقوة".
بياض شتوي لمؤسسات الحكامة
كشف المهتم بشؤون العاصمة الاقتصادية أن المشاكل التي تداولتها الألسن ليست هي النقطة السوداء التي تلطخ البيضاء، بل هناك ما هو أخطر، مشيرًا إلى أن "مؤسسات الحكامة التي يوكل إليها المشرع تدبير مهام الشأن العام كلها مصابة بمرض اللا استقرار".
وأعطى عبد الرحيم أريري، المثال بغرفة التجارة والصناعة، التي أكد أن مكوناتها تتنازع، منذ ثلاث سنوات، في المحاكم، وزاد مفسرًا: "بدل أن تكون هذه الغرفة هي الرافعة لجر التجار والحرفيين والمقاولات الصغرى نجدها تعيش بياضًا شتويًا منذ ثلاث سنوات".
الأمر نفسه ينطبق، حسب أريري، على غرفة الصناعة التقليدية في الدار البيضاء، ومجلس المدينة الذي عاش (جموداً) لمدة حوالي سنتين، أي منذ بداية تشكيل المكتب"، مبرزاً أن "شلل مؤسسات الحكامة هو سبب هذا الامتعاض والاستياء، وهو ما جعل الملك يتدخل ليضرب بقوة ويقلب الطاولة على هذه النخب. أما ما نوقش في الدورة الأخيرة للمجلس البلدي، فأنا أعتبره نقاشًا دون مستوى الرهانات والتقاط الرسالة الواردة في الخطاب الملكي".
يشار إلى أن أكثر من 25 شركة عالمية معروفة استقرت بالقطب المالي الجديد الذي أطلقه الملك محمد السادس.
وينتظر أن توفر المدينة الجديدة، التي تهيّئ في قطب أنفا، 80 ألف منصب شغل، منها 35 ألف منصب سامٍ.
دورة فارغة بعد الخطاب الملكي
أثارت النقاط المدرجة في جدول أعمال دورة تشرين الأول/ أكتوبر في مجلس المدينة، الكثير من اللغط، لكونها تضمنت إجراءات لم تكن في مستوى الرسائل التي حملها الخطاب الملكي.
وفي هذا الإطار، قال يوسف لحسينية، المستشار الجماعي بمجلس المدينة، إن "جدول أعمال الدورة لا يستجيب بتاتًا لتطلعات خطاب صاحب الجلالة في افتتاح الدورة البرلمانية"، مشيراً إلى أن "جميع النقاط المدرجة لم تكن أي واحدة منها تتضمن نقطة تتعلق بالنظافة التي تطرق لها الملك".
وأضاف يوسف لحسينية : "نحن نتأسف لهذه المشاكل التي تعرفها الدار البيضاء"، مبرزاً أن "تقارير للمجلس الأعلى للحسابات لسنوات 2009، و2010، و2011، وقفت على مجموع من الخروقات في التسيير بالدار البيضاء، إلا أنه لم تكن هناك أي متابعة".
وقال "جدول أعمال دورة أكتوبر كان فارغًا، ويجب أن ترى كيف تمر الصفقات العمومية من دون منافسة وهدر المال العام".
غضب على المسؤولين
سكان العاصمة الاقتصادية عانوا كثيراً من هذا الجمود والتطاحنات التي يعرفها مجلس المدينة.
وأبسط ما يؤرق بال البيضاويين هو "تراكم النفايات في الشوارع، والحالة المزرية التي توجد عليها الطرقات، وغياب الإنارة في عدد من الأحياء".
وبهذا الخصوص، قال أحمد تاج الدين، موظف، في تصريح لـ"إيلاف"، "عيب أن ترى مدينة بهذا الحجم وبهذه المكانة بحالة مزرية.. فالأوساخ والفوضى تعم عددًا من الأحياء، وهذا غير مقبول".
من جهته، طالب رشيد زريق، عامل،، بضرورة "محاسبة كل من ثبت تقصيره في أداء واجبه، وتسبب في هذه الحالة التي وصلت إليها المدينة".
Adil
il faut s'installer à Tanger, d'ailleurs avant l'indépendance, elle occupait ce rôle avec brillance