أخبارنا المغربية
حنان فقيري
قرار السفر يرتكز أساسا على وسيلة النقل المناسبة والمتوفرة، وسيلة تحفظ سلامتك وكرامتك٠ولأن جميع رحلاتك بالحافلة لم تكن يوما مرضية ،تقرر من باب التغيير السفر بطاكسي كبير٠
تصل إلى المحطة ويبدأ أول فصل من الحكاية، تحديد موقع الطاكسي ليس بالأمر الهين، فلا لباس موحد للسائقين يميزهم عن غيرهم،ولا أسماء المدن مثبتة على المواقف٠فقط لسانك دليلك، وبعد سؤال و جواب تحدد أخيرا موقع الطاكسي٠ثم يؤكد لك سائقه الوجهة، ويعدك بإنطلاق قريب، بضع دقائق فقط حتى يكتمل عدد المسافرين٠دقائق تتحول إلى ساعات في جو بارد يتآكل أطرافك ٠
تبحث عن مكان تريح فيه قدميك من تعب الوقوف ، فتجد ما يفترض به أن يكون مصطبة الإنتظار، قطع حديدية ركب بعضها فوق بعض على عجل، لتمتص برودة المكان وتختزنها بانتظارك٠تعدل عن فكرة الجلوس وتعاود الوقوف٠ تدرس المكان من حولك ويرتكز تفكيرك على المتشردين و الحمقى، مخافة أن يباغتك أحدهم على حين غفلة بتصرف لا عقلاني يمس سلامتك٠
يمر الوقت بطيئا بطيئا، وتجد نفسك رغما عنك تعد مع السائق عدد المسافرين لعل الخلاص يقترب٠ ساعة، ساعتين ثم يكتمل العدد اللازم٠ تسعد للحظة وتصعد إلى الطاكسي، لتجد ثلاثة أشخاص في المقاعد الخلفية، واثنين بالقرب من السائق٠هذا الأخير يبدأ بتسلم التسعيرة من كل مسافر، تسعيرة من الطبيعي جدا أن تختلف من نفس النقطة ألف إلى النقطة باء ذهابا و إيابا٠ولأن لا شئ يستدعي الإبكار يغيب السائق دقائق أخرى، يعود بعدها حاملا حفنة من النقود بين راحتيه ليعيد الباقي للمسافرين٠وبما أن ذاكرته ضعيفة ينسى كم إستلم من كل مسافر، فتعلوا أصوات البعض مستنكرة ما يحدث، و بعد أخذ ورد تنتهي مرحلة الأداء٠يطلب بعدها السائق من المسافرين أن يتقاربوا أكثر فأكثر حثى يغلق الأبواب٠
هنا تكون قد اتخذت موقعا حربيا بين أن تكون ملتصقا تماما بالنافذة، أو أن تتوسط القوى العظمى٠وكما الدول النامية تهضم حقوقك، تعدم راحتك، وتسحق إنسانيتك٠لا مجال لتمد يديك أو تريح قدميك، فحركة كل أصبع يجب أن تدرس٠ تنطلق الرحلة بستة أشخاص، ستة أرواح ، ستة أحجام، وسابعها السائق٠تتنفس نفس الأكسجين غير المتجدد داخل سيارة مرسيدس متهالكة٠وعلى طول الرحلة تعقد
صفقة صامتة مع جارك لصيقك لتتحركا بنظام التناوب٠وتدعو أن يكون من النوع الهادئ الغارق في أفكاره أو حثى في نومه لكي لا يجعلك ضيفه في جلسة إستنطاق ٠
التكثل داخل الطاكسي يولد موضوعا للنقاش بين البعض فتعلوا أصواتهم ثم ما يلبث حماسهم أن ينطفئ ويعم الصمت، وبدون تردد يضع السائق كاسيطه المفضل،أغاني شعبية من الزمن الردئ ٠لا يهم توافق ذوقه مع الاخرين ،فقط دبدوب الحب المتسخ المعلق بالمرآة يشاطره اختياره،ويتراقص يمنة ويسرة٠
تفكر، المهم لن يغفو على هذا النوع من الأغاني ،على الأقل سيبقى يقضا ليوصل ستة أرواح متلاصقة لوجهتها٠ تضع السماعات بأذنيك لتنصت لأغانيك، تهرب للحظات من واقع يعدم كرامة المواطن، ثم تعيدك أغنية هاني شاكر نسيانك صعب أكيد إلى واقعك، فهكذا نوع من الرحلات يصعب نسيانه ٠
عند وصولك تدرك أن كل التعب الذي تحسه ليس مرده بعد مدينتك، بقدر ما هو راجع لقوى الإحتكاك المطبقة عليك والتي تنهك يديك، قدميك، ٠٠٠وقلبك٠
jamil
kalam jamil , kalam ma39ol ,ma9darch a9ol haja 3anno