لاعبو الوداد والرجاء يعلقون على نتيجة التعادل في ديربي الويكلو

الله ياخذ الحق..أول خروج إعلامي لعائلة التلميذ ضحية جريمة قتل بطنجة

سابيتنو ينتقد الحكم صبري بسبب عدم طرد لاعب الوداد ويؤكد: الخصم لم يكن يستحق التعادل

تكريم عدد من القضاة والموظفين السابقين بالمحكمة الابتدائية الإدارية بوجدة

هذا ما قاله مدرب الوداد موكوينا عن التعادل في الديربي

فرحة آيت منا بعد هدف التعادل في مرمى الرجاء

مدينة ومؤرخ .. المصطفى اجماهري مرتحلا في تخوم ذاكرة الجديدة

مدينة ومؤرخ .. المصطفى اجماهري مرتحلا في تخوم ذاكرة الجديدة

أخبارنا المغربية - و م ع

(نزار الفراوي)

  اختط الكاتب المغربي المصطفى اجماهري لنفسه مسارا بحثيا خاصا وضع في صلبه توثيق ذاكرة مدينة لها قصة حافلة مع التاريخ القديم والحديث. وجدت الجديدة فيه المؤرخ الأمين والمنصت الشغوف بحكاياتها، التي تروي مكانا زاخرا بالمعالم وإنسانا حيويا مشتبكا مع الأزمنة.

ولئن كان البحث التاريخي عموما لا يسجل التراكم المطلوب بالوتيرة التي تسمح بملاحقة الوقائع والأحداث الوطنية، فإن النقص أوضح ما يكون في باب كتابة التاريخ المحلي وتوثيق ذاكرة المدن وتدقيق التفاصيل الجهوية التي تتنوع باتساع الجغرافيا الوطنية، لترسم ملامح خاصة للتاريخ الاجتماعي والثقافي والاقتصادي لكل منطقة. وعلى هذا الصعيد، تكمن أهمية المشروع البحثي الذي يعليه المصطفى اجماهري لبنة لبنة منذ عقدين كاملين.

وتجسد هذا المشروع في سلسلة كتابات أطلقها الكاتب سنة 1993 تعنى بالتاريخ المعاصر لمدينة الجديدة، من خلال رؤية تعددية ومنفتحة. وتصدر بمجهود تمويلي شخصي، مع أن ثراءها وقيمتها العلمية جديران بمجهود ضخم لمؤسسة علمية كبرى. أكثر من عشرة كتب صدرت حتى الآن في إطار هذه السلسة، ترصد جوانب مختلفة من تاريخ عاصمة دكالة. وما يزال في الجعبة الكثير.

عن اختيار التخصص في كتابة تاريخ الجديدة، يشير اجماهري إلى النقص الكمي على مستوى الدراسات الببليوغرافية والمونوغرافية المتعلقة بالمدن والجهات. ولا تستثنى مدينة الجديدة من هذا النقص. ذلك أن غالبية ما كتب عن المنطقة يعود إلى فترة الحماية. "لذا ارتأيت أن أهتم بهذا الجانب المنسي وأن أساهم في التعريف بماضي مدينة يربطني بها أكثر من رابط".

بدأ اهتمام الكاتب بالبحث في تاريخ مدينة الجديدة منذ أواخر عقد الثمانينيات من القرن الماضي. وكان لذلك قصة يرويها المصطفى اجماهري، في حديثه لوكالة المغرب العربي للأنباء، "حضر العلامة المرحوم محمد المنوني إلى الجديدة للمشاركة في المهرجان الثقافي لدكالة سنة 1981، وقدم بالمناسبة مداخلة طرح فيها اقتراحا هو كتابة تاريخ دكالة والمدينة وإنشاء خزانة توثيقية تختص بالمنطقة. وللأسف فإن فكرة العلامة المنوني لم تجد آذانا صاغية ممن يعنيهم الأمر. بقيت تلك الفكرة تراودني، فقمت بتعاون مع المعهد الفرنسي بالجديدة بتنظيم لقاءات سنوية لبعض قدماء سكان المدينة للحديث عن التاريخ القريب من خلال ما عاشوه زمن الحماية. وقد حظيت هذه اللقاءات باهتمام شريحة الشباب. وهكذا كانت البداية".

لكن مشروع الكتابة عن المدينة لم ينطلق بالجدية العلمية فيه إلا بعد أن أنهى الكاتب دراسته في السلك الثالث بالمعهد العالي للصحافة سنة 1992. حينها شرع في إعداد ونشر سلسلة "دفاتر الجديدة" بغاية تسليط الضوء على ماضي حاضرة الجديدة من جوانب تاريخية واجتماعية واقتصادية، وبالتالي المساهمة في سد الفراغ على مستوى المعرفة المحلية بإحداث تراكم معلوماتي عن الجديدة ومنطقة دكالة.

وقد استهل اجماهري سلسلة الدفاتر هاته بالجرد الببليوغرافي اعتبارا لكونه يشكل الكشاف الأساس وقاعدة البحث من جهة، ومن جهة أخرى لأن الغالبية الساحقة من المهتمين بتاريخ المدينة وبتراثها لا يلمون بكل ما كتب عنها في العقود السالفة وخاصة في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

وقد كان وراء هذا العمل الببليوغرافي بصفة غير مباشرة الراحل عبد الكبير الخطيبي الذي شجعه على إنجازه وذلك بمناسبة مشاركته في ورش عن علاقة الكتابة بالجهة كان قد نظمه المفكر الراحل بالجديدة صحبة الروائي الفرنسي كلود أوليي.

في خوضه لهذه المغامرة البحثية المضنية، يؤكد اجماهري أن كتابة التاريخ المحلي تحتاج إلى كثير من الوقت والجهد والتطوع. وهو فضلا عن ذلك مجال ينصب على التفاصيل والدقائق. وبالنظر إلى خلفيته الإعلامية فلم يكن يعتمد فقط على المصادر المكتوبة التي قد تكون منعدمة أصلا حول مدينة أو منطقة وإنما كذلك على مصادر الشهادة الشفوية والزيارة الميدانية. وعليه فمنهجيته "تركيبية في تجميع المعطيات أولا قبل سردها ومناقشتها من زاوية نظر تعددية".

ويقر اجماهري في هذا الباب بفضل ثلاثة باحثين مرموقين شاركوا في تأطير عمله البحثي. يتعلق الأمر بعبد الكبير الخطيبي الذي "كان يشجعني على الاستمرار في الكتابة عن المدينة اعتبارا منه إلى أن هذه المواضيع المهمشة أو الهامشية لا تجد من يهتم بها من الدارسين" وغي مارتيني، المؤرخ الفرنسي، الذي كان يراجع كتاباته، بل نظم معه لقاءات مشتركة بكل من الدار البيضاء والجديدة ثم نيلسيا دولانوي أستاذة التاريخ سابقا بجامعة باريس العاشرة (والمنتمية لمدينة الجديدة).

لا يحصر المصطفى اجماهري نفسه في شعبة معرفية بعينها. كل تاريخ الجديدة ملعب مستباح لفضوله التاريخي. يقول الكاتب "أنا أشتغل على المجال ككل. وهذا المجال واسع ولا يمكن الإحاطة به من جانب واحد ولا من طرف باحث واحد (...) فكلما توفرت لي معطيات كافية ومراجع ضرورية في محور من المحاور المتعلقة بالمدينة فإني أنطلق في إنجاز العمل وإعداده للنشر".

نجاح بحثي أكيد أن يتواصل مشروع فردي على مدى أكثر من عشرين سنة، ويثمر كتبا وجدت صدى طيبا في ساحة النشر والتداول.

غير أن اجماهري لا يخفي أسفه لكون هذا المجال متروكا للمبادرة الشخصية وللمشروعات الفردية. "فحتى المجالس المنتخبة وكليات الآداب في كل جهة لا تساهم فيه بشكل مباشر. هذه المؤسسات ما زالت لم تستوعب بأن الجهات لا تبنى فقط بالقانون والاقتصاد بل كذلك بالتاريخ".

بحضور هذا الدعم المؤسساتي أو بغيره، يبقى أن التاريخ للمدن مبحث عسير المسالك، يستدعي قدرة هائلة على التنقيب والبحث.

الصعوبات تبدأ ولا تنتهي : انعدام الأرشيف المحلي وعسر الحصول على الوثائق الرسمية والمعلومات من المرافق الإدارية، وعدم توفر المراجع الضرورية والكافية لأن غالبية الإصدارات التي اهتمت بالجانب المحلي صدرت بالفرنسية أيام الحماية وهي اليوم غير متوفرة في السوق، فضلا عن الصعوبات المادية المرتبطة بتكلفة البحث من الإعداد إلى النشر.

مع ذلك، وجدت مدن مغربية أبناء بررة حملوا على عاتقهم واجب توثيق ذاكرة هاربة في مضمار السنين المتسارعة. يذكر المصطفى اجماهري مجهودات قيمة لإبراهيم كريدية الذي يكتب في تاريخ آسفي، وعبد الباسط لكراري الذي في تاريخ سطات، والحبيب الدائم ربي الذي كتب عن سيدي بنور، ومحمد أبو عسل بالنسبة لمدينة شفشاون، ومحمد أخريف بالنسبة للقصر الكبير، وميلود عشاق الذي كتب في تاريخ الخميسات، وأحمد المفتوحي عن تاريخ منطقة الحسيمة وغيرهم. إلا أن هذه التجارب التطوعية "تتفاوت كثيرا من حيث الأهمية والامتداد والعمق، فهناك من كتب أكثر من كتاب وهناك من لم يستطع مواصلة الطريق إما لافتقاد التمويل أو لصعوبات معينة".

يؤكد اجماهري أن كتابة التاريخ المحلي لها أهمية كبيرة في الحفاظ على الذاكرة الجماعية. ويذكر أن العلامة المختار السوسي والمؤرخ جرمان عياش وبول باسكون كانوا من أوائل من نادى بالاهتمام بهذا الجانب. المعرفة بالتاريخ المحلي تفيد في إغناء مناهج التعليم ونقل هذه المعرفة من جيل إلى جيل. وتفيد كذلك على صعيد العلاقة مع الآخر مثلا في مجال السياحة الثقافية. إنها تعطي أمثلة ساطعة عن حضارة المغرب المتفتحة في علاقته بالآخر.

ويورد المصطفى اجماهري في هذا السياق مثال كتابه الصادر سنة 2011 الذي خصصه للحديث عن التاريخ القنصلي لمدينة الجديدة خلال القرن التاسع عشر، فقد اتصلت به عدة سفارات تسأل عن معطيات تخص قنصلياتها في تلك الفترة بمدينة الجديدة.

من أهم الكتب التي أصدرها الباحث عن تاريخ الجديدة "ببليوغرافيا تاريخ الجديدة" في طبعتين، و"حاضرة مازغان" و"القنصليات الأجنبية بالجديدة" و"دليل الجديدة ونواحيها" (بتعاون مع رايمون فراشي) و"ميناء الجديدة .. التاريخ المجهول" و"الطائفة اليهودية للجديدة" في طبعتين و"مازغان، قرنان من التاريخ القنصلي" و"الوقائع السرية لمازغان 1850-1950" و"ذكريات مغربية .. الجديدة زمن الحماية" و"مازغان، تراث عالمي للإنسانية" (باشتراك مع كريستيان فوشير) و"الفلاحون الأجانب بدكالة".


عدد التعليقات (1 تعليق)

1

أنيس من فاس

عار عار على المدينة القديمة للجديدة

اين هي النضافة،اين هو العمل الجاد من الجهات للتدخل للحفاض على ما تبقى من تراتنا الاصيل والله العضيم في كل مكان في المدينة القديمة للجديدة لتسد الانفاس من كترة الازبال...

2014/02/04 - 07:40
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات