أخبارنا المغربية - و م ع
(فوزي عزام )
لندن/20 فبراير 2014/ومع/ تلقت الأقلية القومية في اسكوتلاندا، والتي تطمح إلى إعلان استقلال الإقليم عن المملكة المتحدة، ضربة قاضية لمشروعها الانفصالي، في أعقاب تأكيد رئيس اللجنة الأوروبية، جوزي مانويل باروسو، مؤخرا على أنه سيكون من "الصعب جدا، أو من المستحيل" بالنسبة لاسكوتلاندا أن تدخل حظيرة الاتحاد الأوروبي بعد استقلالها.
وبدا المشروع الانفصالي في اسكوتلاندا، والذي يحظى بتأييد أقل من ثلث الناخبين، في التهاوي والانهيار، في ظل "الواقعية السياسية" الأوروبية، حيث ما فتئ الاتحاد الأوروبي يزداد توسعا في ظل القناعة السائدة بأن في "الاتحاد قوة".
وكان رئيس اللجنة الأوروبية قد أبرز أنه سيكون من الصعب إن لم يكن مستحيلا، ولوج اسكوتلاندا المستقلة إلى الاتحاد الأوروبي، لأن انخراط دولة منشقة عن دولة أخرى عضو في الاتحاد، في هياكل المؤسسة الأوروبية، يجب أن يحظى بموافقة جميع أعضاء الاتحاد.
وقد كان لهذه التصريحات وقع الصدمة على مجموع الطبقة السياسية في اسكوتلاندا ومكونات المجتمع المدني بها، والذين شرعوا في التفكير في عواقب فكرة عيش اسكوتلاندا، في حال خروجها عن بريطانيا، بعيدا عن دواليب الاتحاد الأوروبي محرومة من العملة الأوروبية (الأورو) ومن الجنيه الإسترليني البريطاني على حد سواء.
وكان رئيس اللجنة الأوروبية، جوزي مانويل باروسو، قد استحضر، بهذا الخصوص، معارضة اسبانيا قبول عضوية كوسوفو، والتي تعد نموذجا مشابها لأنه يتعلق بدولة حديثة التأسيس.
وينبع رفض إسبانيا المصادقة على انخراط كوسوفو في هياكل الاتحاد الأوروبي، انطلاقا من رفضها منح أي أمل أو إشارة مشجعة للقوميين الكاطالان الراغبين في استقلال اقليم كاطالونيا الاسباني. كما أن العديد من بلدان الاتحاد تعيش وضعية مماثلة، حيث تواجه مطالب انفصالية لعدد من أقاليمها.
وتشير وسائل الإعلام السكوتلاندية والبريطانية إلى أن تصريحات مانويل باروسو قد تسببت في إثارة غضب المجتمع السكوتلاندي الذي لم يفكر مطلقا في إمكانية رفض دخول سكوتلاندا المستقلة إلى الاتحاد الأوروبي، وبالتالي الحرمان من مختلف الامتيازات التي يستفيدون منها حاليا في ظل الغطاء الأوروبي.
يضاف إلى ذلك، أن اسكوتلاندا، التي انضمت إلى المملكة المتحدة منذ أزيد من ثلاثة قرون، تمتعت خلالها باستقلال ذاتي قوي وبحكومة وبرلمان خاصين بها، تواجه مخاطر فقدان العملة البريطانية (الجنيه الاسترليني).
وكان وزير الاقتصاد والخزينة البريطاني، جورج أوزبورن، قد حذر، في وقت سابق، من أن خروج اسكوتلاندا من المملكة المتحدة سيعني بشكل أوتوماتيكي خروجها من دائرة مستعملي الجنيه الاسترليني، مشددا على أنه لا يوجد ما يفرض على انجلترا تقاسم عملتها النقدية مع اسكوتلاندا المستقلة بعد استفتاء 18 شتنبر المقبل.
وأكد أن الاستمرار في تقاسم الجنيه لن يكون في صالح اسكوتلاندا ولا في صالح المملكة المتحدة في هذه الحالة، مضيفا أن البريطانيين لن يقبلوا بمثل هذه الوضعية، لاسيما وأن برلمان ويستمنستر كان قد اعلن رفضه لها مسبقا.
وكان قادة الأحزاب السياسية الرئيسية في انجلترا، مثل حزب العمال المعارض، وحزب الليبراليين الديمقراطيين، الشريك الأصغر في الائتلاف الحكومي، قد أعلنوا بوضوح دعمهم لتوجه حزب المحافظين الحاكم القاضي برفض قيام اتحاد نقدي مع اسكوتلاندا.
ويتم في هذا السياق الاستدلال بعدد كبير من الحجج والبراهين التي تهم مجالات متعددة من الاقتصاد، تشمل على الخصوص النفقات العمومية والأمن النقدي والمديونية..الخ.
وسيتعين على اسكوتلاندا، في حال رغبتها اعتماد الجنيه الاسترليني، كعملة رئيسية لها، تحمل جزء من الدين الكبير لبريطانيا والذي يصل إلى نحو 1200 جنيه استرليني. وفي المقابل، ستقوم لندن بدعم إدنبره ماليا في حال عجزها أو مواجهتها لصعوبات اقتصادية، وهو أمر لن يحوز رضا وقبول شريحة واسعة من دافعي الضرائب الانجليز.
ويعتبر عدد من الخبراء أن إعلان اتحاد نقدي سيتضمن بالضرورة مجموعة من القيود المالية على اسكوتلاندا وهو ما يتعارض مع إرادتها في الخروج والتحرر من العباءة البريطانية.
ونتيجة لمواقف رئيس اللجنة الأوروبية المتشددة والتوجه الحازم للندن بخصوص الجنيه الاسترليني، والتي كان لها وقع الصدمة داخل الطبقة السياسية السكوتلاندية، فقد سعى عدد من المسؤولين السكوتلانديين، ومن بينهم رئيس الوزراء أليكس سالموند، مؤخرا إلى بذل مساعي ومجهودات يائسة من أجل طمآنة الناخبين المتشككين في جدوى المشروع الاستقلالي الذي أضحى، يوما بعد الآخر، غير واقعي وغير قابل للتطبيق.
ويعتبر عدد من المحللين أنه في غياب دعم بروكسيل ولندن، فإن إدنبره ستواجه صعوبات كثيرة ولا حصر لها، وذلك في ظل تأكيد استطلاعات الرأي على توجه أغلب الناخبين السكوتلانديين إلى رفض المشروع الانفصالي، مما يشكل ضربة قاضية لطموحات القوميين.