يوسف الشطيبي
بداية أود أن أهنئ الشعب المغربي الأصيل على إقرار الدستور الجديد الذي يعتبر خطوة عملاقة لإنتقال ديمقراطي حقيقي و هادئ نحو مغرب أفضل تسود فيه عدالة اجتماعية و حياة كريمة لكافة المواطنين ، و الذي نأمل أن يكون الجميع في المستوى لتفعيله على أرض الواقع و تطبيق بنوده ،كما أن دسترة الأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية يؤكد الإستثناء المغربي المتعدد الهويات و الذي يعترف بكل مكوناته من أمازيغ(سكان المغرب الأصليين) و عرب و يهود و صحراويين و موريسكيين و ...،و رغم تحفظ الكثيرمن المغاربة (و من بينهم العبد لله) على مطالب أو بالأصح النوايا الحقيقية لمجموعة من التيارات الأمازيغية المتطرفة لرفضنا أي تصنيف على أساس عرقي للمغاربة ،و لنا في كردستان العراق و جنوب السودان و غيرهما من نقاط التوتر العرقي عبرة إن كنا من أولي الألباب ، فإن الجميع بارك ترسيم اللغة الأمازيغية باعتبارها جزء لا يتجزئ من النسيج اللغوي و الهوياتي المغربي،لكن الأمر الذي دعاني لخط هذه السطور هو الهجوم الذي شنه متطرفو الأمازيغ على الشيخ الفيزازي و عبد الإله بنكيران عند تطرقهم لمسألة الحرف الأمازيغي و تساؤلهم حول المانع من عدم إعتماد الحروف العربية لخط الأمازيغية ، ومن بين المهاجمين من يسمونه بالباحث الأمازيغي (لا أدري عماذا يبحث) أحمد عصيد الذي استثمر كل أدوات و آليات القدح الأدبي للغة الضاد في رد هجائي بطعم سياسي متطرف بدون أي حس أو منهاج أكاديمي كنا ننتظره ممن في منصبه في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، لكن مالا يعلمه الأستاذ الفاضل هو أن الأمازيغية أصبحت دستوريا ملكا لكل المغاربة بكل طوائفهم و لم تعد حكرا على معهد كان أو جمعية، و إذا كان قرار اعتماد خط اعتماد تيفيناغ أخذ في لحظة غفلة من الجميع من طرف ثلة من باحثي المعهد فانه أصبح الآن من الواجب أن يحصل توافق وطني حول الآليات الفعالة للارتقاء باللغة الأمازيغية إلى مستوى عالي و شعبي حقيقي ، و بالطبع مسألة الخط تعتبر أول ركائز هذا الترسيم و إعادة النظر في هذه القضية أمر ضروري خصوصا في هذه المرحلة الديمقراطية التي يمر منها البلد و يستلزم الإحتكام للحوار بين كل فعاليات المجتمع المدني و إن اقتضى الأمر استفتاء المغاربة.
وإذا كان كل مهتم موضوعي بالثقافة الأمازيغية ومناضل من أجل إنصافها لا يمكن أن يكون ضد إعادة الاعتبار لهذا الحرف(تيفيناغ) باعتباره جزء لا يتجزأ من الأمازيغية و أكثر تعبيرا عنها،فإن هذا الاختيار سيكرس تهميش اللغة الأمازيغية، وسيفرض مجهودا بيداغوجيا وتعليميا مضاعفا بالنسبة للتلاميذ المقبلين على التمدرس الذي سيكون عليهم في حالة تبني الكتابة بهذا الحرف، تعلم ثلاثة حروف في نفس الوقت، أي الحرف العربي، والحرف اللاتيني، والحرف الأمازيغي. وهو ما سيكون على حساب تعلم الأمازيغية، ناهيك عن الصعوبات التي سيجدها المتعلمون الكبار الذين يكتبون الآن ويقرؤون بالحرفين العربي واللاتيني، كما أن هذا الخيار سيكرس قطيعة مع الجزء الأكبر من التراث الأمازيغي ،أي التراث الأمازيغي المكتوب باللغة العربية، وهو ما يتعارض مع ادعائات بعض المنتسبين للحركة الأمازيغية من حرصهم على إعادة الاعتبار لذلك التراث، ويحق لنا أن نتسائل عن مصير 14 قرنا من الثرات الأمازيغي المكتوب بالعربية ؟ و هل هؤلاء النشطاء اليوم أكثر أمازيغية من 50 جيل سبقهم؟ و مما لا يدع مجالا للشك فإن أغلب المؤيدين لحرف "تيفيناغ" هم أصحاب أطروحة علمنة الأمازيغية لغة و ثقافة، وإعادتها إلى جاهلية ما قبل الإسلام و فصلها عن محيطها الحضاري ،و يتجاهلون أن الأمازيغ كانوا وسيظلون عبر التاريخ من أهم المكونات والفاعلين في بناء الحضارة الإسلامية، وأن الأمازيغية هي من اللغات الإسلامية، وأن الحرف العربي هو القنطرة التي تضمن استمرار هذا الانتماء والتواصل،كما أن الحروف العربية تُستعمل لكتابة لغات أخرى لها حضارة عريقة و يتكلمها مئات الملايين كالفارسية والكردية والأفغانية … وكتبت بها التركية حتى بداية حكم أتاتورك ( و قد تعود مع أردوغان).
و خلاصة القول فإني أدعو جميع من يوافقني الرأي إلى تعبئة حضارية و شعبية للوقوف بالمرصاد ضد من يريد التفرقة بين المغاربة و إلى حوار داخلي لنتوافق على الحرف الملائم لأمازيغيتنا و لكي تتحول الأمازيغية من لغة مسموعة في كل مكان إلى مقروؤة من طرف الجميع و في كل مكان.
iffer
تفيناغ هي حروف اللغة الامازيغية شاء من شاء و ابى من ابى و لا تراجع و المشكل محسوم سلفا