يوسف الإدريسي
في غمرة سجالات المراغمة التي تهدف إلى بث سم التشكيك في رموز حركة المقاومة الإسلامية والذي يتزامن مع تصاعد العدوان الصهيوني على غزة الإباء وتداول آثار القصف في إعلام المناصرين والأعداء، ارتأيت أن أستحضر ذكرى استشهاد الشيخ المجاهد أحمد ياسين والتي تمثل ملحمة تاريخية ووقفة جهادية أمام مشهد استشهادي بليغ لا يزال المسلم المعاصر يفتخر به إلى أن يشاء الله.
وإنني إذ أستذكر هذه الذكرى التاريخية التي ينبغي أن نستلهم منها العبر والعظات من شجاعة الموقف الذي وقفوه هؤلاء القادة العظماء في وجه الظلم والطغيان وضد الاستبداد والاستعباد الذي وقع على أمتنا، فإنني وفي ذات الوقت أستوقف نفسي وقراء هذا المقال لنرفع الهمم ونشحذ العزائم لنسمو سويا إلى القمم، على درب الشهداء الصادقين.
ولد الشيخ أحمد ياسين في الثامن والعشرين من يونيو سنة 1938م في قرية الجورة، قضاء المجدل جنوبي قطاع غزة، لجأ مع أسرته إلى قطاع غزة بعد حرب 1948م. يعتبر من أعلام الدعوة الاسلامية حيث أسس حركة المقاومة الاسلامية حماس و ترأس المجمع الإسلامي في غزة.
في فترة شبابه تعرض لحادث أثناء ممارسته للرياضة نتج عنه شلل جميع أطرافه شللاً تاماً، عمل مدرساً للغة العربية والتربية الإسلامية ثم عمل خطيباً في مساجد غزة حيث أصبح في ظل الاحتلال أشهر خطيب عرفه قطاع غزة لقوة حجته وتشبته بالحق. اعتقل الشيخ المجاهد عام 1403هجرية الموافق عام 1983ميلادية بتهمة حيازة أسلحة وتشكيل تنظيمٍ عسكري والتحريض على إزالة الدولة اليهودية من الوجود، وأصدرت في حقه المحكمة الصهيونية حكماً بالسجن 13 عاماً. أفرج عنه عام 1405هجرية الموافق عام 1985ميلادية في إطار عملية تبادل ٍ للأسرى بين سلطات الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومع تصاعد الانتفاضة بدأ العدو الصهيوني في التفكير في وسيلةٍ لإيقاف نشاط الشيخ أحمد ياسين فقام في عام 1408 هجرية – 1988 ميلادية بمداهمة منزله وتفتيشه، وهددته بالنفي إلى لبنان، ثم ألقي القبض عليه مع المئات من أبناء الشعب الفلسطيني عام 1409ه - 1989م في محاولة لوقف المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات المختلفة على جنود الاحتلال ومستوطنيه واغتيال العملاء. في عام 1411ه - 1991م أصدرت إحدى المحاكم الصهيونية حكماً بسجنه مدى الحياة إضافة إلى 15 عاماً أخرى بتهمة التحريض على اختطاف وقتل جنودٍ صهاينة وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني. وفي عام 1417ه - 1997م تم الإفراج عنه بموجب اتفاقٍ تم التوصل إليه بين الأردن والعدو الصهيوني على إثر العملية الإرهابية الفاشلة التي قام بها الموساد في الأردن، والتي استهدفت حياة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
بعد أن أدى صلاة الفجر في جماعة في مسجد المجمع الإسلامي يوم الاثنين 1/ صفر /1925هجرية الموافق 22/3/2004 ميلادية، جلس رحمه الله مع شباب المسجد في حلقة القرآن، ثم خرج من المسجد متوجهاً إلى بيته وفي منتصف الطريق قامت الطائرات الصهيونية وبإشراف من شارون نفسه باغتيال الشيخ أحمد ياسين وذلك بإطلاق صواريخ أدت إلى استشهاده وخمسة من المصلين واثنين من مرافقيه.
لقد تناثرت أشلاؤك يا شيخنا العظيم، وتحطم الكرسي الذي أرهب العالمين، وشهد العالم مجزرة القرن الواحد والعشرين.
إن يوم استشهادك يا شيخنا الجليل هو انبعاث جديد لمقاومة الظلم والعدوان، يوم استشهادك سيظل عنوانا لممانعة الحيف والطغيان، يوم استشهادك استنهاض للهمم والوجدان، شيعوا جنازتك الطاهرة أبناء مصر والأردن ولبنان، وافتخروا ببطولاتك أهل سوريا الأحرار واليمن والسودان .
رحلت عنا يا شيخنا القعيد لكن لم ترحل عنا مبادئك ومواقفك وشجاعتك.......
سمعنا إلى رسالتكم بصوتك الرصين وفهمها أبناؤك في قرى ومدن فلسطين......
فرحم الله شيخ المجاهدين .