عن الحب وأشياء أخرى...
فاجأتني ابنتي الصغيرة منال حينما قصت ورقا أبيض على شكل قلب ، وكتبت عليه : أحبك يا أبي كثيرا كثيرا...
- قالت : أتدري ما المناسبة ؟
- لا
- عيد الحب.
جميل أن يكون للحب عيد ، والأجمل التفكير بشكل جدي في هذا الموضوع المربك.
صديقي محمد يردد على مسمعي دائما هذا السؤال : هل يوجد حب ؟
يبدو أن موضوع الحب يندرج في سياق الأسئلة الوجودية .
الحب ،السعادة ،الجمال ،الحق والخير ،مواضيع للدين و الفلسفة والخرافة و العلم على السواء.
سؤال الحب ، سؤال قديم جديد ، يشعرنا بالارتباك كلما فكرنا فيه.
هل نذهب مذهب بعض الفلاسفة و المفكرين في أن الحب و السعادة لا تنتميان إلى عالمنا هذا ، عالم الشقاء و النقص والظلال ؟
مذهب يجعلنا نريح ونستريح.
إن هذا الطرح يربط الحب بالفقد ، أي أننا شديدو التعلق بما لا يمكن إدراكه ، وما لا نملكه ،نوليه الأهمية ونربط به سعادتنا وراحتنا النفسية : العمل – الزواج – الشواهد العليا – السفر - المال ...الخ ،وذلك تحت شعار : إذا تحقق هذا الأمر سأكون سعيدا.
هكذا يفوتنا الدرس الرواقي الجميل : هناك أشياء تتوقف علينا وتتعلق بنا ، وأشياء لا تتوقف علينا .
المطلوب : الاهتمام والفهم والإنجاز للأشياء التي تتوقف علينا.
فيلسوف الأمل و السعادة سبينوزا يؤكد أن الفلسفة جعلته سعيدا ، وأن السعادة والحب عبارة عن غبطة داخلية ، و مشروع الحب ينتمي إلى عالمنا هذا ، وأنه ممكن التحقق.
هل هناك عقار يمنحنا الحب ؟
هل يوجد هرمون مسؤول عن رفع وخفض مستوى الحب ؟
هل هناك شخص يمكنه أن يشعل الجذوة بدواخلنا ؟
هل المعرفة وحدها كفيلة بأن توصلنا لطريق الحب ومتعته وطعمه وشكله وتجلياته ؟
إريك فروم يذهب في كتابه "فن الحب " أن الحب إنجاز . ليس أمنية ، ولا صدفة ، ولا يحدث من أول نظرة.
كريشنا مورتي يقول في معرض جوابه عن سؤال كيف نكتسب الحب : أفرغ قلبك من الحقد و الضغينة والأنانية ، وسيجد الحب طريقه إليك تلقائيا .
للحب عند زكرياء ابراهيم في كتابه " مشكلة الحب " أشباه وأشكال وأنماط وأطوار ، وله أيضا حياة وموت.
الحب في التراث الصوفي يخرس اللسان : كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة ( النفَري ) ، في حين الحب الذي نريده لا يتأتى إلا من خلال التعبير ، وأول درجاته التعبير اللفظي.
هل ادعى قيس بن الملوح الجنون حتى يكسر أغلال المجتمع التي تحول دون التعبير الصريح و المعلن –أمام الملإ – عن الحب؟ تمرد على التمثلات الاجتماعية .
ألا تستحق منا ليلى الأخيلية – المجاهرة بالعشق - الذكر في هذا المقام ، هي الأخرى التي كسرت القاعدة في أن الشاعر ( الذكر) هو من يحق له ذكر حبيبته في قصائده ؛ فأنشدت شعرا في حبيبها (توبة ) ، وذلك إيذانا بنهاية الهيمنة الذكورية ؟!
هل يصدق على الحب ما يصدق على أشياء أخرى في الحياة من قبيل :
- أن تعيش الحب أيسر من أن تفكر فيه .
- أنه لا نشعر به إلا حين نفقده .
نصائح أخيرة لابد منها : أطباء بلا حدود
* الراحة
* المجهود البدني المنتظم
*الحمية
* التعلم باستمرار
* الأصدقاء
* الثقة بالنفس
* الهواء وضوء الشمس
شكرا – صغيرتي – منال لأنك سمحت لي أن أجوب دروب الحب الملتوية من جديد .
أما أنتم و أنتن ، ففكرتي الأخيرة هي :
إذا أنهيتم قراءة هذه الكلمات ، وقد صارت أفكاركم منظمة وأحسستم براحة ، وربما بنشوة فقد فشلت في مهمتي.
أريد أن أقلق راحتكم ، وأبعثر فكركم ، وأهاجم سكينتكم .الأمر يستحق.
.......................................................................................دمتم أحبابا ومحبين.
عدد التعليقات (0 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟