الرئيسية | أقلام حرة | طرائف مُول الحانوت: رِجالٌ مِن زَمن بُوكماخ

طرائف مُول الحانوت: رِجالٌ مِن زَمن بُوكماخ

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
طرائف مُول الحانوت: رِجالٌ مِن زَمن بُوكماخ
 

مِن ذكريات الصِّبَى أيامَ العزّ والنّشاط، ومِن جِيل بوكماخ ونُشطاء إقرَأ، زمنِ أُكْلَةِ البطاطس وسِروال عَلِيّ، وحِكايات الكَلب القارِئ وعَنزَة السّيّد سوغان وبَانِيماكُّو. مِن تِلكُم الحِقبَة التي إشتغلتُ فيها مُتطوّعا مع الوالد في عرض القمح بمناسبة فطرة العيد بالصّاع والعَبْرَة. أشاركُكُم طُرفة عالقة بالأذهان، بَطلُها عاملٌ بَصمَ حياته بالكدّ وعَرق الجَبين، اشتَهرَ بين تُجّار الرّباط وزُبناء الوالد بإسمِه الفريد احمَادْ أولَامْبَا.

 

  مع ما بذَلَهُ الرّجل من جُهدٍ من خلال فرصةِ شُغلٍ مع الوَالد، تتطلّبُ جسما بعضلات مفتولة، إلّا أنّه كان بوسيلة نقلٍ تقليديّة عبارة عن عَربة مَدفوعة باليَدَين، يعيشُ في إنسجام مع حَجم متطلّباته، فلم تمنعه هزالة جسمه وقِصرها من تصريف ما تجودُ به قريحته من دُعابات وقَفشات وطرائف، كان بها عن جَدارة واستحقاق في تصوّري الفَتِيّ نُسخةً حقيقيّة مِن "popeyeْ" الكارتوني. بطلٌ لم تُفارق سجارةُ "كازا" شَفتَيْه على مَدى إعتلائه حَلبة المصارعة في مُواجهة تحديّات المَعيشة بصُنوف أوزانها !!

 

  أذكرُ من طرائفه معي وقتَذاك، أنّه ما انفَكّ -رحماتُ ربّي عليه- يُوهمني، كَونَهُ يسهرُ على تربيّة طائرٍ كتكوت فريدٍ من نوعه، يحتاج لحليب نِيسْتلي الحُلو وبَسكَويت هِنْرِيسْ، لكي ينمو بحالة جيّدة، بِحُكم مَعرفته المُسبقة بِوَلعِي وعِشقِي البَريئَين للطّيور والحَمَام آنذاك، وبِمُوجبِ إلتزامي بِمَدِّهِ بالمَؤُونَة الضروريّة، حتّى يصلَ الطائر مرحلة الحَديث بلسان الآدميّين، سَيَأتَمِنُنِي عليه، فيَصيرَ بعد ذلك مِلكاً لي !!

 

  كانت المهمّة مستحيلة نوعا ما، إذ لم أستطِع جَلب الحاجيّات من مَتجر الوالد، ولذلك أفشَيتُ السّرّ لوالدي -رحماتُ ربّي عليه-، مُعتبِرا أنّ أهميّة الصّفقة تستدعي التّفاوض بأمانَة على أعلَى المستويات. فما كان من أبِي إلّا أن نَصحني بطحن قليل من القمح الصّلب، ثمّ مَنحني ثَمن عُلبة حليب "ذيال الكرطونة"، بقصدِ الإنطلاق في مشروع تربيّة الكَتكُوت بمنتوجات مَحليّة !!

 

  الجميلُ في الأمر أنّ احماد أُولَامْبَا استوعبَ ردّ الوالد بما ينبغي من ذكاءٍ مُوازي، حين جلبَ لي في الغَد طائرا من فصيلة الحَسّون، مَحشوّا في شكّارَة ذيال الكاغيط تتخَلّلُها ثقوب التّهْوِيّة !!

 

  عصفورُ أمّ قنِين ذَاك، كانَ بِعُمرِ "قْرِييّع"، لَم يُكلّف الرّجل أكثرَ مِن ثَمِن عُلبة الحَليب الذي اسْتَلَمَهُ منّي نَقداً !!

 

 

  تغمّدَ الله الرّجُلَين بواسع رَحماتِه في هاته اللّيالي العِظام.

مجموع المشاهدات: 863 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة