أخبارنا المغربية
أخبارنا:العيون
ضمن فعاليات النسخة الثانية من برنامج "منتديات الحوار الاستراتيجي حول الصحراء"، المنظمة من طرف مركز التفكير الاستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية، ، والتي تناولت هذا الموسم موضوع "إحداث جامعة بمدينة العيون.. الفرص والعوائق"، انعقد بمقر المركز بمدينة العيون المنتدى الثالث ليلة الجمعة الى السبت فاتح وثاني يونيو، تحت عنوان " إحداث الجامعة بالصحراء وتأثيراتها المجتمعية والثقافية".
المنتدى الذي أطره كل من الباحثين الدكتور سيداتي العلوي والدكتور ربيع أوطال، عضوي مجلس إدارة مركز التفكير الاستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية، وسيره الاستاذ محمد عالي الغالي عضو مجلس إدارة المركز، فيما شارك فيه العديد من الباحثين والأطر العليا وكذا الطلبة الجامعيين والنشطاء والمهتمين.
الاستاذ محمد عالي الغالي أوضح سياق المنتدى مذكرا بمخرجات المنتديين السابقين، والذين تناولا كلا من موضوعي "إحداث الجامعة بالصحراء واسهامها في التنوير ونشر الوعي"، و"إحداث الجامعة بالصحراء ودورها في التنمية الاقتصادية".
الدكتور سيداتي العلوي تناول في عرضه التأطيري "التأثيرات الثقافية لإحداث الجامعة في الصحراء"، حيث تساءل في بداية مداخلته "عن أي ثقافة نتحدث؟"، قبل أن يعرج على مجموعة من التعريفات الأكاديمية لمفهوم "الثقافة"، حيث أورد تعريف عالِم الأنثروبولوجيا البريطاني ادوارد تايلور، الذي جعل من الثقافة مرادفا للحضارة، معتبرا أنها "تشمل الأمور والقدرات التي يكتسبها الإنسان كونه عضواً في المجتمع، كالمعرفة والمعتقدات وحتى الفن والأخلاق والعادات"، يوضح الدكتور العلوي، قبل أن يعرج على التعريف الذي أورده إبراهيم زيد الكيلاني للحضارة، والذي قدمها على أنّها "النظام الاجتماعي الذي يجمع بين مجموعة من العناصر المعنوية والمادية؛ فالمعنوية تكون كالأفكار والأعراف، والعادات والقيم والمشاعر والأذواق والمفاهيم، أمّا العناصر المادية فهي المُتمثّلة في الحِرَف والمكاسب والصناعات العديدة، ومجموعة الوسائل والأساليب".
وبالنسبة للأدوار التي من الممكن أن تلعبها الجامعة بخصوص التنمية الثقافية فقد أشار الدكتور العلوي الى دور الجامعة في تكوين القدرة على التعلم الذاتي، وجعل المجال متاحا للجميع، بالإضافة الى الحفاظ على الثقافة المحلية من خلال دعم البحث العلمي، وإشاعة العمل المشترك والتواصل والتوعية، وكذا نشر مبادئ المسؤولية المجتمعية، المواطنة، الانتماء، الحرية، المشاركة السياسية ، والتعددية والانفتاح...، يوضح الدكتور العلوي.
أما بخصوص التأثيرات الثقافية لإحداث جامعة بالصحراء، فقد أكد الدكتور العلوي على أن إحداث الجامعة بالصحراء سيمكن من تفعيل المقتضيات الدستورية بخصوص الهوية والثقافية الحسانية، كما سيساهم في فتح شعب ومختبرات علمية للدراسات الحسانية وثقافة الصحراء، بالإضافة الى دعم البحث العلمي للتطوير اللغوي والثقافي المتنوع بالصحراء، تجميع وتوثيق التراث الثقافي الحساني الشفهي والمكتوب وحماية من الاندثار، يوضح الدكتور العلوي الذي تناول مجموعة من تجارب مراكز البحث العلمي الثقافية المختصة في المجال الحساني في نهاية مداخلته.
من جهته الدكتور ربيع أوطال تناول في مداخلته موضوع "التأثيرات الاجتماعي لغياب الجامعة بالأقاليم الجنوبية الصحراوية"، حيث تطرق لواقع التعليم العالي بالأقاليم الجنوبية، مشيرا إلى أنه إلى حدود الموسم الدراسي 2014/2013، لم تعرف مدينة العيون أي تواجد لمؤسسات التعليم العالي، في حين وأنه إلى حدود الموسم 2011/2012، لم يتم إنشاء أية مؤسسة للتعليم العالي بالمجال الصحراوي
الجنوبي، من تيزنيت إلى الحدود الموريتانية، على امتداد مجال يشكل حوالي %60 من مساحة التراب الوطني، يوضح الدكتور أوطال.
فأقرب مؤسسة جامعية لهذا المجال توجد بمدينة أﯕـادير، والتي تبعد عن مدينة العيون ب 650 كلم تقريبا (حوالي 11 ساعة بالحافلة)" يبين الدكتور أوطال، مشيرا الى تزايد الحاصلين على الباكالوريا سنة بعد أخرى، سواء في مدينة العيون أو في باقي الأقاليم الجنوبية الصحراوية، ذات المساحات الجغرافية الواسعة، قبل أن يؤكد على توفر ذات الأقاليم على كافة الشروط اللازمة لإنشاء جامعة بمدينة العيون، كالوعاء العقاري اللازم، والكثافة السكانية، والعدد الكافي من الحاصلين على الباكالوريا...
الدكتور ربيع أوطال سيعرج على ما وصفه بـ"المعاناة التي يكابدها الطلبة الصحراويون بسبب غياب مؤسسات التعليم العالي بالصحراء"، حيث أشار الى انتقال الطلبة في مرحلة ما بعد الباكالوريا إلى مدن بعيدة جدا وإلى بيئات اجتماعية مختلفة كليا عن البيئة الصحراوية، ما يسبب إرهاقا ماديا ومعنويا لعائلاتهم، "فمرحلة التعليم العالي بالنسبة لطلبة مدينة العيون، تشكل مرحلة معاناة حقيقية سواء للطلبة (ذكورا وإناثا) أو لعائلاتهم التي تتحمل تكاليف باهظة من أجل متابعة أبنائهم للدراسة الجامعية" يوضح الدكتور أوطال، مضيفا "أن هذا الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي على التوجيه الدراسي للطلبة، الذي يغلب عليه التخصص القانوني والأدبي، كما يؤثر على مردوديتهم التي تكون غالبا ضعيفة بسبب الإكراهات التي يعيشونها في مناطق بعيدة بالنسبة لهم".
وفي ما يتعلق بإكراهات المجتمع المحلي التي يواجهها الإناث بخصوص التحاقهم بالتعليم العالي، أكد الدكتور أوطال على أن معاناة الطالبات بسبب غياب الجامعة تعد أكبر مقارنة بما يواجهه الطلبة الذكور، بالنظر الى طبيعة المجتمع البيضاني المحافظة، الذي لازالت تطغى عليه قيم البداوة التقليدية، "فالعائلات ترفض، بداعي الخوف، ذهاب بناتها إلى أماكن بعيدة جغرافيا عن مدنهن، كما أن عيش الفتاة لوحدها (في استقلال عن عائلتها) مرفوض اجتماعيا، بالإضافة الى نظرة الخوف من المدن الكبرى شمال المنطقة" يوضح الدكتور أوطال، مضيفا أن العامل المادي قد لعب دورا مهما في إقصاء البنت من متابعة دراستها الجامعية، حيث يُسمح للولد الذكر بالذهاب وتبقى أخته في مدينة العيون، لكي تدرس في معاهد التكوين المهني أو تبقى في المنزل حتى تتزوج، رغم تفوقهن الدراسي".
وبحسب الدكتور ربيع أوطال دائما فقد بدأت نظرة المجتمع لمتابعة البنت لدراستها في مدن أخرى تتغير بعد أحداث سنة 1999، بفضل مجموعة من العوامل أهمها الامتيازات التي وفرتها الدولة (المأذونيات، المنحة، الحي الجامعي)، التوظيف المباشر، التقليد الإيجابي، التفوق الدراسي.
وبالنسبة للانتظارات بخصوص موضوع الجامعة فقد أوضح الدكتور ربيع أوطال أن المجتمع المحلي بمدينة العيون ينتظر أن تساهم الجهوية المتقدمة ومقترح الحكم الذاتي، في حل معضلة التعليم العالي بالمنطقة، حيث سيورد مجموعة من المعطيات بخصوص تجارب التعليم العالي المنشأة بالأقاليم الصحراوية، قبل أن يعرج على مشروع «تكنوبول العلوم والتكنولوجيا لفم الواد بالعيون»، والذي أعطيت له الانطلاقة في سنة 2016، حيث سيضم «جامعة محمد السادس المتعددة التخصصات التقنية للعيون»، ليخلص الى أنه و"انطلاقا من هذه المبادرات المتعددة والمواكبة لتطبيق الجهوية المتقدمة تمهيدا للحكم الذاتي المقترح، فإن المجتمع المحلي بمدينة العيون ينتظر إنشاء جامعة بمدينة العيون تتوفر على كل الشعب والمسالك والتخصصات مثل نظيراتها بالمدن الكبرى" يوضح الدكتور أوطال، قبل أن
يؤكد في نهاية مداخلته على أن إنشاء جامعة بمدينة العيون سيعد تجسيدا للإنصاف المجالي في بعده اللامركزي ومدخلا أساسيا ومستعجلا لتحقيق ما وصفه الدكتور أوطال بـ «تنمية البشر عوض الحجر».
من جهته مسير المنتدى الاستاذ محمد عالي الغالي أكد على ضرورة تفكيك "طابو الارادة السياسية" مشيرا الى مجموعة من الملفات الحقوقية التي تمت معالجتها رغم كونها "تشكل حرجا بالنسبة للدولة" كملفات "العدالة الانتقالية" و"جبر الضرر"...، بالإضافة الى الاعتراف بعدد من الجمعيات التي تتبنى طرحا سياسيا مناقضا للطرح الرسمي، ليؤكد على أن إحداث الجامعة بدلالاتها وبرمزيتها ستشكل نهاية تحقيق "المسلسل الديمقراطي الذي طال أمده"، قبل أن يبين "ان الارادة السياسية الكابحة والرافضة لمشروع الجامعة تدمر أكثر من ما تصلح، كما أن لها تكلفة سياسيا على المنطقة، ما يفرض طرح موضوع الارادة السياسية للنقاش ومحاولة تفكيكه" يوضح الاستاذ الغالي.
من جانبه حضور المنتدى المتنوع الذي ضم مجموعة من الوجوه الاكاديمية المحلية المعروفة والنشطاء المحليين، أثار العديد من الملاحظات والاضافات المتعلقة بموضوع المنتدى خلال النقاش الذي شكلت الورقتان المقدمتان من طرف الدكتور سيداتي العلوي والدكتور ربيع أوطال أرضية له، حيث طرح المشاركون مجموعة من التوصيات التي أكدت في مجملها على ضرورة إحداث الجامعة، كما تم التركيز على الادوار الثقافية والاجتماعية التي من الممكن أن تلعبها مؤسسة الجامعة، خاصة ما يتعلق بحماية وحفظ التراث الحساني، وتناول الظواهر الاجتماعية ورصدها من خلال الدراسات الاكاديمية، وتوفير فرص التأطير والدراسة لمختلف الباحثين المحليين، كما عرج العديد من المتدخلين على مختلف الاكراهات والاشكالات التنموية التي يتسبب فيها غياب مؤسسة الجامعة.
وبالإضافة الى المنتدى الثالث الذي تناول موضوع "إحداث الجامعة وتأثيراتها المجتمعية والثقافية" فقد سبق أن تم تنظيم منتديين في إطار برنامج "منتديات الحوار الاستراتيجي حول الصحراء"، الذي ينعقد هذا الموسم تحت عنوان "إحداث جامعة بمدينة العيون.. الفرص والعوائق"، حيث تم تناول موضوعي "إحداث الجامعة بالصحراء وإسهامها في التنوير ونشر الوعي"، و"إحداث الجامعة ودورها في التنمية الاقتصادية"، كما ينتظر أن يتم تنظيم المنتدى الرابع والأخير حول موضوع "الجامعة في النظام الجهوي الجديد: نحو إعادة تنظيم المجال العلمي" بتاريخ الثامن من يونيو، ليتم اختتام برنامج النسخة الثانية من برنامج "الحوار الاستراتيجي حول الصحراء" باطلاق حملة لجمع التوقيعات لتقديم عارضة موضوعها "من أجل إحداث جامعة بعيون الساقية الحمراء في أفق 2020".