أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية ـــ ياسين أوشن
في الوقت الذي يُعتقد فيه أن الإنسان يسكن الأمكنة ويقطن بها؛ تبين أن العكس هو الحاصل، حيث إن الأمكنة هي التي تسكن الفرد حيثما حل وارتحل.
وهذا ما وقع مع "حسن بوزيان"، المندوب الإقليمي لوزارة الصحة في إقليم ميدلت، الذي، بالإضافة إلى مهامه والتزاماته المهنية، قرر أن يركب أمواج التأليف والكتابة التاريخية.
وصدر لـ"بوزيان"، قبل أيام، كتاب بعنوان: "ميبلادن.. ذكريات لا تنسى"، ينبش من خلاله المسؤول نفسه في تاريخ المنطقة التي نشأ فيها وترعرع بها، ويسبر أغوارها وكيف كانت وكيف أمست بعد عقود من الزمن.
وفي تصريح لـ"أخبارنا"؛ قال مندوب وزارة الصحة إن "بويبلادن لم يكن بالنسبة إلي مصدر قوة وإلهام فحسب؛ بل ظل أيضا مصدر مرارة وانكسار"، مستدلا على ذلك بكون بلدته "تحولت فجأة إلى خراب وأطلال مقفرة بعدما كانت حافلة بالحياة".
واستحضر بوزيان في عمله، أيضا، "التبعات الصحية لعدد من عمال المناجم الموجودة في ميدلت خلال فترة الاستعمار، وما ترسخ في ذاكراتهم من تجارب وأحداث شاهدة على حقبة زمنية انقضت دون رجعة".
ويروم المؤلف عينه أن يكون كتابه "صلة وصل وجسرا بين الأجيال، عبر جمع معلومات وصور فوتوغرافية ووثائق إدارية وشهادات حية، تبتغي إحياء تراث من الماضي وإرث لامادي غني".
كما آثر بوزيان "دفتي الكتاب بدل صفحات فيسبوكية، نظرا إلى أن الكتاب تسمه المهنية والاحترافية وسيعيش لوقت مديد؛ في حين أن الصفحات الاجتماعية يمكن، بدءا من الغد، أن تحجب ويضيع المجهود المبذول من أجل جمع المادة التي تطلبت سنوات من البحث والتنقيب".
ولم ينفِ المسؤول نفسه أنه واجه تحديات خلال اشتغاله على متن الكتاب؛ ضمنها "غربلة ذلك الكم الهائل من الوثائق والمعطيات، وتحديد معايير لانتقاء أنسبها، ثم وضع مبادئ لترتيبها وتصنيفها".
وبشيء من التفصيل؛ قال بوزيان إنه "اعتمد معيارا زمنيا ميز بين مرحلتين في حياة ميبلادن؛ ما قبل سنة 1975 وما بعدها"، مستطردا: "تحدثت في المرحلة الأولى عن أطوار نشأتها وتطورها العمراني والإداري".
وتابع المؤلف أن "الهدف من الكتاب لم يكن تدوين تاريخ مونوغرافي للبلدة، يقتصر على استعراض الأحداث، ووصف مظاهر الحياة فيها بموضوعية وتجرد؛ بل إحياء ذاكرة جماعية، واسترجاع صور نابضة بالحياة، ترسخت في وجدان من عاشوا في ذلك المكان، وانطبعت بمشاعرهم وعواطفهم وتجاربهم الذاتية".
كما وصف بوزيان حادث إغلاق الشركة أبوابها نتج عنه تسريح العمال من العمل في المنجم بـ"المأساوي؛ إذ تأثر به الكبار كما الصغار، ما اضطرت معه عدد من العائلات إلى النزوح بحثا عن ملاذ أفضل يوفر ظروف العيش الكريم، لتتحول المنطقة السالف ذكرها إلى أطلال وخراب لم يعد ينبض بالحياة".