أخبارنا المغربية ـ و م ع
أخبارنا المغربية
استطاعت الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي أن تؤكد، أمس الجمعة خلال الأمسية الثالثة من فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان تيميتار التي تحتضنها مدينة أكادير من 26 إلى 29 يونيو الجاري، علو كعبها الفني بعدما أسرت لقرابة ثلاث ساعات جمهورا عريضا من عشاق الطرب الأصيل في ما يشبه عرسا مغربيا لبنانيا بامتياز.
واستطاعت هذه الفنانة العربية الأصيلة أن تشد إليها آلاف المعجبين من جمهور من مختلف الأعمار والجنسيات حجوا للقياها بساحة الأمل بوسط مدينة الانبعاث، بمن فيهم النساء الحوامل والأطفال والكهول والشيوخ بل وحتى الأطفال الرضع جيء بهم على متن عرباتهم الصغيرة .
أهلت ماجدة على الجمهور من غير مقدمات بأغنية "عم يسألوني عليك الناس"، قبل أن توجه تحية رقيقة لمحبيها ملؤها "الحب والتقدير لشعب كريم مضياف ولأرض تحتضن كافة الشعوب"، لتعود مجددا إلى التحليق بالجمهور على أجنحة ريبرتوارها الغنائي الفريد والمتنوع.
وهكذا، كان الجمهور على موعد مع ما لا يقل عن عشر أغان منها "خذني حبيبي على الهوى" و"عيناك ليال صيفية"و "وعدتك ألا أحبك" و"من أول وجودي" و"غنيلي يا قلب" و"أحبك جدا جدا" و"أنا اعتزلت الغرام" و"كلمات".
ومباشرة بعد أدائها لأغنية "خذني حبيبي على الهوى"، استأذنت ماجدة جمهورها "ثلاث دقائق بس" بلطفها المعهود لسبب تقني، قبل أن تعود إلى الخشبة مثل عقارب الساعة دقيقة رقيقة، لتواصل السمر بأغنية "عيناك ليال صيفية" و"غمض عينيك" و"بتغير وتغيرني".
طيلة شدوها متألقة بزي مغربي أصيل زاده بهاء لونه الوردي المشع وتموج الأنوار بفضل تحكم متقن في الضوئيات، لم يتوقف الشلال البشري الهادر عن التصفيق والهتاف والزغاريد على إيقاع "الصلاة والسلام على رسول الله".
أمام هذا المشهد الأخاذ، لم تملك الفنانة ماجدة التي ظلت شامخة وسامقة كشجر الأرز، بمكياجها الهادئ و تسريحة شعرها البسيطة وصوتها الرخيم الذي يحمل غنة عميقة من غير تكلف، إلا أن ترد بانحناءة شكر وامتنان: "أنتم شعب رائع. شكرا على هذا الاستقبال".
ظل الحضور مشدودا إلى إطلالة فراشة من نور ما لبثت تبعث وهي تحوم برشاقة متناهية ألحانا أسرت الأفئدة والمدى ومقامات هدهدت القامات على إيقاع الحياة والغد الآت "أنت قمة البساطة" صدحت إحدى السيدات في الستينيات من عمرها"، لترد عليها أخرى " إنها أميرة حقيقية".
وليستكمل الحفل مكونات العرس اللبناني المغربي، ما كان لفنانة أصيلة مثل ماجدة أن تتخلف عن أداء مقطوعتين مغربيتين بصوتها الدافئ الذي يطوع الصعب من المقامات والمحال من الأنغام بدءا بأغنية "علاش ياغزالي" ومرورا بمعزوفة "يا بنت بلادي".
قبل أن تودع الجمهور، لفت ماجدة الرومي حول جيدها وشاحا يحمل نسيج العلمين المغربي واللبناني لتتوسط بعدئذ علمي البلدين وقد اتصلا في راية واحدة من حجم كبير، كناية عن الوصل وعن أواصر التاريخ والجغرافيا التي تربط تقليديا ما بين غابات الأرز في جبال الأطلس بالمغرب وقمم لبنان.
كل من حضر هذا الحفل خرج منه موقنا أنه لم يكن أمام مجرد مغنية بل أمام مطربة حقيقية لم يكن لها أن تتربع عرش الفن الراقي من فراغ، بل هي صنيعة بيت فني أسهم في إعلاء شأن الموسيقى العربية والشرقية تعهدها الوالد حليم الرومي بالرعاية والتشدد على المستوى الفني.
سجلها الفني الحافل وثقافتها العالية جعلوا شهرتها تتعدى لبنان والعالم العربي وانهالت عليها أوسمة من أفئدة البشر وشهادات تقدير ومفاتيح مدن من أربع جهات الأرض تتسع لها جدران وخزائن.
ومن أبرز الأوسمة ودروع التكريم والجوائز التي نالتها الفنانة ماجدة، التي سمتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" سفيرة لها سنة 2001، درع منظمة أطباء بلا حدود (1999) وسام الفنون والآداب من رتبة ضابط منحته لها وزارة الثقافة الفرنسية (2012) كما منحها مجلس أمناء الجامعة الأمريكية في بيروت الدكتوراه الفخرية في العلوم الإنسانية عام 2009.