أخبارنا المغربية - و م ع
خصص منتدى "روح فاس"، الذي يعد أحد المواعيد الأكاديمية الأساسية لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة جلسته الأولى لبحث ومناقشة علاقات فاس بجنوبها الإفريقي من خلال استعادة الأدوار والمهام التي قامت بها الطرق التجارية والمسارات الروحية في تقوية ودعم الصلات والروابط بين هذه الحاضرة ودول إفريقيا جنوب الصحراء.
وحاول المشاركون في هذه الجلسة الافتتاحية للمنتدى التي تمحورت حول موضوع " مسارات روحية.. طرق تجارية " استكشاف هذه العلاقات والروابط التي كانت ولا تزال قائمة بين العاصمة العلمية والروحية للمملكة وإفريقيا، من خلال تسليط الضوء على مجمل الإنتاجات الفكرية والإبداعية وكذا المخطوطات والكتب المدرسية التي كانت تتنقل عبر هذه المسارات، مستعرضين الرهانات التي طرحتها عملية نقل وتلقين المعارف في المدارس والزوايا التي كانت موجودة بمختلف بلدان جنوب الصحراء.
واعتبر المتدخلون الذين توزعوا ما بين باحثين في الأنتربولوجيا ومهتمين بالمخطوطات ودارسين لعادات وتقاليد الشعوب الإفريقية وكذا لقضايا المجتمعات التي أنتجت هذا التراكم المعرفي، أن الصحراء لم تكن أبدا عائقا بين مدينة فاس ومختلف المدن والحواضر الإفريقية، مشددين على أهمية حركية التنقل سواء بالنسبة للسلع أو الأفكار والمعارف ما بين الشمال والجنوب والتي ساهمت بشكل كبير في إثراء مجموعة من الحقول المعرفية خاصة في مجالات الفكر والفلسفة والعلوم الروحية .
وقالت جوسلين داخليا الباحثة في العلوم الاجتماعية بفرنسا إن تنقل المعرفة والكتاب والمخطوطات بين شمال إفريقيا وجنوبها ظل مسترسلا وشكل مرتكزا أساسيا إلى جانب تنقل السلع والمواد في توطيد العلاقات بين شعوب وقبائل الشمال والجنوب.
وتتبعت الباحثة جوسلين تنوع وغنى هذه العلاقات اعتمادا على مراسلات كانت متبادلة في القرن 16 الميلادي بين مفكر فرنسي مسيحي اسمه بيرسك كان ينقل السلع بين أوربا ومصر وإثيوبيا وبين شخص آخر مسلم كان مستقرا بتونس ويدعى عصمان داركوس مؤكدة أن هذه الرسائل التي تبادلها الطرفان اهتمت بشراء الكتب وتداولها وبيعها بالإضافة إلى ترجمتها من اللغات العربية أو التركية والفارسية وغيرها ثم نقلها إلى فرنسا مقابل كتب يبعثها المفكر الفرنسي إلى صديقه داركوس.
وأوضحت أن أغلب الكتب التي دونت في المراسلات بين الشخصين كانت نادرة وأغلبها كانت تنقل إما من سلا أو بغداد أو تومبوكتو لتوجه إلى روما أو فرنسا، مضيفة أن هذه الحركية في تنقل الكتب والمعارف وكذا تنقل الأشخاص ساهمت بشكل كبير في تكريس علاقات ثقافية وروحية بين المغرب وغيره من البلدان الإفريقية كما أغنت مجمل الحقول المعرفية والعادات والتقاليد التي كانت تميز العديد من الشعوب والقبائل الإفريقية.