أخبارنا المغربية - بدر هيكل
تُعتبر المبادرة الأطلسية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والمصممة لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، خطوة بارزة نحو تحقيق تعاون إفريقي متعدد الأبعاد. وتُعد الأقاليم الجنوبية للمملكة المجال الأمثل لهذه "المبادرة الاستباقية"، حيث من المتوقع أن تحقق الصحراء المغربية، والمغرب، والدول المعنية بشكل عام، فوائد اقتصادية واستثمارية ودبلوماسية استراتيجية مهمة.
تأتي هذه المبادرة في وقت تُشير فيه تقديرات "البنك الدولي" إلى أن المحيطات تُساهم بما يقدر بـ 1.5 تريليون دولار سنويًا في الاقتصاد العالمي، مع توقعات بأن يتضاعف هذا الرقم ليصل إلى أكثر من 3 تريليون دولار بحلول عام 2030. ويتوقع أيضًا أن تولد قطاعات اقتصاد المحيطات المستدامة ما يقرب من 50 مليون فرصة عمل في أفريقيا، مما يساهم بنحو 21 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا اللاتينية.
في سياق متصل، حظيت المبادرة المغربية بتفاعل وإشادة كبيرة من الدول الأفريقية، لاسيما دول الساحل، بينما تتكرر مشاهد فشل التحركات الجزائرية. ويعود هذا الفشل إلى اختلاف السرعات بين الطرفين، إذ تتمتع التحركات المغربية بدافع قوي نحو تنمية القارة عبر استراتيجية واضحة ومتكاملة، مع تحركات سياسية ومواقف متزنة واستثمارات اقتصادية متنوعة في مختلف المجالات الأفريقية. مما يجعل الجزائر تبدو وكأنها تلعب دور المشوش الذي يسعى لعرقلة التقدم المغربي، بينما المغرب يواصل قلب المعادلة.
وفي هذا السياق، اعتبر الدكتور أحمد الدرداري، رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات، أن المبادرة الملكية تُعد وسيلة لفك العزلة عن بلدان الساحل، خاصة تلك التي تواصل التعاون مع المغرب. وأكد أن هذه الخطوة تنسجم مع السياسة الإفريقية التي تنتهجها المملكة، والتي تهدف إلى تجاوز العديد من التحديات التي تواجه القارة، بما في ذلك القضايا الاقتصادية والتنموية.
وأضاف الدرداري أن هذه المبادرة تعزز السياسة الخارجية للمغرب، التي ترتكز على التضامن الإفريقي وفق نهج رابح - رابح، مع prioritization للاستقرار واحترام حقوق الإنسان ومبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول إلا بموافقتها.
من جهتها، أظهرت تقارير صادرة عن مركز "كارنيغي للسلام الدولي" فشل الجزائر في مجاراة النجاحات المغربية في منطقة الساحل الأفريقي. إذ باتت الدول الأفريقية أكثر قناعة بأن الدبلوماسية الجزائرية تفتقر إلى الاهتمام بإيجاد حلول لمشاكلها التنموية والاقتصادية، وتركز أكثر على استعادة نفوذها في المنطقة
كما سلط التقرير الضوء على أهداف المبادرة الأطلسية، مشيرًا إلى أنها تهدف إلى تسهيل وصول دول منطقة الساحل إلى المحيط، مع التأكيد على أن منافعها تتجاوز الجانب الاقتصادي لتشمل معالجة التحديات الأمنية في المنطقة. ويتوقع الخبراء أن تؤدي هذه الخطة الطموحة إلى تحقيق نقلة نوعية على كافة الأصعدة.