أخبارنا المغربية- هدى جميعي
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، صادقت الحكومة ضمن مشروع قانون المالية 2025 على إعفاء تدريجي لمعاشات التقاعد من الضرائب، هذا الإجراء الذي تم اعتماده بعد تعديل صادق عليه مجلس المستشارين بالإجماع، يقضي بتخفيض الضرائب بنسبة 50% اعتباراً من يناير 2025، ليتم الإعفاء الكلي في سنة 2026، لكنه يقتصر فقط على معاشات التقاعد الأساسية، مستثنياً الأنظمة التكميلية كمعاشات الصندوق المغربي للتقاعد التكميلي (CIMR).
ورغم الترحيب بهذه الخطوة من طرف شريحة من المتقاعدين، إلا أن فئات واسعة ترى أن الإجراء لن يعالج القضايا الكبرى التي تعاني منها أنظمة التقاعد، خاصة مع رفض الحكومة ربط المعاشات بمعدل التضخم، بحجة أن ذلك سيزيد من العبء المالي على الصناديق التي تواجه أزمات ستظهر جلياً بحلول عام 2028 إذا لم يتم إجراء إصلاحات جذرية.
تشير الإحصائيات إلى أن تأثير الإعفاء الضريبي يختلف بين أنظمة التقاعد، حيث يبلغ متوسط معاشات تقاعد القطاع الخاص (CNSS) 1924 درهماً فقط، مقابل 4861 درهماً للمستفيدين من صندوق التقاعد الخاص بالمؤسسات العمومية (RCAR)، و6875 درهماً لمتقاعدي القطاع العام (CMR). هذه الفجوة تعود بالأساس إلى سقف الاشتراكات المحدود في نظام CNSS، والذي لم يتغير منذ 2002.
وفي تصريح سابق عام 2019، أشار رئيس الحكومة آنذاك سعد الدين العثماني إلى أن 90% من المتقاعدين المغاربة كانوا معفيين أصلاً من الضريبة على الدخل، نظراً لضعف معاشاتهم التي تقل عن 5500 درهم شهرياً، فيما طالبت حركات مدنية ونقابية حينها بتوسيع نطاق الإعفاء ليشمل كافة المتقاعدين.
من جانبه، برر الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، قرار رفض ربط المعاشات بالتضخم، موضحاً أن الحكومة تبذل جهوداً أخرى للحد من آثار التضخم على الفئات الهشة، مشيراً إلى أن أي إجراء إضافي قد يشكل عبئاً مالياً على أنظمة التقاعد المتأزمة.
وبين التخفيف الضريبي المحدود والمطالب المتزايدة، يبدو أن ملف التقاعد في المغرب لا يزال بحاجة إلى إصلاحات عميقة تعالج جذور الأزمة وتضمن العدالة بين مختلف الفئات.
اجير
بؤس CNSS
صندوق الضمان الاجتماعي (CNSS) يُعتبر من أكبر التحديات التي تواجه القطاع الخاص في المغرب. هذا الصندوق، الذي يُساهم في تفاقم الفقر والهشاشة، لم يشهد أي تغيير جذري منذ عام 2002، وفقًا لما أشار إليه المقال. يُعتبر عقبة حقيقية أمام نهضة القطاع الخاص، كما أنه يدفع الأُجراء إلى التراخي في العمل بسبب استيائهم من النظام. الباطرونا تعتمد على هذا الصندوق، الذي لا يُقدّم للأُجراء سوى تعويضات هزيلة بسقف لا يتجاوز 4200 درهم، حتى لمن أمضوا أكثر من 30 عامًا في مؤسسات خاصة. من الضروري التفكير في إصلاح أو حتى إلغاء هذا النظام الذي يُكرّس البؤس والفقر والهشاشة. لا ينبغي لأرباب العمل (الباطرونا) أن يُلقوا باللوم على الأُجراء فيما يخص ضعف الأداء أو الاستقالات أو هجرة الكفاءات نحو القطاع العام أو الخارج. المشكلة الحقيقية تكمن في نظام تقاعد القطاع الخاص الذي يعاني من اختلالات عميقة ويحتاج إلى إصلاح شامل.