أخبارنا المغربية - محمد اسليم
انطلقت رسميًا، أمس الاثنين، بمراكش أشغال الدورة الـ 49 للجمع العام للاتحاد الإفريقي لشركات التأمين (FANAF)، التي يتم تنظيمها تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بشراكة مع الجامعة المغربية للتأمين (FMA).
الجلسة الافتتاحية جمعت أزيد من 1500 من الخبراء والمهنيين والمهنيات في مجال التأمين من مختلف أنحاء القارة الإفريقية، لمناقشة القضية المحورية التالية: "ما هي أهم العوامل لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة للتأمين في إفريقيا؟"
عرفت الجلسة الافتتاحية حضور السيدة نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، التي أكدت على أهمية توعية الشعوب الإفريقية من خلال حملات مستهدفة، وتعزيز التعاون مع المؤسسات المالية، والاستفادة من تجارب النجاح في كينيا وتنزانيا في مجال التأمين. كما أشارت إلى الاستراتيجية المغربية للشمول المالي، التي تهدف إلى توسيع الوصول إلى الخدمات المالية، مع جعل الابتكار والرقمنة من الركائز الأساسية.
بدوره، شدد السيد سيزار إيكومي أفيني، رئيس الاتحاد الإفريقي لشركات التأمين، على أهمية التعاون جنوب-جنوب، فضلاً عن الدور المركزي للمغرب كقوة دافعة للابتكار والنمو في قطاع التأمين بإفريقيا. وحول أسباب اختيار موضوع هذه الدورة، أوضح أن "صناعتنا مُطالبة أكثر من أي وقت مضى بالاضطلاع بدورها في الشمولية والاستدامة، إذ أصبحت توقعات الأطراف المعنية أكثر إلحاحًا، مما يفرض على قطاعنا مزيدًا من الابتكار". كما أكد على ضرورة زيادة معدل اختراق التأمين من أجل تعزيز آثاره الاقتصادية والاجتماعية والمالية.
من جانبه، أكد السيد محمد بنصالح، رئيس الجامعة المغربية للتأمين (FMA)، على المساهمة الأساسية للتأمين في حماية المواطنين وتنمية الاقتصاد بالقارة. وأشار إلى أنه، رغم الإمكانيات الكبيرة، لا يزال السوق الإفريقي يواجه صعوبات في تحقيق تغطية مثالية، موضحًا أن "الاقتصاديين يتفقون على أن مستوى تطور أي بلد مرتبط ارتباطًا وثيقًا بمعدل اختراق التأمين". وأضاف: "مهمتنا هي توسيع تغطية الفاعلين الاقتصاديين، وتعزيز حماية مواطنينا، بما في ذلك الفئات الأكثر ضعفًا، ومن هذا المنطلق، لم يعد التأمين الأصغر (micro-assurance) خيارًا، بل أصبح أولوية لأسواقنا".
كما شدد بنصالح على ضرورة تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، مشيرًا إلى النموذج المغربي الذي، بفضل إنشاء نظام التغطية ضد الكوارث سنة 2020، مكّن من تعزيز القدرة على الصمود بعد زلزال الحوز. وأكد على الدور الحيوي للسلطات العمومية، موصيًا بضرورة إرساء تغطيات تأمينية إجبارية من أجل تأمين الأفراد والشركات بشكل أفضل، قائلاً: "يجب أن تصبح بعض التأمينات، مثل التأمين متعدد المخاطر للمساكن أو المسؤولية المدنية المهنية للقطاعات ذات المخاطر، معايير لا غنى عنها".
كما تطرّق رئيس مهنيي التأمينات المغاربة إلى تحدٍّ آخر يتعلق بتزايد المخاطر الإلكترونية، التي تشكل تهديدًا متزايدًا للاقتصادات الإفريقية، محذرًا من التأثير الاقتصادي الكبير للهجمات السيبرانية، حيث أشار إلى فقدان محتمل بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي للقارة، وفقًا لتقرير صادر عن أورانج سايبر ديفينس. ولمواجهة هذا الواقع، شدد على ضرورة عمل القطاع على التنبؤ بشكل أفضل بهذه المخاطر، وتطوير حلول تأمين مناسبة، بدعم من كبار شركات إعادة التأمين، مضيفًا: "يجب على إفريقيا أن تتجه نحو سوق متكامل، حيث يتعاون جميع الفاعلين، يبتكرون، ويدعمون بعضهم البعض".