رئيس غرفة الفلاحة بجهة فاس مكناس يزف أخبارا سارة للراغبين في الاستثمار في الصناعات الغذائية

اندلاع حريق مهول بأكبر مصنع للنسيج بالمنطقة الصناعية المجد وسط طنجة

الكيحل.. إنتاج السيارات وقطع غيار الطائرات بالمغرب يسجلان أرقاما غير مسبوقة تدعو للفخر والاعتزاز

انطلاق المهرجان الدولي للسينما والهجرة بوجدة

‏أخنوش: ملفات الاستثمار ما بين 50 و250 مليون ‏درهم يتم البت فيها جهويا

إيدي: تنزيل ورش الحماية الاجتماعية يواجه إكراهات عدة والحكومة مطالبة بمراجعات المؤشرات المعتمدة

بنساسي يقدم عبر"أخبارنا" قراءة في مضامين قانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي

بنساسي يقدم عبر"أخبارنا" قراءة في مضامين قانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي

أخبارنا المغربية

أخبارنا المغربية : عبدالاله بوسحابة

في حوار لـ "أخبارنا"، أكد الباحث في التدبير المالي الإداري، السيد محمد بنساسي، أن مشروع قانون الإطار رقم 51.17، يأتي في ظل إجماع وطني وقناعة مشتركة بين مختلف المتدخلين والفاعلين والمعنيين، على كون منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ببلادنا، تعتريها أزمة خانقة عميقة ومتشعبة، لم يعد ينفع معها الإنتظار، لاعتبارات بنيوية وهيكلية ووظيفية عديدة ومتنوعة، وعوامل تدبيرية وحكماتية متداخلة، لا يسمح المجال للخوض في تفاصيلها وبسط أسبابها  وتفكيك عواملها، موضحا أن : "الأمر لا يمنع من العروج على بعض محطات الإصلاح الأساسية التي طبعت منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ببلادنا من باب التذكير فقط، على اعتبار أن هذا القطاع من أكثر القطاعات التي توالت عليه الإصلاحات للأسف، والقاسم المشترك بينها هو الفشل، ومن أكثر القطاعات أيضا استنزافا للجهد والمال العام دون تحقيق النتائج المرجوة منه".

وباستقراء وتتبع مسار الإصلاحات المتعاقبة على منظومة التربية والتكوين، قال المتحدث : "نجدها كلها تراجعات وانتكاسات واخفاقات، انطلاقا من اللجنة العليا للتعليم سنة 1957 التي أحدثت على أنقاض التعليم الموروث عن الاستعمار تحت شعار (المغربة - التعريب - التوحيد - التعميم)، التي تلتها سنة 1958 اللجنة الملكية لإصلاح التعليم، التي دعت إلى إجبارية ومجانية التعليم وتوحيد مناهجه وبرامجه، مرورا بإحداث المجلس الأعلى للتعليم سنة 1959، الذي أكد على ضرورة اعتماد مبدأ مجانية التعليم وتعميمه، معرجا على نتائج ومخرجات مناظرة المعمورة سنة 1964، والمخطط الثلاثي الذي انطلق سنة 1965 وامتد حتى سنة 1967 الذي عمل على إلزام مبدأ التعريب في مرحلة الابتدائي، الذي تلته مناظرتين اثنتين بإفران الأولى  سنة 1970 همت التعليم العالي والتكوين المهني، والثانية سنة 1980، خصت مغربة الأطر التربوية، استمرارا مع اللجنة الوطنية للتعليم سنة 1994، مضيا مع اللجنة الملكية للتربية والتكوين، واللجنة الخاصة بالتربية والتكوين، وصولا إلى المخطط الاستعجالي، تتويجا بالرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2030/2015، انتهاءا بمشروع قانون الإطار رقم 51.17 المنبثق عن هذه الأخيرة، الذي سنكتفي بإعطاء إضاءات أولية وملاحظات جزئية نقدية لبعض مضامينه، ومدى استجابته للأهداف المنشودة والآمال المعقودة، وخاصة منها الواردة في الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2030/2015 ".

وأضاف بنساسي أن : " المعلوم على قانون الإطار أنه يضطلع بتحديد المبادئ العامة والتوجهات الكبرى والأهداف الاستراتيجية للإصلاح، وتأتي فيما بعد إجراءات وتدابير مصاحبة له، ذات طبيعة تشريعية وتنظيمية ووثائقية مرجعية...، بهدف توضيح الحدود والمعايير والكيفيات التي من خلالها ستنزل هذه المبادئ والتوجهات والأهداف على أرض الواقع " لأجل ذلك فإن مشروع قانون الإطار رقم 17-51، يبقى بحسب المتحدث، بعيد كل البعد عن مرمى قانون الإطار بالمفهوم المتعارف عليه، لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون، بالنظر لما يحمله في ثناياه من تفاصيل وتعاريف وحيثيات لا تعد من اختصاصه، وأحيانا تناقضات ومتاهات، أفرغته من جوهره ومحتواه "، لأسباب أولها : "غياب مقاربة تشاركية على طول مراحل إعداد مشروع القانون الإطار"، لأن إعداد مشروع قانون من حجم قانون الإطار خاص بقطاع حيوي واستراتيجي مثل قضية التعليم ببلادنا، يستوجب فضلا عن توفر إرادة سياسية حقيقية ووجود شجاعة مسؤولة لدى الفاعل السياسي، التي يتضح من خلال مشروع النص القانوني أنها غائبة ومفتقدة -تستوجب- إعمال مبدأ المقاربة التشاركية في عملية تحضير وإعداد مشروع نص القانون، عبر إشراك جميع الفاعلين والفرقاء ولا سيما الفئات الأساسية والمستهدفة منه، وأخص بالذكر مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بمختلف أنواعها وأنماطها بدرجة أولى، لأن الأمر يتعلق أساسا بورش إصلاحي وطني كبير، في حالة دخوله حيز التنفيذ سيرهن مستقبل أجيال إذا لم أقول مصير أمة لعقود طوال، وبالتالي لا مجال لمنطق الترقيع وأسلوب التجريب ".

وشدد السيد بنساسي على أن : "الانفراد الذي طبع مراحل عملية إعداد قانون الإطار، انعكس بشكل سلبي على دقة وانتظام وجودة مضامينه، بحيث في كثير من مواده نجدها موسومة بالغموض والتشتت والتيه وعدم الوضوح، فضلا عن وجود ارتباك كبير في استعمال وتوظيف بعض المفاهيم والمصطلحات التي تعطي أحيانا مدلولا عكس المبتغى منها، كما تفتح الباب على أكثر من تأويل، وهذا الأمر إذ لم يتم تداركه وتصويبه وتعديله على الوجه المطلوب، وامتد على حاله إلى التدابير التشريعية والتنظيمية والوثائق المرجعية التي ستلي النص القانوني بعد المصادقة عليه ودخوله حيز التنفيذ، سنكون أمام كارثة حقيقية ستكون لها تداعيات خطيرة على منظومتنا التربوية والتعليمية ".

أما السبب الثاني بحسب المتحدث فهو : "الشح البين على مستوى المرجعيات التي استند عليها مشروع قانون الإطار، والمقتصرة فقط على الوثيقة الدستورية، والخطب الملكية، والرؤية الاستراتيجية للإصلاح (2030/2015)، والاتفاقيات الدولية، والميثاق الوطني للتربية والتكوين (1999)"، علاوة على : "الاقتصار على المرجعيات المذكورة أعلاه دون غيرها من المصادر من منظورنا، تبقى غير كافية لبلوغ إصلاح تعليمي يستجيب لآمالنا وطموحاتنا، بحيث كان الأجدر بالمشرّع أولا قبل الانطلاق في عملية إعداد وصياغة مشروع نص القانون الإطار، وضع دراسة تقييمية لمختلف الإصلاحات المتعاقبة على قطاع التعليم ببلادنا، لمعرفة مكامن الضعف والخلل ومواطن النقص والمحدودية التي شابتها، واستحضار كافة الاكراهات والمعيقات التي اعترضتها ومختلف التحديات والصعاب التي واجهتها، قصد تجاوزها في الإصلاح الجديد، ودعم وتعزيز ذلك بتقارير وطنية ودولية ذات الصلة، مع الانفتاح على التجارب الدولية المقارنة الرائدة في مجال التعليم، وخاصة تلك التي تتمتع بنفس مقومات بلادنا، والاستلهام منها ما يتناسب ويتلائم والخصوصيات القيمية والاقتصادية والاجتماعية... التي تميز وطننا، لبلورة إصلاح وطني شامل ومتكامل يستوعب كافة الاشكالات ومختلف الهواجس التي تعاني منها منظومتنا ".

واعتبر بنساسي أن المفارقة الكبرى التي تكتنف نص مشروع قانون الإطار وتستدعي منا الوقوف عندها، تتجلى في استناده على مضامين الميثاق الوطني للتربية والتكوين (1999) كمصدر أساسي، الذي أبان بالتجريب عن فشله على طول عقدين من العمل به، الأمر الذي يتعارض ومضامين الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، التي ترمي إلى إعادة  بلورة مشروع إصلاحي وطني شامل بما يعكسه ذلك شعارها المركب"، مضيفا أن : "الحديث عن الفراغ القانوني الذي مازال يكتنف الوثيقة الدستورية، والمتمثل أساسا في القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، الذي لم يرى النور بعد، شأنه شأن القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، هذين القانونين يعتبران مصدران أساسيان من المفروض الاستناد عليهما من قبل المشرع، لسد مكامن النقص والمحدودية التي تعتري رؤية الإصلاح، وبدونهما سيكون مضمون القانون الإطار ناقصا ومبتورا ".

 وعن ثالث الأسباب والمتعلق بالغموض الواضح على مستوى مصادر تمويل منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، فقد شدد الباحث على أن نجاح أي إصلاح كيفما كانت طبيعته وهويته، رهين بتوفر دعم مالي قمين بتنزيل أهدافه ومراميه على أرض الواقع، وقد خصص مشروع قانون الإطار الباب الثامن منه لهذا الغرض، الذي يتضح أنه غارق في التناقضات طبعا، وسنكتفي في هذا الصدد بإعطاء ملاحظتين اثنتين : الملاحظة الأولى : تخص المادة (45) من نفس الباب، التي تتحدث عن مواصلة الدولة مجهودها في تعبئة الموارد المالية من خلال تنويع مصادرها عبر حث جميع الأطراف والشركاء المعنيين في إطار التضامن الوطني والقطاعي، على المساهمة في تمويل منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، بما في ذلك الجماعات الترابية...، هذا المرمى بقدر ما هو إيجابي ومحمود، فإنه يحمل في كنهه مخاطر جمة وإكراهات كثيرة، بالنظر لما تعيشه الجماعات التربية من فوارق مجالية ضخمة، وشح على مستوى الموارد المالية وتعثرات تدبيرية و تسييرية، وبالتالي الرهان عليها في تمويل ورش إصلاحي كبير من حجم منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، يبقى ضرب من الخيال.

الملاحظة الثانية : وتهم المادة (48)، التي تقر في مثنها على أن الأسر الميسورة مطالبة بأداء رسوم تسجيل أبنائها بمؤسسات التربية والتكوين بالقطاع العام، على مرحلتين، الأولى تتعلق بمؤسسات التعليم العالي، والثانية ترتبط بمؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي، حتى وإن سلمنا بهذا الطرح الذي يتنافى مع مبدأ المجانية والإنصاف وتكافؤ الفرص، الأمر الذي ينبغي معه طرح أسئلة وجيهة أهمها .. ماهي المعايير والكيفيات التي سنميز وفقها الأسر الميسورة عن غيرها ؟ وهل فعلا الأسر الميسورة تراهن على التعليم العمومي ببلادنا ؟ وهل التعليم العمومي وفق هذا القانون سيتمتع بالجاذبية المطلوبة والثقة المنشودة تأهله الاستئثار باهتمام الأسر الميسورة ؟ كلها أسئلة وغيرها ننتظر الإجابة عنها في إطار النص التنظيمي التي تحيل عليه المادة أعلاه.

ورأى المتحدث أن النقاش والسجال الذي أثارته لغة التدريس لبعض المواد العلمية بقانون الإطار، سواء داخل قبة البرلمان، أو من خلال خرجات الفاعلين السياسيين، وكذا الرأي العام الوطني، والذي يتضح من خلال استقراء لمختلف الطروحات الناتجة عنهم، أن البعد الأيديولوجي حاضر في مختلف المقاربات، ونعتبر في هذا الصدد، أن النقاش اليوم حول مشروع قانون الإطار وخاصة في الجانب المرتبط بلغة التدريس، يجب أن ينتصر للعلم ولا شيئ أخر غير العلم، والانتصار للعلم يقتضي الرهان على لغة العلم، التي اليوم هي اللغة الانجليزية، إلا أن هذا الرهان لا ينبغي أن يكون على حساب اللغتين الرسميتين للوطن -اللغة العربية، واللغة الأمازيغية-، بل يجب التفكير في تدابير وآليات يمكن من خلالها الانفتاح على اللغات الحية، دون المساس باللغة الأصلية التي تختزل هوية وتاريخ الوطن، وأي تهميش قد يطالها سينعكس سلبا على المشترك الذي يوحد المجتمع المغربي، بثقافاته وروافده المتنوعة والمتداخلة "، مشددا أن : " إن إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ببلادنا، والنهوض بمردوديتها ونتائجها والارتقاء بجودتها ونجاعتها ليس بالأمر اليسير، لأن إصلاح التعليم يجد منطلقه الأول والأخير في تملك الإرادة السياسية بدرجة أولى لدى القائمين على تدبير الشأن العام، أكثر من كونه تدابير إجرائية وتقنية ".

وفي ختام حديثه، دعا السيد بنساسي جميع الفاعلين، السياسيين منهم والمدنيين، والقائمين على تدبير الشأن العام ببلادنا، إلى أهمية الاحتكام للعقل والمنطق في مناقشة ومقاربة مضامين مشروع قانون الإطار، وكذا الدفاع والترافع عن قضية التعليم كل من موقعه، عبر طرح بدائل وتقديم حلول يمكن للجهات القائمة على القطاع، الاستناد عليها في إخراج هذا القانون من عنق الزجاجة، في قالب يساير طموحات مختلف الفئات الاجتماعية بمختلف تلاوينها، كما يواكب التطور التكنولوجي والعلمي الحاصل في مجال التعليم والبحث العلمي بالعالم، لأن مسألة التعليم هي قضية وطن، وليس مسألة ثانوية قابلة للارجاء.

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة