أخبارنا المغربية- عبد المومن حاج علي
في مشهد تربوي لا يخلو من الدلالة، كشفت أرقام مباراة التوجيه والتخطيط التربوي برسم الموسم الحالي عن توجه جماعي مقلق لآلاف الأساتذة نحو مغادرة الفصول الدراسية، بحثا عن مهام أقل ضغطا وأقل احتكاكا مع واقع القسم المتقلب.
وبلغ عدد المترشحين ما مجموعه 14161 مترشحا، منهم 10897 في مسلك التوجيه و3264 في مسلك التخطيط، يتنافسون على 90 منصبا فقط (30 للتوجيه و60 للتخطيط)، وهي أرقام ترسم صورة واضحة لرغبة الأساتذة المتزايدة في "الهروب" من القسم، بعدما أصبحت مهنة التعليم داخل الفصول تزداد صعوبة عاما بعد عام.
وتبقى نسبة النجاح دالة بدورها على حجم التنافس، إذ لم تتعد 0,28% في التوجيه و1,84% في التخطيط، ما يكشف عن حلم جماعي يقض مضجع آلاف المدرسين الباحثين عن متنفس خارج أسوار القسم، حيث يؤكد تزاحم أكثر من 14000 أستاذ على 90 منصبا، أن الأمر لا يتعلق فقط بمباراة، بل برسالة احتجاج صامتة على وضعية مهنية لم تعد مغرية ولا محفزة.
الدار البيضاء سطات، الرباط سلا القنيطرة، مراكش آسفي، وفاس مكناس... كلها أكاديميات تصدرت لائحة المترشحين، ما يدل على أن الظاهرة ليست محصورة في جهة دون أخرى، بل هي توجه وطني يشمل الحواضر كما الجهات البعيدة، في أمر يمكن اعتباره صرخة جماعية للأساتذة الذين أرهقهم ثقل المهام الإدارية، وغموض الأفق المهني، وتعاملهم اليومي مع جيل جديد من التلاميذ وصفه كثيرون بـ"الأقل انضباطا"، وسط سياق اجتماعي متحول وقيم تعليمية في تراجع مستمر.
ويرى العديد من هؤلاء الأساتذة في مباراة التوجيه والتخطيط ملاذا مهنيا يضمن لهم بعض الاستقرار النفسي، ويخفف عنهم أعباء القسم وضغوط الحياة المدرسية التي باتت تنوء بكاهلهم، في واقع يجعلنا نتساءل بجدية حول الأسباب التي جعلت الأقسام طاردة للأساتذة، ومدى تسبب المهنة في صورتها الحالية في هجرة داخلية للطاقات التعليمية نحو مباريات تبعدهم عن الاحتكاك المباشر بالتلاميذ.
وفي ظل هذه المعطيات، تبدو الحاجة ماسة لإعادة النظر في ظروف اشتغال رجال ونساء التعليم داخل الفصول، وتحسين بيئتهم المهنية والنفسية، قبل أن يتحول "الهروب من القسم" إلى ظاهرة منظمة تقود إلى مزيد من النزيف في قطاع يعاني أصلا من خصاص في الموارد البشرية، حيث أن الأرقام لا تكذب، لكنها تفضح ما لا يقال.
Hicham ben taieb
بصراحة
مسؤوليات القسم شاقة جدا.. و جل الاساتذة يتمنون التقاعد النسبي كحل لمشاكلهم... او تغيير المهمة المكلف بها من التدريس الى إداري .المهم البعد عن الاحتكاك اليومي بالتلاميذ .