دويتشه فيله
السلالة الهندية من فيروس كورونا B.1.617 التي تم اكتشافها مؤخرا تعد متحورة مزدوجة، لأنها تضم طفرتين على مستوى البروتين السطحي. وهما E484Q و L452R.
الطفرتان كل واحدة على حدة، معروفتان سابقا، فـ E484Q شبيهة بنسخة E484K التي ظهرت في بريطانيا وجنوب إفريقيا والبرازيل. كما أن طفرة L452R متواجدة أيضا في نسخة كاليفورنيا CAL.20C. لكن المقلق الآن هو أن النسخة الهندية تضم الطفرتين معا وهو أمر لم يسجل من قبل، لذلك يجري الحديث عن "متحورة مزدوجة".
"الطفرة المزدوجة" ليست وحدها المسؤولة!
وجود طفرتين معا في نسخة واحدة من فيروس كورونا لا يعني بالضرورة أن تكون هذه النسخة معدية أكثر أو أشد خطورة من غيرها. فتأكيد هذا الأمر يحتاج لمزيد من البحث، وذلك لعدم توفر معلومات كافية تمكن من التقييم الحقيقي لهذه النسخة الجديدة.
وبكل تأكيد فإن "المتحورة المزدوجة" هي واحدة فقط من أسباب الوضع المأساوي الذي تعيشه الهند حاليا. فقد سجلت البلاد أزيد من 17 مليون حالة مؤكدة من الإصابات بفيروس كورونا، وهو ثاني أعلى رقم في العالم بعد الولايات المتحدة، علما أن الأرقام الحقيقية قد تكون أعلى بكثير من ذلك. أما عدد الوفيات بفيروس كورونا في الهند فقد بلغ حوالي 200 ألف وفاة.
تتعرض السلطات الهندية للانتقاد لأنها سمحت بالتجمعات الكبيرة في عز الجائحة بدل فرض القيود والتباعد الاجتماعي
وما يزيد الوضع سوء هو ارتفاع عدد الإصابات اليومية بفيروس كورونا، إذ تم تسجيل 232 ألف حالة إصابة في يوم واحد، ما يضع النظام الصحي الهندي المتهالك أصلا أمام تحدٍ كبير. زد على ذلك عدم تعامل السلطات المركزية والمحلية بصرامة كافية مع جائحة كورونا. فقد تم تخفيف القيود بشكل سريع بل وحتى السماح بإقامة فعاليات كبرى.
الإفلات من جهاز المناعة
عندما تجد نسخة جديدة من فيروس كورونا طريقا للإفلات من جهازنا المناعي يطلق العلماء على ذلك "طفرة الهروب". وحسب معهد روبرت كوخ فإن هذه الطفرات تؤدي إلى تقليل قدرة الجهاز المناعي على تحييدها بواسطة الأجسام المضادة أو الخلايا التائية. لكن العامل الحاسم هو مقدار التأثير الفعلي التي تتركه هذه العملية على الجسم.
"طفرات الهروب" قد تكون أيضا خطيرة على الحاصلين على اللقاح أو الذين تعافوا بعد إصابتهم بالفيروس. لأنهم قد يكونون أيضا غير محميين بشكل كافٍ من النسخة الهندية. ولم يتضح بعد ما إذا كان الأشخاص الذين تم تطعيمهم يمكنهم بدورهم نقل العدوى إلى غيرهم. مع ذلك يشير خبير الصحة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي وعالم الأوبئة كارل لوترباخ في تغريدة له على توتير إلى دراسة جديدة من الهند تؤكد فعالية اللقاح ضد نسخة B.1.617.
ووفق دراسة بريطانية جديدة فإن التطعيم يقلل خطر الإصابة بالعدوى إلى الثلثين. وحتى الذين يصابون بالفيروس رغم حصلوهم على اللقاح، فإن احتمال إصابتهم بأعراض خطيرة جراء الإصابة بالفيروس تنخفض أيضا إلى الثلثين. وهو ما يؤكد على الأقل أن هذه الفئة من المرضى غير معدية كثيرا لغيرها .
التقييم الدولي
رغم الوضع المأسوي الذي تشهده الهند بسبب كورونا، إلا أن منظمة الصحة العالمية صنفت النسخة الهندية من الفيروس (B.1.617) على أنها "نسخة مثيرة للاهتمام" بالمقابل تصنف النسخة البريطانية (B.1.1.7) والنسخة الجنوب أفريقية (B.1.351) والنسخة البرازيلة (P.1) على أنها "متحورة مقلقة".
حرق جماعي لجثث ضحايا كورونا في نيودلهي
حرق جثث ضحايا كورونا بشكل جماعي على الأخشاب بعد الارتفاع الكبير بعدد الوفيات في الهند بسسب الجائحة
وفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن هذه النسخ "مثيرة للقلق" لأنها سريعة الانتشار وأعراض المرض فيها أخطر وأطول، وأيضا لأنها تتمكن من الإفلات من الجهاز المناعي بالإضافة إلى أن اللقاحات الموجودة حاليا لا تظهر فعالية كبيرة تجاهها.
لكن لحد الآن لا توجد معلومات كافية وموثوقة بخصوص "المتحورة المزدوجة" التي ظهرت في الهند. لذلك فمن الممكن أن تغير منظمة الصحة العالمية من تقييمها بعد توفرها على معلومات كافية بهذا الخصوص.
الخبراء الألمان يطمأنون
يقول ريشارد نيهير، رئيس مجموعة الأبحاث الخاصة بتطور الفيروسات والبكتريا بجامعة بازل في سويسرا "انطلاقا من البحوث القليلة لا يمكننا لحد الآن استنباط أحكام موثوقة، لكن علينا مراقبة الوضع عن كثب" ويضيف أن نسخة B.1.617 تستحق الاهتمام أكثر من غيرها.
أيضا رئيس قسم الفيروسات في مستشفى برلين شارتيه، كريستيان دورستن لا يرى أي سبب للقلق من النسخة الهندية من فيروس كورونا. ويؤكد على أنه بقليل من الجهد يمكن إحداث تعديلات طفيفة للجيل القادم من اللقاحات حتى تصبح قادرة على مواجهة النسخ المتحورة من الفيروس أيضا.