العربية
أدمج رحالة صحراء محاميد الغزلان الواقعة جنوب شرق المغرب، إلى جانب نشاطهم في الرعي، البحث عن الكلأ إلى جانب البحث عن النيازك، التي أصبحوا يتوافرون على خبرة في تقييم نوعيتها.
وتحتضن القرية فعاليات الدورة العاشرة من المهرجان الدولي للرُّحل في الفترة الممتدة بين 15 و17 مارس/أذار الجاري، والذي يُشكل حدثاً ثقافياً واحتفالياً يبرز خصوصيات هذه المنطقة الصحراوية، كما يُعرِّف بأهم عادات الرُّحل المغاربة.
تجربة "خبز الملاّ" وحياة الرّحل
ويَفِد إلى المهرجان الدولي للرحل، الذي ينعقد هذه السنة تحت شعار "الرّحل والماء"، العديد من السياح المغاربة والأجانب، خاصة الرحل ومحبي الأسفار عبر دول العالم من أجل الاطلاع عن كثب على مظاهر الحياة اليومية للبدو الرحل في الصحراء المغربية.
وبخصوص أبرز ما يميز فعاليات المهرجان الدولي للرحل، أفاد بوكراب بأن برنامج هذه الاحتفالية يشمل محاولة إتاحة السياح والزار أن يعيشوا أجواء حياة الرحل المغاربة من خلال الإقامة مثلاً في خيام وسط رمال الصحراء، أو القيام برحلات على متن الجمال إلى الكثبان الذهبية.
ومن الأنشطة الرئيسية الأخرى التي يشارك فيها جمهور المهرجان والسياح الوافدون إليه، تحضير خبز الرمال الشهير باسم خبز "الملاَّ"، واستعراضات رياضية تتمثل في هوكي الرحل، وسباق الهجن التقليدي، فضلاً عن حفلات غنائية تنتمي إلى عوالم موسيقية متعددة من المغرب والجزائر ومالي وجزر القمر وفرنسا وإسبانيا ورومانيا.
هوس النيازك
أما بشأن تجربة البحث عن النيازك، فيقول علي تغزوين، وطباخ بأحد المنتجعات السياحية بالمنطقة، في تصريح لـ"العربية.نت"، إن هذه الخبرة تأتت للرحل بحكم احتكاكهم ببعض الخبراء الأجانب، كما أصبحوا يتوافرون على آلات لقياس العيار وتبيين جودته.
وكشف علي تغزوين، أنه بدوره استطاع أن يلتقط بعد بحث مضن خمسة عشر غراماً من النيازك، عثر عليها بمنطقة مرير البعيدة بحوالي 15 كيلومترا عن محاميد الغزلان، وأورد المتحدث بأنه سبق له أن باع قبل سنتين خمس غرامات عثر عليها بمحافظة "طاطا" بثمن 800 دولار للغرام الواحد، لوسيط يشتغل لحساب الأمريكيين.
ومن جهته، اعتبر حليم السباعي، الناشط الجمعوي بمنطقة محاميد الغزلان، في حديث لـ"العربية.نت" أن البحث عن النيازك ظاهرة تجارية تدر الملايين من الدولارات على سكان المنطقة، لذلك فإنها أصبحت تستهوي مختلف الفئات العمرية (نساء، أطفال شيوخ)، خاصة أن هذا الركن من الوطن ينتمي إلى المغرب العميق الموسوم بالفقر والتهميش.
وعبر السباعي عن أسفه لكون الدولة لا تعير اهتماماً لما يقع بالمنطقة، ولم تأخذ المبادرة للعمل على شراء هذه النيازك من السكان لوضعها في متحف بالمنطقة لتجبر الباحثين على إجراء جزء من بحوتهم هنا في المغرب بشراكة مع نظرائهم المغاربة.
وأوضح المتحدث أن الكثير من هؤلاء الأجانب المتوافدين على محاميد الغزلان من مختلف مناطق العالم للحصول على هذه النيازك لا تعرف هويتهم هل هم سياح يأتون للتجارة أم يحركهم حافز البحث والعلم.
وحسب السباعي، وباعتباره ابن المنطقة، فإنه أصبح يندهش مما يسمعه من أفراد القبائل عن قدرتهم على التمييز بين أنواع النيازك الرفيع منها والمتوسط والأقل جودة، ليحددوا تبعا له، سعر الغرام الواحد من النيازك والتي أصبحت تتراوح أثمانتها ما بين 250 و1600 دولار للغرام الواحد.
ملكية النيازك
أبو القاسم الشبري، الباحث في علوم الآثار، قال في تصريح لـ"العربية.نت" إن هذه النيازك هي عبارة عن ممتلكات علمية طبيعية بالنسبة للبلد التي تسقط فيه، ومن وجهة نظره فهذا المعدن ثمين يباع بأسعار باهظة تعود لاستعمالاتها متعددة الأغراض.
وأكد أبو القاسم أن المغرب في حاجة ماسة إلى دراسات علمية تعرف بأسباب سقوط هذه النيازك ونوعيتها وأحجامها مقارنة بنيازك سبق وسقطت في مناطق أخرى من العالم، وكذا معرفة الأشياء التي تستخرج منها والغازات والسوائل الكامنة في جيوبها البلورية، إضافة إلى مخاطر سقوطها في أماكن حضرية وغير ذلك.
ويتطلب هذا، حسب رأيه، جمع هذه النيازك في متاحف فرعية سياحية علمية إلى جانب مختبر بإحدى الكليات تكون قريبة منها، لتصبح قبلة للبحث من طرف المهتمين والباحثين العالميين والذين سيشغلون معهم فئة من الشباب وسيساهمون في تنمية المنطقة.
حسن الأشرف - خديجة الفتحي