قصة الشباكية.. سلطانة المائدة الرمضانية في المغرب

قصة الشباكية.. سلطانة المائدة الرمضانية في المغرب

أخبارنا المغربية

إعداد: الكبير الداديسي

المطبخ المغربي غني بأطباقه وحلوياته، حتى لَتكادُ تكون لكل مدينة أو جهة أطباقها وحلوياتها، لكن هناك حلويات توحد المغاربة في بعض المناسبات، فلا يمكن تصور مائدة فطور مغربية في رمضان مثلا مهما كان مستوى أهلها دون الحريرة والشباكية، الطبقان التوأم اللذان لا يحلو فطور دونهما...

إنها الشباكية، المخرقة، الزلابية، كويلش... أسماء تختلف حسب الجهات. لمسمى واحد يعتبره بعض المغاربة من شروط الإفطار فيرددون على سبيل المزح والهزل "الإفطار بدون الشباكية مكروه.".. ولكن قلما تساءل المغاربة عن أصل هذه الحلوى، كيف صارت لها هذه المكانة في شهر رمضان دون غيره من المناسبات، وهل هي حلوى مغربية المنشأ أم هل هي حلوى وفدت على المغرب واستطاع المغاربة تكييفها مع ثقافتهم وحضارتهم فصارت جزءا من هويتهم الغذائية؟

ما أن يهل شعبان ويقترب حلول رمضان حتى يتقاطر المغاربية على متاجر البقالة لاقتناء لوازم تحضير الشباكية، وتتناسل محلات صناعة هذه الحلوى العجيبة، وتتزين واجهات متاجر بيعها بأكوام متناسقة باسقة، وتفوح رائحتها من المنازل... وما لا يعرفه عدد من المغربة أن هذه الحلوى تكاد توجد في عدد من الدول فتكثر في الدول المغاربية وفي المشرق العربي والشام ومصر والعراق بل يوجد ما يشبه الشباكية أفريقيا الشرقية بزنجبار وجزر القمر وتمتد حضورها حتى حدود الهند وبانغلادش... وقد تتدعي كل دولة من هذه الدول وغيرها أن هذه الحلوى نشأت عندها وأن الدول الأخرى أخذتها منها... خاصة وهي حلوى عند كل هذه الدول تقوم بالأساس على نفس المحتوى تقريبا ( خلط الدقيق بالماء والحصول على عجين خفيف يتم قليه في الزيت وتحليته بالعسل....)

وتبقى تسمية الشباكية تسمية مغربية صرفة لا يتداولها بلد أخر غير المغرب، وهي تسمية مناسبة للشكل الذي تقدم به تلك الحلوى لكون الأنامل التي تصعنها "تشبكها بعناية بشكل دائري تصاعدي" حتى صار تشبيكها ماركة مسجلة محليا، وتسمية الزلابية المتداولة في الشرق المغربي وهي تسمية متداولة أيضا عند جيران المغرب من الجزائريين والتونسيين...

إن الشباكية حلوى قديمة ومن دلائل قدم هذه الحلوى ما نظمه ابن الرومي في وصف صانعها حين قال فيه :

رأيته سحراً يقلي زلابيةً +++++ في رقَّةِ القِشْر والتجويف كالقَصَبِ

كأنـمـا زيـتُـهُ المَـغْـلـيُّ حـيــن بـــدا +++ كالكيميـاء التـي قالـوا ولــم تُـصَـبِ

يُلـقَـى العجـيـنُ لُجيـنـاً مــن أنامـلـهِ ++++ فيستحـيـلُ شَبابيـك مـــن الــذهــبِ

ويبدو من وصف ابن الرومي أنه يتحدث عن "الشباكية" سواء في طريقة صنعها (القلي) أو لونها ( يتحول من الأبيض (لجين) إلى اللون الذهبي) أو في وصفها (زلابية، في رقة القشر، شبابيك)

والبحث في أصول هذه الحلوى يفضي إلى تعدد الحكايات والتفسيرات، فقيل أن أصلها تركي وأن خبازا تركيا أخطأ مقادير عجينته فجاءت العجينة خفيفة أقرب للسائلة ولم يكن له من الطحين ما يجعل العجينة صلبة متماسكة فقال: "هذه زلة بيّ" وحتى يغطي على زلته ذهنها بالعسل بعد قليها... وأرجعها آخرون إلى أصل أندلسي وإلى عهد بوعبديل أمير غرناطة، الذي استحث الطهاة لصنع حلوى تصلح لفظ الصيام، وتنافسوا في تلبية طلبه وتقديم ما لذ وطاب وتسارعوا إلى قصر الأمير، فكانت من صنع أحد الطهاة الذي لم يسعفه الوقت فخرجا مسرعا وزلت قدمه ودخل بالحلوى على الأمير وهو يعرج برجله فلما سأله الأمير عن سبب عرجه قال "زلت بي" يقصد قدمه فلما ذاقها الأمير وأعجب بها سماها "زلابية" وهناك من الدارسين من يربطها بزياب الموسقي الموصلي الذي طاف في بلدان شمال إفريقيا قبل استقراره بالأندلس، وكانت تسمى الزيابية قبل أن تحوير الاسم إلى الزلابية، وتربطها حكايات أخرى بخباز من حي البيازين بغرناطة اعتقلته الشرطة ثلاثة أيام وبعد

إطلاق سراح وجد عجينته قد فاضت ولم يقوى على رميها فقام بقليها وغطسها في العسل ليداري خيبته فأعطت حلوى حلوة ولذيذة ...

رغم كل هذه الاختلافات حول أصل ومنشأ الشباكية، فإن المغرب استطاع أن يجعل منها حلوى مغربية بامتياز، فكما استطاع مغربة الشاي القادم من الصين حتى كاد يشتهر به أكثر من بلد المنشأ، فعل المعاربة الشيء نفسه مع هذه الحلوى وأطلقوا عليها المغاربة اسم "الشباكية" فطارت شهرتها ووصلت إلى المملكة البيرطانية وفرنسا حيت وجدت حلوى بأسماء قريبة من اسم "الشباكية" ومن طريقة صنعها...

 

وقد استطاع المغاربة مغربة هذه الحلوى بإضافة مكونات وتوابل في صنعها وتزيينها، مبتعدين عن الاقتصار على الدقيق والماء والقلي في الزيت ورشها بالعسل، فأضافوا إليها ما غير ذوقها وشكلها، وتفننوا مكوناتها بإضافة ماء الورد و"المسكة الحرة" واللوز ورشها بالسمسم (الجلجلان) قبل تقديمها للاستهلاك لدرجة يشعر المغربي أنها أصبحت تشكل جزءا من هويته ...


عدد التعليقات (11 تعليق)

1

مغربي

غريب

و رغم ذالك سيدعي بعض إخواننا في الجزائر أن الشباكية إكتشاف و إختراع جزائري صرف لم يسبقهم أحد من العالمين اصنعها!

2022/04/23 - 01:50
2

سعاد

كارثة

الشباكية كارثة المائدة الرمضانية:دقيق أبيض وزيت مهدرجة قلي كارثة صحية

2022/04/23 - 03:55
3

وجدي

تمعن جيدا

ان الشاعر ابن الرومي سماها باسم ازلابية والمنطقة الشرقية تسميها بهذا الاسم القديم الذي يعود الى زمن ابن الرمي فلماذا لا نقول ان وجدة هي اصل هذه الحلوى كما هي اصل البكبوكة وبركوكش لمحلحل ويسمى ايضا بالمردود وكران والمرمز وعدة وصفات اخرى

2022/04/23 - 04:17
4

وجدي شيباني

قديم الزمان

القريوش الإسم الحقيقي والشباكية عند البعض دخلوها الجزائريين إلى المغرب عن طريق الجهة الشرقية من وجدة و تطوان تقريبا كل الحلويات في لمغرب أصلها من جزائر ولا يعلم الكثير أن أول مقهى في تطوان كانت لجزائري

2022/04/23 - 08:38
5

مغربي

الغريب هو أنت

إلى الرقم واحد وحتى أنت عارف أنها جات من الجزائر إسال أجدادك يجيبونك واصل التسمية هي القريوش لكن أمثالك غيروا إسمها لكي يقولون حلويات مغربية .المغرب تعلم صنع الحلويات التقليدية من الجزائريون . الحقيقة المرة نعم أسيدي

2022/04/23 - 08:41
6

طالب علي

توضيح

اسمها الزلابية هي حلوى من أصول فارسية اشتهرت بها بلاد فارس قبل أن ينقلها العثمانيين إلى شمال أفريقيا ومنها إلى شرق المغرب عن طريق وجدة التي هي أصل مجموعة من الحلويات الشرقية و أهمها البقلاوة و المقروط و البسبوسة. ...

2022/04/24 - 01:38
7

أحمد

أصلها من الهند

أعتقد أن الزلابية أو الشباكية كاينة عند جميع الدول فالعالم، غالبا غادي تكون جايا من الهند، الهند و ما أدراك ما الهند

2022/04/24 - 05:59
8

سارة

المغرب أصل

معرفتش أي حاجة عندنا تخصها تكون ديال غيرنا كاين كتاب مغربي قديم من عهد الموحدين القرن التاني عشر فيه 500 وصفة فيها اطباق لازلنا نطبخها نحن المغاربة

2022/04/24 - 11:43
9

مهند

شباكية

لا ياهمنا من شبكها اول مرة المهم هي تشبك كل الايادي على طاولة واحدة عند الافطار ولاستمتاع بها والرحمة على كل من اكتشفها وخلاص

2022/04/29 - 10:35
10

جمال

تفاخروا بما يفيد

قمة البلاهة و التخلف أن نتفاخر ببطوننا حبذا لو تفاخرنا بالعلم و المعرفة

2022/04/30 - 09:50
11

مغربي

المهم

لا يهمنا أصلها لكن في شكلها الحالي هي مغربية محضة تتفنن فيها السيدات ولا توجد في أي بلد آخر...

2022/04/30 - 10:05
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة