الدرويش يدعو إلى تكريم جرمان عياش المؤرخ الوطني بتسمية أحد المواقع باسمه تقديرًا له
أخبارنا المغربية
مرحبا بكم و بكن جميعا في ندوة ثقافة الاعتراف لنتذكر جميعا عطاءات و مساهمات و اخلاق احد اعمدة الجامعة المغربية و الفعل الثقافي و السياسي و الاجتماعي و هو الامر الذي يستوجب قبل كل شيء على المؤسسات و التنظيمات السياسية و المدنية و الاجتماعية و كذا الحكومة و المؤسسات الدستورية خصوصا منها التي لها علاقة بالتنشئة الاجتماعية للفرد من مثل قطاعات الشباب و الرياضة و الثقافة و التربية و التكوين و الشؤون الاسلامية و الاسرة و غيرها التفكير بعمق في اليات تحصين ليس فقط موروثنا الحضاري و الثقافي بل حتى الاخلاقي الذي ظل يؤطر المجتمع المغربي لعقود من الزمن و ظل المغاربة يعيشون في هناء و اطمئنان على الاختلاف و الاتفاق في الرأي و الانتماء و غير ذلك و هذا ما جعل عبر التاريخ "" المملكة المغربية دولة اسلامية ذات سيادة كاملة متشبثة بوحدتها الوطنية و الترابية و بصيانة تلاحم و تنوع مقومات هويتها الوطنية الموحدة بانصهار كل مكوناتها العربية الاسلامية و الامازيغية و الصحراوية الحسانية و الغنية بروافدها الافريقية و الاندلسية و العبرية و المتوسطية كما ان الهوية المغربية تتميز بتبوا الدين الاسلامي مكانة الصدارة فيها و ذلك قي ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح و الاعتدال و التسامح و الحوار و التفاهم المتبادل بين الثقافات و الحضارات الانسانية جمعاء "".
* من دستور المملكة المغربية * باب التصدير الصفحة 14
السيدات و السادة
إن إقدام مؤسسة فكر على تنظيم هاته السلسلة اعلام في الذاكرة باب من أبواب ثقافة الاعتراف و التذكير بشخصيات وطنية اكاديمية بصمت تاريخ المغرب الحديث بمؤلفاتها و مواقفها و أخلاقها و علاقاتها بزملائها و طلابها و محيطها ، انه يندرج ضمن رغبتنا في ربط الحاضر بالماضي من أجل المستقبل ، انطلاقا من ايماننا العميق بأن من لا ماضي له لا مستقبل له .
ضمن هذا الخيط الرابط و الخط المستقيم تتابع مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم تنفيذ برنامجها في اطار سلسلة " أعلام في الذاكرة " الذي دشنته بتنظيم ندوة وطنية حول الأديب عبد المجيد بنجلون و الأستاذ عبد الكريم غلاب بتنظيم هاته الندوة الوطنية التي تنعقد بشراكة مع قطاع الثقافة و تعاون مع كلية الاداب والعلوم الانسانية بالرباط و الجمعية المغربية للبحث التاريخي .
جرمان عياش الوطني الاستاذ المؤرخ ولد في مدينة السعيدية بالجهة الشرقية للمملكة سنة 1915 ، من أسرة مغربية يهودية تنحدر من قبائل آيت عياش ، و نشأ وترعرع في مدينة بركان ، قبل أن ينتقل إلى مدينة تلمسان الجزائرية حيث قضى سنوات دراسته الابتدائية ، فيعود مجددا إلى وجدة وبعدها العاصمة الرباط ، حيث أتم دراسته ، والتحق بثانوية ليوطي مدرسا ثم انتقل إلى مدينة بوردو الفرنسية لاستكمال دراسته ، و التي حصل من جامعتها على شهادة التبريز في الآداب الكلاسيكية سنة 1935 ، وكان أصغر طالب في فرنسا كلها يحصل على التبريز وعمره لم يتجاوز 21 سنة . قبل أن يعود مجددا إلى حضن وطنه ، قبيل استقلال المغرب ، ليلتحق بكلية الآداب في الرباط استاذا بشعبة التاريخ بها بداية من سنة 1960 لمادة الآداب اليونانية واللاتينية ثم مواد التاريخ في القسم المعرب بذات الشعبة ، وأشرف على عشرات الرسائل و الأطروحات خاصة ما تعلق بالقرن التاسع عشر، وأنجزت تحت إدارته أبحاث تاريخية أصبحت مرجعا في ببلوغرافيا تاريخ المغرب وإلى جانب التدريس والبحث والكتابة ، ترأس إدارة تحرير مجلة هسبريس تامودا المختصة في التاريخ والآداب والعلوم الإنسانية ، وهي المسؤولية التي ظل يتحملها إلى تاريخ وفاته بمدينة نيس الفرنسية سنة 1990
نشر جرمان عياش مقالات وكتباً حول تاريخ المغرب لمواجهة التآليف الاستعمارية ، ومن أشهر ما ألف نذكر: " دراسات في تاريخ المغرب" و جذور حرب الريف". وانتصر جرمان عياش لمنهج اعتماد الوثائق المحلية والوطنية لتطوير الكتابة التاريخية بالمغرب ، وتجلى هذا المنهج في تآليفه مثل "مظاهر الأزمة المالية في المغرب " بعد حرب تطوان سنة 1860 ، أو ما كتبه حول نشأة المطبعة بالمغرب أو ظهور الشعور الوطني المغربي وكتاب " جذور حرب الريف" ، الذي أثار صدوره نقاشًا تجاوز حدود المغرب .
و اعترافاً بدوره في بناء الجامعة المغربية ننظم هاته الندوة الوطنية وفاء لروحه الطاهرة و تثبيتا لثقافة الاعتراف التي يجب ان تسود بيننا على الاختلاف و الاتفاق / ننظمها بنفس الروح و الاخلاق التي نظمت في اطارها الجمعية المغرية للبحث التاريخي ، وبتعاون مع كلية الآداب ندوة علمية يومي 16 و 17 يناير1992 ، تقديرا لمكانته العلمية والجامعية ، للتذكير بدور الأستاذ جرمان عياش في بناء الجامعة المغربية الوطنية وكتابة التاريخ الوطني المغربي و كذا بأدواره المجتمعية من خلال مواقفه السياسية و الثقافية والاجتماعية و غيرها فقد ظل جرمان عياش وفيا لانتمائه الوطني و لقضاياه و لمنهجه في البحث التاريخي على اساس الوثائق الاصلية قصد بلوغ كتابة تاريخية بعيدة عن الاحكام الجاهزة و اعتمادا على منهجه ذاك و علاقاته الطيبة مع طلابه و زملائه تمكن عياش من تاطير جيل من الطلاب صاروا اليوم اساتذة كبارا في مختلف الجامعات المغربية و صار منهجه يعتمد في الابحاث الدولية و المجامع العلمية و نسجل باعتزاز كبير المواقف التي تحسب للمؤرخ الوطني السياسي المثقف جرمان عياش تنضاف الى ادواره الاكاديمية تدريسا و بحثا علميا نذكر منها اولا مساهمته المباشرة في مقاومة الاستعمار على المستوى النقابي و السياسي بالحزب الشيوعي المغربي صحفيا و مؤطرا بارزا للفئات المستضعفة من عمال و فلاحين و طلاب و ثانيا مواقفه الصريحة من الصهيونية اذ كان يعبر عن مناهضتها و كان يعدها احد تجليات الاستعمار العالمي الجديد و ثالثا مواقفه المجتمعية و بشكل عام مواقفه الثابتة تجاه القضايا الوطنية و الانسانية فقد وفق في ابراز مكانة اليهود المغاربة لدى الدولة المغربية دونا تمييز ديني او عرقي كما دافع بشراسة عن مغربية الصحراء مستندا في ذلك الى الوثائق الوطنية و الاجنبية مواقف جعلت خيرة الاطر الجامعية و السياسية تعترف لجرمان عياش بوطنيته و بخصاله الانسانية و بارتباطه بأرض السلام و التعايش و المحبة و الاطمئنان المملكة المغربية من مثل شهادات المرحوم علي يعتة و ابراهيم بوطالب و احمد التوفيق ومحمد زنيبر و غيرهم نذكر من ذلك قول المرحوم ابراهيم بوطالب //
"" كيف لا يتوقف الباحث المغربي في التاريخ و لو لبضع لحظات للتذكير بخصال هذا المواطن الذي حاول الاستعمار استلاب كيانه المغربي منه لكونه من الأقلية اليهودية فلم يفلح ، وخوله الجنسية الفرنسية ولقنه أعلى درجات الجامعة الفرنسية ، لكنه فشل في إبعاده عن وطنه الذي من تربته تغذى وعلى أرضه أثمر وأفاد(...) ، كان عميق الوعي ، رجلاً بالمعنى الذي تفهم به الرجولة في وسطنا ، نحن معشر المثقفين والجامعيين(...) الرجولة لدى العالم والأديب يقين بالدرجة الأولى ، ولا يكون اليقين إلا مع الاستقامة ، ولا تكون الاستقامة إلا مع الرصانة ، ولا تكون الرصانة إلا مع وضوح الرؤيا ، و لا يكون وضوح الرؤيا إلا مع رجاحة العقل. وكانت هذه الخصال كلها مجتمعة في جرمان عياش ". "
و حتى نساهم جميعا في تكملة ما بدأه هؤلاء بشهاداتهم و اعترافاتهم و وطنيتهم نوجه نداء باسمكم جميعا الى القائمين على الشأن الاكاديمي و الثقافي بتسمية احدى المؤسسات او المعالم باسم جرمان عياش .
السيدات و السادة الافاضل
في ختام هاته الكلمة اسمحوا لي ان اجدد الترحاب بالسيد المحترم اوندري ازولاي مستشار صاحب الجلالة الملك محمد السادس موجهين له الشكر الخاص المشفوع بكل التقدير و الاحترام مرحبين بكم و بكن جميعا واحدة واحدا و نوجه التحية و التقدير لمن تجشم عناء التنقل لحضور هاته الندوة المباركة بكم و بمشاركة اساتذة اجلاء يدركون معنى الوفاء و اخلاق ثقافة الاعتراف يساهمون في اشغالها فشكرا جزيلا و شكرنا ممدود للسيد وزير قطاع الثقافة على دعمه المتجدد و المستمر و للسيد عميد كلية الاداب و العلوم الانسانية بجامعة محمد الخامس الذي ستنتهي مهمته الادارية على راس هاته المؤسسة العريقة تاركا وراءه بصمات سنذكرها و يذكرها تاريخ التعليم العالي ببلادنا ، كما نوجه الشكر والتقدير للجمعية المغربية للبحث التاريخي في شخص رئيسها الأستاذة لطيفة الكندوز و باقي الاعضاء كما نتوجه بالشكر الى موظفي و مستخدمي الكلية لتوفيرهم ظروف جيدة لانعقادها .