الخطاط احماد أوداني.. مهندس الحروف وحرفي الكلمات فوق الرمال الذهبية

أخبارنا المغربية - و م ع

 

شغوف بفن الخط وعاشق لاهله من مواليد قصر هارون بالريصاني، إنه الخطاط احماد أوداني مهندس الحروف وحرفي الكلمات فوق الرمال الذهبية الذي يترجم الالفاظ الى روحانية صوفية تغوص في ملكوت التعبير.

يرسم الحروف بتموجات الروح في صفائها ونقائها ليخرجها لوحات فنية تسر الناظرين. بريشته المعدنية او التقليدية المصنوعة من ريش الطاووس وعلى قرطاسه يراقص الحروف ويجعلها "كلمات ليست كالكلمات" ويطاوعها "في يده كالريشة تحملها النسمات"، فالخط "يتجاوز تصوير اللفظ بحروف هجائية الى استنطاقه ومنحه جمالية اشراقية" يؤكد اوداني، الذي تعددت اهتماماته وميولاته من النحت والزخرفة والتصميم الرقمي والتصوير الفوتوغرافي الى السينما الوثائقية والعمل الجمعوي.

سليل أسرة فقيرة تعشق الفن وتهواه، فوالده كما يقول اوداني، في حديث لوكالة المغرب العربي للانباء، كان من رواد فن "البلدي" والعازفين على آلة العود بالمنطقة والمولعين بفن الملحون كذلك، حيث عاشر مجموعة من الرواد في هذين الفنين وعلى رأسهم الراحلين الحسين التولالي ومحمد باعوت.

التباشير الاولى لامتهان فن الخط ، يكشف اوداني، بدأت منذ الصغر "فقد كنت اميل بشغف كبير نحو الخط وقد بلغ هذا الميول ذروته عندما كنت تلميذا بثانوية الحسن الثاني بالريصاني، وكان إعجابي بالجداريات والكتابات الخطية التي كانت تزين جدران المؤسسة وغيرها من المؤسسات التعليمية وراء الرغبة في الدخول إلى عالم الخط والتمرن عليه والإحتكاك بأهله وممارسيه كمصطفى وديرو وعزيز بريكي ومصطفى اسماعيلي .

"احتفظ به عندك فقد تحتاجه في يوم من الأيام.. " قال لي ناظر المؤسسة، تلك هي بداية الحكاية مع قلم من نوع " بيما" وجدته بساحة المؤسسة ، مرت الايام تتلوها السنون وكبر الفضول الذي تحول الى حلم "بفضل دعم ومساندة استاذي رشيد بوزكراوي الذي رسم لي خارطة طريق الدراسة والبحث في فن الخط، وتلقيني مجموعة من أولياته..".

اعتمدت في تعلمي بداية على بعض الكتب والمراجع وعلى رأسها كتاب قواعد الخط العربي للكاتب العراقي هاشم البغدادي كما اعتمدت على أشرطة الفيديو التي تصور طرق الكتابة.

هدفي، يؤكد هذا الخطاط، إعطاء القيمة الحقيقية والمستحقة لهذا الفن والرقي به، والاهتمام به بحثا ودراسة وتدريسا للأجيال الصاعدة وتطويره وفق القواعد التي وضعها القدماء ، وليس العيب أن نستفيد من التكنولوجيا من خلال برامج التصميم وغيرها.

"الخط لسان اليد وترجمان الإنسان" كما قال عبيد الله بن العباس، فشكل الحروف وايقاعها والوانها ومدى تعبيرها فلسفة وجدانية لا يدركها الا الراسخون في فن التعبير اليدوي ، لوحات هندسية يخطها اوداني تعبر عن محبة الله وخاتم النبيين والمرسلين بشكل خاص، وتمتاز هذه اللوحات باعتمادها على أشكال هندسية متنوعة لتبرز النواحي الجمالية والفنية في أشكال وتراكيب الحروف.

دراستي الجامعية بمدينة مكناس شكلت أهم المحطات في حياتي الفنية وقناة من قنوات الانفتاح على عالم الخط اللامتناهي والتعرف على بعض رواده كعبد الرحيم ?ولين والخطاط الكبير محمد أمزيل الذي استفدت كثيرا من تجاربه في هذا المجال.

الفنان العراقي الكبير صادق التميمي والخطاط آل رضوان من المملكة العربية السعودية، والأستاذ خضر البورسعيدي من مصر الى جانب بوزكراوي رشيد، وأعمال الأستاذ والفنان الخطاط الكبير محمد أمزيل و محمد المغراوي وعبد الرحيم ?ولين وجمال بن سعيد ومحمد قرماد ومحمد الخربوشي، كلها اسماء كانت لها بصمتها الخاصة على المسار الفني للخطاط اوداني.

وبالنسبة لي فالخط العربي هو المجال الذي" اكتشفت فيه عمق وتوازن شخصيتي وأفكاري وهو مجال للإبداع اللامحدود وهو المجال الذي مكني من معرفة مجموعة من المجالات واكتساب العديد من المهارات ، وباعتقادي فالخط العربي مجال الراحة النفسية والفنية والابداعية ".

كما ان الخط العربي يعتمد جماليا على قواعد خاصة تنطلق من التناسب بين الخط والنقطة والدائرة، وتستخدم في أدائه فنيا العناصر نفسها التي تعتمدها الفنون التشكيلية الأخرى، كالخط والكتلة والشكل، ليس بمعناها المتحرك ماديا فحسب بل وبمعناها الجمالي الذي "ينتج حركة ذاتية تجعل الخط يتمايل في رونق جمالي مستقل عن مضامينه ومرتبط معها في آن واحد".

"ألوان وحروف سنة 2007 "، عنوان اول معرض شارك فيه اوداني الى جانب معارض اخرى مع مجموعة من الفنانين، كما انه شارك في عدة تظاهرات ومسابقات اقليمية وجهوية ووطنية وحاز على مجموعة من الجوائز التقديرية.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة