اليوم الوطني للطفل 2016.. انطلاق تنفيذ سياسة جديدة لصالح الطفولة أمام استمرار تحديات الحماية والفوارق
فدوى بنحقة
يتزامن تخليد اليوم الوطني للطفل (25 ماي) هذه السنة مع انطلاق تنفيذ السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة التي تتوخى إرساء حماية فعلية ومستدامة للطفولة المغربية في ظل عدة تحديات لا تزال مطروحة أمامها اليوم بإلحاح، خاصة في جانب الحماية والفوارق الاجتماعية والاقتصادية، رغم المجهودات الملحوظة التي بذلها المغرب لضمان احترام حقوق هذه الفئة.
وبالفعل، جرى يوم 29 مارس الماضي بالصخيرات تقديم البرنامج الوطني التنفيذي للسياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة التي تضع محور الحماية كأولوية على اعتبار القصور الذي لا يزال مسجلا في هذا المستوى، وذلك عبر وضع إطار متعدد الاختصاصات يمنع كافة أشكال الإهمال والاعتداء والاستغلال والعنف ضد الأطفال، وإدماج أهداف حماية الطفولة في كل السياسات والبرامج العمومية، وتعزيز الحماية القانونية.
وتنبني هذه السياسة، التي جاءت ثمرة مشاورات موسعة بين جميع الفاعلين المعنيين بحماية الطفولة بمن فيهم الأطفال أنفسهم، على خمسة محاور استراتيجية تتمثل في تعزيز الإطار القانوني لحماية الطفل وتقوية فعاليته، ووضع معايير للخدمات والممارسات، ووضع أجهزة ترابية مندمجة لحماية الطفولة، والنهوض بالقيم الاجتماعية الحامية لحقوق الطفل، ووضع منظومات للمعلومات فعالة وموحدة للتتبع والتقييم المنتظم.
وتحظى مجهودات المغرب لصالح الطفولة على مستوى الإصلاح التشريعي والتعليم والصحة فعلا باعتراف دولي من منظمة اليونيسيف بفضل تحسن المؤشرات المرتبطة بتحسين وضعية الأطفال في تمتعهم بحقوقهم الأساسية المتمثلة في البقاء والحماية والنمو والمشاركة، كما تنص عليها الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل التي صادقت عليها المملكة في 1993. وتصطدم فعالية هذه الجهود بإشكالية الفوارق المسجلة في ما يتعلق بالفقر وتنمية الأطفال على مستوى الجهات والفئات الاجتماعية للبلد، والإشكاليات الجديدة التي برزت بفعل التطورات السوسيو اقتصادية والديمغرافية، خاصة التحديات المرتبطة بالاندماج الاجتماعي والاقتصادي للمراهقين والشباب ومخاطر وتهديدات التكنولوجيات الحديثة.
كما يثير ارتفاع ظاهرة الهدر المدرسي واستمرار ظاهرة تشغيل الأطفال وزواج القاصرات وإشكالية أطفال الشوارع قلقا كبيرا بشأن وضعية الأطفال في المغرب، خاصة في صفوف الفتيات. ورصدت الدراسة الخاصة ب"وضعية الأطفال والنساء بالمغرب، تحليل حسب مقاربة الإنصاف" التي أنجزها المرصد الوطني لحقوق الطفل بتعاون مع اليونيسيف وتم تقديم نتائجها في 25 ماي 2015، في هذا السياق العديد من الإكراهات والتحديات الراهنة التي تحول دون تساوي جميع أطفال المغرب فعليا في التمتع بحقوقهم والأساسية.
وعموما، تظل ظاهرة تشغيل الأطفال تطرح تحديا رئيسيا بالنسبة لحماية الطفولة في المغرب، إذ أكدت دراسة المرصد الوطني واليونسييف أنه رغم تراجع ظاهرة تشغيل الأطفال منذ 1999 لكنها لا تزال موجودة كحقيقة مستعصية تؤثر سلبا على صحة ونمو الطفل وتهدد تربيته وتكوينه وقد تفضي إلى أشكال أخرى للاستغلال وسوء المعاملة.
وبالفعل، كانت نسبة تشغيل الأطفال تمثل 9,7 في المئة للفئة العمرية بين 7 وأقل من 15 سنة في 1999، لكن نتائج البحث حول الشغل الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط كشف أن 86 ألف طفل كانوا يشتغلون في 2013 بمعدل 1,8 في المئة من مجموع هذه الفئة العمرية.
كما اعتبرت الدراسة أن تأخر اعتماد مشروع القانون الخاص بالعمل في البيوت والغياب الحالي لأي إطار قانوني لهذا القطاع يضعف بالخصوص حماية الفتيات الصغيرات الخادمات في البيوت، علما أن جهود التحسيس القائمة ساهمت نسبيا في انتشار الوعي وتحري عدم تشغيل خادمات تقل أعمارهن عن 15 سنة.
وبالمقابل، أعرب التقرير المذكور عن القلق لأن 8 في المئة من أطفال المغرب يتم تشغيلهم قبل بلوغهم سن 15 سنة، وكذا إزاء زواج القاصرات الذي أورد التقرير بصدده أن 3 في المئة من الفتيات المغربيات (أقل من 15 سنة ) تم تزويجهن في 2012.
وطفا موضوع تشغيل الأطفال على السطح مؤخرا على خلفية الجدل الذي أثارته مؤخرا مصادقة لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، على القانون المتعلق بتحديد شروط الشغل وتشغيل العمال المنزليين وانتقاده من قبل عدة أوساط بخصوص تحديد 16 سنة كسن قانونية للشغل في المنازل.
فقد اعتبرت فعاليات حقوقية أن المصادقة على مشروع القانون هذا يتعارض مع التزامات المغرب اتجاه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ودستور المملكة في مجال حماية حقوق الأطفال وتحقيق رفاهيتهم وانفتاحهم.
وبالمقابل، اعتبرت وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية أنه جاء بمكاسب هامة في تحديد سن أدنى للتشغيل، وضرورة توفر العاملة أو العامل المنزلي على عقد الشغل، واستفادته من الحماية الاجتماعية، والراحة الأسبوعية والعطلة السنوية والحماية ضد الأشغال الخطيرة، ومنع وساطة الأشخاص الذاتيين بمقابل، وكذا الاستفادة من التكوين والتدريب، مع إقرار عقوبات زجرية مهمة في حالة مخالفة مقتضياته.
ويتزامن تخليد اليوم الوطني للطفل سنويا مع انعقاد المؤتمر الوطني لحقوق الطفل الذي عقد دورته الأولى يوم 25 ماي 1995 وتقرر إثره إحداث المرصد الوطني لحقوق الطفل، الذي تترأسه صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، كإحدى الآليات الرامية لترسيخ وحماية حقوق الطفل، عبر السهر على تفعيل الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل وعلى تتبع مستمر، بمعية شركائه الوطنيين والدوليين، لوضعية الطفولة في المغرب.
وشهد ربيع سنة 1999 إثر ذلك ميلاد برلمان الطفل كآلية أساسية لتفعيل الاتفاقية الأممية توفر أيضا للأطفال والمراهقين فضاء للتبادل والاستئناس بممارسة الديمقراطية وثقافة الحوار والتسامح وإشراك الأطفال في صناعة القرارات السياسية.