قبائل صنهاجة السراير بجبال الريف: معاناة لا تنتهي

أخبارنا المغربية

 

يحل فصل الشتاء بقبائل صنهاجة السراير القابعة بأعالي جبال الريف ويتكرر معه مسلسل الرعب والاكشن الذي لا تنتهي حلقاته، كل سنة تعاود الحكاية نفسها، انقطاع للطرقات من كل الجهات سواء الرابطة بتتوان وطنجة او التي تربط المنطقة بفاس، تتكرر مأساة السكان مع العزلة التي تفرضها قسوة الظروف المناخية و التهميش الذي تعاني منه هذه المناطق وتزداد قسوتها مع نفاذ المؤونة واشتداد موجات البرد والصقيع ولا يجد السكان الا "الستوفة" التي تشكل الملاذ لتدفئتهم؛

مرت السنين ولا زال الحال على ما هو عليه ، لا احد حرك ساكنا ، ينتظرون حتى تزهق الارواح  وتنهار المنازل ليطل علينا رئيس احدى الجماعات الخالدين على احدى القنوات التركية ، عفوا اقصد المغربية التي انشغلت ببث قصص الحب التركية؛ لميس يحب مهند وايزيل يحب فاضمة، يطل علينا رؤساؤنا الكرام بلغتهم الركيكة، لكن رغم ذلك لا يفوتنا ان ننوه بمراسل القناة الثانية الذي يبث روبورتاجاته عن المنطقة والتي نتمنى ان تستمر لطول السنة وليس فقط في الكوارث؛ بعد ذلك يُنسى الموضوع برمته حتى اشعار اخر مع فاجعة اخرى وضحايا جدد ويعود السكان لحياتهم العادية بعد انتهاء فصل الكوارث آملين ان تلتفت اليهم اعين المسؤولين في يوم من الايام.

في كل سنة تتكرر هذه الاسطوانة المشروخة التي سئمنا من سماعها وتتكرر تلك الجملة التي يحفظها المسؤولون المحليون عن ظهر قلب والتي مفادها ان هذه المناطق عرفت تساقطات مطرية وثلجية وموجات البرد والصقيع لم تعرفها من قبل، لكن اين الحل؟ اين الالتفاتة لهؤلاء المواطنين؟ ومتى تحرك الدولة عجلة التنمية بهذه المناطق التي كثرت فيها الكوارث والتي سنسرد بعض النماذج منها لعل الذكرى تنفع المسؤولين.

في سنة 2009 لقي سبعة اشخاص بدوار مازوز قبيلة بني احمد حذفهم بعدما جرفت السيول السيارة التي كانت تنقلهم ، وانبرى ابناء المنطقة لعملية الانقاذ فيما حلت فرقة الوقاية المدنية والدرك الملكي للظهور في روبورتاج القناة الثانية كما افاد بذلك العديد من ابناء المنطقة الذين واكبوا العملية، وقد تزامن مع هذه الحادتة فاجعة بمدينة المحمدية راح ضحيتها حوالي 30 شخصا وسمعنا انذاك عن تكفل الدولة بأسر الضحايا اما ضحايا حادثه بني احمد فلهم الله وحده، لم يلتفت لحالهم احد وكأنهم لا ينتمون لهذا الوطن، وقد تداعت اثار هذه الفاجعة ليصاب اهل الضحايا باضطرابات نفسية ادت لانتحار اخ احد الشبان صيف 2012 وقد افاد  لنا شهود عيان انه ظل يعاني منذ وفاة اخيه في الحادثة. وكنا قد نبهنا انذاك في مقال بإحدى المواقع للحالة النفسية التي اصبح عليها سكان دوار مازوز وطالبنا وزارة الصحة بارسال بعثة طبية للمنطقة لكن شيئا من ذلك لم يكن.

نفس القبيلة عرفت حوادث اخرى منها انهيار منزل بدوار اسنسو ادى لوفاة شخصين وتصدع عدة منازل بدوار اوطيل مما جعل سكانه يبيتون في العراء، اما الطرق الرابطة بين باقي الدواوير ومقر الجماعة فدائمة الانقطاع مما يزيد من العزلة والانقطاع عن العالم الخارجي.

قبيلة بني بونصار بدورها لها حظها من هذه الكوارث فقد سبق وان ادى انجراف للتربة الى تصدع العديد من المنازل مما جعل اصحابها يحتمون بمسجد الدوار وبدورها هذه الجماعة تعاني ما تعانيه مثيلاتها من انقطاع للطرقات وخاصة بالثلوج التي تغطيها كل سنة. اما قبيلة بني بشير فمعاناتها مستمرة مع احدى الاودية التي تعزل دواوير عن بعضها ورغم بناء قنطرة إلا انها لا تفي بالغرض ، دواوير ايت عكسي وايث احمد بكتامة بدورها تعاني من الانجرافات وانقطاع الطرقات غير المعبدة  اما موجات البرد فتعاني منها جميع القبائل بدون استثناء.

الطريق الوطنية رقم 8 والرابطة بين تارجيست وفاس والتي بدا تشيدها منذ ما يفوق 14 سنة لا زالت لم تكتمل وتقطع في وجه السيارات في عديد من المرات خاصة بمقاطع ببني بونصار بني احمد وبني بوشيبت، ويرجع سبب الانجرافات التي تعرفها لعاملين اساسين هما اجتثاث اشجار الغابات والدراسات الغير سليمة والغير مناسبة التي اقيمت وخاصة وانه يلاحظ في عديد من المقاطع التي تحتاج لقناطر الاكتفاء بوضع انابيب فقط، ونحن هنا نتساءل عن مآل هذه الطريق وموعد الانتهاء من تشيدها وبدا العمل الرسمي بها؟

اننا على مشارف سنة 2013 ولا زالت قبائل صنهاجة تعاني من مشاكل عرفتها من عقود خلت وحتى وان كانت سعت بمجهودها الذاتي لفك العزلة بشق الطرقات بإرادة الساكنة وتضامنها إلا ان الوضع يسوء سنة بعد اخرى وما ذكرناه يبقى مجرد امثلة، وقد حان الوقت ان لم نقل انه تأخر لتلتفت السلطات لهده المناطق وتعمل على تنميتها و نؤكد ان منطقة الريف ليست فقط الحسيمة وبني بوعياش وامزورن؛ قبائل صنهاجة مكون من هذا الريف لكن لسوء الحظ تحولت لجزء غير نافع نتيجة تهميش ممنهج ونكرانها من طرف ابنائها الذين نسوها وأبوا ان يعملوا على تنميتها.

في الاخير لا يسعنا إلا ان ندعو لسكان هذه المناطق بالصبر امام هذا المصير الذي ملوا منه وفقدوا الامل في تغيره.

أعراب إلياس

 


المقالات الأكثر مشاهدة