فضيحة "ضباط الكهرباء"...أما آن لمسلسل "الميز والحيف" ونهب المال العام أن يتوقف؟ !

فضيحة "ضباط الكهرباء"...أما آن لمسلسل "الميز والحيف" ونهب المال العام أن يتوقف؟ !

أخبارنا المغربية

بقلم: اسماعيل الحلوتي

في الوقت الذي مازال فيه آلاف الموظفين وعشرات أضعافهم من العاطلين يستنكرون تدهور أوضاعهم وهضم حقوقهم، ويعبرون عن استيائهم مما لحقهم من ميز وحيف جراء السياسات اللاشعبية، لاسيما بعد صدور منشور رئيس الحكومة سعد الدين العثماني رقم: 2020/03 بتاريخ 25 مارس 2020، القاضي بتأجيل الترقيات المبرمجة لفئات من الموظفين وإلغاء مباريات التوظيف، تحت ذريعة تخفيف العبء عن ميزانية الدولة وتمكينها من توجيه الموارد المالية المتاحة نحو مواجهة التحديات المطروحة، في ظل تفشي جائحة "كوفيد -19"، وما ترتب عنها من تداعيات اقتصادية واجتماعية.

وفي الوقت الذي صودق فيه على مشروع قانون المالية التعديلي للسنة المالية 2020، بعد مناقشة حيثياته طبقا لمقتضيات الفصل 49 من الدستور، وتقديم جميع المرتكزات الرئيسية التي ترتكز عليها التوجهات العامة للقانون المعدل، من حيث مواكبة الاستئناف التدريجي للأنشطة الاقتصادية التي ظلت متوقفة منذ ظهور أول إصابة بفيروس كورونا المستجد ببلادنا في مطلع شهر مارس، الحفاظ على مناصب الشغل والرفع من وتيرة الإصلاحات الإدارية. خاصة أنه من المتوقع أن يتراجع الناتج الداخلي بنسبة 5 بالمائة ويصل عجز الميزانية حوالي 7 بالمائة.

وفي الوقت الذي يدعو فيه محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية إلى ضرورة حذف مؤسسات عمومية وإدماج بعضها الآخر، مستهدفا بذلك الحد من تواصل استنزاف المال العام، ومواجهة الأزمة الصحية التي تمر منها بلادنا، وتفرض الانكباب العاجل على معالجة الاختلالات الهيكلية لهذه المؤسسات والمقاولات العمومية، حتى تكون قادرة على تحقيق قدر معقول من التكامل والانسجام في مهامها، والرفع من فعاليتها الاقتصادية والاجتماعية. إذ صار من الواجب على الدولة ترشيد مواردها المالية، والقيام بتجميع عدد من المؤسسات في قطب واحد، لتستطيع توفير ميزانية هامة ومجدية.

فإذا بأصوات ترتفع من هنا وهناك، من المعارضة ومن الأغلبية ومن خارجهما، تندد جميعها بما ترى فيه عبثا سياسيا مقرفا ومستفزا. حيث طفا على السطح جدل واسع حول الطريقة التي تم بموجبها تعيين أعضاء في الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء وفض النزاعات، الذي عوض خضوعه لمعايير الكفاءة والاستحقاق وتكافؤ الفرص دون ميز أو إقصاء، اعتمد فقط على ما أسماه البعض بالمنطق الحزبي الضيق أو "الوزيعة" في إطار المحسوبية والزبونية، عندما عمد رئيسا مجلسي النواب والمستشارين حبيب المالكي وحكيم بنشماس إلى اختيار مقربين لهما من حزبيهما.

إذ فضلا عن الانتقادات الموجهة لرئيس الحكومة العثماني من قبل عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، هناك فعاليات سياسية وحقوقية رفضت بقوة هذه التعيينات الصادرة بالجريدة الرسمية في 20 ذو الحجة 1441 الموافق ل(10 أغسطس 2020)، معتبرة أن عملية انتقاء ثلاثة أشخاص لكل واحد من رئيسي مجلسي البرلمان خفية وبشكل انفرادي، دون الرجوع للأحزاب السياسية ومكتبي المجلسين ورؤساء الفرق البرلمانية، تعد فضيحة مدوية، لكونها تتعارض وأبسط مبادئ الشفافية والديمقراطية. وقد رأى فيها آخرون إساءة كبرى إلى الأخلاق السياسية والممارسات المؤسساتية السليمة والمساطر المعمول بها. فيما عبرت أحزاب من المعارضة عن استنكارها الشديد لهذا التدبير العشوائي، الذي يمس بالمقتضيات الدستورية وخرقا سافرا لأنظمة مجلسي البرلمان الداخلية، التي تلزم الرئاسة باحترام مبادئ المساواة والتعددية السياسية والديمقراطية التشاركية والتمثيل النسبي والتناوب والتنوع والتخصص في قرارات التعيين بالمؤسسات الدستورية والعمومية...

وهكذا أجمع العديد من الفاعلين السياسيين وغيرهم على أن اقتراحات رئيسي مجلسي البرلمان التي باركها رئيس الحكومة ودافع عنها بقوة، تضرب في العمق صورة المؤسسة التشريعية وتمس بمصداقية ونزاهة وشفافية تدبير شؤونها، خاصة فيما يتعلق بقرارات التعيين بالهيئات الدستورية ومؤسسات الحكامة وحماية الحقوق والحريات والتنمية البشرية المستدامة، ويعطل العمل بالديمقراطية التشاركية...

ولأننا لم نعد نعبأ بمثل هذه الزوابع السياسوية الموسمية، التي تكرس التهافت على المكاسب والامتيازات، فإن ما يستفزنا أكثر هو ما تكلفه مثل هذه الهيئات والمؤسسات من ميزانيات ضخمة، يقتضي المنطق السليم استثمارها في ما يعود على البلاد والعباد بالمنفعة العامة. إذ يكفي الاطلاع على قيمة التعويضات التي يتلقاها رئيس الهيئة وأعضاؤها، سواء منها الشهرية أو تلك المرتبطة بالاجتماعات والتنقلات، لنعرف حجم الإسراف وتبذير المال العمومي.

فالمرسوم المحدد لقيمة التعويضات بالهيئة، يتحدث عن أزيد من ستة ملايين سنتيم شهريا للعضو، و5714 درهم عن كل اجتماع لأعضاء لجنة فض النزاعات ويرتفع إلى 7142 درهم للرئيس، و700 درهم لليوم الواحد عن التنقل لأغراض المصلحة داخل المغرب و2000 درهم خارجه. فهل يعقل في ظل ما بات يعرفه المغرب من تقشف وتعبئة وطنية شاملة لمواجهة جائحة كوفيد -19"، أن يصدر العثماني مرسوما آخر بتعيين أعضاء هيئة غير منصوص عليها دستوريا، ليستمر إنهاك الخزينة العامة، بينما يحرم آلاف الموظفين من حقهم في الترقية ومئات آلاف المعطلين من الشغل؟ ألا يعتبر الإكثار من مثل هذه الهيئات واللجن الصورية نوعا من الاستفزاز والميز والاستهتار؟

إن إمضاء حزب العدالة والتنمية تسع سنوات في قيادة الحكومة كانت كافية للكشف عن حقيقته، حيث أنه خلافا لما كان يرفعه من شعارات إبان المعارضة حول محاربة الفساد ومختلف أشكال الريع، بدا أسوأ من كل الأحزاب التي سبقته في تدبير الشأن العام، إذ ساهم بشكل وافر في تأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وترسيخ منطق الولاءات والترضيات واستنزاف المال العام عبر التعويضات السخية وغير المستحقة...


عدد التعليقات (13 تعليق)

1

Issam

من المسوول

المال العام سايب عندما يتعلق الامر بكبار المسؤولين ونفاذ السيولة عندما يتعلق بالمواطن البسيط المقهور،واذا كانت الخزينة تعرف فائضا في الميزانية فلماذا تلتجئ الدولة للاقتطاع من اجور الموظفين دون وجه حق ويصدر العثماني منشورا يوقف الترقيات ما هذه الازدواجية في المعاملة. ؟

2020/08/17 - 06:05
2

Maya

رأي

في الظرفية الحالية أظن أنه كان من الأولوية إحداث هيئة وطنية لضبط وباء كورونا وتعيين كفاءات طبية تكون الأولى بهذه التعويضات، في حين يتم إرجاء تعيين ضباط الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء إلى حين معرفة مصير دمج المؤسسات العمومية المعنية.

2020/08/17 - 06:24
3

مهاجر اعرابي. برشلونه

رد المظالم الى اهلها

علامات الاستفهام؟؟؟؟؟؟ لماذا الموظفون عامة. سواء في المكتب الوطني للكهرباء او في الوكالات الوطنية للتوزيع الماء والكهرباء لم يؤدوا فواتر استهلاكهم للكهرباء والماء؟؟؟؟؟ الم تقبضون رواتب ؟الم تقبضون اجور؟ اتشتغلون مجانا؟ لماذا لم تؤد فواترك؟؟؟؟؟؟؟ والمسكين يؤدي فواتيرهم بدون رحمة ولا شفقة .أليس هذا بتمبيز ؟أليس هذا بظلم في حق المسكين؟عار ومنكر .ولكن لاحياة لمن تنادي. اقول الى الناس التي تستهلك الماء والكهرباء مجاناً (والمسكين الغلبان يؤدي فواتيرهم) بان هناك كتاب لايغادرصغيرة ولا كبيرة إلا احصاها اتقوا يوما ترجعون فيه الى الله.

2020/08/17 - 06:28
4

متتبع

الطبقة السياسية

الطبقة السياسية في بلدنا الحبيب لم تعد تعير اي اهتمام لمشاعر الشعب كل ما يهم السياسيين هو تصيد الفرص قصد الاغتناء غير المشروع والغناء اهاليهم واقاربهم ثم مريديهم... ومن بعد هؤلاء، الطوفان.

2020/08/17 - 06:55
5

كمال

راي

صراحة اصبحت اتشاءم من الحبيب المالكي والاتحاديين لانهم لا يتقنون الا لغة الخطابة فهم اول حزب يمارس الزبونية والمحسوبية وهذا عشته عن قرب في الوقت الذي كان فيه الاتحاد غي اوجه كان هناك اتحاديون تربطهم علاقة صداقة مع ادريس البصري ولهذا يجيب عاى المواطن ان الخطابات الرنانة ودغدغة العواطف ماهي الا وسيلة لتحقيق مصالحهم ونهب اموال الشعب وفي الاخير ماهو دور هذه الهيءة في الوقت الذي كان يجيب التخلي عن مجموعة من اللجن والهيءات وترشيد النفقات ولكن انعدام الوطنية الحقة ان الاتحاديين الذين كانو ا يخططون لقلب النظام فوتوا على المغرب فرصة حقيقية للاقلاع لان. الحسن الثاني في بداية حكمه قام باعمال ومشاريع مهمة. ولكن الشعب لا زال يصدق الكلام المعسول مجرد لبعض الاحزاب ومن يدعون انفسهم بالمناضليين

2020/08/17 - 06:56
6

مريمرين

الريع

أقول للمتباكين على نصيبهم من هذه "الوزيعة": يبدأ ترسيم و تشريع سياسة الريع واقتصاد الريع مما يتلقاه أعضاء البرلمان و أعضاء الحكومة من أجور منتفخة و تعويضات سمينة و امتيازات خيالية و تقاعد ما أنزل الله به من سلطان . هذا هو مربط الفرس وأصلا البلاء؛ و من هنا تبدأ الحرب ضد الريع .أما التباكي على عدم الحصول على "النصيب من الكعكة" و التذرع بإلغاء مباريات التوظيف أو تجميد الترقيات فهذه من آخر همومكم . ألا يعتبر ما يتلقاه الوزراء -مثلا- من امتيازات وتعويضات وأجور وتقاعد و تعويضات "نهاية الخدمة" تبذيرا و هدرا للمال العام ؟؟ من يريد محاربة الريع يبدأ من أصل البلاء. كفاكم تغليطا للرأي العام و الضحك على الذقون .

2020/08/17 - 07:10
7

احمد

تساؤل

نريد من جريدتنا الموقرة ان تشرح لنا دور هذه الهيئة لظبط الكهرباء: كثر اللغط والكلام عليها دون أن نفهم مهامها مادام هناك مكتب وطني مكلف بالإنتاج والتوزيع.ووووو

2020/08/17 - 07:20
8

الصحراوي

مناصب مشبوهة

دقت ساعة الصفر جميع المسؤولين والكتاب العامون للأحزاب يبحثون عن كيفية تبذير ما تبقى من الصرف بالتوظيف المشبوه بدون حق مع إمتيازات وتعويضات خيالية .لقد تحمل ظهر المغرب ثقل الإستنزاف والتبذير .لعل مقصلة المحاسبة والمحاكمة تم تعطيلها ليعم النهب والسلب أمام أعين المواطنين ألم تشبع بطون هؤلاء أم يتقوا الله في بلادهم ألا يخافون يوم تخرج الأرض أثقالها.كيف تم توظيف هؤلاء؟ ومن رخص لهم بذلك?وهل هم ذوو الكفاءة المطلوبة أم من المحسوبين على الحزب أو علاقة القرابة.?و ما هو رأي السيد الوزير الأول في هذه المعظلة ؟

2020/08/17 - 07:24
9

Laic

Bravo

Moi je connais un membre de la commission qui a un dossier au tribunal concernant l abus de confiance

2020/08/17 - 08:05
10

مهاجرة

الى كانوا الفلوس شايطين عتقوا الناس لي كيشكيوا يومين ماذاقوا النعمة هم وأطفالهم أنكم مسؤولون عديموا المسؤولية الفلوس موجودين لبعضكم اما لتشغيل الشباب او مساعدة المحتاجين من الشعب باح كاكاينش سيروا الله ياخد فيكم الحق

2020/08/17 - 10:58
11

لا ثقة لنا لا في الحكومة ولا في المعارضة لأنهم يتبادلون الأدوار فقط

2020/08/17 - 01:39
12

بوعزة البوعزاوي

ازغنغن

لا ثقة لنا لا في الحكومة ولا في المعارضة لأنهم يتبادلون الأدوار فقط.

2020/08/17 - 01:40
13

بوعزة البوعزاوي

ازغنغن

لا ثقة لنا لا في الحكومة ولا في المعارضة لأنهم يتبادلون الأدوار فقط

2020/08/17 - 01:42
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات