الأزمة الاقتصادية تبعثر أوراق الأغلبية الحكومية
أخبارنا المغربية
فجأة توقف كل شيء. فبعدما دخلت سكرتارية تحالف الأغلبية مرحلة ترتيب أولويات إصلاحات الملفات المطروحة من قبيل صندوق المقاصة وأنظمة التقاعد والنظام الجبائي، والانتخابات الجهوية والمحلية، سرعان ما سيفاجئ رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران نظراءه من زعماء الأغلبية بطرح طلب ملح، يقضي باستدعاء وزير الاقتصاد و المالية لتقديم تشخيص مفصل عن الوضعية الاقتصادية قبل الشروع في مباشرة الإصلاحات. حضر نزار البركة للاجتماع الموالي، لكن جعبته لم تكن تحمل إلا الأخبار السيئة. فالفأس تقترب من الرأس و الوضع خطير ويحتاج إلى تدابير عاجلة حتى لاتتفاقم الأمور،فجأة توقف كل شيء. فبعدما دخلت سكرتارية تحالف الأغلبية مرحلة ترتيب أولويات، وجب حالا تدبر أمر 25 مليار درهم لاحتواء العجز، يحذر البركة زعماء الأغلبية، حسب ما نقلته مصادر عليمة تحدثت ل «الأحداث المغربية» مشيرة إلى أن المؤشرات الماكرواقتصادية التي تقدم بها الوزير جاءت صادمة، استشعر معها الجميع شبح أزمة قادمة شبيهة بما وقع في ثمانينيات القرن الماضي عندما اضطر المغرب للخضوع لبرنامج التقويم الهيكلي المملى من طرف صندوق النقد الدولي الذي امتدت تداعيات تكلفته الاجتماعية لسنوات.
وضع خلق حالة استنفار لتتوالي التحذيرات من داخل الأغلبية نفسها، إذ باستثناء العدالة والتنمية حزب رئيس الحكومة، حذرت المكونات الأخرى من خطورة الوضع . فالأمين العام لحزب الحركة الشعبية طالب بإخبار المغاربة بالحقيقة وأن لاحل إلا ب«تزيار السمطة» فيما تقدم حزب التقدم والاشتراكية بورقة تتضمن مجموعة من الإجراءات صلبها محاربة التملص الضريبي وإلغاء الإعفاءات الضريبية كخطوة لتوفير بعض الموارد المالية. أما حزب الاستقلال فعممت لجنته المركزية مشروعا مفصلا وعدت في حال تطبيق مضامينه بتوقير 42 مليار درهم، بل إن جريدة ”العلم” الناطقة باسم الاستقلال، عنونت بالبند العريض مقالا على صفحتها الأولى لعدد أول أمس جاء فيه: «الخط الأحمر الاستقلالي واضح يقول :لايمكن المساس بالقدرة الشرائية للمواطنين، ولايمكن إلغاء صندوق المقاصة، بل إنه يحذر من السكتة القلبية قبل وقوعها».
لكن إذا كان كل من ”التقدم والاشتراكية” و”الاستقلال” قد وضعا خطا أحمر في وجه أي إجراء يمس بالقدرة الشرائية كما يبدو ذلك من خلال التصريحات، فإن الأغلبية قد طرحت خيار خفض الأجور و رفع أسعار الكهرباء والمحروقات على طاولة البحث، كما تناقلت ذلك بعض المنابر نقلا عن إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، حيث صرح أن الأغلبية قد تداولت في اجتماعها الأخير إمكانية خفض أجور الموظفين بنسبة 5 في المائة والزيادة في أسعار الكهرباء والمحروقات بثلاثة دراهم.
لحد الساعة لم يصدر أي بلاغ رسمي يؤكد أو ينفي ما نقلته بعض وسائل الإعلام عن إدريس لشكر، لكن في المقابل أكدت الحكومة على لسان ناطقها الرسمي مصطفى الخلفي الأخبار التي تم تداولها بخصوص تجميد الاستثمارات العمومية حيث صادقت الحكومة على مشروع مرسوم 285-13-2 يقضي بوقف تنفيذ بعض نفقات الاستثمارات برسم السنة المالية 2013 لتوفير 15 مليار درهم لمواجهة تداعيات الظرفية الحالية على توازن المالية العمومية من جهة، ومن جهة أخرى لترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المالية العمومية.
إجراء رغم كلفته انعكاساته السلبية على الدورة الاقتصادية للبلاد إلا أنه يظل غير كاف، فيما الغموض يكتنف الإجراءات القادمة لتوفير ال10 ملايير درهم المتبقية ممايطرح تحديا حقيقيا وهامشا ضيقا للتحرك أمام حكومة عبد الإله ابن كيران، فلاهي تأمن التوترات الاجتماعية إذا ما أرادت رفع الأسعار أو خفض الأجور، ولاهي تستطيع رفع الضرائب على الأرباح لأنها تعلم أن الباطرونا، ستقف لها بالمرصاد.
أمام انسداد منافذ التحرك، يبقى الاقتراض، الباب الوحيد أمام ابن كيران. فرغم أن هذا الأخير صرح في أكثر من مناسبة، أنه سيتفادى ما أمكن اللجوء إلى الخط الائتماني الذي وضع صندوق النقد الدولي بموجبه 6,5 مليار دولار رهن إشارته،إلا أنه بالنظر إلى الوضع الحالي، صار اللجوء إلى هذا الخيار أكثر من وارد حسب الخبير الاقتصادي عبد الخالق التوهامي ، مؤكدا في نفس الوقت أن الاقتراض ليس بالحل السيء في حالة المغرب، إذا كان الهدف تخفيف الضغط عن مخصصات الاستثمارات العمومية، يقول التوهامي.
الاستنزاف الذي تتعرض له المالية العمومية، ليس وليد اليوم، بل يعود إلى السنوات الأخيرة للحكومة السابقة، حيث ارتفعت مخصصات صندوق المقاصة إلى مستويات غير مسبوقة كنتجة مباشرة لالتهاب أسعار المحروقات والغذاء بالأسواق العالمية. ساعتها أرسل والي بنك المغرب أكثر من مرة تحذيراته إلى حكومة عباس الفاسي، ملمحا بالسقوط بين مخالب «تقويم هيكلي جديد» وهاهي تلميحاته تعود أكثر قوة حيث شبه الوضع مؤخرا بالقول: «إذا كان لديك زوجة تحسن التدبير والإنفاق فإنك لن تجتاز مشاكل. ولكن إذا كانت لديك زوجة ضاربها الله مشيتي فيها» وذلك في معرض حديثه عن مخزون العملة الصعبة الذي يغطي بالكاد 4 أشهر من الواردات, عكس دول أخرى لديها مخزون من العملة الصعبة يوفر لها تغطية 4 سنوات من الواردات ، داعيا إلى عقلنة الإنفاق وتحديد الأولويات لكون موارد المغرب محدودة وإن استلزم الأمر القيام ب«عملية جراحية» إذا كان ذلك في «مصلحة الوطن التي يجب أن تكون فوق أي اعتبار» ينصح والي بنك المغرب.
عن "الأحداث المغربية "
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
المقالات الأكثر مشاهدة
1511 مشاهدة
3
979 مشاهدة
6
935 مشاهدة
8
792 مشاهدة
9