تقرير يحذر من تهديدات تواجه أوراش الحماية الاجتماعية ببلادنا

أخبارنا المغربية - بدر هيكل
تشكل الحماية الاجتماعية رافعة حقيقية للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وما فتئ جلالة الملك محمد السادس نصره الله يولي أهمية كبيرة لقضايا العدالة الاجتماعية والمجالية، باعتبارها أساسًا لكل إصلاح وتنمية، لضمان العيش الكريم، وتحصين الاستقرار الاجتماعي، وتعزيز التضامن الوطني. وأمام أهمية ما تحقق من منجزات في باب تعزيز الحماية الاجتماعية ببلادنا، فإن هذا الورش، مهما بلغت متانته، فإن تنزيله تكتنفه العديد من التحديات.
من جانبه، كشف تقرير حول التحديات والإكراهات التي تواجه أوراش الحماية الاجتماعية في المغرب أن أبرز تحدٍّ في هذا السياق يتجلى في التمويل والاستدامة المالية، خاصة في سياق تعميم التغطية الإجبارية عن المرض وتنزيل برامج الدعم الاجتماعي المباشر، إذ إن تحقيق هذه الأهداف الطموحة يتطلب توفير موارد مالية تتجاوز 53 مليار درهم سنويًا وبشكل مستدام، لتغطية النفقات المتنامية مع ضمان التوازن المالي بين المداخيل والمصروفات، وهو ما يبدو صعب المنال في ظل المعطيات الحالية.
ويرصد التقرير أن معدل النفقات والمداخيل بلغ حتى نهاية شتنبر 2024 نسبة 117%، مما يشكل دليلًا على أن النظام لا يزال غير قادر على تحقيق التوازن المالي المنشود، وهو ما ينذر بعجز مالي يتفاقم نظرًا لمحدودية الالتحاق بالنظام من جهة، وتشتت مصادر التغطية الصحية من جهة أخرى، مما يزيد من الضغط على الموارد المتاحة ويعيق تحقيق الاستدامة المالية.
ووفقًا للتقرير ذاته، الصادر عن مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، الذي اطلعت عليه "أخبارنا"، فإن التكاليف المرتبطة بأوراش الحماية الاجتماعية في المغرب، خاصة في مجالي الدعم الاجتماعي المباشر والتغطية الإجبارية عن المرض، تشكل عبئًا متزايدًا على ميزانية الدولة، خصوصًا على المدى الطويل. وذلك علاوة على أن حجم الالتزام المالي الذي تتحمله الدولة لتفعيل هذه السياسات الاجتماعية الطموحة يأتي في سياق اقتصادي قد يواجه تحديات أخرى، مثل تباطؤ النمو أو انخفاض المداخيل الضريبية، مما قد يعيق قدرة الدولة على مواصلة هذا المستوى من الإنفاق دون التأثير على التوازنات المالية العامة.
وفي السياق ذاته، اعتبر علي الغنبوري، رئيس المركز، أن من بين التحديات الكبرى لورش الحماية الاجتماعية ببلادنا الاقتصاد غير المهيكل، سواء تعلق الأمر بتعميم التغطية الإجبارية عن المرض أو تفعيل برامج الدعم الاجتماعي المباشر، مؤكدًا أن هناك صعوبة في إدماج العاملين في الاقتصاد غير المهيكل ضمن منظومة الحماية الاجتماعية من جهة، وأن حجم الاقتصاد غير المهيكل ببلادنا يؤدي إلى تقليص المداخيل الضريبية، مما يؤثر على مصادر تمويل هذا الورش، وكذا ميزانية الدولة.
هذا، ويعد ورش الحماية الاجتماعية ركيزة أساسية ضمن الدينامية التنموية التي جاء بها النموذج التنموي الجديد، حيث لا يمكن الحديث عن إقلاع اقتصادي وتحقيق تحول إلى دولة صاعدة دون معالجة عميقة للمسألة الاجتماعية، فالحماية الاجتماعية ليست مشروعًا معزولًا عن باقي الأوراش الإصلاحية، بل هي في صلب المعادلة التنموية.